ونحوه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا عند الخمسة ، وفيه : وكان يقول بعد التكبير : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ، ونفخه ، ونفثه ) . حفظ
الشيخ : " وهو عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه " نبدأ الدّرس الآن: " وهو عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه مرفوعا عند الخمسة وفيه: ( وكان يقول بعد التكبير: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ، ونفخه ، ونفثه ) ".
أعوذ بمعنى أعتصم، والعوذ إنّما يكون ممّا يخاف منه ويكره وأمّا ألوذ فهي فيما يُؤمّل ويُرجى فالعوذ فرار، واللّياذ إقبال لأنّ العوذ ممّا؟
الطالب : ممّا يخاف ويحذر.
الشيخ : يخاف منه، والثاني ممّا يرغب فيه وعليه قول الشّاعر:
" يا من ألوذ به فيما أؤمّله *** ومن أعوذ به ممّا أحاذره
يا من ألوذ به فيما أؤمّله *** ومن أعوذ به ممّا أحاذره
لا يجبر النّاس عظما أنت كاسره *** ولا يهيضون عظما أنت جابره "

وهو يخاطب بشرا بما لا يليق إلاّ؟
الطالب : بالله.
الشيخ : بالله عزّ وجلّ، لكن هذه آفة الشّعراء يغالون في القدح ويغالون في المدح، (( والشّعراء يتّبعهم الغاوون* ألم تر أنّهم في كلّ واد يهيمون* وأنّهم يقولون ما لا يفعلون* إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصّالحات )) طيب إذن أعوذ بالله أي أعتصم به، السّميع أي ذو السّمع، وسمع الله تبارك وتعالى نوعان: سمع إجابة وسمع إدراك وهو في هذا يشمل الأمرين جميعا وتفاصيل ذلك أظنّ أنّها لا تحتاج إلى إعادة لأنّها معلومة لكم السميع
العليم: أي ذو العلم وعلم الله تبارك وتعالى محيط بكلّ شيء جملة وتفصيلا سابقا ولاحقا وحاضرا، وآيات إثبات العلم لله كثيرة وهو من صفات الكمال وإنّما ذكر هذان الاسمان لأنّ السّميع بمعنى الإجابة مناسب تماما لقولك أعوذ، والعليم كذلك مناسب لقولك أعوذ لأنّه ما من معيذ إلاّ وعنده علم كيف يعيذ.
من الشّيطان الرّجيم: الشّيطان هو إبليس مشتقّ من شطن إذا بَعُد لأنّه أعني الشّيطان بعيد من رحمة الله والعياذ بالله، ويدلّ على أنّه مشتقّ من شطن أنّه منصرف كما قال عزّ وجلّ: (( وحفظناها من كلّ )) ايش؟ (( وحفظناها من كلّ شيطان )) مريد والا رجيم
الطالب : (( رجيم ))
الشيخ : (( ولقد جعلنا في السّماء بروجا وزيّنّاها للنّاظرين* وحفظناها من كلّ شيطان رجيم )) طيب إذن هو مشتقّ من شطن إذا بَعُد لبعده عن رحمة الله والمراد به الجنس لا الشّيطان المعيّن الذي أبى أن يسجد لآدم، وقوله الرّجيم تصلح أن تكون بمعنى المرجوم، وتصلح أن تكون بمعنى الرّاجم لأنّ فعيلا تأتي بمعنى فاعل وتأتي بمعنى إيش؟
الطالب : مفعول.
الشيخ : مفعول، وعليه فنقول إذا كانت بمعنى الرّاجم فالمعنى أنّه يرجم بني آدم بالمعاصي ويحملهم عليها حملا، وإذا قلنا بمعنى مفعول أي مرجوم فلأنّه مطرود طريد من رحمة الله عزّ وجلّ.
من همزه ونفخه ونفثه: هذه ثلاثة أشياء: الهمز والثاني النّفخ والثالث ..
الطالب : والنفث
الشيخ : والنفث عندي ونفخه ونفثه، الهمز: قيل إنّه اسم للجنون لأنّ الشّيطان قد يصيب الإنسان بالجنون، وأمّا النّفخ فهو الكبر واشتقاقه ظاهر لأنّ الإنسان إذا أصيب بالكبر والعياذ بالله انتفخ، فالشّيطان ينفخ الإنسان حتى يكون مستكبرا، وأمّا النّفث فقيل إنّه الشّعر لأنّ الشّعراء يتّبعهم؟
الطالب : الغاوون.
الشيخ : الغاوون، قال الله عز وجل : (( هل أنبئكم على من تنزّل الشّياطين* تنزّل على كلّ أفّاك أثيم* يلقون السّمع وأكثرهم كاذبون )) فيه احتمال في ذهني ولكنّي ما رأيته إنّ المراد بالهمز يعني اللّمس الخفيف الذي يحمل الإنسان على المعصية، والنّفخ يعني شدّة الأمر بالمعصية والنّفث أشدّ لكنّي لم أر هذا ومن اطّلع عليه من كتب اللغة أو غريب الحديث فليخبرنا به، بلغ أمّا المشهور فكما سمعتم أوّلا لو ... الإنسان هذا فلا بأس وقوله: ( بعد التّكبير ) أي بعد التّكبير والاستفتاح وإنما احتجنا إلى هذا التقدير لأن الاستعاذة إنما تكون عند القراءة والقراءة لا تكون إلا بعد الاستفتاح