وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :( قيل : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل ؟ قال : جهد المقل ، وابدأ بمن تعول ). أخرجه أحمد وأبو داود ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم . حفظ
الشيخ : وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (قيل يارسول الله أي الصدقة أفضل ؟ قال : جهد المقل وابدأ بمن تعول ) أخرجه أحمد وأبو داود وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم .
سئل أي الصدقة أفضل : والمراد بالصدقة هنا صدقة التطوع ، لماذا ؟ لأن صدقة الصدقة الواجبة تكون من غير جهد لأنها لا تجب إلا على من يملك النصاب .
وقد يقول قائل إن هذا ليس بلازم لأن الصدقة الواجبة قد تكون أيضًا من جهد المقل كيف ذلك ؟ يكون رجل عنده عائلة كثيرة والذي عنده عائلة كثيرة فإن النصاب أو النصابين لا يعدان شيئًا بالنسبة لإيش لكفايته يعني هو مقل وإن كان عنده نصاب أم نصابان لأن عائلته كثيرة والمؤونة شديدة .
وعليه : فينبغي أن نقول الصدقة هنا شاملة للصدقة الواجبة وهي الزكاة وصدقة التطوع .
ومن المعلوم أن جنس الواجب أفضل من جنسه من التطوع ، الواجب أفضل من جنسه من التطوع لقوله تعالى في الحديث القدسي : ( ما تقرّب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ) فلو قال قائل أيما أفضل صلاة الفجر ركعتان أو صلاة الضحى ركعتان ؟ قلنا صلاة الفجر لأنها واجبة .
درهم من زكاة أفضل من درهم من صدقة تطوع . وقوله ( جهد المقل ) : يعني معناه طاقة المقل كما في قوله تعالى : (( والذين لا يجدون إلا جهدهم )) فالجهد بمعنى الطاقة ، وأما الجَهد بالفتح فهو بمعنى المشقة ، ومنه حديث الوحي ( غطني ) يعني جبريل ( حتى بلغ مني الجَهد ) أي هاه المشقة ، فالجُهد بمعنى الطاقة .
والمُقل الذي ليس عنده إلا مال قليل ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام أرشد إلى أن صدقتك على أهلك صدقة ولهذا قال ( وابدأ بمن تعول ) فإن إنفاقك على من تعول صدقة .
فإذا بدأت بمن تعول وزاد على من تعول دخل في الحديث السابق ( خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ) .
وبهذا يمكن الجمع بينه وبين الحديث السابق لأن الحديث السابق يدل على أن خير الصدقة ما كان عن ظهر غِنَى وهنا يدل على أن أفضل الصدقة ما كان جهد مُقِل فنقول : إذا بدأت بمن تعول صار الزائد وإن كان من جهد المقل صار الزائد عن ظهر غنى ، وحينئذ لا يكون بينه وبين الأول منافاة .
إذن : الصدقة خيرها ما كان عن ظهر غنى مطلقًا ثم إن كان هذا المتصدق غنيًّا واسع الغنى فإن الصدقة ممن دونه أفضل لأنها جهده ، مثال ذلك رجل عنده مليون درهم وآخر عنده عشرة ريالات تصدق صاحب العشرة بخمسة ريالات وصاحب المليون بخمسة ريالات أيهما أفضل ؟ هاه أفضل من حيث النسبة الذي تصدق بخمسة من عشرة ، لأن الذي تصدق بخمسة من عشرة من حيث النسبة تصدق بنصف ماله والذي تصدق بخمسة من مليون تصدق بإيش بخمسة من مليون نسبة ضئيلة جدًا ، فلهذا صار الأول أفضل لأن الخمسة عليه أشق من الخمسة على صاحب المليون لأنها نصف ماله ، بخلاف صاحب المليون .
قد يقول قائل إن سماحة صاحب الخمسة من عشرة تكون أحيانا أكثر من سماحة صاحب الخمسة من مليون ، إذا كان صاحب المليون بخيلا نعم عثر بحجر فتقطعت النِّعلَة هاه أو لا ؟ عثر بحجر هاه فانجرح قدمه جرحًا عظيمًا فقال شوي هاه ولا بالنعلة ، يعني أن الجرح الذي في رجله أهون عليه من الجرح الذي في نعلته إذا كان صاحب المليون من هذا الطراز فأعتقد أن الخمسة من المليون بالنسبة إليه أشق من خمسة على العشرة بالنسبة للأول ، لكن الأخلاق النفسية أو الغريزية هذه ما علينا منها الكلام على الواقع ، ،فإننا نقول خمسة من عشرة أفضل من خمسة من مليون بل ومن مئة إذن هذا معنى قوله جهد المقل .
ولكن الكل عن ظهر غنى لأنه قال ( وابدأ بمن تعول ) .