وعن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك . رواه مسلم بسند منقطع ، ورواه الدار قطني موصولاً وموقوفاً . ونحوه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا عند الخمسة ، وفيه : وكان يقول بعد التكبير : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ، ونفخه ، ونفثه ) . حفظ
الشيخ : نعم، قال: " وعمر رضي الله عنه أنه كان يقول:( سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ). رواه مسلم بسند منقطع، ورواه الدار قطني موصولاً وموقوفاً. ".
موصولا وموقوفا يعني على عمر، هذا الاستفتاح كان عمر يجهر به يعلّمه النّاس، كما جهر ابن عبّاس رضي الله عنهما بالفاتحة في قراءة الجنازة، في صلاة الجنازة وقال: ( ليعلموا أنّها سنّة ) فكان عمر رضي الله عنه يقرأ هذا الاستفتاح ويجهر به، لأنّه ثناء على الله عزّ وجلّ، ثناء محض، لكنّ الثّناء على الله متضمّن للدّعاء في الواقع لأنّ المثني على الله ماذا يريد؟
الطالب : الثواب.
الشيخ : يريد الثّواب، فهو متضمّن للدّعاء، قوله: ( سبحانك اللهمّ وبحمدك ) قوله سبحانك اللهمّ تنزيه الله سبحانه وتعالى عن كلّ ما لا يليق به من أوصاف العيوب أو مماثلة المخلوقين، والله عزّ وجلّ منزّه عن عيوب ثلاثة: الأوّل عن كلّ صفة نقص كالعمى والصّمم والخرف وما أشبه ذلك كلّ صفة نقص فالله تعالى منزّه عنها، الثاني كلّ نقص في صفاته يعني صفات الكمال لا يمكن أن يلحقها نقص فقوّته لا يلحقها ضعف، وقدرته لا يلحقها عجز وعلمه لا يسبقه جهل ولا يلحقه نسيان، كل صفات الكمال التي اتّصف بها جلّ وعلا فإنّه منزّه عن نقصها ليس فيها نقص بأيّ حال من الأحوال.
حياته؟ لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء وهلمّ جرّا، الثالث: مماثلة المخلوقين، منزّه عن مماثلة المخلوقين سمعا وعقلا، قال الله تعالى: (( ليس كمثله شيء )) وقال تعالى: (( هل تعلم له سميّا )) وقال تعالى: (( ولم يكن له كفوا أحد )) وقال الله تعالى: (( فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون )) والنّصوص في هذا كثيرة، إذن منزّه عن أمور ثلاثة
فإن قال قائل الثالث داخل في ضمن الأوّل لأنّ مماثلة المخلوق عيب، قلنا لكن النّصّ عليها أولى حتى لا يظنّ الظّانّ أنّ الكمال في المخلوق كالكمال في الخالق
( سبحانك اللهمّ )، اللهمّ يعني يا الله وسبق الكلام عليها
( وبحمدك ) قيل المعنى وبحمدك سبّحتك فيكون هذا ثناء على الله وحمدا لله أن وفّق القائل للتّسبيح، إذا قيل ...
الطالب : وبحمدك سبّحت
الشيخ : وبحمدك سبّحت ولكنّ هذا قول ضعيف والصّواب أنّ الباء للمصاحبة وأنّ الواو من باب عطف الصّفات بعضها على بعض والمعنى ومع تسبيحي إيّاك أحمدك، فيكون في الأوّل نفي النّقص ويكون في الثاني إثبات الكمال ويكون في الثاني إثبات الكمال ولا شكّ أنّ هذا أعلى، هذا المعنى أعلى بلا شكّ من الأوّل، المعنى أنّ الإنسان إذا قال سبحانك اللهمّ وبحمدك فقد جمع لله بين نفي ما لا يليق به وإثبات كماله عزّ وجلّ وذلك بحمده، فالباء للمصاحبة والواو من باب عطف الصّفات مثل: (( سبّح اسم ربّك الأعلى* الذي خلق فسوّى* والذي قدّر فهدى* والذي أخرج المرعى )) سبحانك اللهمّ وبحمدك وتبارك اسمك، تبارك اسمك يعني أنّ اسم الله عزّ وجلّ مبارك ما خالط شيئا إلاّ نزلت فيه البركة، وهل المراد كلمة اسم الله أو كلّ اسم لله؟
الطالب : الثاني.
الشيخ : الثاني، لأنّ اسم هنا مفرد مضاف فيعمّ، كلّ أسماء الله فيها بركة ولذلك نتوسّل إلى الله تعالى بها فنقول يا رحمن ارحمنا، يا غفور اغفر لنا ولولا أنّ فيها بركة ما صحّ أن نتوسّل إلى الله تعالى بها، هذا معنى تبارك اسمك، ومن بركات اسم الله تعالى أنّه لو سمّى الإنسان على الذّبيحة حلّت ولو ترك التّسمية لم تحلّ، ومن بركته أنّ الإنسان ( إذا أتى أهله وقال بسم الله اللهمّ جنّبني الشّيطان وجنّب الشّيطان ما رزقتنا ثمّ قدّر بينهما ولد لم يضرّه الشّيطان ) أبدا والأمثلة على هذا كثيرة
( وتبارك اسمك وتعالى جدّك )، تعالى ترفّع وعظم، وقوله جدّك أي غناك، لأنّ الجدّ بمعنى الغنى، وربّما يكون أوسع من هذا المعنى، يكون الجد أي نعم يكون الغنى والقوّة وما أشبه ذلك ومنه قول الذّاكر ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ، وتعالى جدّك ولا إله غيرك أي لا معبود حقّ غير الله والمعبودات من دونه باطلة قال الله تعالى: (( ذلك بأنّ الله هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه هو الباطل وأنّ الله هو العليّ الكبير )) إذن يسنّ أن يستفتح الإنسان بهذا الاستفتاح.