ما هي حقيقة الدعوة السلفية.؟ فإنه قد اتُهِمَ السلفيون بالاشتغال بالجزئيات الفقهية عن الرد على الشيوعيين وغيرهم . حفظ
الشيخ : خطبة الحاجة نبتدئها بخطبة الحاجة إن شئت أنت وإن شئت أنا .
الحويني : أنت شيخنا .
الشيخ : إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، (( يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون )) (( يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذي خلقكم من نفس واحدة وخلق مها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء واتّقوا الله الّذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبا )) (( يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) أمّا بعد ، فإنّ خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وشرّ الأمور محدثاتها وكلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النّار وبعد ، فالآن يفرض عليّ أنا شخصيّا بعض الأسئلة وأرجو ربّنا تبارك وتعالى أن يوفّقني للإجابة عنها كلّها أو جلّها أو بعضها ولإن وفّقت للإجابة عن بعضها فذلك فضل من الله تبارك وتعالى وما عجزت عنه فإنّي أكل العلم إلى عالمه وصدق الله العظيم إذ يقول (( وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلا )) هذا ما يتعلّق بي ، أمّا ما يتعلّق بكم أيّها السّامعون فهو أن تحافظوا على عدم الاضطراب في توجيه الأسئلة وعدم توجيهها شفهيّا وإنّما كتابة والآن أخونا أبو إسحاق يوجّه ما عنده من الأسئلة ونرجو من الله تبارك وتعالى التّوفيق لنا ولكم .
الحويني : شيخنا ما هي حقيقة الدّعوة السّلفيّة لأنّ كثيرا من النّاس يطيرون هذه المقالة أنّهم لا يهتمّون إلاّ بالجزئيّات الفرعيّة كمثل القبض بعد الرّكوع أو النّزول باليدين أو الرّكبتين أو القنوت في الفجر من عدمه ، ويتركون الرّدّ على الشّيوعيّين والعلمانيّين والمذاهب الهدّامة ،فيقولون إنّ معركة السّلفيّين إنّما هي مع المسلمين بخلاف غيرهم فمعركتهم مع أعداء المسلمين ؟
الشيخ : جوابي على هذه الشّبهة أنّها " شنشنة نعرفها من أخزم " أنّ هؤلاء الّذين يتّهموننا بأنّنا لا نبحث ولا ندعو إلاّ حول هذه المسائل الّتي ضربوا بها مثلا ، وهذا في حقيقته يعود إلى أمر من أمرين اثنين لا ثالث لهما ، إمّا أن يكون الجهل بواقع الدّعوة الإسلاميّة السّلفيّة من جهة ودعوتي المتعلّقة بأهل الدّعوة إلى الدّعوة السّلفيّة من جهة أخرى أو أن يعود الأمر إلى تجاهلهم لحقيقة الدّعوة والدّعاة فهو إمّا جهل و إمّا تجاهل لهذا الواقع الحسن ، الواجب على كلّ مسلم أن يكون على بصيرة منه ، وكما يقال في مثل هذه المناسبة " وأحلاهما مرّ " أنا أقول كلمة صريحة ، نحن لا نردّ على الشّيوعيّين و لا على الدّهريّين لأنّ الله عزّ وجلّ حينما أرسل نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بل و الرّسل من قبله مبشّرين ومنذرين لم يعنوا العناية الّتي يعنى بها هؤلاء الّذين ينقمون على الدّعوة السّلفيّة ، ما ينقمون من عدم تعرّضهم للشّيوعيّة وأمثالها ذلك من اتّباعنا لدعوة نبيّنا صلى الله عليه وسلم حيث أنّه كانت دعوته في أوّل منطلقها أن يعبدوا الله ويجتنبوا الطّاغوت ، فالآن هؤلاء الّذين يتّهموننا بهذه التّهمة لاشكّ ولا ريب أنّهم يعلمون أنّ الدّعوة السّلفيّة أوّل ما تبدأ إنّما تبدأ بمعالجة العقيدة وتصحيح مفهوم النّاس للتّوحيد بأنواعه الثّلاثة الّتي أصبح الأطفال في مدارسهم يعرفونها على الوجه الصّحيح الّذي جاء في الكتاب والسّنّة خيرا ممّا يعرفه هؤلاء الدّعاة الّذين يزعمون أنّهم حملوا راية الرّدّ على الشّيوعيّين وعلى الملاحدة ، نحن في اعتقادنا أنّ هؤلاء الدّعاة الّذين يردّون على الشّيوعيّين وأمثالهم أوّل ما يردّون عليهم ما يتعلّق بتوحيد الرّبوبيّة ، أمّا ما يتبع توحيد الرّبوبيّة من توحيد الألوهيّة وتوحيد الصّفات هذا التّوحيد الّذي لايتمّ علم القائل لا إله إلاّ الله إلاّ بأن يعرف أوّلا ما هو الفرق بين توحيد الرّبوبيّة وتوحيد الألوهيّة وتوحيد الأسماء والصّفات ، لابدّ أن يعرف الفرق بين ذلك كلّه ثمّ أن يقترن معه الإيمان الجازم به عملا بقول الله تبارك وتعالى (( فاعلم أنّه لا إله إلاّ الله )) فمن كان مشتغلا دهرا طويلا بدعوة جماهير المسلمين إلى معرفة حقيقة لا إله إلاّ الله وأنّه لا معبود في الوجود بحقّ إلاّ الله تبارك وتعالى ، فكيف يصحّ لمن كان مؤمنا حقّا ويخشى ربّه عزّ وجلّ فلا يفتري على المؤمنين ولا يتّهمّهم بانشغالهم عن العقائد بالفرعيّات كما يقولون .أولئك النّاس الّذين يشتغلون بالرّدّ على الشّيوعيّين ما يردّون انطلاقا من دراسة الكتاب والسّنّة و إنّما ينطلقون من دراسة الفقه ولا أقول مبدئيّا الرّأي أي أنّهم يحكّمون عقولهم الّتي تستند إجمالا على الإسلام ولكنّهم لما يعرفوا الإسلام على حقيقته كما أنزله الله عزّ وجلّ في كتابه وفي سنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم ، نحن نعلم من واقع دراسة العلم أنّ أيّ طالب علم يدرس العلم على المنهج العلمي إنّما يبدأ بما هو الأهمّ فالأهمّ كما قيل
" العلم إن طلبته كثير والعمر عن تحصيله قصير فقدّم الأهمّ منه فالأهمّ "
فهل الأهمّ للمسلم أن يعنى بغيره من المشركين أمثال الشّيوعيّين والدّهريّين ؟ أم أن يبدأ بنفسه فيصلحها وذلك بأن يحملها على اتّباع ما جاء في الكتاب والسّنّة في العقيدة قبل كلّ شيء ثمّ في العبادات وفي الأخلاق وفي السّلوك فالتّهمة تنعكس عليهم تماما ويصدق عليهم حينئذ قول من قال في قديم الأمثال " رمتني بدائها وانسلّت " فإنّنا إذا سألنا هؤلاء الّذين يزعمون ويتفاخرون بأنّهم يردّون على الشّيوعيّين وعلى الملاحدة والدّهريّين إذا سألناهم عن التّوحيد بل عن معنى كلمة (( فاعلم أنّه لا إله إلاّ الله )) لحاروا في الجواب ولم يعلموا الجواب الصّحيح في ذلك وهذا في الواقع يشمل كثيرا من الإسلاميّين الّذين ينتمون إلى بعض المذاهب المتّبعة منذ القديم مع أولئك الّذين يتفاخرون بردّهم على الشّيوعيّين ، فتوحيد الأسماء والصّفات هم أبعد النّاس معرفة به ، ولذلك فطالما ناقشنا كثيرا منهم بما جاء في الكتاب والسّنّة من الآيات والأحاديث الكريمة فيما يقولونه بألسنتهم في سجودهم ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم مع الأسف ، يقولون معنا في السّجود سبحان ربّي الأعلى يكرّرونها في كلّ سجدة ثلاث مرّات وفي كلّ ركعات الصّلاة فإذا ما سألتهم السّؤال الّذي توارثناه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حينما سأل الجارية يمتحنها عن إيمانها ( أين الله ؟ ) فأجابت في السّماء ، إذا وجّهنا هذا السّؤال إلى هؤلاء الّذين يتّهمون الأبرياء بما ليس فيهم هذا السّؤال أين الله ؟ دارت أعينهم في محاجرهم حيرة وضلالا ، وبعضهم يزداد ضلالا فيقول هذا السّؤال لا يجوز في الإسلام ، وهم يعلمون أو لا يعلمون الله أعلم بما قلوبهم أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو الّذي سنّ للمسلمين حقّا هذا السّؤال لمعرفة الإيمان المنجي عند الله من الإيمان الّذي لا ينجي يعلمون أو لا يعلمون لكنّنا بفضل الله عزّ وجلّ لقد تلقّينا الحديث الّذي فيه هذا الحديث أو هذا السّؤال عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من طرق أئمّة الحديث كالإمام مسلم في صحيحه ومن قبله الإمام مالك في موطّئه ثمّ الإمام أحمد في مسنده وغيرهم من أئمّة السّنّة فقد رووا حديث الجارية وهو حديث معروف ولا أريد الخروج عن الإجابة عن السّؤال بسوقه بتمامه لكن الشّاهد أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمّا سألها ( أين الله ؟ ) قالت " في السّماء " ، قال لها ( من أنا ؟ ) قالت " أنت رسول الله " فالتفت عليه الصّلاة و السّلام إلى سيّدها وقال له ( اعتقها فإنّها مؤمنة ) فاعتبر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم جوابها بقولها إنّ الله في السّماء دليلا على إيمانها ، فماذا نقول بإيمان هؤلاء الّذين يتّهمون الأبرياء ثمّ يريدون أن يهدوا من أضلّ الله من الشّيوعيّين والدّهريّين وأمثالهم وهم لو هدوهم لما اهتدوا إلى أكثر من أنّ الله موجود ، أي ما استطاعوا أن يثبتوا لهم إلاّ ما كان المشركون في الجاهليّة الأولى وفي كلّ جاهليّة وفي كلّ عصر ومكان يعتقدونه ألا وهو وجود الله تبارك وتعالى ، أما هذا الواجب الوجود كما يقول بعض العلماء أي هذا الله عزّ وجلّ ما الّذي يليق به وما يجب على كلّ مسلم أن يعتقده في ذات الله تبارك وتعالى فهذا شيء لايعلمونه أوّلا ، بل يزيدون على ذلك فينكرون من يؤمن بما جاء في الكتاب والسّنّة قد ذكرنا ما أكثركم يعلم ذلك ، أنّنا إذا وجّهنا السّؤال النّبوي ( أين الله ؟ ) أنكروا هذا السّؤال وبالتّالي ما يحسنون الجواب بل يكون جوابهم هو الاشتراك مع كلّ المؤمنين بالتّوحيد الأوّل توحيد الرّوبيّة يكون جوابهم لأنّهم لم يهتدوا بالله عزّ وجلّ بكتابه وسنّة نبيّه لا يغنيهم شيئا ذلك لأنّ جوابهم يكون الله في كلّ مكان ، الله في كلّ الوجود فهل يستطيع هؤلاء أن يدعوا الكفّار إلى التّوحيد الّذي أمر الله عزّ و جلّ محمّدا صلّى الله عليه وسلّم به حين قال (( فاعلم أنّه لا إله إلاّ الله )) ونحن نعلم جميعا أنّ فاقد الشّيء لا يعطيه فلو أنّنا فرضنا فرضا مستحيلا أنّ هؤلاء الّذين يهتمّون كلّ الاهتمام بغيرهم وينسون أنفسهم أنّهم استطاعوا أن يجعلوا الشّيوعيّين يؤمنون بالإسلام لكنّنا لو سألنا هؤلاء الّذين اهتدوا على يد من هدوهم للإسلام ما هو التّوحيد الّذي فهمتموه ؟ عاد جوابي السّابق فاقد الشّيء لا يعطيه فإذن هم في الواقع يخالفون مبادئ في القرآن الكريم منها (( يا أيّها الّذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم )) فنحن نقول لهؤلاء الّذين ينكرون علينا ويتّهموننا بما ليس فينا هل فهمتم حقّ لا إله إلاّ الله وحقّ محمّد رسول الله ؟ إن فعلتم ذلك فلا بأس أن تدعوا النّاس إلى ما هداكم الله إليه أمّا إن تظلّوا دهرا طويلا لا تفهمون كلمة التّوحيد إلاّ بالمعنى الّذي كان يفهمه أهل الجاهليّة الأولى حينما يقولون لا ربّ إلاّ الله (( ولئن سألتهم من خلق السّماوات و الأرض ليقولون الله )) فإذا هم لا ينقمون على المسلمين أنّهم يؤمنون بوجود الله بل هم يشتركون معهم لكن يختلفون عنهم بأنّهم يعبدون مع الله آلهة أخرى . ترى هل يفهم هؤلاء المتّهمون للسّلفيّين بما ليس فيهم هل يفهمون معنى هذا التّوحيد وهو لا إله إلاّ الله وأنّه لا معبود بحقّ في الوجود إلاّ الله ... إلى اليوم لا يعرف معنى العبادة ما هي العبادة الّتي إذا توجّه بها المسلم إلى غير الله عزّ و جلّ أشرك بالله ولم ينفعه شيء ما قوله لا إله إلاّ الله ؟ أنا أعلم أنّ بعض الشّيوخ في دمشق الشّام ألّفوا رسالة عنوانها لا إله إلاّ الله فلمّا جاء إلى تفسيرها قال " لا ربّ إلاّ الله " فماذا صنع هذا المسلم الّذي يزعم أنّه مسلم ؟ إنّه فسّر كلمة التّوحيد بمعنى توحيد الرّبوبيّة فقط ، هذا التّوحيد الّذي كان يؤمن به المشركون ولكنّهم أعني المشركين كانوا إذا قيل لا إله إلاّ الله يستكبرون هؤلاء المشركين الّذين سمعتم آنفا أنّهم إذا وجّه إليهم سؤال من خلق السّماوات والأرض قالوا الله هؤلاء إذا في الوقت نفسه إذا سمعوا الرّسول عليه السّلام يدعوهم إلى لا إله إلاّ الله يستكبرون عن هذه الكلمة ويسخرون من الدّاعي إليها لماذا ؟ من عجائب الأمور أنّ أولئك المشركين في ضلالهم في شركهم كانوا يعرفون معنى لا إله إلاّ الله حقّا ولذلك كانوا يفرّون من هذا المعنى الصّحيح ويستكبرون عن أن يقولوا لا إله إلاّ الله لأنّها تعني شيئا آخر أكثر ممّا كان أولئك المشركون عليه وهو أن يعبدوا الله هذا المعنى الآخر أن يعبدوا الله وحده لا شريك له كانوا يستنكرون ذلك و يقولون كما حكى القرآن الكريم (( أجعل الآلهة إله واحدا إنّ هذا لشيء عجاب )) نحن نجد العالم الإسلامي اليوم مع الأسف الشّديد غريق في شرك العبادة أو شرك الألوهيّة وشرك الأسماء والصّفات فهم يقولون لا إله إلاّ الله ولكنّهم العالم الإسلامي اليوم الّذي انشغل عنه أولئك الدّعاة الإسلاميّين زعموا والّذين يتّهمون الدّعاة السّلفيّين بأنّهم يشتغلون بالأمور الّتي يسمّونها التّافهة كبعض الأمثلة الّتي جاء ذكرها في السّؤال ، العالم الإسلامي اليوم غريق في الجاهليّة الّتي كان عليها المشركون الّذين بعث إليهم الرّسول عليه السّلام فهم لجهلهم بالإسلام ولجهلهم بحقيقة لا إله إلاّ الله يظنّون أنّ المسلمين على خير و لذلك فهم ينصرفون عنهم إلى أولئك المشركين ولا نعيد عبارة الشّيوعيّين وأمثالهم ، لأنّ المسلمين على خير مع أنّ كثيرا من البلاد الإسلاميّة ليس فقط بعض أو كثير من البلاد الأعجميّة بل وبعض البلاد العربيّة لا يزال الشّرك يعمل عمله فيها وهم يصلّون ويصومون ويشهدون أن لا إله إلاّ الله فلماذا ترك أولئك الدّعاة هؤلاء الإخوان المسلمين الّذين هم إخوانهم بحكم قوله تعالى (( إنّما المؤمنون إخوة )) لماذا تركوهم في ضلالهم ليس في الأمور الثّانويّة بل في أصل العقيدة وهي التّوحيد ؟ ذلك لأنّهم لا يعرفون التّوحيد ويفهمون التّوحيد كمفهوم العامّة ، وأنّ العاميّ الّذي يصلّي و يصوم ، إذا طاف حول القبور أو نذر لها النّذور أو دعاها من دون الله تبارك وتعالى هذا في زعم الدّعاة المشار إليهم لا ينافي قولهم لا إله إلاّ الله ولذلك تركوا عامّة المسلمين بل و فيهم بعض الخاصّة في ضلالهم يعمهون ، ثمّ توجّهوا إلى دعوة و إرشاد و هداية من ؟ الّذين لا يؤمنون بالله ولو على إيمان المشركين ، كالدّهريّين مثلا وتركوا النّاس الّذين يعيشون بين ظهرانيهم وهم يكفرون بشهادة لا إله إلاّ الله عمليّا يؤمنون قولا ويكفرون عمليّا ذلك لأنّ المشركين كانوا أفهم منهم لهذه الكلمة ولذلك قالوا (( أجعل الآلهة إله واحدا إنّ هذا لشيء عجاب )) أمّا هؤلاء المتأخّرون أو هؤلاء الدّعاة المزعومون هؤلاء لم يفهموا أنّ من تمام هذا التّوحيد توحيد العبادة وأنّ ذلك يستلزم أن لا يعبد إلاّ الله لا بالتّوجّه إلى قبر وليّ ولا إلى مناداته و لا إلى الاستغاثة به ونحو ذلك . فلجهلهم بحقيقة الإسلام انصرفوا عمّا نحن متوجّهون إليه بفضل الله ورحمته ، إلى الاشتغال بالآخرين لدعوتهم إلى الإيمان لا يسمن و لا يغني من جوع ، لو أنّهم آمنوا بدعوة هؤلاء الدّعاة لأن هؤلاء الدّعاة أنفسهم ليسوا على معرفة بالإيمان المنجي عند الله تبارك وتعالى ، وخلاصة ذلك أنّها تهمة صريحة فظيعة حينما يتجاهلون دعوة الحقّ ، دعوة لا إله إلاّ الله وبيانها لكلّ المسلمين بحقائقها الّتي أجمع عليها علماء السّلف يتجاهلون هذه الحقائق ويتّهمون السّلفيّين أنّهم لا يفعلون و لا يدعون النّاس إلاّ إلى رفع اليدين وتحريك الأصبع ونحو ذلك من السّنن ، ثانيا لقد قرّرنا أكثر من مرّة تبعا لأئمّتنا سابقا ولاحقا أنّ القرآن الكريم لا يمكن فهمه إلاّ على ضوء السّنّة لقول الله عزّ وجلّ مخاطبا نبيّه صلّى الله عليه وسلّم (( وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم )) فنقول لهؤلاء الدّعاة زعموا ، هل أنتم معنا في أنّه لا يمكن فهم الكتاب إلاّ من طريق السّنّة المحمّديّة في ظنّي أنّهم سيكون جوابهم بالموافقة ولو قولا ، ولسنا مكلّفين أن نصل إلى ما في قلوبهم ، حينئذ نقول لهم و هل تعلمون أنّ السّنّة قد دخل فيها ما ليس منها ؟ إن أجابوا أيضا بالإيجاب قلنا فهل من الضّروريّ من العلم الضّروريّ تصفية هذه السّنّة ممّا دخل فيها ؟ أم تصفية هذه السّنّة إنّما هو من توافه الأمور أيضا ومن الشّيء الّذي هو نافلة فقط أم هو من الواجبات الّتي لا يمكن فهم القرآن إلاّ بهذه التّصفية لهذه السّنّة ؟ فإن وافقوا معنا وظنّي أنّهم لا سبيل لهم إلاّ أن يوافقوا معنا ، وحينئذ نقول لهم هل فعلتم شيئا في هذا الصّدد ؟ بل هل باستطاعتكم أن تعملوا شيئا من تصفية السّنّة وتمييز صحيحها من ضعيفها ؟ إن قالوا نعم قلنا لهم (( هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )) ، ولسنا بحاجة إلى أن نطالبهم بالبراهين فإنّ كتبهم الّتي يؤلّفّونها في الرّدّ على الكفّار بعامّة في كثير من الأحيان نجد فيها تفاسير لآيات على خلاف ما جاء في التّفسير المأثور ، وكثيرا ما نرى أنّ فيها أحاديث لا صحّة لها لا سنام و لا خطام ، نحن لا نريد أن نقول أنّه يجب على كلّ الجماعات الإسلاميّة أن يعملوا و أن يقوموا جميعا بواجب تصفية السّنّة ممّا دخل فيها لكنّي أريد أن أذكّر هؤلاء بمثل قوله تعالى (( و لا يجرمنّكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى )) هم يعلمون أنّ الّذين يقومون بتصفية العقيدة ممّا دخل فيها من الشّركيّات والوثنيّات هم السّلفيّون ، هم أنصار السّنّة ، هم أهل الحديث هم الطّائفة ، أسماء تتعدّد بسبب اختلاف البلاد والمسمّى واحد ، الّذين يقومون بتصفية العقيدة ممّا دخل فيها ممّا ليس منها ، إنّما هم السّلفيّون الّذين اتّهموهم بأنّهم يشتغلون بتوافه الأمور ، كذلك هم يعلمون يقينا أنّ الّذين يقومون بتصفية السّنّة ممّا دخل فيها من الأحاديث الضّعيفة والموضوعة والّتي كثير من هذه الأحاديث كان الواضعون لها بعض الفرق الّتي أرادت الكيد بالإسلام و المسلمين وأرادوا أن صرفهم عن الدّين باسم الدّين ، فوضعوا تلك الأحاديث الضّعيفة و الموضوعة فهم يعلمون حقّا أنّ الّذين يقومون بهذه التّصفية أيضا هم السّلفيّون وليس أولئك الدّعاة زعموا الّذين يهتمّون بالرّدّ على الشّيوعيّين وأمثالهم ثمّ من هم الّذين يهتمّون بتصحيح عبادات المسلمين من صلاة و صيام وحجّ وعمرة ومعرفة بالزّكاة ونصبها وشروطها ونحو ذلك ؟ لا ينهض بذلك إلاّ من جمع بين الكتاب والسّنّة الصّحيحة لا شكّ أنّ اتّهام السّلفيّين بما سبق من بعض الأمثلة ، هذا المجتمع المبارك في هذه البلاد المقدّسة فعلا أكبر دليل على أنّ السّلفيّين براء براءة الذّئب من دم ابن يعقوب من تلك التّهمة لأنّ لمفروض أنّنا نحن والحمد لله أن نكون على كلمة سواء أن نعرف التّوحيد ونعرف الصّلاة ونعرف الحجّ ونحو ذلك ، ومع ذلك فقد تكلّمنا في مجالس عديدة ليس في الطّهارة وليس في رفع اليدين و القبض و نحو ذلك و إنّما تكّلمنا في كثير من الأحيان في أصول تتعلّق بالقواعد الإسلاميّة الّتي يجهلها أولئك النّاس . لعلّي بهذه الكلمة أجبت عن السّؤال أو بقي شيء فيه ؟
الحويني : بارك الله فيك .
الشيخ : غيره ؟