فوائد حديث ( رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ...). حفظ
الشيخ : أما حديث عائشة ( رفع القلم عن ثلاثة ) ففيه فوائد
من فوائد هذا الحديث أنه لا عقاب على الصبي في فعل المحظور، دليل ذلك: ( رفع القلم عن ثلاثة ).
ومن فوائده: أن الصغير لو حنث في يمين وقلنا إنها تنعقد فلا كفارة عليه، لأنه رفع عنه القلم.
ومن فوائده: أن الصغير لو فعل محظورا في الحج فلا فدية عليه لأنه رفع عنه القلم
ومن فوائده أيضاً أن الصغير لو ترك واجباً في الحج فلا فدية عليه فلو ترك الطواف أو السعي أو لبس الثوب أو ما أشبه ذلك فلا شيء عليه وهذا هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله ومال إليه صاحب الفروع ابن مفلح أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية البارزين الذين قالوا: إنه أعلم الناس باختيارات شيخ الإسلام الفقهية حتى كان ابن القيم رحمه الله يراجعه فيها يراجع ابن مفلح فيها وقد قال له شيخ الإسلام ابن تيمية: ما أنت ابن مفلح بل أنت مفلح وهذه بشارة طيبة من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، المهم أن ابن مفلح يميل إلى مذهب أبي حنيفة في أن الصبي لا يلزمه إتمام النسك ولا يلزمه فدية في فعل المحظورات وهو قول قوي، لأنه قد رفع عنه القلم وعلى هذا فلو أن الصبي أحرم ثم استضاق من الإحرام وقال لأهله هوينا مثل ما يفعل بعض الصبيان إذا ألبسوه الرداء والإزار ثم فارق المألوف كان المألوف قميص يركض فيه ويأتي ويجي وهذا مقيده قام يصيح قالوا: افسخوا هذا الشيء اخلعوه عني، فعلى هذا القول نخلعه ونقول يلا رح حللت من إحرامك ولا شيء عليك وفي زمننا هذا وفي زمن المضايقات التي تحدث بعد الإحرام لو أفتى به أحد لكان له وجه لأنه أحيانا يحرص الآباء على أن يحرم الأبناء الصغار ثم يتضايقون منهم بواسطة الزحمات العظيمة فيتركونهم، فلو أفتى بهذا المذهب لكان له وجه وفيه تيسير على الأمة.
من فوائد هذا الحديث: أن الصبي لا يقع طلاقه لأنه رفع عنه القلم وهذا أحد القولين في المسألة أن الصبي لو طلق زوجته لم يقع طلاقه وعللوا ذلك بأنه مرفوع عنه القلم وبأن والده هو الذي يعقد له النكاح فكان الأمر إلى والده وبأنه لا ينفذ تصرفه في ماله فتصرفه في أهله من باب أولى لأنه أعظم خطراً وعلى هذا لو جاء الصبي الذي زوجه أبوه وله عشر سنوات وأزعلته زوجته زوجه امرأة لها خمسة عشرة سنة وهو عشر سنوات أغضبته يوماً من الأيام فقال: أنت طالق هل يقع؟ أو لا ؟ لا يقع لكن المشهور من المذهب من مذهب الحنابلة أنه يقع إذا كان يعقل الطلاق ويعرف معناه ، لأنه مميز ولعموم الحديث ( إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) فقالوا: هذا أخذ بالساق فله الطلاق.
ومن فوائد هذا الحديث: أن جميع ما يسقط بالجهل والنسيان عن المكلف يسقط عن الصغير لأنه غير مكلف وكذلك الجاهل والناسي من المكلفين غير مكلف
فإن قال قائل: لو جنى صبي على إنسان خطأ ومات مثل أن يكون يقود السيارة فدعس شخصاً فهل عليه الكفارة أو لا؟ في هذا خلاف بين العلماء فالمشهور من المذهب أن عليه الكفارة، وذلك لأن القتل لا فرق فيه بين العمد والخطأ فالمكلف إذا قتل خطأ لزمته الكفارة وعمد الصبي كخطأ المكلف فتلزمه الكفارة والقول الثاني في المسألة أنه لا كفارة عليه لأنه ليس أهلا للتكليف بخلاف المكلف الذي أخطأ فإنه أهل للتكليف لكن وجد فيه مانع وفرق بين فوات الشرط وبين وجود المانع فالصبي فقد منه شرط التكليف والمكلف المخطئ وجد فيه مانع التكليف وهناك فرق بين فوات الشرط وبين وجود المانع، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس أنه لو دعس وهو لم يبلغ فليس عليه كفارة، لأنه ليس أهلاً للتكليف بخلاف البالغ إذا دعس خطأً فعليه الكفارة، طيب
وقوله: ( وعن النائم حتى يستيقظ )،
( رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ ) وهل النائم كالصغير فات منه شرط التكليف أو وجد فيه مانع التكليف؟ الثاني وجد منه مانع التكليف، ولهذا لو انقلب نائم على صبي ومات فعليه إيش؟ عليه الكفارة عليه الكفارة ويفرق بينه وبين الصبي بما أشرنا إليه أن الصبي رفع عنه ذلك لفوات الشرط وهذا لوجود المانع .
من فوائد الحديث بالنسبة للنائم: أن النائم لو طلق زوجته وهو نائم وسمعناه يقول: زوجتي طالق فإنها لا تطلق ، لا تطلق زوجته حتى لو فرض أن الإنسان خاطب روحه وقال: طلقت زوجتك ، قال: نعم فإنه لا طلاق عليه، لأن بعض النوم تخاطب روحه وتعطي جميع ما عنده، حدثني الثقات أن من الناس من يجلس إلى جنب النائم يقول سلام عليكم ثم يرد عليه السلام ثم يبدأ يحدثه ويش سويت اليوم ويش زينت فالنائم يقول سويت كذا وزينت كذا وزينت كذا ، يمكن بقوله طلقت زوجتك يقول نعم لو قال هذا وهو نائم لا يقع الطلاق، وهذا الذي قلت لكم حقيقة، لأن الذي حدثني إنسان ثقة لكن ما أظن جميع الناس يستطيع الإنسان أن يأخذ ما عندهم وهم نوم لكن هذا نائم يقول أبداً نسأله عن حاله إذا نام جلسنا عند رأسه سلمنا وافتتحنا الحديث، نسأل الله السلامة نسأل الله ألا يجعلكم كذلك طيب
لو طلق زوجته وهو نائم
الطالب : لا يقع
الشيخ : لا يقع الطلاق لأنه نائم حتى لو سمع يتكلم يقول زوجتي فلانة طالق فإنه لا يقع الطلاق.
ومن فوائد الحديث: أن النائم لا ينسب إليه فعل فلا يأثم بما وقع منه من خطأ، والدليل على أن النائم كذلك لا ينسب إليه فعل أن الله قال في أصحاب الكهف: قال (( ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال )) هم يتقلبون فأضاف الله فعلهم إلى نفسه، لأن النائم لا ينسب إليه فعل، النائم نائم
طيب وقوله: ( حتى يستيقظ ) أي: يستيقظ ويعي ما يقول يستيقظ ويعي ما يقول ، لأن بعض النوم إذا كان نومه ثقيلا أو كان قريب النوم يستيقظ ويحدثك ويقوم، لكنه ليس معه وعي! وهذا شيء مشاهد ألا تشاهدون هذا، يستيقظ ويقول قوم صل ثم يقوم ويقف وتكون الدرجة عن الشمال ثم يذهب هو إلى جهة اليمين، حتى تكلمه جيد، فهذا الذي استيقظ من النوم لكنه لم يدر ما يقول أيضا مرفوع عنه القلم لو تحدث بطلاق زوجته فإنها لا تطلق
الثالث: ( وعن المجنون حتى يفيق أو يعقل ) أيضا المجنون نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الجنون ، مرفوع عنه القلم حتى يفيق أو يعقل فلو أن شخصا مجنونا تحدث بإقرار أو إنشاء أو طلاق أو فسخ أو غير ذلك فإنه لا يقع منه شيء، لو قال: طلقت نسائي، أعتقت عبيدي، أوقفت بيوتي، ما يقع لا يقع منه شيء، لأنه مجنون لا يعقل، وسواء كان الجنون دائما أو كان أحيانا كالذي يصرع نسأل الله العافية فإنه في حال جنونه لا يترتب على قوله شيء، ولكن الفعل هل يترتب عليه شيء؟ نقول: لا يترتب عليه شيء إلا ما تعلق بالخلق، ولاحظوا هذه ما تعلق بالخلق فإنه يترتب عليه أثره سواء في الصغير أو في المجنون أو في النائم فلو أتلف الصغير شيئا لزمه إيش؟ لزمه ضمانه ولو أتلف المجنون شيئا لزمه ضمانه ولو أتلف النائم شيئاً لزمه ضمانه لكن هذا فيما بينه وبين الله، لأن حقوق الله مبنية على المسامحة
طيب إذا قال قائل: ما هي العلة في عدم وقوع الطلاق من هؤلاء؟ العلة عدم العقل وعدم الاختيار، عدم العقل في من ؟ في المجنون والنائم وعدم الاختيار الصحيح في الصغير، طيب وبناء على ذلك نأخذ من هذا قاعدة أن كل شخص يقع الطلاق منه بغير اختيار حقيقي فليس عليه طلاق ويدخل في هذا أشياء:
الأول: الغضب الشديد الغضب الشديد الذي يغلق على صاحبه لا يقع فيه الطلاق وقد قسم العلماء الغضب إلى ثلاثة أقسام: أول وآخر وأوسط يعني: مبتدأ وغاية ووسط
فالغاية هي ألا يدري الإنسان ما يقول إطلاقا ولا يدري هل هو في الأرض أو في السماء ، يغمى عليه شبه المغمى عليه فهذا لا يقع طلاقه بالاتفاق وهو يقع من بعض الناس الذين يطلق عليهم اسم عصبي يجن نسأل الله العافية يبدأ يشيل ويضرب في الأرض ، هذا إذا طلق زوجته لا يقع الطلاق بالاتفاق
الثاني: ابتدائي غضب ابتدائي عادي فهذا يقع طلاقه إيش؟ بالاتفاق ولا إشكال في هذا
الثالث: الوسط يعي ما يقول لكن لشدة الغضب يجد نفسه قد أجبر على هذا كالمجبر من شدة الغضب يعني يدري ما يقول لكن لا يملك نفسه ففي هذا خلاف بين العلماء هل يقع أو لا، والصحيح أنه لا يقع لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا طلاق في إغلاق ) ( لا طلاق في إغلاق ) ولأن الأصل بقاء النكاح هذا تعليل، الأصل بقاء النكاح فلا يزول إلا بإرادة الزوال وهذا لم يرد ولذلك تجده يندم من حين أن يوقع الطلاق تعود عليه طبيعته ثم يندم نقول: هذا لا طلاق عليه على القول الراجح ولابن القيم كتاب جيد في هذا الموضوع سماه: إغاثة اللهفان في عدم وقوع طلاق السكران
الطالب : الغضبان
الشيخ : الغضبان نعم غير * إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان * الكبير ذاك
ومن هذا أيضا: إذا كان الإنسان موسوسا في الطلاق فإنه لا يقع طلاقه، وهذا يحدث كثيرا بين الناس يتسلط عليه الشيطان ويرى أنه قد طلق ويضيق عليه حتى يقول أطلق وأستريح لاحظوا إلى هذا الحد ، فيطلق فنقول: هذا لا طلاق عليه لماذا ؟ لأنه في إغلاق من أشد ما يكون من الإغلاق تجد الشيطان يضيق عليه يضيق عليه ، ويقول استحمل هذه المرة أنت الآن ضقت ضاقت عليك الدنيا بما رحبت ، طلق واسترح ، فيقول هي طالق فإذا جاء يستفتي فإننا نقول لا طلاق عليك قال: أنا قلت: زوجتي طالق قلنا لا طلاق عليك إلا إذا طلقت بإرادة جازمة تامة وذهبت للمأذون وقلت: أكتب الطلاق وهذا لا يقع منه، لأنهم من هذا يفرون من هذا يفرون ولا يريدون الطلاق لكن غصباً عليهم مثل ما يفعل بعض الناس يشك في الحدث وهو على طهارة نعم ثم يحدث يقول لنفسه اضرط وتوضأ وإلا مس ذكرك وتوضأ نسأل الله العافية واذهب للحمام وبل أو تغوط، ليش؟ لأجل يستريح من هذه الضائقة التي أصابته، كل هذا من الشيطان، لأن دواء هذا ليس أن تستسلم للشيطان وتعطيه ما أراد دواء هذا ذكره الطبيب عليه الصلاة والسلام ويش قال ؟ ( لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) هذا الدواء أن تدع هذا الشيطان ووساوسه، وقال في الوساوس العقدية التي تصيب الإنسان في القلب ويقول في الله ما لا يليق به أمر أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وينتهي، هذا هو الدواء أما أن تستسلم للشيطان وتنقاد له فهذا ليس بدواء ، وبقي كم مسألة أيضاً تتعلق بهذا الموضوع نتكلم عليها إن شاء الله إن شئتم بعد الأذان.
ومن ذلك أيضا: طلاق السكران، السكران لاشك أنه ليس بعاقل لا يعلم ما يقول لقول الله تعالى: (( يا أيها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ))
( ومر ناضحان لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بحمزة بن عبد المطلب ) عم علي بن أبي طالب وعم الرسول عليه الصلاة والسلام و( كان قد سكر ) حمزة سكر ، ( وعنده جاريتان يغنيان فلما أقبل الناضحان كان من جملة غنائهما ألا يا حمز للشرف النواء يهيجنه على أن يذبح البعيرين فقام رضى الله عنه وجب أسنمتهما وأظنه بقر بطونهما فجاء علي بن أبي طالب يشكو إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمك فعل كذا وكذا فقام النبي صلى الله عليه وسلم إليه ومعه من أصحابه فلما وقف عليه وإذا الرجل قد ثمل ) يعني تأثر بالخمر ( فلما كلمه قال له حمزة: هل أنتم إلا عبيد أبي ) يقوله للنبي عليه الصلاة والسلام الذي هو أشرف إنسان عنده ويجله إجلالاً عظيما ويقول أنت عبد هل أنتم إلا عبيد أبي ( فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحال تأخر وتركه حتى يصحو ) هل آخذه على ذلك؟ لا، لأنه لو آخذه لكان ردة لم يؤاخذه لأنه سكران والسكران لا يعلم ما يقول بنص القرآن (( لا تقربوا لصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون )) فإذا طلق السكران زوجته فإنه لا يقع طلاقه، لأنه لا يعلم ما يقول فضلاً عن أن ينوي ما يقول وهذا القول هو الصحيح الذي روي عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وعن جماعة من الصحابة وهو القياس الصحيح والمشهور من المذهب أن طلاق السكران يقع، وعللوا ذلك بتعليل عليل، قالوا: لأن هذا السكر نشأ عن فعل محرم فلا ينبغي أن يكون محلاً للرخصة، ولهذا لو شرب مسكرا جاهلا به ثم سكر وطلق فليس عليه طلاق ولكن الصحيح أنه لا طلاق عليه، لأن عقوبة شارب الخمر لا تتعدى إلى غيره وهذا الرجل إذا أوقعنا عليه الطلاق تعدى الضرر لغيره لزوجته وربما يكون له أولاد منها
من فوائد هذا الحديث أنه لا عقاب على الصبي في فعل المحظور، دليل ذلك: ( رفع القلم عن ثلاثة ).
ومن فوائده: أن الصغير لو حنث في يمين وقلنا إنها تنعقد فلا كفارة عليه، لأنه رفع عنه القلم.
ومن فوائده: أن الصغير لو فعل محظورا في الحج فلا فدية عليه لأنه رفع عنه القلم
ومن فوائده أيضاً أن الصغير لو ترك واجباً في الحج فلا فدية عليه فلو ترك الطواف أو السعي أو لبس الثوب أو ما أشبه ذلك فلا شيء عليه وهذا هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله ومال إليه صاحب الفروع ابن مفلح أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية البارزين الذين قالوا: إنه أعلم الناس باختيارات شيخ الإسلام الفقهية حتى كان ابن القيم رحمه الله يراجعه فيها يراجع ابن مفلح فيها وقد قال له شيخ الإسلام ابن تيمية: ما أنت ابن مفلح بل أنت مفلح وهذه بشارة طيبة من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، المهم أن ابن مفلح يميل إلى مذهب أبي حنيفة في أن الصبي لا يلزمه إتمام النسك ولا يلزمه فدية في فعل المحظورات وهو قول قوي، لأنه قد رفع عنه القلم وعلى هذا فلو أن الصبي أحرم ثم استضاق من الإحرام وقال لأهله هوينا مثل ما يفعل بعض الصبيان إذا ألبسوه الرداء والإزار ثم فارق المألوف كان المألوف قميص يركض فيه ويأتي ويجي وهذا مقيده قام يصيح قالوا: افسخوا هذا الشيء اخلعوه عني، فعلى هذا القول نخلعه ونقول يلا رح حللت من إحرامك ولا شيء عليك وفي زمننا هذا وفي زمن المضايقات التي تحدث بعد الإحرام لو أفتى به أحد لكان له وجه لأنه أحيانا يحرص الآباء على أن يحرم الأبناء الصغار ثم يتضايقون منهم بواسطة الزحمات العظيمة فيتركونهم، فلو أفتى بهذا المذهب لكان له وجه وفيه تيسير على الأمة.
من فوائد هذا الحديث: أن الصبي لا يقع طلاقه لأنه رفع عنه القلم وهذا أحد القولين في المسألة أن الصبي لو طلق زوجته لم يقع طلاقه وعللوا ذلك بأنه مرفوع عنه القلم وبأن والده هو الذي يعقد له النكاح فكان الأمر إلى والده وبأنه لا ينفذ تصرفه في ماله فتصرفه في أهله من باب أولى لأنه أعظم خطراً وعلى هذا لو جاء الصبي الذي زوجه أبوه وله عشر سنوات وأزعلته زوجته زوجه امرأة لها خمسة عشرة سنة وهو عشر سنوات أغضبته يوماً من الأيام فقال: أنت طالق هل يقع؟ أو لا ؟ لا يقع لكن المشهور من المذهب من مذهب الحنابلة أنه يقع إذا كان يعقل الطلاق ويعرف معناه ، لأنه مميز ولعموم الحديث ( إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) فقالوا: هذا أخذ بالساق فله الطلاق.
ومن فوائد هذا الحديث: أن جميع ما يسقط بالجهل والنسيان عن المكلف يسقط عن الصغير لأنه غير مكلف وكذلك الجاهل والناسي من المكلفين غير مكلف
فإن قال قائل: لو جنى صبي على إنسان خطأ ومات مثل أن يكون يقود السيارة فدعس شخصاً فهل عليه الكفارة أو لا؟ في هذا خلاف بين العلماء فالمشهور من المذهب أن عليه الكفارة، وذلك لأن القتل لا فرق فيه بين العمد والخطأ فالمكلف إذا قتل خطأ لزمته الكفارة وعمد الصبي كخطأ المكلف فتلزمه الكفارة والقول الثاني في المسألة أنه لا كفارة عليه لأنه ليس أهلا للتكليف بخلاف المكلف الذي أخطأ فإنه أهل للتكليف لكن وجد فيه مانع وفرق بين فوات الشرط وبين وجود المانع فالصبي فقد منه شرط التكليف والمكلف المخطئ وجد فيه مانع التكليف وهناك فرق بين فوات الشرط وبين وجود المانع، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس أنه لو دعس وهو لم يبلغ فليس عليه كفارة، لأنه ليس أهلاً للتكليف بخلاف البالغ إذا دعس خطأً فعليه الكفارة، طيب
وقوله: ( وعن النائم حتى يستيقظ )،
( رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ ) وهل النائم كالصغير فات منه شرط التكليف أو وجد فيه مانع التكليف؟ الثاني وجد منه مانع التكليف، ولهذا لو انقلب نائم على صبي ومات فعليه إيش؟ عليه الكفارة عليه الكفارة ويفرق بينه وبين الصبي بما أشرنا إليه أن الصبي رفع عنه ذلك لفوات الشرط وهذا لوجود المانع .
من فوائد الحديث بالنسبة للنائم: أن النائم لو طلق زوجته وهو نائم وسمعناه يقول: زوجتي طالق فإنها لا تطلق ، لا تطلق زوجته حتى لو فرض أن الإنسان خاطب روحه وقال: طلقت زوجتك ، قال: نعم فإنه لا طلاق عليه، لأن بعض النوم تخاطب روحه وتعطي جميع ما عنده، حدثني الثقات أن من الناس من يجلس إلى جنب النائم يقول سلام عليكم ثم يرد عليه السلام ثم يبدأ يحدثه ويش سويت اليوم ويش زينت فالنائم يقول سويت كذا وزينت كذا وزينت كذا ، يمكن بقوله طلقت زوجتك يقول نعم لو قال هذا وهو نائم لا يقع الطلاق، وهذا الذي قلت لكم حقيقة، لأن الذي حدثني إنسان ثقة لكن ما أظن جميع الناس يستطيع الإنسان أن يأخذ ما عندهم وهم نوم لكن هذا نائم يقول أبداً نسأله عن حاله إذا نام جلسنا عند رأسه سلمنا وافتتحنا الحديث، نسأل الله السلامة نسأل الله ألا يجعلكم كذلك طيب
لو طلق زوجته وهو نائم
الطالب : لا يقع
الشيخ : لا يقع الطلاق لأنه نائم حتى لو سمع يتكلم يقول زوجتي فلانة طالق فإنه لا يقع الطلاق.
ومن فوائد الحديث: أن النائم لا ينسب إليه فعل فلا يأثم بما وقع منه من خطأ، والدليل على أن النائم كذلك لا ينسب إليه فعل أن الله قال في أصحاب الكهف: قال (( ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال )) هم يتقلبون فأضاف الله فعلهم إلى نفسه، لأن النائم لا ينسب إليه فعل، النائم نائم
طيب وقوله: ( حتى يستيقظ ) أي: يستيقظ ويعي ما يقول يستيقظ ويعي ما يقول ، لأن بعض النوم إذا كان نومه ثقيلا أو كان قريب النوم يستيقظ ويحدثك ويقوم، لكنه ليس معه وعي! وهذا شيء مشاهد ألا تشاهدون هذا، يستيقظ ويقول قوم صل ثم يقوم ويقف وتكون الدرجة عن الشمال ثم يذهب هو إلى جهة اليمين، حتى تكلمه جيد، فهذا الذي استيقظ من النوم لكنه لم يدر ما يقول أيضا مرفوع عنه القلم لو تحدث بطلاق زوجته فإنها لا تطلق
الثالث: ( وعن المجنون حتى يفيق أو يعقل ) أيضا المجنون نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الجنون ، مرفوع عنه القلم حتى يفيق أو يعقل فلو أن شخصا مجنونا تحدث بإقرار أو إنشاء أو طلاق أو فسخ أو غير ذلك فإنه لا يقع منه شيء، لو قال: طلقت نسائي، أعتقت عبيدي، أوقفت بيوتي، ما يقع لا يقع منه شيء، لأنه مجنون لا يعقل، وسواء كان الجنون دائما أو كان أحيانا كالذي يصرع نسأل الله العافية فإنه في حال جنونه لا يترتب على قوله شيء، ولكن الفعل هل يترتب عليه شيء؟ نقول: لا يترتب عليه شيء إلا ما تعلق بالخلق، ولاحظوا هذه ما تعلق بالخلق فإنه يترتب عليه أثره سواء في الصغير أو في المجنون أو في النائم فلو أتلف الصغير شيئا لزمه إيش؟ لزمه ضمانه ولو أتلف المجنون شيئا لزمه ضمانه ولو أتلف النائم شيئاً لزمه ضمانه لكن هذا فيما بينه وبين الله، لأن حقوق الله مبنية على المسامحة
طيب إذا قال قائل: ما هي العلة في عدم وقوع الطلاق من هؤلاء؟ العلة عدم العقل وعدم الاختيار، عدم العقل في من ؟ في المجنون والنائم وعدم الاختيار الصحيح في الصغير، طيب وبناء على ذلك نأخذ من هذا قاعدة أن كل شخص يقع الطلاق منه بغير اختيار حقيقي فليس عليه طلاق ويدخل في هذا أشياء:
الأول: الغضب الشديد الغضب الشديد الذي يغلق على صاحبه لا يقع فيه الطلاق وقد قسم العلماء الغضب إلى ثلاثة أقسام: أول وآخر وأوسط يعني: مبتدأ وغاية ووسط
فالغاية هي ألا يدري الإنسان ما يقول إطلاقا ولا يدري هل هو في الأرض أو في السماء ، يغمى عليه شبه المغمى عليه فهذا لا يقع طلاقه بالاتفاق وهو يقع من بعض الناس الذين يطلق عليهم اسم عصبي يجن نسأل الله العافية يبدأ يشيل ويضرب في الأرض ، هذا إذا طلق زوجته لا يقع الطلاق بالاتفاق
الثاني: ابتدائي غضب ابتدائي عادي فهذا يقع طلاقه إيش؟ بالاتفاق ولا إشكال في هذا
الثالث: الوسط يعي ما يقول لكن لشدة الغضب يجد نفسه قد أجبر على هذا كالمجبر من شدة الغضب يعني يدري ما يقول لكن لا يملك نفسه ففي هذا خلاف بين العلماء هل يقع أو لا، والصحيح أنه لا يقع لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا طلاق في إغلاق ) ( لا طلاق في إغلاق ) ولأن الأصل بقاء النكاح هذا تعليل، الأصل بقاء النكاح فلا يزول إلا بإرادة الزوال وهذا لم يرد ولذلك تجده يندم من حين أن يوقع الطلاق تعود عليه طبيعته ثم يندم نقول: هذا لا طلاق عليه على القول الراجح ولابن القيم كتاب جيد في هذا الموضوع سماه: إغاثة اللهفان في عدم وقوع طلاق السكران
الطالب : الغضبان
الشيخ : الغضبان نعم غير * إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان * الكبير ذاك
ومن هذا أيضا: إذا كان الإنسان موسوسا في الطلاق فإنه لا يقع طلاقه، وهذا يحدث كثيرا بين الناس يتسلط عليه الشيطان ويرى أنه قد طلق ويضيق عليه حتى يقول أطلق وأستريح لاحظوا إلى هذا الحد ، فيطلق فنقول: هذا لا طلاق عليه لماذا ؟ لأنه في إغلاق من أشد ما يكون من الإغلاق تجد الشيطان يضيق عليه يضيق عليه ، ويقول استحمل هذه المرة أنت الآن ضقت ضاقت عليك الدنيا بما رحبت ، طلق واسترح ، فيقول هي طالق فإذا جاء يستفتي فإننا نقول لا طلاق عليك قال: أنا قلت: زوجتي طالق قلنا لا طلاق عليك إلا إذا طلقت بإرادة جازمة تامة وذهبت للمأذون وقلت: أكتب الطلاق وهذا لا يقع منه، لأنهم من هذا يفرون من هذا يفرون ولا يريدون الطلاق لكن غصباً عليهم مثل ما يفعل بعض الناس يشك في الحدث وهو على طهارة نعم ثم يحدث يقول لنفسه اضرط وتوضأ وإلا مس ذكرك وتوضأ نسأل الله العافية واذهب للحمام وبل أو تغوط، ليش؟ لأجل يستريح من هذه الضائقة التي أصابته، كل هذا من الشيطان، لأن دواء هذا ليس أن تستسلم للشيطان وتعطيه ما أراد دواء هذا ذكره الطبيب عليه الصلاة والسلام ويش قال ؟ ( لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) هذا الدواء أن تدع هذا الشيطان ووساوسه، وقال في الوساوس العقدية التي تصيب الإنسان في القلب ويقول في الله ما لا يليق به أمر أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وينتهي، هذا هو الدواء أما أن تستسلم للشيطان وتنقاد له فهذا ليس بدواء ، وبقي كم مسألة أيضاً تتعلق بهذا الموضوع نتكلم عليها إن شاء الله إن شئتم بعد الأذان.
ومن ذلك أيضا: طلاق السكران، السكران لاشك أنه ليس بعاقل لا يعلم ما يقول لقول الله تعالى: (( يا أيها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ))
( ومر ناضحان لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بحمزة بن عبد المطلب ) عم علي بن أبي طالب وعم الرسول عليه الصلاة والسلام و( كان قد سكر ) حمزة سكر ، ( وعنده جاريتان يغنيان فلما أقبل الناضحان كان من جملة غنائهما ألا يا حمز للشرف النواء يهيجنه على أن يذبح البعيرين فقام رضى الله عنه وجب أسنمتهما وأظنه بقر بطونهما فجاء علي بن أبي طالب يشكو إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمك فعل كذا وكذا فقام النبي صلى الله عليه وسلم إليه ومعه من أصحابه فلما وقف عليه وإذا الرجل قد ثمل ) يعني تأثر بالخمر ( فلما كلمه قال له حمزة: هل أنتم إلا عبيد أبي ) يقوله للنبي عليه الصلاة والسلام الذي هو أشرف إنسان عنده ويجله إجلالاً عظيما ويقول أنت عبد هل أنتم إلا عبيد أبي ( فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحال تأخر وتركه حتى يصحو ) هل آخذه على ذلك؟ لا، لأنه لو آخذه لكان ردة لم يؤاخذه لأنه سكران والسكران لا يعلم ما يقول بنص القرآن (( لا تقربوا لصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون )) فإذا طلق السكران زوجته فإنه لا يقع طلاقه، لأنه لا يعلم ما يقول فضلاً عن أن ينوي ما يقول وهذا القول هو الصحيح الذي روي عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وعن جماعة من الصحابة وهو القياس الصحيح والمشهور من المذهب أن طلاق السكران يقع، وعللوا ذلك بتعليل عليل، قالوا: لأن هذا السكر نشأ عن فعل محرم فلا ينبغي أن يكون محلاً للرخصة، ولهذا لو شرب مسكرا جاهلا به ثم سكر وطلق فليس عليه طلاق ولكن الصحيح أنه لا طلاق عليه، لأن عقوبة شارب الخمر لا تتعدى إلى غيره وهذا الرجل إذا أوقعنا عليه الطلاق تعدى الضرر لغيره لزوجته وربما يكون له أولاد منها