وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( إن الله تعالى تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم ). متفق عليه . حفظ
الشيخ : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم ). متفق عليه ".
قوله : ( إن الله تجاوز عن أمتي ) المراد بأمته: أمة الإجابة ولها خصائص كثيرة هذه الأمة لها ولله الحمد خصائص كثيرة :
منها هذه المسألة حديث النفس، فإن الله سبحانه وتعالى تجاوز عن هذه الأمة ما حدثت به أنفسها، وحديث النفس: هو ما يعبر عنه أحياناً بالتفكير وأحياناً بالوساوس وسوسة النفس وهو معروف يحدث الإنسان نفسه بالشيء إما على سبيل الإثبات والإقرار أو على سبيل البحث والنظر، حتى إن بعض الناس تسمعه يحدث نفسه يقول: أقول كذا، أفعل كذا ويشير بيده إذا كنت تمشي وراءه تسمعه يتكلم ويشير بيده كأنما يخاطب شخصا. نقول: هذا حديث نفس. لكن يقول: ( ما لم تعمل أو تتكلم ) يعني: ما لم تثبت الأمر بعمل أو كلام فإن أثبتته بعمل أو كلام ثبت وأتى بالمؤلف رحمه الله في هذا الحديث في باب الطلاق ليفيد أن الإنسان الذي يحدث نفسه بالطلاق إذا لم يطلق بلسانه أو يعمل بيده فإن زوجته لا تطلق يتكلم بلسانه فيقول: أنت طالق أو يعمل، فيكتب الطلاق بيده أو يشير إشارة يفهم منها الطلاق فإن ذلك معفو عنه، إذا لم يعمل أو يتكلم فإنه معفو عنه. وهل نقول في طلاق الموسوس: إنه من هذا النوع؟ الجواب: نعم نقول ذلك ، والجامع بينه وبين هذا: أن حديث النفس أمر لا يمكن الفكاك منه والموسوس كذلك الذي يبتلى بالوسواس يعذر من الفكاك منه إلا أن يتداركه الله برحمته ويوجد كثير من الناس يبتلى بالوسواس في طلاق زوجته ويعجز أن يملك نفسه، حتى إنه إذا فتح الكتاب وقرأ تخيل أنه قال: إن قرأت هذا الكتاب فزوجتي طالق، حتى إن الشيطان يوسوس له في كل شيء، إن أكل قال: إني قلت: إن أكلت فزوجتي طالق، إن خرج قال كذلك، إن نام قال كذلك، وأحياناً يقول: ادفع الشك باليقين، قل: طالق واسترح، فيقول: طالق، فمثل هذا لا يقع طلاقه، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لا طلاق في إغلاق ) وهذا من أكبر الإغلاق ، من أكبر ما يكون من الإغلاق أن يجد الإنسان في نفسه شيئا يرصه ويضيق عليه حتى يتكلم بالطلاق وهذا الموسوس أعاذنا الله وإياكم ولا تستهينوا بهذا الأمر، الإنسان الذي في عافية من الوسواس لا يكاد يصدق ما يقع للموسوسين يقلق الشيطان حياتهم ويتعبهم ولا ينامون بالليل في مثل هذه الوساوس، هذا الرجل أعني الموسوس لو طلق سمعناه يقول: زوجتي طالق تجده يقول زوجتي طالق وهو يبي يفر من ثيابه لأنه مغلق عليه مكره عليها نقول: هذا لا طلاق عليه لا طلاق عليه لكن لو طلق بأناة وتؤدة وذهب إلى القاضي أو إلى غيره من الكتاب المعروفين وقال: إني طلقت زوجتي فأثبت الطلاق فهل يقع؟ يقع، لأن هذا ليس في إغلاق لكن كلامنا في الطلاق الذي يقع من الموسوس حال الإغلاق عليه فإنه لا يقع ونحن يعني دائماً يأتينا أناس بهذه الكيفية وتجده يذهب إلى عدد من العلماء يسألهم ولا يقتنع ما يقتنع لماذا لأن الشيطان يقول له: إن زوجتك حرام عليك، لأنك طلقتها ثلاثا فتجده يتعب تعباً عظيما لكن هذا الحكم أن طلاقه لا يقع ولو لفظ به ما لم يكن ذلك عن تأنٍ وروية فهذا يكون كغيره من الناس يقع طلاقه.