وعن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث ، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع ). رواه الخمسة إلا أبن ماجه . وصححه ابن حبان والحاكم . حفظ
الشيخ : وعن سهل بن أبي خثمة رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعو الثلث فدعوا الربع ) رواه الخمسة إلا ابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم .
قوله ( إذا خرصتم ) : الخرص هو تقدير الشيء على سبيل التخمين والتحري ، تقدير الشيء على سبيل التخمين والتحري يسمى خرصًا لأن تقدير الشيء إما أن يكون بمكيال أو الميزان أو العد أو الذرع ، وهذا يكون تقديرًا متيقنًا مثل أن تذرع هذا بالحبل فيبلغ عشرة أمتار تزن هذا الشيء فيبلغ عشرة كيلوات تكيل هذا الشيء فيبلغ عشرة آصر هذا يكون تقديرا إيش ؟ متيقنا .
إذا لم تفعل هكذا ولكن قدرته بنفسك فيسمى هذا خرصًا ، والخرص معتبر فيما يتعذر فيه اليقين أو يتعسر بناء على القاعدة المعروفة عند أهل العلم والتي دل عليها الشرع أنه إذا تعذر اليقين عملنا بغلبة الظن نعم إذن إذا خرصتم وش معناه قدرتم الشيء على سبيل التحري والتخمين ماهو على سبيل اليقين .
وما الذي يخرص الذي يخرص هو الثمار كالعنب والتمر لأن الثمرة فيه ظاهرة بارزة فيخرص ، وأما الذروع فقال العلماء إنها لا تخرص لأن الحد المقصود مستتر بالسنابل فلا تمكن الإحاطة به فخرصه لا يكون على سبيل التحري لأن التحري فيه متعذر أو متعسر .
ولهذا قالوا لا تخرص الزروع حتى إن بعض أهل العلم حكى الإجماع على أن الزرع لا يخرص والعمل الآن على خلاف ذلك ، فإن الناس يخرصون الزروع ويقولون إن أهل الخبرة يقدّرون ذلك بالتحري والتخمين كما يقدرون ذلك في الثمار ، ولا شك أن التقدير في الثمار أقرب إلى اليقين لأن الثمرة معروفة مشاهدة في العنب أو في التمر بخلاف هذا .
إذن إذا خرصتم ما الذي يخرص ؟ الثمار فقط من التمور والأعناب .
وقوله ( فخذوا ودعوا الثلث ) خذوا : أي خذوا ما يجب فيها من الزكاة ، ففي ألف كيلو فيما يسقى بمؤونة كم
الطالب : نصف العشر
الشيخ : كم نصف العشر
الطالب : خمسين
الشيخ : خمسين كيلاً ، وفيما يسقى بلا مؤونة العشر مئة كيلو هذا نأخذ لكن يقول الرسول عليه الصلاة والسلام ( دعوا الثلث ) دعوا الثلث هل المراد دعوا الثلث من أصل المال فلا تأخذوا عنه زكاة أو دعوا الثلث مما يؤخذ حتى يؤديه صاحبه ؟ فيه احتمالان في الحديث وهما قولان لأهل العلم احتمالان لأن كلمة فخذوا ( إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث ) .
ظاهر الحديث ثلثها لماذا يبقيها للمالك ؟ لأنه ربما يكون لديه أناس من أقاربه من أهل الزكاة فيعطيهم أو أناس من أصحابه من أهل الزكاة فيعطيهم أو أناس من أهل بلده من أهل الزكاة فيعطيهم فجعل الشارع ثلث الواجب باقيا لمن ؟ للملك يتصرف فيه كما شاء يعطيه مستحقه ، لأننا لو أخذنا منه الكل وكان له أقارب أو جيران أو أصدقاء ينظرون إلى ملكه وثماره ثم يحرمهم من زكاته كان في نفوسهم شيء من ذلك ، فجعل الشرع له الثلث .
وهذا الذي فسرنا به الحديث هو الذي يوافق ما سبق في الأحاديث في قوله ( فيما سقت السماء العشر ) ، لأننا لو فسرنا الحديث على الاحتمال الثاني الذي هو أن ندع ثلث الزكاة فلا تجب عليه فلا تجب عليه لو أننا فسرنا الحديث بهذا لكان في ما سقت السماء هاه ثلثا العشر وفيما سقي بالمال ثلث العشر .
فجمعا بين الأحاديث : نقول إن المراد بقوله ( دعوا الثلث ) دعوا الثلث من الواجب يؤديه من ؟ يؤديه المالك حتى تبقى عموم الأحاديث السابقة على ما هي عليه ويكون هذا له وجه من النظر وهو تفسير يحتمل الحديث بل إن لم نقل إنه ظاهر الحديث .
( دعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع ) قوله : فإن لم تدعوا الثلث هل هذا على سبيل الخيار المطلق للسعاة الذين يقبلون الزكاة ويخرصونها ، هل هذا على سبيل الخيار المطلق ؟ يعني إن لم تختاروا ترك الثلث فدعوا الربع ؟ نقول لدينا قاعدة وهو أن كل ما جعل فيه الخيار شح عن طريق الولاية أو التصرف بغيره فالواجب عليك اتباع الأصلح بخلاف ما جعلت المالك لنفسه أنه يتصرف به بنفسه فهذا يتبع ماهو أسهل على ما يرى أما ما جعل له الخيار فيه عن طريق الولاية أو التصرف في الغير فالواجب عليه أن يتبع الأصلح .
طيب هنا نقول إن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع يعني إن رأيتم المصلحة في عدم ترك الثلث فاتركوا الربع فما هي المصلحة ؟
أما على المال الأول الذي يقول لا توجبوا الزكاة دعوا الثلث يعني معناه لا تأخذوه وليس عليه غيره فيقولون : إن السعاة ينظرون إلى هذا الرجل إذا كان هذا الرجل مضيافا كريما يدفع كثيرا من ماله للظهور فهنا نقول له الثلث ، وإن كان بالعكس فيترك له الربع .
كذلك لو كان النخل قد أصيب بجوائح نعم أو كان هناك أتعاب أكثر في هذه السنة على سقيه ونحو ذلك ، فيترك له الثلث ، وإلا ترك له الربع. وعلى الاحتمال الثاني نقول إذا كان هذا الرجل حوله أناس كثيرون فقراء من أهل الزكاة فإننا نترك له الثلث ، وإلا تركنا له الربع ، وأيا كان فإن هذا مرجعه إلى ما تقتضيه المصلحة .
( فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع ) رواه الخمسة إلا ابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم .