وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ) . رواه النسائي وصححه ابن حبان . وزاد فيه الطبراني : ( وقل هو الله أحد ) . حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين:
قال -رحمه الله تعالى- : " وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ) رواه النسائي وصححه ابن حبان .
وزاد فيه الطبراني ( وقل هو الله أحد ) "
.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال -رحمه الله تعالى- : " وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ) " :
آية الكرسي هي التي ذكر فيها الكرسي، وهي قوله تعالى: (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له مافي السماوات ومافي الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم )) : هذه آية الكرسي .
أما قوله: (( لا إكراه في الدين )) فليس من آية الكرسي، لأن آية الكرسي آية واحدة، وهي هذه .
وقد سأل النبي عليه الصلاة والسلام أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: ( أي آية أعظم في كتاب الله؟ قال: آية الكرسي، فضرب على صدره وقال: ليهنك العلم أبا المنذر ) : يعني هنأه بعلمه حيث علم أن أعظم آية في كتاب الله هي آية الكرسي.
وأما أعظم سورة فإنها سورة الفاتحة، هي أعظم سورة في كتاب الله، هذه الآية العظيمة من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح .
ثبت في الصحيح أن الرسول عليه الصلاة والسلام جعل أبا هريرة رضي الله عنه وكيلا على الصدقة، صدقة الفطر، فلما كان ذات ليلة جاءه رجل، شيطان بصورة رجل، فأخذ من التمر فأمسكه أبو هريرة وقال: ( لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل هذا، الشيطان المتلبس برجل قال: إنه فقير وذو عيال وطلب أن يعفو عنه، أبو هريرة رضي الله عنه رقّ له وعفا عنه، فلما أصبح وغدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما فعل أسيرك البارحة ) ؟
جاءه الوحي من الله أن هذا الشيطان جاء إلى أبي هريرة بهذه الصورة ، ( فقال يا رسول الله : إنه شكا إلي أنه فقير وذو عيال فأطلقته، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: كذبك وسيعود ) : كذبك يعني أخبرك بالكذب وسيعود. قال أبو هريرة : ( فعلمت أنه سيعود لقول النبي صلى الله عليه وسلم إنه سيعود ، فعاد وفعل مثل ما فعل في اليلة الأولى واعتذر بما اعتذر به في الليلة الأولى ) .
ولكن لما اعتذر أعطاه أبو هريرة، أعطاه لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لما قال ( كذبك وسيعود ) ما قال: فلا تعطه وإلا كان أبو هريرة ما يعطيه، لكن لما لم يقل له فلا تعطه أعطاه.
ثم لما غدا على الرسول عليه الصلاة والسلام أبو هريرة قال له : ( ما فعل أسيرك البارحة فأخبره فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : كذبك وسيعود )، فعاد في الليلة الثالثة ولكنه أمسكه أبو هريرة، واعتذر ولكن قال: ما أطلقك إلا عند الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال: ( إني سأخبرك بآية إذا قرأتها لم يزل عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، آية الكرسي، فلما أصبح أبو هريرة غدا إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأخبره بالخبر فقال: صدقك وهو كذوب ) :
صدقك ماهو لأنه صاحب عيال، لكن صدقك بأنك إذا قرأت هذه الآية في ليلة لم يزل عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح.
هذه الآية اشتملت على عشر جمل: (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له مافي السماوات ومافي الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم )):
أما معانيها من حيث الإجمال ففي قوله: (( لا إله إلا هو )): توحيد الله عز وجل، وهذه الكلمة أعظم كلمة يقولها الإنسان: لا إله إلا الله، بعثت بها الرسل وأنزلت بها الكتب: (( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون )) .
وفي الأثر الذي قال الله تعالى فيه لموسى: ( لو أن السماوات السابع وعامرهن غيري، والأراضين السبع في كفة ، ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله ) :
الكلمة هذه عظيمة لأن فيها توحيد الله بالألوهية: لا إله إلا الله، إثبات ونفي وهذا هو حقيقة التوحيد، الإثبات بدون نفي ما يدل على التوحيد، والنفي المطلق تعطيل محض، لو قلت: القائم زيد، أو زيد قائم، لو قلت: زيد قائم ما دل على أن غيره لم يقم، لكن إذا قلت: لا قائم إلا زيد، دل على أن غيره ليس بقائم ، كذلك إذا قلت: لا إله إلا الله دليل على أنه لا إله إلا الله، ما في إله سوى الله ، ولكن هذه الجملة فيها خبر مقدّر لابد منه، وهو: حق، يعني لا إله حق إلا الله، والله بدل من ذلك الخبر، لأننا نقول: لابد من هذا التقدير حيث إنه يوجد آلهة تُعبد من دون الله تسمى آلهة، لكنها آلهة ليس لها حق في الألوهية ولهذا قال الله تعالى في آية أخرى: (( إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان )) فهي وإن عُبدت واتخذت إلها فإنه ليس لها ألوهية حقيقية، ولهذا نقول: لا إله حق إلا الله .
وقوله: (( الحي القيوم )) هذان وصفان ينتظمان جميع الأسماء الحسنى، ولهذا ورد في الحديث : ( أن اسم الله الأعظم هو الحي القيوم ) وقد ذُكر هذان الاسمان في كتاب الله في ثلاثة مواضع: في سورة البقرة في آية الكرسي، وفي سورة آل عمران: (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم * نزل عليك الكتاب بالحق )) .
والموضع الثالث: في سورة طه في قوله: (( وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما )).
فهما منتظمان لجميع الأسماء الحسنى، فالحي معناه ذو الحياة الكاملة، ذو الحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء، حياة غير الله عز وجل ناقصة، مسبوقة بعدم وملحوقة بفناء، أما حياة الرب عز وجل فإنها لم تُسبق بعدم ولا يلحقها فناء.
ثم هي حياة كاملة كل صفات الكمال تتضمنها هذه الحياة، بخلاف حياة غيره فإنها ناقصة.
(( القيوم )) وش معنى القيوم؟
قيوم يقول علماء النحو: إنها صيغة مبالغة على وزن فيعول، إذن معناه أن هناك شيئا كثيرا من القيومية، فمعناه القيوم القائم بنفسه، القائم على غيره، كما قال الله تعالى: (( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت )) كمن لا يقوم بذلك، من القائم على كل نفس بما كسبت؟
الله عز وجل (( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها )) ، فهو القائم على غيره: (( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره )): كل شيء قائم بالله عز وجل وهو القائم بنفسه.