فوائد حديث : ( من سمع رجلاً ينشد في ضالة في المسجد فليقل ... ) . حفظ
الشيخ : من فوائد هذا الحديث تحريم إنشاد الضّالّة في المسجد وجه الدّلالة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم أباح لنا بل أمرنا أن ندعو الله تعالى أن لا يردّها عليه ولا شكّ أنّ من دعا على صاحب ضالّة أن لا يردّها عليه لا شكّ أنّه نوع عدوان والعدوان لا يجوز إلاّ إذا كان في مقابل عدوان يعني لو سمعت رجلا ينشد ضالّة في السّوق هل يجوز أن تقول لا ردّها الله عليك؟ لا يجوز، وما كان ممنوعا فإنّه لا يستباح إلاّ لدفع ما هو مثله أو أعظم وعلى هذا فنقول في هذا الحديث دليل على تحريم إنشاد الضّالّة في المسجد
وهل يقاس على الضّالّة اللقطة؟ لأنّ الضّالّة هي ضوالّ الحيوان الضّأن من الحيوان إبل أو بقر أو غنم، واللقطة من غير الحيون فهل نقول إنّ إنشاد اللّقطة كإنشاد الضّالّة؟ الجواب نعم والقياس قياس جليّ لقوله صلّى الله عليه وسلّم ( فإنّ المساجد لم تبن لهذا ) ( لم تبن لهذا )
نقول وكذلك لو أنشد ضائعا غير ضالّة فالحكم واحد وهل مثل ذلك لو نشدها يعني يطلب من هي له مثل أن يكون شخص وجدا شيئا في السوق، دخل المسجد وقال أيّها النّاس من ضاع له كذا وكذا أو هذا يختلف عن الأوّل؟ الأوّل يطلب ماله وهذا يطلب التّخلّي عن مال غيره الصّورتان بينهما فرق لا شكّ فهل هما سواء في الحكم؟ الجواب ليسا سواء في الحكم ليسا سواء في الحكم لأنّ الثاني محسن ولكن يقال العلّة أنّ المساجد لم تبن لهذا تنطبق عليه لأنّ المساجد ما وضعت لإنشاد الضّائع فيها أو الضّالّ ولهذا فرّق بعضهم فقال إن كان وجدها في المسجد فليقل لمن هذا لأنّ هذا النّاس محصورون في المسجد وإن كان وجدها خارج المسجد فليطلب صاحبها خارج المسجد عند الأبواب، وهذا القول جيّد وربّما لا يسع النّاس العمل إلاّ به فمثلا نحن هنا في مجلس حينما قمنا وجد أحدنا قلما أو ساعة أو كتابا فله أن يقول لمن هذا الكتاب؟ لمن هذا القلم، أمّا لو كان شيئا وجده في الشّارع ثمّ وجد النّاس مجتمعين وقال هذه فرصة وجعل يسأل لمن هو له فهذا القول بالتّحريم أولى، المذهب أنّه مكروه وليس بمحرّم لأنّه في الحقيقة في منزلة بين المنزلتين، لكن الذي يظهر أنّه محرّم للتّعليل الذي ذكره النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في قوله: ( فإنّ المساجد لم تبن لهذا ) ويمكن أن تحصل المصلحة بإيش؟
الطالب : ...
الشيخ : بإنشادها عند المسجد عند باب المسجد ويصوّت بأعلى صوت ويسمعها أهل المسجد أو الذي يخرج منه رويدا رويدا
وهل يحرم ما يفعله بعض النّاس اليوم إذا وجدوا شيئا علّقوه في قبلة المسجد؟ الجواب هذا لا بأس به فيه مصلحة من جهة أن صاحبه يجده وانتفاء مضرّة، لكن هذه المسألة يخشى منها شيء وهو أن يأخذ هذه اللّقطة غير صاحبها ولا سيما إن كانت مفاتيح أو أشياء خطيرة فإذا خشي هذه المفسدة فالأولى أن يجتمع أهل المسجد أو أهل الحيّ ويجعلون اصطلاحا بينهم أنّ من وجد شيئا في المسجد يسلّمه إمّا للمؤذّن وإمّا للإمام، وقد جرت عادة النّاس عندنا من قبل على هذا، إذا وجد الإنسان شيئا في المسجد أعطاه المؤذّن وإذا ضاع للإنسان شيء في المسجد ذهب إلى المؤذّن رأسا، وهذا أحسن من ان يعلّق.
من فوائد هذا الحديث أنّه لا يجوز إحداث شيء في المساجد ينافي ما بنيت له لقوله ( فإنّ المساجد لم تبن لهذا ) ولكن هل يجوز أن يضع أهل الحيّ الطّعام في المساجد عند الإفطار أو عند عيد الفطر؟ لأنّه في الأعياد جرت بعض عادة النّاس أنّ أهل الحيّ يجتمعون كلّ واحد منهم يأتي بطعام ويجلسون عليه جميعا فهل يجوز أن يجعل ذلك في المسجد؟ الجواب نعم لأنّ هذا فيه خير وإحسان والأكل في المسجد من حيث هو ليس حراما ولا ينافي ما بني المسجد له، اللهم إلاّ إذا كانوا يأتون بالغداء أو العشاء في وقت يجتمع فيه النّاس للصّلاة فحينئذ يمنعون من أجل مراعاة النّاس.
من فوائد هذا الحديث حسن تعليم النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم حيث يقرن الأحكام بعللها وقرن الحكم بعلّته يفيد ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى زيادة طمأنينة النّفس لأنّ الإنسان متى علم الحكمة من الحكم ازداد طمأنينة والنّفس البشريّة لا شكّ أنّها عندما يحصل لها زيادة علم فإنّه أبلغ في الطمأنينة كما قال إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام لمّا قال: (( ربّ أرني كيف تحيي الموتى )) قال الله له (( قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي )) ولهذا نجد الصّحابة أنفسهم وهم أشدّ النّاس إيمانا وأقواهم إيمانا بالرّسول عليه الصّلاة والسّلام يسألون عن بعض الأشياء التي تخفى عليهم، لمّا وضع الجريد على القبرين الذين يعذّبان، ماذا قالوا؟ ( قالوا لم صنعت هذا يا رسول الله؟ ) فأخبرهم، فقرن الأحكام بالعلل فيه هذه الفائدة العظيمة وهي زيادة إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : الطمأنينة، فإنّ الإنسان يأتي بالحكم ويلتزم بالحكم إذا علم علّته ونفسه مطمئنّة تماما
الفائدة الثّانية بيان أنّ هذه الشّريعة الإسلاميّة مبنيّة على الحكم ووضع الأشياء في موضعها وليست تشريعات خالية من الحكمة وهذه فائدة عظيمة، ولهذا لا تجد شيئا في الشّريعة الإسلاميّة إلاّ وله حكمة فإمّا أن تكون معلومة لنا وإمّا أن تكون أفهامنا قاصرة لكن من حكمتها الإبتلاء أنّ الله تعالى يبتلي الإنسان بعبادة فيقوم بفعلها وهو لا يدري ما الحكمة فيها وهذه حكمة لا شكّ لأنّها تفيد إيش؟ زيادة التعبّد والتّذلّل لله عزّ وجلّ وأمّا مقام الإنسان أن يقول سمعنا وأطعنا.
الفائدة الثالثة أنّه إذا كانت هذه العلّة متعدّية أمكن القياس على المعلول في حكمه، إذا كانت العلّة متعدّية أمكن القياس، مثال ذلك قول الله تبارك وتعالى: (( قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرّما على طاعم يطعمه إلاّ أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير )) فإنّه رجس، وحديث أنس ( أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أمر أبا طلحة فنادى يوم خيبر: إنّ الله ورسوله ينهيانكم عن الحمر الأهليّة فإنّها رجس ) هنا نقيس على ذلك كلّ رجس كل رجس ونقول كلّ رجس فهو حرام والرّجس هو النّجس، ولهذا من القواعد المقرّرة أنّ كلّ نجس حرام وليس كلّ حرام نجس، فالسّمّ مثلا حرام وليس بنجس، الدّخان حرام وليس بنجس، لكن لحم الخنزير؟ نجس فهو حرام، فهاتان قاعدتان مفيدتان: كلّ نجس فهو حرام وليس كلّ حرام نجسا، فهذه ثلاث فوائد في ذكر العلّة مقرونة بالحكم.
ومن فوائد هذا الحديث أنّ الله سبحانه وتعالى قد يقدّر للإنسان ما يهتدي به إلى ضالّته أو تأتي الضّالّة نفسها مأخوذة من قوله: ( لا ردّها الله عليك ) وحينئذ ينبني على هذه الفائدة أن تلجأ إلى الله عزّ وجلّ كلّما ضاع لك شيء تقول اللهمّ ردّه عليّ لأنّ الذي يردّه هو الله سبحانه وتعالى فقد يأتي الرّدّ بدون فعل أيّ سبب من الأسباب ودليل ذلك القصّة التي ذكرها الرّسول عليه الصّلاة والسّلام قال: ( إنّ الله أشدّ فرحا بتوبة عبده من الرّجل الذي ضاعت ناقته وعليها طعامه وشرابه فلمّا أيس منها نام تحت شجرة ينتظر الموت وإذا بخطامها تعلّق بالشّجرة فأخذه وقال اللهم أنت عبدي وأنا ربّك أخطأ من شدّة الفرح ) من الذي ردّها عليه؟ الله عزّ وجلّ وإلاّ فالرّجل قد تعب وأيس منها، فالمهمّ أنّه إذا حصل ضياع لك ضياع من أيّ شيء من أموالك فالجأ إلى الله عزّ وجلّ فإنّ الله تعالى قادر على ردّها
ويؤخذ من هذا أيضا أنّ ما كان في الجاهليّة يستعملونه من الاستعانة بالجنّ في ردّ الضّالّة وما أشبه ذلك باطل وكذلك الاستعاذة بسيّد الجنّ في المكان باطل لأنّ هذا كلّه إنّما يملكه من؟
الطالب : الله.
الشيخ : الله عزّ وجلّ. نعم
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟
السائل : ...
الشيخ : نعم.
السائل : ... تغيّرا في معاملته ... يتكلم دائما ...
الشيخ : كيف يعني؟
السائل : ... تقابله يكون وجهه متغيّرا وتغير الكلام لك باعتبار انه قد بلغه شيء ...
الشيخ : نعم.
السائل : ...