فوائد حديث ( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ). حفظ
الشيخ : وهذا الحديث اختلف العلماء في متنه وفي سنده، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في " تهذيب السّنن " كلًاما طويلًا حول هذا الحديث، وفيه فوائد عظيمة حديثيّة لا تجدها في غيره، فمن أراد أن يراجعه ففيه فائدة كبيرة، وذكر تضعيف هذا الحديث من ستّة عشر وجهًا، وكما تعرفون ابن القيّم رحمه الله إذا تكلّم في مسألة نفسه طويل فهذا الحديث ضعيف وإن صحّحه من صحّحه من الأئمّة لكن الكلام على الواقع.
طيب فلننظر الآن إذا كان الماء قلّتين لم يحمل الخبث يعني لم ينجس فهل هذا على عمومه؟ لا شكّ أنّه ليس على عمومه بالإجماع، لأنّنا لو أخذنا بعمومه لكان ظاهره أنّه لا ينجس سواء تغيّر أم لم يتغيّر وهذا خلاف الإجماع، فإنّ العلماء مجمعون على أنّ الماء إذا تغيّر بالنّجاسة فهو نجس وعلى هذا فلا يصحّ الأخذ بعمومه، واضح؟
ثانيًا: له مفهوم وهو إذا لم يبلغ قلّتين صار نجسًا، لم يبلغ قلّتين صار نجسًا، وظاهره ظاهر المفهوم أنّه سواء تغيّر أم لم يتغيّر وحينئذ يكون مخالفًا لحديث أبي أمامة السّابق الدّالّ على أنّه لا ينجس الماء إلاّ بالتّغيّر، ودلالة حديث أبي أمامة على أنّ الماء لا ينجس إلاّ بالتّغيّر دلالة منطوق، ودلالة حديث ابن عمر هذا دلالة مفهوم، والعلماء يقولون إذا تعارضت الدّلالتان المنطوقيّة والمفهوميّة فإنّه يقدّم المنطوق، على أنّ المفهوم يكتفى بالعمل به بصورة واحدة، إذا صدق المفهوم بصورة واحدة كفى، فمثلًا نقول: مفهومه إذا لم يبلغ قلّتين لم يحمل الخبث، أو إذا بلغ قلّتين صار نجسًا فنقول هذا يعمّ ما تغيّر وما لم يتغيّر ويكفي أن نقول إنّه محمول على المتغيّر وحينئذ نكون قد عملنا بإيش؟
الطالب : بالمفهوم.
الشيخ : عملنا بالمفهوم، والمفهوم كما قال أهل الأصول: يكفي في العمل به صورة واحدة، على كلّ حال ما دام الحديث ضعيفًا وعندنا حديث سابق يؤيّده الدليل الأثري ويؤيّده الدّليل النّظري فإنّه لا يعمل به، ويقال: إنّه إذا بلغ قلّتين وحدثت فيه نجاسة فإن غيّرته؟ أجيبوا؟
الطالب : فهو نجس.
الشيخ : فهو نجس مطلقًا، وإن لم تغيّره فهو طهور، إن لم يبلغ قلّتين فالحكم كذلك، إذا حدثت فيه نجاسة إن غيّرته فهو نجس وإن لم تغيّره فهو طهور، ولكن لا شكّ أنّه كلّما قلّ الماء وكبرت النّجاسة كان تغيّر الماء بها أقرب وحينئذ لا بدّ أن نسلك سبيل الاحتياط، أن نسلك سبيل الاحتياط، لأنّه لا شكّ لو نزل نقطة صغيرة بقدر عين الجرادة في ماء يبلغ مثلًا قربة كاملة فهذا يغيّر أو لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا يغيّر ولا يؤثّر، فعلى مقتضى هذا الحديث إذا أخذنا بعموم المفهوم يكون نجسا ولكنّه لا يكون نجسًا، ولو سقطت نجاسة كبيرة فيما دون ذلك لكان تغيّر الماء بها؟
الطالب : واضحًا.
الشيخ : قويًّا، قويًّا، فأنت أيّها الإنسان احتط لنفسك الذي يغلب على ظنّك أنّ النّجاسة تؤثّر فيه احتط لا تستعمله إلاّ لحاجة، وأمّا الذي يغلب على ظنّك أنّ النّجاسة لا تؤثّر أو تأكّدت أنّها لا تؤثّر فيه فلا يهمنّك أن يكون قليلًا أو كثيرًا، هذا الذي تدلّ عليه الأدلّة والقواعد العامّة في الشّريعة ولا يكلّف الله نفسًا إلاّ وسعها.
طيب فلننظر الآن إذا كان الماء قلّتين لم يحمل الخبث يعني لم ينجس فهل هذا على عمومه؟ لا شكّ أنّه ليس على عمومه بالإجماع، لأنّنا لو أخذنا بعمومه لكان ظاهره أنّه لا ينجس سواء تغيّر أم لم يتغيّر وهذا خلاف الإجماع، فإنّ العلماء مجمعون على أنّ الماء إذا تغيّر بالنّجاسة فهو نجس وعلى هذا فلا يصحّ الأخذ بعمومه، واضح؟
ثانيًا: له مفهوم وهو إذا لم يبلغ قلّتين صار نجسًا، لم يبلغ قلّتين صار نجسًا، وظاهره ظاهر المفهوم أنّه سواء تغيّر أم لم يتغيّر وحينئذ يكون مخالفًا لحديث أبي أمامة السّابق الدّالّ على أنّه لا ينجس الماء إلاّ بالتّغيّر، ودلالة حديث أبي أمامة على أنّ الماء لا ينجس إلاّ بالتّغيّر دلالة منطوق، ودلالة حديث ابن عمر هذا دلالة مفهوم، والعلماء يقولون إذا تعارضت الدّلالتان المنطوقيّة والمفهوميّة فإنّه يقدّم المنطوق، على أنّ المفهوم يكتفى بالعمل به بصورة واحدة، إذا صدق المفهوم بصورة واحدة كفى، فمثلًا نقول: مفهومه إذا لم يبلغ قلّتين لم يحمل الخبث، أو إذا بلغ قلّتين صار نجسًا فنقول هذا يعمّ ما تغيّر وما لم يتغيّر ويكفي أن نقول إنّه محمول على المتغيّر وحينئذ نكون قد عملنا بإيش؟
الطالب : بالمفهوم.
الشيخ : عملنا بالمفهوم، والمفهوم كما قال أهل الأصول: يكفي في العمل به صورة واحدة، على كلّ حال ما دام الحديث ضعيفًا وعندنا حديث سابق يؤيّده الدليل الأثري ويؤيّده الدّليل النّظري فإنّه لا يعمل به، ويقال: إنّه إذا بلغ قلّتين وحدثت فيه نجاسة فإن غيّرته؟ أجيبوا؟
الطالب : فهو نجس.
الشيخ : فهو نجس مطلقًا، وإن لم تغيّره فهو طهور، إن لم يبلغ قلّتين فالحكم كذلك، إذا حدثت فيه نجاسة إن غيّرته فهو نجس وإن لم تغيّره فهو طهور، ولكن لا شكّ أنّه كلّما قلّ الماء وكبرت النّجاسة كان تغيّر الماء بها أقرب وحينئذ لا بدّ أن نسلك سبيل الاحتياط، أن نسلك سبيل الاحتياط، لأنّه لا شكّ لو نزل نقطة صغيرة بقدر عين الجرادة في ماء يبلغ مثلًا قربة كاملة فهذا يغيّر أو لا؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا يغيّر ولا يؤثّر، فعلى مقتضى هذا الحديث إذا أخذنا بعموم المفهوم يكون نجسا ولكنّه لا يكون نجسًا، ولو سقطت نجاسة كبيرة فيما دون ذلك لكان تغيّر الماء بها؟
الطالب : واضحًا.
الشيخ : قويًّا، قويًّا، فأنت أيّها الإنسان احتط لنفسك الذي يغلب على ظنّك أنّ النّجاسة تؤثّر فيه احتط لا تستعمله إلاّ لحاجة، وأمّا الذي يغلب على ظنّك أنّ النّجاسة لا تؤثّر أو تأكّدت أنّها لا تؤثّر فيه فلا يهمنّك أن يكون قليلًا أو كثيرًا، هذا الذي تدلّ عليه الأدلّة والقواعد العامّة في الشّريعة ولا يكلّف الله نفسًا إلاّ وسعها.