وله عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة : بـ ( سبح اسم ربك الأعلى ) و ( هل أتاك حديث الغاشية ) . حفظ
الشيخ : وله أي لمسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : ( كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة : بــــ((سبح اسم ربك الأعلى )) و(( هل أتاك حديث الغاشية )) بهذا الحديث يتبين أن كان ليست للدوام دائما أو لا لو كانت كذلك للزم تعارض الحديثين أو لا لأن الأول يقول : ( كان يقرأ بالجمعة والمنافقين ) وهنا يقرأ سبح والغاشية .
وقوله : ( كان يقرأ في العيدين ) هما عيد الفطر وعيد الأضحى ، وليس في الإسلام عيدٌ سواهما إلا يوم الجمعة وقد ُذكر ( وفي الجمعة ) فتبين أن الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ هاتين السورتين في الأعياد الثلاث : عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد الأسبوع .
وقوله : بــــ(( سبح اسم ربك الأعلى )) أعرب بسبح اسم ربك الأعلى نقول : الباء حرف جر ، (( سبح اسم ربك الأعلى )) : مجرور كل هذه الجملة ، كل الجملة (( سبح اسم ربك الأعلى )) اسم مجرور بالباء وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية ، كأنه قال : يقرأ بهذه السورة كأنه قال : يقرأ بهذه السورة .
فهي إذًا في تأويل مفرد في تأويل المفرد وقوله : (( سبح اسم ربك الأعلى )) سبح معناها نزه وقوله: (( اسم ربك الأعلى )) اختلف العلماء في قوله : (( اسم ربك )) فقال بعضهم : إن لفظ اسم زائدة لأن الذي سبَّح هو الله فأنت إذا قلت : سبحان الله لا تريد أن تسبح اللام والهاء إنما تريد المسمى بهذا الاسم ، المسى بهذا الاسم وعلى هذا فتكون: "اسم" تكون زائدة والتقدير سبح ربك الأعلى .
واستدلوا لقولهم بقوله تعالى : (( لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه )) ، وبقوله : (( يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرًا كثيرًا وسبحوه بكرةً وأصيلًا )) ، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ) ، سبحانك.
فالتسبيح إذًا لمن ؟ لله عز وجل قالوا : فهذا الكتاب والسنة يدلان على أن التسبيح وارد ليس على الاسم ولكن على المسمى وعلى هذا فتكون "اسم" زائدة تكون زائدة .
وقال بعض أهل العلم : إن هذا دليل على أن "الاسم" هو المسمى إن الاسم هو المسمى لأنه قال : (( سبح اسم ربك )) فالمراد به : الله الاسم هو المسمى ، ولكن هذا لا دلالة في الآية عليه لأنه قال : (( اسم ربك )) والمضاف في الأصل غير المضاف إليه كما أن الموصوف غير الصفة فقال : (( اسم ربك )) فأنت إذا قلت : غلام زيد يكون الغلام هو زيد ؟ لا وكذلك لو قلت : عمل زيد ما يكون العمل هو زيد فالمضاف لا شك أنه غير المضاف إليه.
وقال بعض العلماء : بل إن المراد : تسبيح الله عز وجل لا شك فيه ولكن فائدة ذكر الاسم أن يكون التسبيح باللسان أن يكون التسبيح باللسان إذ لا يمكن تسبيح الله باللسان إلا بذكر اسمه ، أما إذا لم تذكر اسم الله فإن التسبيح يكون بالقلب بالقلب ولهذا أنت تقول : سبحان ربي العظيم سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم تذكر الاسم فيكون فائدة ذكر الاسم هنا الدلالة على أن المراد التسبيح باللسان وهذا لا يمكن إلا بذكر الاسم .
ويدل لذلك الآية الأخرى التي أفصح من هذا (( فسبح باسم ربك العظيم )) فسبح باسم أي :
سبح الله باسمه ، فيكون حينئذ فائدة ذكر الاسم عظيمة جدًا لئلا يقتصر الإنسان على تسبيحه بقلبه الذي لا يظهر معه الاسم الذي لا يظهر معه الاسم .
وقوله : (( سبح اسم ربك الأعلى )) الربوية هنا خاصة ولا عامة ؟ خاصة وقوله : (( الأعلى )) اسم تفضيل محلَّى بـأل أي : الذي له العلو المطلق علو الذات وعلو الصفات .
وهذا التقسيم : تقسيم العلو إلى علو ذات وعلو صفات أخصر وأجمع وأعم من تقسيمه إلى ثلاثة أقسام : علو ذات وعلو قدر وعلو قهر لأن القدر والقهر منين ؟ من الصفات فيكون هذا أجمع ، علو القدر وعلو القهر وعلو الرحمة وعلو العفو فيكون قولنا : علو الذات وعلو الصفات أخصر وأجمع .
الله تعالى عالي الصفات وعالي الذات أيضا الذات بمعنى أن ذاته سبحانه وتعالى فوق كل شيء فوق كل شيء ، إذًا أنت أثبت له مكانًا ؟ أي نعم أثبتنا له علوًا مكانه وهو العلو المطلق العلو الذي ليس فيه شيء يعني معناه أن هذا العلو أو هذا المكان الذي لله عز وجل مكان عدمي ليس فيه شيء يحيط بالله عز وجل ، ولو كان هناك شيء يحيط به لزم من ذلك انتفاء العلو المطلق ، لأن هذا هذا العلو ، لأن هذا المحيط به يكون مساويًا له فليس هناك علو واضح ؟
ويلزم أيضا محظور آخر ويلزم منه محظور وهو إحاطة الأشياء به ولا يحيط بالله شيء ، وهذا السبب الذي أوجب لمنكري العلو أن يُنكروا علو الذات حتى إنهم والعياذ بالله يقولون : من أثبت أن الله عالٍ بذاته فقد وصف الله بأعظم النقص ، أعوذ بالله فجعلوا الكمال جعلوه نقصا قالوا : لأنك الآن إما حيَّزت أو جسَّمت أو حصَرت نعم ؟ ولكن هل يلزم من هذا التجسيم أو الحصر أو التحييز أو الانحياز ؟ لا يلزم بالمعنى الذي قالوه بالمعنى الذس قالوه .
فالله عز وجل إن أرادو بالحيز الذي نفوه أنه منحاز عن الخلائق بائن منها منفصل عنها فهذا النفي ، هذا النفي باطل ، هذا النفي باطل لأن الله تعالى نثبت أنه منحاز عن الخلائق بائن منها نعم ، لم يحل في شيء منها ولا شيء منها حل فيه .
إن أرادوا أيضا بالحصر : أن الأماكن تحصره فهذا باطل ولا نقرهم به، وعلى هذا فالحصر ممنوع مطلقا إن أرادوا بالجسم الذي جعلوا يغنون عليه ويدندنون عليه إن أرادوا بالجسم : المماثل للأجسام المخلوقة فهذا ممتنع وباطل ، وإن أرادوا بالجسم الذات المتصفة بما يليق بها فهذا حق فهذا حق .
والمهم أن إثباتنا للعلو الذاتي ليس معناه أننا نُقِر بأن شيئا يحيط به أو أنه سبحانه وتعالى لو أن هذا الذي علا عليه الله لو أزيل لخَرّ هذا شيء لا نقوله ، لا أحد يقوله فلذلك العلو الذاتي قد دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف ، والعقل والفطرة ، وقد سبق لنا وجه دلالة هذه الأشياء الخمسة عليه فلا حاجة إلى إعادته .
وأما الثاني : (( هل أتاك حديث الغاشية )) (( هل أتاك حديث الغاشية )) (( هل أتاك حديث الغاشية )) الخطاب لمن ؟ إما للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل من يتأتَّى خطابه وهل : استفهام قال بعض العلماء : إن هل هنا بمعنى قد فهي للتحقيق ، كما في قوله تعالى: (( هل أتى على الإنسن حينٌ من الدهر )) ويش معنى (( هل أتى على الإنسن حينٌ من الدهر )) قد أتى وقال بعضهم : بل هي للاستفهام ولا نقول : إنها للتحقيق لكنها متضمنة معنى التقرير متضمنة معنى التقرير والإثبات .
وقوله : (( حديث الغاشية )) المراد بالغاشية المراد بها القيامة ، يوم القيامة لأنها تغشى الناس وتحيط بهم .
وقوله : هل أتاك حديثها أي : نبؤها وهذا يحتمل أن يكون بـهل المراد بها : التشويق مثل : (( هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليمٍ تؤمنون بالله )) ، وهنا قال : (( هل أتاك حديث الغاشية )) ثم قال : (( وجوه يومئذ )) فهذا مبتدأ لحديث .
مناسبة هاتين السورتين لصلاة الجمعة ظاهرة لما فيهما من مبدأ الخلق وبيان حكمة الله عز وجل وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتذكير وبيان من ينتفع بالذكرى ومن لا ينتفع وبيان أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام بما يجب عليه من التذكير فإنه لا يضره مخالفة من خالف (( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر )) .
وفيها بيان نهاية الناس وأنها ترجع إلى من ؟ إلى الله (( إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم )) فالمناسبة فيها ظاهرة جدًا ، وهما سورتان متوسطتان لا تشقان على الناس ولا تمنعان الناس من التلذذ بسماع القرآن ، فقد جمعتا بين القصص وبين الفائدة العظيمة .