فوائد حديث : ( كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ... ) . حفظ
الشيخ : في هذا الحديث من الفوائد :
أنّ الشّرك عظيم، عظيم جدّا وذلك لعظم وسائله وذرائعه، أصل المسجد إذا بني على القبر إنّما يصلّى لله لكن في هذا المكان هذا هو الأصل، لكن لمّا كان يخشى أنّ صاحب القبر يعبد صار البناء على قبره من كبائر الذّنوب والتّعظيم في الوسيلة يدلّ على عظم إيش؟ الغاية، يدل على عظم الغاية.
ومن فوائد هذا الحديث حماية الشّريعة لجانب التّوحيد حماية كاملة بحيث سدّت جميع الوسائل التي قد تؤدّي إلى الشّرك ومنها تحريم بناء المسجد على القبر لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وصف الذين يبنون المساجد على القبور بأنّهم شرار الخلق.
ومنها أنّ البناء على القبور فيه التّشبّه باليهود والنّصارى فيكون هذا الواقع في هذه الأمّة الآن مصداقا لقول النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ( لتركبنّ سنن من كان قبلكم، قالوا: اليهود والنّصارى؟ قال: فمن؟ ) وعلى هذا فالذي يبني مسجدا على القبر مشابه تماما لليهود والنّصارى.
ومن فوائد الحديث وجوب هدم المسجد المبني على القبر وجه الدّلالة أنّ البناء هذا من كبائر الذّنوب ولا يجوز إقرار الكبائر هذه واحدة
ثانيا أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أمر بهدم مسجد الضّرار مع أنّه لم يبن على مسجد لكن فيه مضارّة لمسجد الى جانبه فما كان وسيلة إلى الشّرك فهدمه من باب أولى.
ومنها مسألة اختلف فيها هل تصحّ الصّلاة في هذا المسجد الذي بني على القبر أو لا تصحّ؟ في هذا خلاف بين أهل العلم، منهم من قال إنّها تصحّ لأنّ المحرّم هو بناء المسجد، نعم منهم من قال إنّ الصّلاة تصحّ لأنّ المحرّم هو بناء المسجد وهو منفصل عن الصّلاة ولم يرد عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه نهى عن الصّلاة في المساجد المبنيّة على القبور فهو كما لو صلّى الإنسان في مكان مغصوب، والرّاجح أنّ الإنسان إذا صلّى في مكان مغصوب فصلاته صحيحة مع الإثم وهذا مذهب الأئمّة الثّلاثة
القول الثاني أنّ الصّلاة فيه لا تصحّ لأنّه منهيّ عنها بطريق اللّزوم وهو أنّ الصّلاة في هذا المسجد وسيلة إلى عبادة صاحب القبر فتكون منهيّا عنها نهي الوسائل وإذا كان العمل منهيا عنه صار إيجاده مضادّة لله ورسوله فيقتضي المنع، منع تنفيذ هذا الشئ لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ ) وهذا القول أقرب للصّواب أنّه لا يجوز، أنّ الصّلاة في المساجد المبنية على القبور حرام غير صحيحة لا سيما إذا كان المصلّي ممّن ينظر إليه النّاس نظر إمامة أي أنّهم يقتدون به فهنا يتضاعف الإثم ويقوى القول بأنّ الصّلاة غير صحيحة.
ومن فوائد هذا الحديث أنّ الشّرّ يتفاضل لقوله: ( أولئك شرار الخلق ) وهو كذلك كما أنّ الخير يتفاضل ويلزم من هذا أن تتفاضل الأعمال، ويلزم لزوما آخر أن يتفاضل العمّال وهذا هو الحقّ أنّ الأعمال تتفاضل صالحها وسيّئها وأنّ العمّال يتفاضلون بحسب أعمالهم وعليه فنقول الإيمان يزيد وينقص لأنّ العمل من الإيمان فإذا تفاضل العمل لزم من ذلك تفاضل الإيمان وهذا هو الحقّ أنّ الإيمان يتفاضل يزيد بالطّاعة وينقص بالمعصية، ويزيد أيضا بقوّة الآيات المشاهدة وضعفها فإنّ الإنسان كلّما شاهد الآيات ازداد إيمانا بالله عزّ وجلّ، ولهذا قال إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام: (( ربّ أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي )) والإنسان يشاهد هذا في نفسه كلّما رأى آية عظيمة خارجة عن المألوف فإنّه يزداد إيمانا بلا شكّ، وقولنا خارجة عن المألوف لأنّ المألوفات قد لا تؤثّر في الإنسان تأثيرا بيّنا لأنّها مألوفة عنده فطلوع الشّمس وغروبها لا شكّ أنّها من آيات الله العظيمة ومع ذلك هي عند النّاس مألوفة لا تؤثّر ذاك التّأثير، لكن لو يحصل كسوف أو أشياء أخرى في الشّمس أو القمر ازداد الإنسان إيمانا إذن الإيمان يزيد باليقين القارّ في القلب وبالأعمال.