عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : لعامل عليها ، أو رجل اشتراها بماله ، أو غارم ، أو غاز في سبيل الله ، أو مسكين تصدق عليه منها ، فأهدى منها لغني ). رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ، وصححه الحاكم ، وأعل بالإرسال . حفظ
الشيخ : فقال عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تحل الصدقة لغني ) .
لا تحل يعني تحرم وقوله الصدقة ظاهره العموم والصدقة : كل ما بذله الإنسان يريد به وجه الله فهي صدقة فإن بذله يريد به التودد والإكرام سمي هدية ، وإن بذله يريد بذلك مجرد نفع المعطى صار هبة وعطية فهو على حسب النية حسب النية إذا قصد به التودد والإكرام فهو هدية إذا قصد به وجه الله عز وجل فهو صدقة إذا قصد به نفع المعطى هاه فهو هبة وعطية إذا قصد به دفع الشر عنه فهو فدية يفدي بها الإنسان نفسه أو عرضه أو ما أشبه ذلك والأخير حرام على من هاه ؟
الطالب : على المخرج
الشيخ : على المخرج لا، حرام على المعطى الذي يعطى لدفع الشر حرام على المعطى نعم .
طيب والذي يعطى للتوصل به إلى باطل يسمى رشوة ، فهذه خمسة أقسام صدقة هدية هبة فدية رشوة نعم وأحكامها كما علمتم .
قال ( لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لعامل عليها أو لرجل اشتراها بماله أو غارم أو غازٍ في سبيل الله أو مسكين تُصُدق عليه منها فأهدى منها لغني ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم وأعلّ بالإرسال نعم .
ما معنى أُعِل ؟ أي ضُعّف ، لأن العلة ولاسيما إذا قال أعلّ بالإرسال الإرسال معروف أنها علة قادحة فمعناه أنه ضعّف حيث ذُكر أنه مرسل . قوله عليه الصلاة والسلام ( لا تحل لغني ) من هو الغني ؟ قال بعضهم الغني هو الذي تجب عليه الزكاة ، كل من تجب عليه الزكاة فهو غني وقال بعضهم من ملك قوت يومه وليلته فهو غني ، وقال بعضهم من ملك خمسين درهمًا فهو غني ، وقال بعضهم من وجد كفايته وعائلته سنة فهو غني ، وهذا الأخير أقربها .
أما الأول وهو يقول من وجبت عليه الزكاة فهو غني : فإننا نقول نعم هو غني من حيث وجوب الزكاة عليه لكن قد لا يكون غنيًا من حيث جواز دفع الزكاة إليه قد يكون عند الإنسان مثل مئتا درهم لكن مئتا درهم ما تكفيه وعائلته ولا لمدة يومين فهل نقول هذا غني لا .
طيب كيف تجب عليه الزكاة وتجوز له الزكاة نقول لا منافاة فالزكاة تجب عليه لوجود سبب الوجوب ، ويستحق من الزكاة لوجود شرط الاستحقاق ولا مانع يعني لا مانع أن يكون الإنسان من أهل الزكاة الذين تجب عليهم ومن أهل الزكاة الذين تحل له .
وأصح الأقوال في هذا أن الغني هو الذي يجد كفايته وكفاية عائلته لمدة سنة .
قال النبي عليه الصلاة والسلام ( إلا لخمسة ) إلا لخمسة ثم عدهم ، وذكر العدد والتسمية بالمعدود هذا من حسن التعليم، من حسن التعليم أن يحصر الإنسان الأشياء ثم يفصلها لأنك إذا حصرتها قلت خمسة مثلًا بعدين إذا نسيت نعم ؟ تقول لا لازم باقي واحد باقي واحد لكن لو تعد لك بدون عدد يمكن تنسى ولا تشعر أنك نسيت فإذا بقي في ذهنك أن هذا الشيء عدده خمسة أو عشرة أو عشرين أو مئة ثم نقص عرفت أنك هاه أنك ناسي قد نقصت منه شيئا لكن إذا ذكر مرسلا فإنك قد تسقط شيئا ولا تشعر أنك أسقطت فهذا من حسن التعليم أن تحصر الأشياء بالعدد .
قال ( إلا لخمسة لعامل عليها ) وسبق معنى العامل عليها وإنما جاز له الأخذ مع الغنى لأنه يأخذ للحاجة إليه ، للحاجة إليه فنحن محتاجون إليه لقيامه على الصدقة فأعطيناه لحاجتنا نحن إليه واضح ولا لا ؟ طيب ولهذا يعطى كما مر يعطى مقدار أجرته نعم .
الثاني ( أو لرجل اشتراها بماله ) وهذا في الحقيقة ما أخذها من جهة الزكاة لكن هي عين الصدقة ، عين الصدقة مثال ذلك أعطي هذا الفقير حِقة أعطي حِقة من الإبل كم لها من سنة ؟ ثلاث سنوات أعطي حقة وهو فقير فجاء فباعها على غني حلت له هذه الحقة ولا لا ؟
الطالب : نعم
الشيخ : حلت للغني مع أنه غني ليش ؟ لأنه أخذها بجهة غير استحقاق الزكاة وهي الشراء ولهذا قال اشتراها بماله .
لكن هي حقيقة عين الصدقة إنما الفقير أخذها بجهة الصدقة وهذا أخذها بجهة الشراء فلما اختلفت الجهة جاز .
ونظير ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام دخل ذات يوم بيته وطلب طعاما فقالوا ليس عندنا شيء قال ( ألم أر البرمة على النار ) ؟ ماهي البرمة هاه ؟ إناء من خزف أو نحوه واضح ؟ طيب قدر على النار من الخزف أو الفخار أو ما أشبهه قالوا يا رسول الله ذاك لحم تصدق به على بريرة يعني وهو لا يأكل الصدقة فقال ( هو عليها صدقة ولنا هدية ) .
فالآن هو طعام واحد لكن أخذه النبي عليه الصلاة والسلام من بريرة ليس على سبيل الصدقة ، على سبيل الهدية فهو نظير هذا الحديث .
الثالث قال ( أو غارم ) أي القسمين من الغارمين ؟ الغارم لإصلاح ذات البين لأن الغارم لنفسه يشترط لاستحقاقه هاه ألا يجد ما يسدد دينه أما الغارم لإصلاح ذات البين فيعطى ولو كان فقيرا اللهم إلا أن يقال إن الغارم هنا تشمل الصنفين من الغرماء أو من الغارمين على الأصح ويقال إن الغارم لنفسه قد يكون عنده ما يكفيه من حيث الأكل والشرب واللباس والسكنى لكن ليس عنده ما يسدد دينه وهذا يعطى ولا لا يعطى فلو أن رجلا له راتب وهذا الراتب يكفيه لأكله وشربه ولباسه وسكناه نعم لكن يحتاج إلى قضاء الدين الذي كان عليه بسبب شراء البيت بسبب شراء السيارة بسبب زواج أو ما أشبه ذلك هل يوفى عنه ولا لا يوفى عنه حينئذ نقول هو غني ولا لا ؟ غني من وجه وفقير من وجه .
يعني لقائل أن يقول إن قول النبي صلى الله عليه وسلم غارم يشمل الصنفين من الغارمين الغارم لإصلاح ذات البين والغارم لنفسه طيب قال ( أو غازٍ في سبيل الله ) الغازي في سبيل الله يعطى لو كان غني
الطالب : لو كان غني
الشيخ : ليش لأنه يعطى للحاجة إليه فهو يحتاج إليه ولو كان غنيا فيعطى سلاحا أو يعطى دراهم يشتري بها سلاحا أو يشتري بها نفقة له أو ما أشبه ذلك قال ( أو مسكين تصدق عليه منها بأهدى منها لغني ) هذا أيضا ملك الزكاة بغير طريق الزكاة بأي طريق هاه بالهدية هذا إنسان فقير أخذ من شخص مئة كيلو بر زكاة وهو فقير فأهدى منها لإنسان نفس هذا البر أهدى منه لغني لو أن الغني أخذ هذا البر ممن عليه الزكاة على أنه زكاة جاز ولا لا، لا يجوز لكن أخذه من الفقير على أنه هدية فجاز مع أنه زكاة هذه خمسة أصناف بيّن الرسول عليه الصلاة والسلام أنها تحل لهم الزكاة وهم أغنياء هذا معنى الحديث