عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر :( هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته ). أخرجه الأربعة وابن أبي شيبة ، واللفظ له . وصححه ابن خزيمة والترمذي ، ورواه مالك والشافعي وأحمد . حفظ
الشيخ : قال: " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر ".
أبو هريرة هو أكثر الصّحابة رواية عن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، لأنّه اعتنى بالحديث وحفظه وصار متفرّغًا، وإلاّ فإنّنا نعلم أنّ أبا بكر رضي الله عنه أكثر تلقّيًا من أبي هريرة بالنّسبة لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لأنّه أكثر ملازمة منه لكنّ أبا بكر رضي الله عنه في حياة النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام التّحديث عنه قليل، لأنّ النّاس يأخذون عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مباشرة بدون واسطة، بعد موته تعلمون أنّ أبا بكر رضي الله عنه اشتغل بأعباء الخلافة وتدبير الدّولة، والنّاس أيضًا يهابون أن يشغلوه بالتّلقّي عنه وهو لم يتفرّغ له فلهذا كان أقلّ بكثير ممّا نقل عن أبي هريرة، ولهذا لو سئلنا أيهما أكثر حديثًا أبو هريرة أو أبو بكر؟
الطالب : أبو بكر.
الشيخ : نقول أمّا بالنّسبة للتّلقّي عن الرّسول فهو أبو بكر لا شكّ عندنا في هذا، وأمّا بالنّسبة لنقل الحديث عن الرّسول فهو أبو هريرة رضي الله عنه.
قال: " قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في البحر " في البحر هذا من كلام ابن حجر رحمه الله ليس من كلام أبي هريرة ولا من كلام النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، لكن المؤلّف كما تعلمون جعل الكتاب مختصرًا فقال في البحر، قال فيه: ( هو الطّهور ماؤه الحلّ ميتته ) وللحديث سبب، سببه أنّ قومًا أتوا إلى النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم وقالوا: ( يا رسول الله إنّا نركب البحر وليس معنا ماء نتوضّأ به أفنتوضّأ بماء البحر؟ فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيه: هو الطّهور ماؤه الحلّ ميتته ) لم يقل نعم بل قال: ( هو الطّهور ماؤه الحلّ ميتته ) مع أنّ الرّسول عليه الصّلاة إذا سئل مثل هذا السّؤال يقول: نعم، سأله رجل أنتوضّأ من لحوم الإبل قال: ( نعم ) لكن هنا عدل عن كلمة نعم إلى قوله: ( الطّهور ماؤه ) ليكون ذلك أشمل وأعمّ فيتطهّر به ولا يتطهّر منه، بمعنى أنّه لو أصاب الثّوب والبدن فإنّه لا يجب غسله منه لأنّه طهور، وأيضًا يتطهّر به من الحدث الأصغر والأكبر والنّجاسة، وهذا من حسن جواب الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، فكلمة الطّهور ماؤه أعمّ من كلمة نعم لو قال نعم، لأنّه لو قال نعم لكان المعنى تطهّروا به أو توضّأوا به، لكن قال: ( هو الطّهور ماؤه ) أيضًا زادهم على ذلك فقال: ( الحلّ ميتته ) الحلّ يعني حلال ميتته والمراد بميتته ميتة من لا يعيش إلاّ فيه، إلاّ في البحر وليس المراد ما مات في البحر، ولهذا لو سقطت شاة في البحر وماتت فهي إيش؟ حرام ميتة لكن المراد بميتته مضاف إلى البحر، يعني: ميتة ما لا يعيش إلاّ في البحر حلال، هكذا كان جواب النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.
وكلمة الطّهور بالفتح بفتح الطاء وهي اسم لما يتطهّر به كالسّحور اسم لما يتسحّر به، والوجور اسم لما يتجور به المريض وهلمّ جرّا، أمّا الطّهور بالضّمّ فهو مصدر أو اسم مصدر وهو عبارة عن فعل فمثلًا إذا قرّب الإنسان ماء يتوضّأ به فالماء يسمّى إيش؟ طَهورا أو يسمّى وَضوءا ونفس فعل الوضوء يسمّى طُهورًا أو وضوءا فالفرق إذن بين فتح أوّله وضمّه هو أنّه إن أريد الفعل فهو مضموم وإن أريد ما يطهّر به فهو بالفتح ونظيره السّحور اسم لما يؤكل في السّحر، والسّحور اسم للأكل.