بيان ضعف رواية ( خير القرون قرني ... ) والصحيح ( خير الناس قرني ... ) . حفظ
الشيخ : وبهذه المناسبة لا بدّ لي من وقفة أو جملة معترضة قصيرة وهي أنّ الشّائع اليوم على ألسنة المحاضرين و المرشدين و الواعظين رواية الحديث بلفظ ( خير القرون قرني ) هذا اللّفظ لا نعرف له أصلا في كتب السّنّة مع أنّ هذا الحديث دخل في زمرة الأحاديث المتواترة لكثرنها و إنّما اللّفظ الصّحيح الّذي جاء في الصّحيحين و غيرهما إنّما هو بلفظ ( خير النّاس قرني ) ليس خير القرون قرني إنّما هو ( خير النّاس قرني ثمّ الّذين يلونهم ) إلى آخر الحديث ، الشّاهد أنّ جماعة من السّلفيّين كانوا هكذا يطلبون العلم وطلب العلم اليوم ليس سبيله سهلا كما كان في القرون الأولى لأنّهم كانوا يتلّقون العلم مباشرة أمّا نحن اليوم فإذا أردنا أن نستنبط حكما من كتاب الله فلا بدّ لنا أن نعرف هل لهذه الآية علاقة ببعض الأحاديث الّتي تفصّل ما يتعلّق بالآية من أن تكون الآية عامّة فيمكن أن يكون لها مخصّص أو مطلقة فيكون لها مقيّد ونحو ذلك ، لابدّ من دراسة الأحاديث المتعلّقة بالآية فإذا وجدنا شيئا من ذلك لا بدّ أن نمشي خطوة أخرى و هي أن نتثبّت من صحّة هذه الأحاديث ثمّ أخيرا إذا تثبّتنا من صحّتها أن نرى موقف العلماء منها هل اتّفقوا على دلالتها أم اختلفوا ؟ و هكذا فنحتاج إلى ساعات بل ربّما إلى أيّام كثيرة لكي نعرف الصّواب ممّا اختلف فيه النّاس ، فطلب العلم اليوم ليس سهلا كما يظنّ بعضهم لذلك فطلاّب العلم الّذين كانوا معنا على الخطّ شغلوا بماذا ؟ شغلوا بالجمعيّات الخيريّة ، ما السّبب في ذلك ؟ هذا سببه سياسيّ محض لأنّه يراد أوّلا اكتساب القلوب لأنّ الأمر كما قيل قديما
" أحسن إلى النّاس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان "
هذه الجمعيّات الخيريّة تكسب الجماهير وما وراء ذلك ؟ ثواب الله في الآخرة ؟ ليت الأمر كان كذلك لا ، إنّما المقصود الإستكثار من الأصوات حينما يأتي وقت الإنتخابات ، هذا هو طريق الّذين يعملون في التّحزّب والتّكتّل الحزبيّ ليتوصّلوا إلى الحكم بطريق البرلمانات التّـي ليست من الإسلام في شيء إطلاقا ، لأنّ طريقة الانتخابات كما تعلمون جميعا يرشّح المسلم نفسه كما يرشّح الكافر ، ثمّ لا فرق في نظام الانتخابات بين المسلم الصّالح و الطّالح ، بل لا فرق بين المسلم الصّالح والكافر الّذي يأخذ أصواتا أكثر فهو الّذي ينجح ويصبح نائبا في البرلمانات ، شغل أفراد من طلاّب العلم بمثل هذه الأمور الّتي تكسب قلوب النّاس بتوزيع الأموال ... وتركوا العلم الّذي كانوا ماضين فيه وهذا مع الأسف له وجود في كثير من البلاد حينما دخل التّكتّل الحزبيّ و فرّق ليس المسلمين كلّهم فهم متفرّقون من قبل كما تعلمون من حديث الفرق و إنّما التّحزّب فرّق الجماعة الواحدة بسبب أنّهم تركوا الاعتصام بالكتاب و السّنّة و انشغلوا بتنظيمات فرّقت جماعة المسلمين و صاروا شيعا خلاف قوله تبارك و تعالى (( ولا تكونوا من المشركين من الّذي فرّقوا دينهم وكانوا شيعا كلّ حزب بما لديهم فرحون )) و أنا أسأل الله تبارك وتعالى أن يظلّ إخواننا الّذين عرفوا طريق السّير على الكتاب و السّنّة حتّى آخر رمق من حياتهم حتّى نلقى الله عزّ و جلّ و هو راض عنّا إن شاء الله تعالى ، نعم .