فوائد حديث ( أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها ، وفي يد ابنتها ...). حفظ
الشيخ : أما حديث عمرو بن شعيب ففيه فوائد أولا : جواز لبس الذهب المحلق ، لقوله وفيه يد ابنتها مسكتان فإن السوار محلّق بلا شك .
وقد تضافرت الأدلة على جوازه وفيه أحاديث تدل على المنع منه على المنع من المحلّق من الذهب المحلق ووعيد على من فعل ذلك ولكن العلماء اختلفوا في تخريج هذه الأحاديث :
فمنهم من قال إنها شاذة ولا يعمل بها ومنهم من قال إنها منسوخة .
فأما من قال منسوخة فإنه يحتاج إلى إقامة الدليل على أنها سابقة وأن الأحاديث الدالة على الجواز متأخرة ، لأن هذه هي القاعدة ومن قال إنها شاذة قال لأنها تخالف الأحاديث الصحيحة التي هي أقوى منها وتخالف عمل المسلمين فإن بعض العلماء نقل الإجماع على جواز لبس الذهب المحلّق .
والغالب أن الأمة لا تجتمع أو لا يكون الجمهور على قول يخالف الحق لاسيما وأن معه من الأدلة الكثيرة الصحيحة الصريحة في جواز اللبس ، وعلى هذا فتكون شاذة .
وكنت قد بحثت معكم مسألة الشذوذ هل يصح أن نحكم على الحديث بالشذوذ إذا كان حديثين أو نقول إن الشذوذ في مخالفة الراوي بقية الرواة في هذا الحديث المعين ؟ نعم بحثنا في ذلك قلنا هل الشذوذ يحكم به إذا كان الحديث مخالفًا لغيره من الأحاديث الأخرى مع اختلاف السند والرجال أو يكون الشذوذ إذا خالف الراوي غيره في هذا الحديث المعين كنا بحثنا ذلك وكنت أظن أن الشذوذ إنما يكون في حديث واحد يختلف فيه الرواة فيشذ بعضهم ويزيد شيئا لم يزده غيره ولكني رأيت كلاما للإمام أحمد رحمه الله يدل على أن الشذوذ حتى وإن كان الحديثان مختلفين وذلك فيما ورد من الحديث عن النهي عن الصيام إذا انتصف شعبان إذا انتصف شعبان فلا تصوموا قال الإمام أحمد هذا حديث شاذ لمخالفته لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تقدموا رمضان صوم يوم ولا يومين ) قال لأن هذا الحديث لا تقدموا رمضان ثابت في الصحيحين وغيرهما ، فهو قوي ورواته حفاظ وذاك الحديث لا يساويه في القوة فيكون مما خالف الثقة من هو أوثق منه فيحكم بشذوذه. وكذلك أيضا هذا الحديث الذي أشرنا إليه مسألة الذهب المحلق قال كثير من أهل العلم إنه شاذ لمخالفته للأحاديث الصحيحة الصريحة الكثيرة الدالة على جواز لبس الذهب المحلق .
ولهذا كان الراجح القول بالجواز وأن القول بالمنع ضعيف .
طيب ويستفاد من هذا الحديث أن للأم ولاية على أولادها لقوله ( أتعطين زكاة هذا ) ، وهذه المسألة مختلف فيها عند أهل العلم :
فمنهم من قال إنه لا ولاية للأم على أولادها في المال وأن ولاية المال للأب إما خاصة وإما للأب والجد وإن علا أما الأم فليس لها ولاية المال على أولادها .
ولكن الصحيح أن لها ولاية المال على أولادها كما لها ولاية المال على ... أولادها نعم لو كان هناك أب لو كان هناك أب فهو أولى لأنه هو الذي يحفظ المال ويحسن التصرف أكثر من الأم إنما إذا لم يكن أب وكانت الأم هي التي تتولى مال أولادها كما لو مات زوجها مثلا وبقي أولادها عندها تتولى مالهم أخذا ودفعا وتصرفا فإن لها ولاية شرعية .
ويستفاد من هذا الحديث أن المخاطب بزكاة مال الصبي من ؟ وليهما لقوله ( أتعطين زكاة هذا ) ولهذا قال العلماء إن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون ويخرجها وليهما .
ويستفاد من هذا الحديث أنه ينبغي للإنسان أن يستفصل في الأمور التي قد تخفى وإلا فالأصل أن الإنسان ما يسأل كيف ذلك ؟ لأنه سألها هل تعطي زكاة هذا وإلا فلا يلزم الإنسان أن يسأل الناس هل أنتم تزكون هل أنتم تفعلون هل أنتم تلتقون لا لكن إذا كان المقام يقتضي السؤال فليسأل ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتؤدين زكاة هذا .
وفيه أيضا دليل على وجوب الزكاة في الحلي لأنه قال زكاة هذا زكاة هذا ، وهو كذلك ويؤيد هذا قوله ( أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار ) ومثل هذا الوعيد إنما ورد في ترك الزكاة .
ولم يأت بطائل من قال إنه لا زكاة في الحلي لأنهم لم يقابلوا هذا الحديث وغيره من الأحاديث العامة لم يقابلوه بأدلة من السنة أبدا وغاية ما هنالك أنهم استدلوا بحديث رواه جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ليس في الحلي زكاة ) ، وهذا الحديث ضعيف .
ثم هم لا يقولون بموجبه أيضا فإنهم يقولون إن الحلي تجب فيه الزكاة تجب فيه الزكاة أحيانا ولو أخذوا بظاهر الحديث لكان ظاهره إيش عدم الوجوب مطلقا مع أنهم يقولون لو أعد حليا للإجارة لوجبت فيه الزكاة مع أنه ليس عروض تجارة هم يقرون أن مثل هذا ليس عروض تجارة ومع هذا يوجبون فيه الزكاة ولو أخذوا بدلالة الحديث الذي استدلوا به لكان الواجب عليهم أن يقولوا هاه ليس فيه زكاة .
والمهم أن من تأمل أدلة من قالوا بعدم الوجوب لم يجد لها طائلا .
وأما القياس على السياج وحوائج المنزل وما أشبه ذلك فيجاب عنه بوجهين :
الأول أنه قياس فاسد لماذا لمخالفته النص وكل قياس يخالف النص فإنه مردود على صاحبه لأنه فاسد الاعتبار نعم ، وأول من عارض النص بالقياس إبليس ورد الله عليه معارضته .
ثانيا أن نقول أنتم عارضتم بالقياس ومع ذلك لم تأخذوا بالقياس لا طردا ولا عكسا فإنكم تقولون لو كان عنده حلي للإيجار وجبت عليه الزكاة ، ولو كان عنده ثياب للإيجار لم تجب الزكاة ، وتقولون أيضا إذا كان عنده ثياب محرمة يلبسها فليس فيها زكاة وإذا كان عنده حلي محرم يلبسه نعم ، ففيه الزكاة خالفوا ولا ما خالفوا خالفوا .
وتقولون أيضا إنه إذا كان عنده ثياب للبس أعدها للبس ثم عدل عن ذلك وأعدها للتجارة لم تجب فيها الزكاة ، وإذا كان عنده حلي للبس ثم عدل عن ذلك وأعده للتجارة ففيه الزكاة فتناقضتم .
وتقولون أيضا لو كان عنده حلي أعده للنفقة مثل امرأة فقيرة ما عندها مال عندها حلي كثير وجعلته للنفقة كلما احتاجت باعت وأنفقت على نفسها فعليها الزكاة ولو كان عندها ثياب كثيرة جدا أعدتها للنفقة كلما احتاجت باعت وأنفقت فليس عليها زكاة .
كيف يصح القياس مع هذه المخالفات العظيمة ؟ هل يصح القياس مع هذه المخالفات لأن القياس معناه إلحاق الفرع بالأصل وهنا خالف الأصل في أكثر المسائل .
فتبين بهذا أن من نفوا وجوب الزكاة في الحلي فليس عندهم دليل من أثر ولا نظر أما الآثار فعرفتم وأما النظر : فعرفتم التناقض وعدم صحة القياس .
وبناء عليه فإن أحاديث وجوب زكاة الحلي قائمة بلا معارض وكلما جاء الدليل قائما سالما عن المعارض وجب الأخذ بإيش بمدلوله ومقتضاه ولهذا فالقول الراجح وجوب زكاة الحلي وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله .
ولكن بشرط أن يبلغ النصاب فإن قلت ظاهر هذا الحديث أنه لا يشترط بلوغ النصاب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار ) والسواران في الغالب هاه لا يبلغان عشرين مثقالا فاختلف الجواز في ذلك .