تتمة شرح حديث ( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ، ثم يغتسل فيه). ولمسلم : ( منه ) ، ولأبي داود : ( ولا يغتسل فيه من الجنابة ) . حفظ
الشيخ : " ( لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم الذي لا يجري ثمّ يغتسل فيه ) ".
( لا يبولنّ أحدكم ) هذه " لا " ناهية ويبول فعل مضارع منصوب بلا النّاهية، إن أخطأت فقوّموني.
الطالب : لا ...
الشيخ : لا؟ ليش؟
الطالب : لا النّاهية تجزم.
الشيخ : مجزوم؟
الطالب : ...
الشيخ : لماذا فتح؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
الطالب : لاتّصاله بنون التّوكيد.
الشيخ : لاتّصاله بنون التّوكيد، طيب، وهو إذا اتّصل بنون التّوكيد لفظًا وتقديرًا صار مبنيًّا على الفتح، أمّا إذا اتّصل بها لفظًا لا تقديرًا فإنّه يرفع يعني يكون غير مبني مثل: (( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولُنّ الله )) ولم يقل ليقولَنّ لأنّ النّون قد فصل بينها وبين الفعل بفواصل لكن حذفت لأسباب تصريفيّة. طيب ( لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم ) وفسّره بقوله: ( الذي لا يجري ثمّ يغتسل فيه ) ذكر المحدّثون أنّ هذه الجملة الأخيرة رويت على ثلاثة أوجه: على الرّفع والنّصب والجزم، فعلى رواية الجزم نقرؤها هكذا ( لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم ثمّ يغتسلْ فيه ) وتكون معطوفة على يبولنّ، لكنّها جزمت لأنّها لم يتّصل بها نون التّوكيد، ويكون معنى الحديث لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم الذي لا يجري ولا يغتسل فيه فيكون هذا الحديث مشتملًا على مسألتين كلّ واحدة مستقلّة عن الأخرى، الأولى: النّهي عن البول، والثانية: النّهي عن الاغتسال في الماء الدّائم الذي لا يجري أفهمتم؟ على رواية النّصب تكون ثمّ هنا ملحقة بواو المعيّة، وواو المعيّة بعد النّهي يكون فعلها منصوبًا تقول: لا تأكل السّمكَ وتشربَ اللّبن، أي: مع شرب اللّبن، حملوا ثمّ هنا في العمل على إيش؟ على الواو فقالوا: لا يبولنّ ثمّ يغتسلَ وعلى هذا فيكون المعنى لا يجمع بين البول والاغتسال، لا يجمع بين البول والاغتسال.
طيب على رواية الرّفع يكون النّهي عن مسألة واحدة وهي البول ويكون يغتسل مستأنفة غير معطوفة على يبولنّ ولا منصوبة إلحاقًا بثمّ بواو المعيّة ولكنّها مستأنفة أي: ثمّ هو يغتسل فيه، المعنى أنّه من أقبح الأشياء أنّ شخصًا يبول بماء ثم يذهب يغتسل منه هذا منافٍ للفطرة لأنّ المفروض أنّ الماء إمّا أن يتنجّس بالبول أو تتقذّر منه النّفس، فكيف تبول في الشّيء ثم تذهب تتطهّر به هذا منافٍ للفطرة، ونظيره أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى أن يجلد الرّجل امرأته جلد العبد ثمّ يضاجعها هكذا ( لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثمّ يضاجعها ) المعنى ثمّ هو يضاجعها يعني هذا إيش؟ منافٍ للفطرة والنّفوس، كيف في الصّباح تجلدها جلد العبد وتأتي في اللّيل تضاجعها لتستمع بها؟! هذا تأباه النّفوس في الواقع، وعلى هذا كأنّه يقول لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم ثمّ بعد ذلك يحتاج فيغتسل فيه وهذا ممّا تأباه النّفوس وتنفر منه.
على كلّ حال لنجعلها على المعنى الأوّل ( يغتسلْ فيه ) فيكون هذا الحديث تضمّن النّهي عن مسألتين، الأولى: البول في الماء الدّائم الذي لا يجري، لأنّه إذا بال فيه استقذرته النّفوس وربّما مع كثرة البول وقلّة الماء إيش؟ يتغيّر الماء بالنّجاسة فيفسد، والمسألة الثانية: لا يغتسل في الماء الدّائم وظاهره لا يغتسل لا من جنابة ولا لنظافة بل النّهي عامّ، النّهي عامّ، لكن سيأتي في بعض ألفاظ الحديث التّقييد بالجنابة ليوافق حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم، طيب إذن يكون في هذا الحديث نهي عن مسألتين: عن البول في الماء الدّائم وعن الاغتسال فيه، وهل يقيّد بالجنابة أو يؤخذ على إطلاقه؟ يؤخذ على إطلاقه لأنّنا إذا أخذناه على إطلاقه شمل الغسل من الجنابة والغسل للتّبرّد ونحوه، وهذه جملة معترضة.
ثمّ قال في رواية مسلم: " ولمسلم: ( منه ) " والفرق بين منه وفيه أنّ فيه تدلّ على الانغماس في الماء ومنه تدلّ على الاغتراف وبينهما فرق.
قال: " ولأبي داود: ( ولا يغتسل فيه من الجنابة ) " فهي موافقة لرواية مسلم في حرف الجرّ من، كذا عندكم؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، فيه، طيب ولا يغتسل فيه موافقة لرواية البخاري إلاّ أنّها مقيّدة لها بأنّ المراد يغتسل فيه من الجنابة، وعلى هذا القيد يكون موافقًا للفظ مسلم الذي جعله المؤلّف أصلًا وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( لايغتسل أحدكم في الماء الدّائم وهو جنب ).