الكلام على النهي أصوليا حفظ
الشيخ : قوله: " نهى " النهي طلب الكفّ على وجه الاستعلاء بصيغة مخصوصة، انتبهوا النّهي طلب الكفّ على وجه الإستعلاء بصيغة مخصوصة، فقولنا طلب خرج به الخبر، الخبر ليس طلبًا اللهم إلاّ أن يكون بمعناه بدليل آخر.
الثاني: طلب الكفّ خرج به الأمر لأنّ الأمر طلب الفعل لا طلب الكفّ، وقولنا على وجه الاستعلاء خرج به الدّعاء والالتماس، فقول الإنسان ربّنا لا تؤاخذنا لا يمكن أن نقول إنّه نهي، لأنّ القائل ربّنا لا تؤاخذنا هل قاله على وجه الاستعلاء؟ لا، العكس قالها على وجه الاستذلال والاستعطاف. خرج به أيضًا الالتماس، الالتماس أن يقول الإنسان لزميله أو من كان في درجته أو قريب منه يقول لا تفعل، مثلًا رأيت إنسانًا يعبث فقلت يا أخي لا تعبث أنت ما لك سلطة عليه لأنّه إذا قلت لا تعبث وعبثه قليل أن يزيد لأنّه ليس لديك سلطة لكن تقول لا تعبث التماسًا.
طيب خرج به الدّعاء والالتماس، بصيغة مخصوصة فما هذه الصّيغة؟ صيغة النّهي واحدة وهي المضارع المقرون بلا النّاهية، فيه غيرها؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، هي المضارع المقرون بلا النّاهية، تقول لا تفعل هذا نهي أمّا ما دلّ على الكفّ بصيغة الأمر فهو أمر، كقوله تعالى: (( فاجتنبوا الرّجس من الأوثان واجتنبوا قول الزّور )) لا شكّ أنّ هذا نهي أن نمارس الرّجس من الأوثان لكنّه لا يسمّى نهيًا اصطلاحًا لماذا؟ لأنّه بغير صيغة النّهي بل هو أمر، اجتنبوا هذا طلب كفّ على وجه الاستعلاء وهذا هو الأمر، إذن النّهي آدم؟
الطالب : نعم.
الشيخ : يلاّ كمّل.
الطالب : هو طلب الكفّ على وجه الاستعلاء بصيغة مخصوصة.
الشيخ : ما هي الصّيغة؟
الطالب : الصّيغة هي لا تفعل.
الشيخ : لا تفعل طيب، فإذا قال الصّحابي نهى رسول الله هل نجعله كالصّيغة الصّريحة أو نقول هذا في حكم الصّيغة الصّريحة؟
الطالب : الثّانية.
الشيخ : الثانية نعم، لأنّ كلمة نهى ليس ككلمة لا تفعل، قد يفهم الإنسان من شخص تكلّم معه بكلام أنّه نهى وهو لم ينه، لكن لثقتنا بالصّحابة وثقتنا بمعرفتهم لخطاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقرائن اللّفظ وقرائن الحال يجعلنا نجزم بأنّ النّهي وإن ورد بلفظ نهى أو كان ينهى فهو مثل النّهي الصّريح، فإذا قال قائل: قد يفهم الإنسان ما ليس بنهي نهيًا؟ قلنا هذا بالنّسبة للصّحابة إيش؟
الطالب : ممتنع.
الشيخ : ممتنع وغير وارد، لأنّ الصّحابة أعلم النّاس بصيغ النّهي وأعلم النّاس بمراد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، ولا يمكن لأمانتهم أن يطلقوا هذا اللّفظ من غير أن يفهموا أنّ النّهي صريح، طيب فإذا قال قائل: إذا قلتم هذا لماذا لم يسوقوا اللّفظ لفظ الرّسول وهو لا يغتسل الرّجل بفضل المرأة، نقول ربّما يكون طرأ عليه نسيان، نسوا اللّفظ فرووه بإيش؟
الطالب : بالمعنى.
الشيخ : بالمعنى، وهذا جواب واضح جدًّا وإلاّ فقد يقول قائل: إذن لماذا عبّروا بنهى أو عبّروا عن الأمر بأمر ولم يأتوا بالصّيغة المعيّنة؟ نقول ربّما ينسى الإنسان ويعبّر بما كان يعلمه علم اليقين.