تتمة شرح حديث (كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين ...). حفظ
الشيخ : وأن طلاق الثلاث على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم واحدة وأنه لا فرق بين أن يقول: أنت طالق ثلاثاً وأن يقول: أنت طالق أنت طالق أنت طالق وذلك لأن الطلقة الثانية تقع على رجعية فلا تكون طلاقاً للعدة ولهذا لا تستأنف العدة إذا طلقها مرة ثانية بعد الطهر الأول مثلا تستمر، فلا يكون هذا الطلاق شيئاً فيقع طلاقاً لغير العدة وقد قال الله تعالى: (( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن )) وهي الآن في عدة، فلو فرض أن رجلا طلق زوجته اليوم وحاضت مرتين وبقي عليها حيضة واحدة ثم طلقها فإنها لا تستأنف العدة بل إذا حاضت الحيضة الثالثة انتهت عدتها.
إذن يكون الطلاق ... لطلاق سابق طلاقاً إيش؟ لغير العدة فلا يقع وهذا هو السر في أن الطلاق الثلاث يحسب واحدة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعهد أبي بكر
ومعلوم أن الطلاق لغير العدة الجواب عندك الطلاق لغير العدة حرام فيقع مردودا، ولهذا لما رأى عمر أن الناس لا ينتهون عنه إلا بأن يلزموا به ألزمهم به ومنع الإنسان من الرجوع إلى زوجته إذا طلقها ثلاثاً، وهذا الحديث صريح جداً في أن الطلاق الثلاث إنما نفذ في عهد عمر، ولهذا قال بعض العلماء لما قيل له: إن القول بأن الطلاق الثلاث واحدة قال: هذا خلاف الإجماع فقيل له: بل الطلاق الثلاث إذا جُعل ثلاثا فهو خلاف الإجماع لأنه ما دام في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر كل هذه المدة وطلاق الثلاث واحدة ما فيه خلاف. إذن فهذا هو الإجماع القديم وهذا هو الذي ينبغي أن يعتد به، لكن لما اجتهد عمر رضي الله عنه هذا الاجتهاد تبعه الناس وصار أرباب المذاهب على هذا وبقي الخلاف في هذه المسألة غير معروف بين الناس حتى إن شيخ الإسلام رحمه الله أوذي أوذي من جهته إيذاءً كثيرا وحبس وتلميذه ابن القيم رحمه الله طيف به على جمل في الأسواق يشهر به لماذا يفتون بما يخالف رأي السلطان، ولكن الحق أحق أن يتبع، الجمهور ليس لهم جواب على هذا الحديث ليس لهم جواب يغني من الحق شيئا، فمنهم من قال: إن هذا فيمن لم يدخل بها حديث ابن عباس فيمن لم يدخل بها ، لأنه إذا طلق من لم يدخل بها مرة بانت منه إذ ليس لها عدة ، يعني الإنسان إذا طلق امرأة ما دخل عليها ولاشئ وإنما عقد عليها ثم طلقها فإنه بمجرد ما يقول هي طالق تطلق وليس لها عدة تبين منه فإذا جاء الكلمة الثانية أنت طالق وردت على إيش؟ على أجنبية لأنها انتهت بانت منه فقالوا هذا في غير المدخول بها وهذا في الحقيقة حمل مستكره لأننا لو سُئلنا أيهما أكثر الطلاق بعد الدخول أو قبل الدخول ؟
الطالب : بعد
الشيخ : بعد الدخول كيف نحمل الحديث على المسألة النادرة القليلة وندع المسألة الكثيرة؟ ! هذا حمل مستكره وهو إلى التحريف أقرب منه إلى التأويل وقال بعضهم
وأجاب آخرون : بأن هذا الحديث فيما إذا قصد المطلق بالجملة الثانية التأكيد، فيما إذا قصد التأكيد ، لأنه إذا قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وقال: أردت التوكيد لم يقع إلا واحداً، قولاً واحداً، فقالوا: إنهم كانوا يريدون بذلك التوكيد في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وزمن أبي بكر وسنتين في خلافة عمر فلما ساءت نيات الناس وصاروا يريدون التأسيس ويدعون أنهم أرادوا التوكيد أمضاه عمر لسوء المقاصد والنيات وهذا أيضاً تأويل مستكره، لأن عمر لم يقل: أرى الناس قد فسدت نياتهم فكانوا يدعون التوكيد بما يريدون به التأسيس بل قال: ( أراهم استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ) فيكون هذا القول أو هذا التأويل تأويلا باردا لا فائدة منه، ونحن وأنتم إلى الآن نقول: إن من أراد توكيد الجملة الأولى بالثانية لم تقع عليه الثانية، لأن المؤكِّد هو المؤكَّد، فالجملة واحدة في الحقيقة ولا إشكال في هذا، فتبين بهذا أن رد الجمهور لهذا الحديث لا وجه له، وأنه لا يقع الطلاق الثلاث إلا واحدة وأنه لا فرق بين قوله: أنت طالق ثلاثاً وقوله: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، وذلك لأن الجملة الثانية تقع لغير العدة فتكون مردودة وهذا وجه جعل الثلاث واحدة
نعم لو، طيب لو قال المطلق: أنا أردت الثانية أنا أردت الثانية هل تقع عليه الثانية؟ على القول الذي رجحنا لا تقع لأن نحن كلامنا على إذا أراد الثانية ، أما إذا لم يرد الثانية وإنما قالها توكيدا أو إفهاماً ظن أن الزوجة لم تسمع فهذا ما فيه إشكال.