فوائد حديث ( طلق أبو ركانه أم ركانه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : راجع امرأتك ...). حفظ
الشيخ : ففي هذا الحديث من الفوائد:
أنه كان إذا المفتي على علم بالقضية وكانت القضية تحتاج إلى تفصيل فإنه لا يجب عليه أن يستفصل، من أين يؤخذ؟ من أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالمراجعة وقال: ( إني علمت أنك طلقت ثلاثا ).
ومن فوائده: أن الطلاق الثلاث يعتبر واحدة فله مراجعة الزوجة لقوله: ( راجعها) .
ومن فوائده: جواز مراجعة المستفتي لمن أفتاه حتى يتبين الأمر جلياً، ولهذا قال ( إني طلقتها ثلاثا ) لأنه لو أخذ بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأول لأخذها على أي صفة كانت ، لكنه أراد أن يستفصل ويتثبت وهذا من أمانة المستفتي أن يتثبت لأن بعض المستفتين إذا كان له هوى وأفتي، ولو كان في استفتائه إجمال يسكت ويأخذ بظاهر الفتوى، والواجب على المستفتي أن يكون أميناً لأنه يستفتي لدينه فيخبر بكل الواقع على وجه التفصيل ليبقي إفتاء المفتي مبنيا على أساس.
ومن فوائد هذا الحديث: وقوع الطلاق الثلاث لكنه واحدة خلافا لمن؟
الطالب : للرافضة
الشيخ : للرافضة الذين يقولون: إن الطلاق الثلاث لا يقع لا واحدة ولا أكثر.
وقد روى أبو داود من وجه آخر أحسن منه: ( أن ركانة طلق امرأته سهيمة ألبته، فقال: والله ما أردت بها إلا واحدة، فردها إليه النبي صلى الله عليه وسلم ).
هذا أيضاً يختلف عن الأول: ( طلق امرأته سهيمة ألبته ) كلمة ألبته يعني: طلاق القطع الذي ليس بعده صلة، لأن معنى ألبته يعني: القطع، فمعنى طلقها ألبته أي: الطلاق الذي ليس فيه صلة، وهو طلاق البينونة
واعلم أن الصحابة يطلقون البته على الطلاق الثلاث بلفظ واحد يعني بمجلس واحد وعلى آخر طلقة من الطلقات الثلاث يسمونها البتة، لماذا؟ لأنها تقطع الصلة بين الزوج وزوجته ( فقال: والله ما أردت بها إلا واحدة ) والظاهر أنه فهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لن يردها إليه إذا اعتبر الطلاق الثلاث كل واحدة طلقة فحلف أنه لم يرد بها إلا واحدة وكيف يمكن أنه لا يريد إلا واحدة وقد كررها ثلاثا؟ يكون هذا على وجه التوكيد، فإذا قال لزوجته: أنت طالق أنت طالق أنت طالق وقال: أنا أقصد التوكيد، ما أردت أن الثانية غير الأولى، فإنه يقبل ، يقبل حتى على المشهور من المذهب وتكون الطلقة واحدة.
فإن قال: أنت طالق وأنت طالق ثم أنت طالق وقال أردت التوكيد لا يصح ليش؟ لوجود حرف العطف فإذا قال: أنت طالق ثم أنت طلق ثم أنت طالق وقال أردت التوكيد إن قلنا يصح خطأ وإن قلنا لا يصح خطأ نقول: أما توكيد الأولى بالثانية فلا يصح لماذا؟ لوجود حرف العطف والثانية صورتها غير صورة الأولى والتوكيد لا بد أن تكون الصورة الثانية هي صورة الأولى وإذا قال: أردت توكيد الثانية بالثالثة يصح أو لا يصح ؟ يصح لأنها واحدة أنت طالق ثم أنت طالق ثم أنت طالق فتقع طلقتان أو طلقة؟ طلقتان، وإذا قال: أنت طالق وأنت طالق ثم أنت طالق وقال أردت التوكيد يصح وإلا لا ؟ لا يصح بكل الجمل، لأن الجملة الثانية تخالف الأولى لوجود الواو والثالثة تخالف الثانية لاختلاف حرف العطف، حرف العطف في الثانية الواو، وفي الثالثة ثم فلا يُقبل التوكيد وهذا بناء على أن تكرار الطلاق أو على أن تكرار صيغة الطلاق يتعدد بها الطلاق أما على القول الصحيح فإنه حتى وإن قال: إني أردت بالثانية جملة جديدة تأسيسية لا توكيدية فإنه لا يقع إلا واحدة على القول الصحيح.