فوائد حديث : ( عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله اجعلني إما م قومي ... ) . حفظ
الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد منها : جواز طلب الإمامة جواز طلب الإمامة وجه ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عثمان بن أبي العاص ووافقه على طلبه وهذا أقوى ما يكون من إثبات هذا الحكم ولكن لو قال قائل : أليس النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله رجل إمارة قال : ( إنا لا نولي هذا الأمر أحدا طلبه ) وقال لعبد الرحمن بن سمرة : ( لا تسأل الإمارة فإنك إن سألتها إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها ) قلنا : بلى لكن يحمل هذا الحديث إما على التفريق بين طلب الإمارة والإمامة لأن الإمامة وظيفة دينية محضة والإمارة فيها سلطة فيها سلطة فيها نوع من استعلاء وما أشبه ذلك وإما أن يقال : إنه إذا طلبها من يطلبها وهو أحق الناس بها فإن طلبه هذا يكون بمنزلة التنبيه لولي الأمر وليس طلبا محضا وأن الإنسان إذا رأى من نفسه أنه أحق الناس وأوفى الناس بهذه الوظيفة فله طلبها وهذا الوجه أحسن وربما يقول وربما نقول : إن الوجهين صحيحان لكن هذا أقرب إلى الصواب ويؤيده أن نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام قال : (( اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم )) لأنه رأى أن بيت المال قد ضاع وأنه هو ذو حفظ وعلم فطلبه لعدم وجود من يقوم مقامه ومن فوائد هذا الحديث : أن نصب الأئمة إلى ولي الأمر لأنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم وهو ولي الأمر بلا شك وكذلك من ينيبه ولي الأمر كما في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في وقتنا وكذلك الوزارات الأخرى في البلاد الإسلامية فإن الوزير يعتبر نائبا عن ولي الأمر فإن قال قائل : لو اختار أهل الحي رجلا واختارت الوزارة رجلا فمن الذي يقدم ؟ يقدم ما تختاره الوزارة ولكن يجب على الوزارة في هذه الحال أن تنظر فيمن اختارت وفيمن اختاره أهل الحي أن تنظر إلى ذلك بعين العلم والإنصاف ومن فوائد طيب فإن قال قائل : إذا كنا في بلد ليس فيه ولاية إسلامية فمن الذي يقدم في الإمامة ؟ قلنا : قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ) فيجب على أهل الحي أن يختاروا أقرؤهم لكتاب الله ثم من يليه على حسب ما جاءت به السنة ومن فوائد الحديث : مراعاة الأضعف في كل شيء لأنك إذا راعيت الأضعف لم تضر الأقوى وإن راعيت الأقوى شققت على الأضعف أو أضررت به حتى في المشي لو فرض أن أناسا يتبعونك مثلا فيهم من مشيه ضعيف ومشيه قوي فإنك تراعي الأضعف إلا أن يكون في مراعاته ضرر فالضرر منفي شرعا لكن بدون ضرر اقتد بالأضعف ومن فوائد هذا الحديث : أن تعيين المؤذن إلى الإمام لقوله : ( واتخذ مؤذنا ) هذا إذا قلنا : إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوله إلا على إمامة الصلاة لكن حسب الترجمة التي ترجمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعله أميرا على الطائف أميرا على الطائف وعلى هذا فيكون تعيينه المؤذن لا لأنه إمام المسجد ولكن لأن له الولاية على البلد كلها ومن فوائد هذا الحديث : وصية الإمام للولاة الذين تحته من الأمراء والأئمة والقضاة وما أشبه ذلك بما تقتضيه حالهم لقوله : ( اقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ) وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أمره بتقوى الله عز وجل وبمن معه من المسلمين خيرا ) ومن فوائد الحديث : أنه ينبغي العدول عمن طلب من المؤذنين أجرا أي : مالا أو يقال بمعنى أعم : شيئا من أمور الدنيا لقوله : ( اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ) ولهذا نص فقهاؤنا رحمهم الله على تحريم أجرة الأذان والإقامة بأن تتفق مع واحد تقول : تعال أستأجرك على أن تؤذن كم الأذان في اليوم والليلة ؟ خمسة قال : ما في مانع لكن كل أذان بعشرة ريال يريد أن تكون له أجرة حتى إذا تخلف يخصم عليه ولو نقص في الأذان يخصم عليه يعني أجرة فهذا لا يجوز علل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا دليل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ) التعليل لأن عمل الآخرة لا يمكن أن يتخذ وسيلة للدنيا الآخرة أشرف وأعظم من أن تكون وسيلة لأمر الدنيا الدنيا وسيلة الآخرة وليست الآخرة إيش ؟ وسيلة الدنيا لأن الله يقول : (( بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خيرًا وأبقى )) فإن قال قائل : ما شأننا مع الواقع الآن الأئمة والمؤذنون يأخذون أجرا ؟ فالجواب : أن هذا ليس بأجر بل هو رَزق من بيت المال للمصالح العامة ومن المصالح العامة الأذان والإقامة كما أن العلماء يأخذون أجرا على تدريسهم لا لأجل العوض ولكن لأن هذا من بيت المال الذي يصرف للمصالح العامة ولهذا قال الفقهاء : لا يحرم أخذ رزق من بيت المال إذا لم يوجد متطوع شوف سبحان الله حماية بيت المال عند العلماء لا يحرم شرط ألا يوجد متطوع فإن وجد متطوع تحصل به الكفاية حرم أن يعطى المؤذن من بيت المال ليش ؟ لأنه لا داعي له الآن وإذا لم يكن له داع لا يجوز إذا أخذنا من بيت المال مثلا عشرة ريالات لهذا المؤذن صار حراما إذًا عشرة ريالات تنفع بيت المال طيب الحمد لله لو كان جعالة ليس أجرة بأن قال : من أذن في هذا المسجد فله كل شهر كذا وكذا فهذه فيها خلاف منهم من يقول : لا بأس بها ومنهم من يقول : فيها بأس لأن هذا المؤذن إنما جاء من أجل العوض .