الكلام على شرط استقبال القبلة في الصلاة . حفظ
الشيخ : نبدأ الآن بدرس جديد وهو استقبال القبلة استقبال القبلة واجب بالكتاب والسنة أما في الكتاب فقال الله تبارك وتعالى : (( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره )) هذا نص صريح وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة يستقبل بيت المقدس إلى سنة وأربعة أشهر أو سبعة أشهر ثم أمر بالتوجه إلى الكعبة أما صلاته قبل ذلك لما كان في مكة فالظاهر أنه يستقبل الكعبة لأنه لا حاجة إلى أن يستقبل بيت المقدس ويبعد جدا أن يستقبل بيت المقدس والكعبة بين يديه لكن لما قدم المدينة ووجد اليهود يتجهون إلى بيت المقدس توجه عليه الصلاة والسلام إلى بيت المقدس أخذا بقوله تعالى : (( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده )) أو لأي سبب رآه صلى الله عليه وسلم لكنه مع هذا يتطلع إلى أن يتجه إلى قبلة أخرى ولهذا قال الله عز وجل : (( قد نرى تقلب وجهك في السماء )) وكلمة (( قد نرى )) تدل على استمرار تقلب وجهه عليه الصلاة والسلام لأنه لم يقل : قد رأينا قد نرى فعل مضارع يدل على الاستمرار فكان ينظر إلى السماء لعله يصرف فصرفه الله عز وجل إلى الكعبة وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن الكعبة قبلة الأنبياء كلهم وأن اتجاه اليهود إلى بيت المقدس من تحريف الكلم عن مواضعه ومن صنيع اليهود وليس من شريعة الله وأيا كان فالكعبة هي قبلة النبي صلى الله عليه وسلم وأمته إلى يوم القيامة أما السنة فسيأتينا إن شاء الله تعالى بيان الأدلة من السنة على وجوب استقبال الكعبة ووجوب استقبال الكعبة لا شك أنه عين الحكمة والصواب والرحمة لأنها تجمع الأمة الإسلامية على اتجاه واحد وهو الكعبة فما ظنكم لو كان كل إنسان يتجه إلى ما يريد لكان الناس في المسجد الواحد إيش ؟ يختلفون لكن الله تعالى بحكمته ورحمته جعل الكعبة واحدة ثم اختار عز وجل أن تكون الكعبة لأنها أول بيت وضع للناس وأشرف مكان على وجه الأرض هي الكعبة فكان أيضا فكان هذا حكمة أخرى أن يتجه الناس إلى هذا البيت العتيق الذي هو أول بيت وضع للناس ولكن ما الفرض في استقبال القبلة ؟ أما من أمكنه مشاهدة الكعبة فالفرض أن يتجه إلى عين الكعبة وأما من لا يمكنه فالفرض أن يتجه إلى جهتها والجهة كلما ابتعد الإنسان عن مكة اتسعت الجهة وكلما قرب ضاقت الجهة وأما قول بعض العلماء : من كان في المسجد الحرام فقبلته الكعبة ومن كان بمكة فقبلته المسجد ومن كان خارج مكة فقبلته مكة هذا ليس بصحيح إنما يقال : من أمكنه مشاهدة الكعبة ففرضه أن يتجه إلى عين الكعبة ومن لا يمكنه ولو في مكة اتجه إلى جهتها أي : جهة الكعبة وكما قررنا أنه كلما بعد الإنسان عن الكعبة اتسعت الجهة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة : ( ما بين المشرق والمغرب قبلة ) وقال لهم : ( إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا ) فدل هذا على أنهم إذا اتجهوا للجنوب كل الجنوب يكون قبلة أو إلى الشمال فكل الشمال يكون قبلة ولهذا قال : ( شرقوا أو غربوا ) يستثنى من ذلك يعني يستثنى وجوب استقبال القبلة العاجز عن استقبال القبلة مثل أن يكون الإنسان مريضا لا يستطيع أن يتوجه إلى القبلة ودليل سقوطها عنه قول الله تبارك وتعالى : (( لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها )) وقوله : (( فاتقوا الله ما استطعتم )) الثاني : الخائف الخائف على نفسه من عدو أو سيل أو نار فيتجه حيث كان وجهه لقول الله تعالى : (( فإن خفتم فرجالًا أو ركبانًا )) ومعلوم أن الرجال الهاربين أو الركبان الهاربين فسوف يهربون إلى إلى الجهة المخالفة للجهة المخوفة والجهة المخوفة قد تكون شمالا أو جنوبا أو غربا أو شرقا هذا اثنين الثالث : النفل في السفر وسيأتي إن شاء الله النفل في السفر ولكن كيف تعرف القبلة ؟ أما من كان يشاهد الكعبة فتعرف بإيش ؟ بالمعاينة فتعرف بالمعاينة وأما من لا يمكنه مشاهدة الكعبة فتعرف بأدلة بأدلة سماوية الشمس والقمر والنجوم الشمس تشرق من المشرق وتغرب في المغرب وكذلك القمر وكذلك النجوم وبعض النجوم ثابت ما يقطع السماء ثابت في مكانه أو يتحرك قليلا هذه من العلامات فإذا قدر أنك شرقي مكة فما قبلتك ؟ الغرب وإذا كنت غربي مكة فقبلتك الشرق إذا كنت بالجنوب فقبلتك الشمال ما بين مشرق الشمس ومغربها وفي الشمال الجنوب ما بين مشرق الشمس ومغربها وكذلك يقال في القمر والنجوم النجوم من أثبتها وأقواها ؟ القطب ونحن في جهتنا هنا لا نشاهد إلا القطب الشمالي لأن الأفق فيه قطبان الشمالي والجنوبي نحن نشاهد الشمالي الشمالي يقولون : إنه نجم خفي لا يراه إلا حديد البصر في غير ليالي القمر خفي جدا لا يراه إلا حديد البصر في غير ليالي القمر إلا أن حوله نجم قوي واضح وهو الجدي فهذا يدور حول القطب ولذلك تجد مساحة دورانه يعني مثل القرص الصغير لأنه قريب من القطب كلما بعدت النجوم عن القطب صار مدارها أوسع ولهذا كان الناس عندنا ومن زمان يستدلون عليها بالجدي الجدي هنا في منطقتنا يكون خلف أذن المصلي اليمنى خلف أذنه اليمنى إذا جعله خلف أذنه اليمنى فقد استقبل باب الكعبة إذًا يستدل بالشمس والقمر والنجوم هنا يعني في عصرنا الآن يسر الله ولله الحمد آلات وأجهزة تدلك على اتجاه القبلة وإذا قدر أنها لا تصيب عين الكعبة فإنها تصيب قطعا جهة الكعبة وكفى يعني ليس لنا أن نتعمق ونقول : لا بد أن نصيب عين الكعبة ونحن بعيدون عنها ولكن الجهة يسرها الله ولله الحمد على وجوه شتى وسهلة المنال وسهلة العلم وهذا من التوفيق لكن لو فرض أن الإنسان لم يجد ولا يعرف النجوم ولا الشمس ولا القمر ولا يجد آية يستدل بها فإنه يتحرى يتحرى وأي جهة يركن إليها ويميل إليها يتجه إليها وهذا قد يقع يخرج الإنسان للبر وليس عنده علم من أدلة القبلة وليس عنده من يسأله فنقول : انظر ما تطمئن إليه نفسك واتجه إليه (( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله )) من ذلك ما ذكر المؤلف رحمه الله .