فوائد حديث : ( عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة ؟ ... ) . حفظ
الشيخ : فيستفاد منه: حرص الصّحابة رجالا ونساء على العلم، واعلم أنّ سؤال الصّحابة رضي الله عنهم عن العلم ليس لمجرّد أن يعلموا فقط بل ليعلموا ويعملوا فإنّهم يسألون عن الحكم ليطبّقوه خلاف ما كان عليه بعض النّاس اليوم يسأل عن الحكم لا ليطبّقه، بل إنّ بعض الناس يسأل إن جاز له الحكم اقتصر على سؤال الرّجل المعيّن وإن لم يصلح له سأل آخر وهلمّ جرّا حتى يصل إلى الفتوى التي توافق هواه وهذا حرام تلاعب بدين الله، ولهذا قال أهل العلم إنّ تتبّع الرّخص فسق، وصرّح العلماء رحمهم الله بأنّ الرّجل إذا استفتى عالما هو أهل للفتوى ملتزما بقوله فإنّه لا يجوز أن يسأل غيره وهو كذلك، لأنّه لو سأل غيره لكان متلاعبا، نعم لو أنّ إنسانا في قرية وليس عنده إلاّ طالب علم فسأله ومن نيّته أنّه إذا تمكّن من سؤال عالم أهل للفتوى سأله فهنا نقول لا بأس أن تستفتي هذا وتعمل بقوله ثمّ إذا قدرت على عالم أهل للفتوى فاستفته ويكون هذا كالتّراب يستعمل عند عدم الماء.
ومن فوائد هذا الحديث أنّ للشّيطان سلطة على بني آدم في أعمالهم لقوله: ( هو اختلاس يختلسه الشّيطان ).
ومن فوائد هذا الحديث أنّ الشّيطان لا يقدر على صلاة المؤمن فيأخذها هكذا مجابهة ولكنّه يختلسها اختلاسا لأنّ المؤمن قلبه حاضر ولا يمكن أن يأتي بمنقّص لصلاته ولكن الشّيطان قد يسلّط عليه فيختلس منه.
ومن فوائد هذا الحديث التّحذير من الالتفات في الصّلاة التّحذير من الالتفات في الصّلاة ثمّ الالتفات نوعان:
نوع التفات بالقلب وهذا أشدّ وأخطر من الالتفات بالبدن لأنّه يضيّع فائدة الصّلاة وقد( شكى رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم الوسواس في الصّلاة فقال: إنّ ذلك شيطان يقال له خنزب ) ثمّ أمر من أصابه ذلك أن يتفل عن يساره ثلاث مرّات ويستعيذ بالله من الشّيطان الرّجيم قال الصّحابي: " ففعلت ذلك فأذهب الله عنّي ما أجد " وهل الالتفات بالقلب يبطل الصّلاة؟ سبق القول في هذا وأنّ العلماء اختلفوا فيما إذا غلب الوسواس على أكثر الصّلاة هل تبطل الصّلاة أو لا؟ ورجّحنا أنّ ذلك لا يبطلها ولكن ينقّصها، أمّا الالتفات بالبدن فهو نوعان: التفات بالبدن كلّه وهذا مبطل للصّلاة حيث اشترط استقبال القبلة انتبه، أمّا إذا سقط استقبال القبلة فهذا شيء آخر لكن حيث اشترط فإنّ الالتفات بجميع البدن يبطل الصّلاة وهذا يقع أحيانا ونشاهده في المسجد الحرام إذا كان النّاس متزاحمين تجد بعض النّاس يقف في الصّفّ والكعبة أمامه ثمّ تجده منحرفا من أجل أنّ إيش؟ أن يتّسع المكان لأنّ عرض الإنسان يأخذ مكان أكثر ممّا إذا كان طولا وعليه فيجب التّنبّه لهذا لأنّ هؤلاء قريبون من الكعبة وفرضهم الاتجاه إلى عين الكعبة أمّا لو كانوا بعيدين و ... إلى الجهة كان أهون
طيب أما الالتفات ببعض البدن كالالتفات بالعنق فهذا لا يبطل الصّلاة لكنّه ينقّصها إلاّ إذا كان هناك مصلحة أو حاجة، فإن كان هناك مصلحة أو حاجة فلا بأس
مثال الحاجة: ما أشرنا إليه قبل قليل من أنّ الإنسان إذا تسلّط عليه الشّيطان بالوساوس فإنّه إيش؟ يلتفت ويتبع ...
وما تقتضيه المصلحة كأنّ يشاهد المأموم إمامه من أجل أن يقتدي به فإنّ الصّحابة كانوا يشاهدون الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وإذا كانوا في أطراف الصّف لا بدّ أن يلتفتوا فيكون هذا لمصلحة، بل لمصلحة وحاجة أيضا وهي متابعة الإمام، ولهذا أوّل ما صنع له المنبر جاء ليصلّي عليه على درجاته وقال: ( إنّما فعلت هذا لتأتمّوا بي ولتعلموا صلاتي )، ومن ذلك أيضا ( أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعث عينا في إحدى غزواته يبحث عن العدوّ فجعل النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ينظر إلى الشّعب الذي يأتي منه هذا العين )، والعين هو الجاسوس، هذا لحاجة، فالمهمّ أنّ الالتفات ببعض البدن مكروه إلاّ لحاجة أو مصلحة.
ومن فوائد هذا الحديث التّحريم من الالتفات لأنّك إذا التفتّ فقد ائتمرت بأمر عدوّ لك وهو الشّيطان والواجب الحذر من هذا، ولكن إبطال الصّلاة وعدمه على حسب ما سمعتم، " وعن أنس رضي الله عنه "
نعم قوله: ( فإن كان لا بدّ فللتطوّع ) هذه الكلمة الزّائدة إن صحّت فهي أصل من الأصول في أنّ النّوافل تختلف عن الفرائض وقد جمعت الفروق فبلغت أكثر من عشرين فرقا بين صلاة النّافلة وصلاة الفريضة.