فوائد حديث ( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب ...). حفظ
الشيخ : أمّا ما يستفاد من هذا الحديث ففيه فوائد: منها أنّ الكلب نجس، وجه ذلك: أنّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم أخبر بأنّه لا بدّ من تطهير ما أصابه فقال: طهوره أن يغسله وهذا القول يكاد يكون كالإجماع، ويتفرّع منه الرّدّ على من قال بطهارة الكلب لأنّ الحديث صريح في الرّدّ عليهم.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يجب إذا صاد الكلب صيدًا أن يغسل ما أصابه فمه سبع مرّات إحداها بالتّراب، لأنّ هذا من جنس الولوغ بل هذا يكون أشدّ تلوّثًا منها ما إذا شرب من الماء لأنّه سيأتي بالطّير ممسكًا بأنيابه على هذا الطير وربّما يتفاعل الرّيق مع شدّه على هذا اللّحم ويختلط باللّحم اختلاطًا بالغًا فيكون مثل الولوغ أو أشدّ أفهمتم الآن؟ طيب فهل هذا التّقرير مناسب للحال التي كان عليها النّاس في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وكانوا يصيدون بالكلاب ولم ينقل حرف واحد أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أمر أن يغسل ما أصاب فم الكلب؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ومن ثَمَّ اختلف العلماء في هذه المسألة، فمن العلماء من قال: إنّه يجب أن يغسل الصّيد فيما أصاب فم الكلب، لأنّ هذا مثل الولوغ أو أشدّ، ويغسل بإيش؟ سبع مرّات إحداها بالتّراب، ومعلوم أنّ التّراب يلوّث اللّحم وربّما يفسده فيكون في ذلك إفساد للمال، لكن يقولون الفاسد شيء يسير يكشط بالمدية وينتهي، لكن لنا تخلّص من هذا أي التّلوّث بالتّراب بأن نغسله بالصّابون، لأنّ العلماء يقولون إذا تعذّر استعمال التّراب فإنّه يحلّ محلّه الصّابون ونحوه ممّا يكون تنظيفه قويًّا، لكنّ القول الثاني في المسألة أنّه لا يجب لأنّ النّاس كانوا يصيدون بكلابهم في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، ويسألون الرّسول عن حكم ما أخذه الكلب ويخبرهم بالحكم ولا يشير لا من قريب ولا من بعيد إلى وجوب غسل ما أصاب فمه، وهذا يدلّ على أنّه معفوّ عنه، ولا تعجب أنّ الله تعالى يرفع الضّرر والحرج عن الأمّة بحيث يزول أثر النّجاسة بالكليّة، أرأيت لو اضطّر إنسان إلى ميتة وأكل منها هل تضرّه؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، لكن لو كان غير مضطرّ تضرّه، فالله سبحانه وتعالى يجعل الضّرر والمنفعة ويدفع الضّرر بأمره، فإذا تبيّن أنّ الصّحابة رضي الله عنهم كانوا يصطادون بكلابهم ويسألون الرّسول عن الأحكام ولم يبيّن لهم لا بحرف صحيح ولا ضعيف أنّه يجب عليهم الغسل دلّ ذلك على عدم الوجوب فيكون هذا معفوًّا عنه وهذا القول هو الرّاجح وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الكلب لو بال على شيء فإنّه يغسل سبع مرّات إحداها بالتّراب، يعني لو بال في الإناء وجب أن يراق بوله ويغسل الإناء سبع مرّات إحداها بالتّراب وجه ذلك؟ أنّه إذا كان الرّيق وهو أطهر من البول يجب غسل الإناء بعده سبع مرّات إحداها بالتّراب فالبول من باب أولى، العذرة؟
الطالب : من باب أولى.
الشيخ : من باب أولى أيضًا، وهذا هو الذي عليه الجمهور فقالوا إنّ جميع نجاسة الكلب لا بدّ أن تغسل سبع مرّات إحداها بالتّراب، وقال الظّاهريّة إنّه لا يجب التّسبيع في الغسل واستعمال التّراب إلاّ في الولوغ فقط، أمّا البول والعذرة فإنّهما كسائر النّجاسات وهذا ظاهر على مذهبهم وطريقتهم لأنّهم؟
الطالب : ...
الشيخ : يمنعون القياس، يمنعون القياس، وقال قوم من أهل القياس إنّ هذا الحكم في الولوغ فقط والبول والعذرة كسائر النّجاسات، وعلّلوا ذلك بأنّ الكلاب تقبل وتدبر وتبول في مسجد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وأيضًا الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يعلم أنّ الكلاب تبول في أمكنة النّاس ومجالسهم ولم ينبّه على ذلك، ثمّ علّلوا أيضًا تعليلًا طبّيًّا وقالوا: إنّ ريق الكلب فيه خصيصة لا توجد في بوله وروثه وهي عبارة عن فيروس أو شيء يعني يعرفونه أهل الطّبّ دودة شريطيّة هذه تكون في عنقه وتعلق بالإناء، ثمّ إذا استعمل الإناء بعد ذلك وهو قد تلوّث بهذا وأكل الإنسان من هذا الإناء أو شرب فإنّ هذه الدّودة الشّريطيّة تعلق بالمعدة وتخرّقها وأنّه لا يزيلها إلاّ التّراب، والمسألة عندي أنا متأرجحة، إن نظرنا إلى رأي الجمهور وإلى قبح البول والعذرة أكثر من الرّيق قلنا القول ما قال الجمهور، وإذا نظرنا إلى الأبوال والأرواث من الكلاب في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كثيرة ومع ذلك لم يأمر بغسلها سبع مرّات إحداها بالتّراب رجّحنا قول من يقتصر على الرّيق، طيب فإذا قلنا تعادلت الأدلّة عند الإنسان فما هو الأحوط؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم يعني التعارض من كلّ وجه، الحمد لله أنت إذا غسلت سبع مرّات إحداها بالتّراب من البول والعذرة لم يقل لك أحد إنّ المكان بقي نجسًا لكن لو لم تغسل لقال لك أكثر العلماء إنّ المكان صار نجسًا.
ومن فوائد الحديث: أنّه لا بدّ من استعمال التّراب في تطهير نجاسة الكلب على الخلاف الذي سمعتموه الولوغ أو البول أو العذرة يجب التّراب لقول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: ( أولاهنّ بالتّراب ).
طيب هل يجزئ غير التّراب عنه؟ نعم هذا فيه خلاف أيضًا وفيه جملة معترضة قبل يقول: هل يقوم غير التّراب مقام التّراب؟ يرى بعض أهل العلم أنّ التّراب لا يقوم مقام التّراب لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( أولاهنّ بالتّراب ) فعيّن التّراب هذه واحدة، ولأنّ التّراب أحد الطّهورين، والطّهور الثاني؟ الماء، فإذا كان أحد الطّهورين وعيّنه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فلا بدّ من تعيّنه، ويرى آخرون أنّ غير التّراب يقوم مقامه إذا كان مثله في التّنظيف أو أشدّ، وأنتم تعلمون الآن أنّه وجد مواد كيماويّة أشدّ من التّراب في التّنظيف فتقوم مقام التّراب، وعلّلوا قولهم هذا بأنّ المقصود من إزالة النّجاسة هو زوال عينها وأثرها، فإذا زالت عينها وأثرها بأيّ مزيل حصل المقصود، وأجابوا عن الأوّل قالوا إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم عيّن التّراب لأنّه أيسر ما يكون على النّاس، والرّسول عليه الصّلاة والسّلام قد يعيّن الشّيء ليسره لا لذاته وعينه، ومعلوم أنّه في عهد الصّحابة التّراب من أيسر ما يكون فعيّن التّراب لأنّه أيسر ما يكون لا لأنّه مقصود لذاته، كما يعني لها نظير كما أمر بأن يصبّ على بول الأعرابيّ ماء مع أنّه يمكن إذا بقي أسبوعًا أو شبه ذلك زال أثر البول وطهرت الأرض، لكن أمر أن يصبّ عليه الماء لأنّه أسرع في التّطهير، طيب وأمّا قولهم إنّه أحد الطّهورين فنقول نعم هو أحد الطّهورين لكن طهارة التّيمّم لا يراد منها التّنظيف إنّما يراد بها التّعبّد لله عزّ وجلّ، ولمّا كان الإنسان يتعبّد لربّه عزّ وجلّ بأن يعفّر أشرف ما عنده من الأعضاء بالتّراب صارت هذه الطّهارة الباطنة تسري على الطّهارة الحسيّة الظّاهرة، وإلاّ فمن المعلوم أنّ التّيمّم بالتّراب لا ينظّف ولا يزيل شيئًا وإزالة النّجاسة هل عبادة أو غير عبادة؟
الطالب : ...
الشيخ : ليست عبادة، ولذلك لا يشترط لها نيّة، ويزول حكمها لو أزالها غير مكلّف، ويزول حكمها لو زالت بالمطر ونحوه وعليه فنقول إذا وجد ما يقوم مقام التّراب من الأشياء المنظّفة جيّدا فإنّه يقوم مقام التّراب ولكن لو قال قائل لماذا لا نتبع النّصّ والحمد لله ما يضرّنا نقول نعم حقيقة أنّ الأولى الأخذ بالنّصّ سواء قلنا إنّ غيره يجزئ أو لا يجزئ لماذا؟ لأنّك إذا جعلت التّراب في إزالة نجاسة الكلب فقد طهر المحلّ بالنّصّ والإجماع، لكن إذا استعملت غيره ممّا هو مثله أو أنظف صار في ذلك إيش؟ خلاف، وكلّما تجنّبنا الخلاف مع تساوي الدّليلين فهو أولى لكن لاحظوا الكلمة التي قلت مع تساوي الدّليلين أمّا إن ترجّح أحد القولين فلا عبرة بالخلاف.
طيب ومن فوائد الحديث: أنّه لو وقعت نجاسة الكلب على غير الأواني هل تغسل سبع مرّات؟ يعني مثلًا لو أنّ الكلب جعل يلحس ثوبك أو يلحس ساقك ماذا تقولون؟ يغسل سبع مرّات أولاهنّ بالتّراب إلاّ ما يضرّه التّراب فيستعمل غير التّراب واضح؟ لأنّه لا فرق بين الإناء وغيره، طيب هل يستثنى من ذلك كلب الصّيد والماشية والحرث؟
الطالب : لا.
الشيخ : ذهب بعض العلماء إلى استثناء ذلك وقالوا: المراد بالكلب الكلب السّبعيّ الغير أليف وأمّا الأليف فلا يجب في غسله التّسبيع أو استعمال التّراب، لكنّ هذا القول ضعيف لأنّ اختلاط الكلاب بالنّاس إذا كانت معلّمة أكثر من إيش؟ من اختلاطها إذا كانت غير معلّمة، فكيف نحمل كلام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام على الشّيء القليل وندع الشّيء الكثير؟! هذا بعيد، هذا بعيد، انتبه يا أخ إذن القول بأنّ هذا الحديث في الكلاب التي لا يجوز اقتناؤها قول ضعيف ما الذي يضعفه؟ أنّ اختلاط غير المباحة مع النّاس قليل فلا يمكن أن يحمل كلام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام على الشّيء القليل ويترك الشّيء الكثير.
طيب نظير هذا ولا بأنس أن نأتي به، نظير هذا قول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: ( من مات وعليه صيام صام عنه وليّه ) حمله بعض العلماء على أنّ المراد بذلك النّذر يعني من مات وعليه صيام نذر صام عنه وليّه، وأمّا من مات وعليه صيام رمضان فإنّ وليّه لا يصوم عنه فما تقولون فيه هذا الحمل؟ ضعيف وإلاّ؟
الطالب : ضعيف.
الشيخ : نعم ضعيف، لأنّه كيف نحمل كلام الرّسول على شيء نادر؟ لو سألنا سائل أيّهما أكثر أن يموت الإنسان وعليه أيّام من رمضان أو أن يموت وعليه نذر؟
الطالب : الأوّل.
الشيخ : الأوّل، لأنّ الأوّل يمكن يرد على كلّ واحد، لكن الثاني من يرد عليه على من نذر وما أقلّ النّذر بالنّسبة لصيام رمضان، على كلّ حال الذي يظهر العموم وأنّ هذا عامّ في الكلاب المباحة والكلاب غير المباحة.
الحديث من فوائده: أنّه يعمّ الكلب الصّغير والكبير، والأسود والأحمر والأبيض أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب، لعموم قوله الكلب، ولا يقال أنّ الكلب التي ظاهرها العموم مقيّدة بالكلب الأسود كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قطع الصّلاة أنّه يقطعها الكلب الأسود، وذلك لاختلاف الحكمين لأنّ هذا في محلّ وهذا في محلّ، فلا يمكن أن يحمل هذا المطلق على المقيّد هناك.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ من النّجاسات ما هو مغلّظ وما هو تعبّديّ، نجاسة الكلب الآن؟
الطالب : مغلّظة.
الشيخ : مغلّظة، كونها بسبع دون خمس أو ثلاث أو تسع هذا؟
الطالب : تعبّدي.
الشيخ : هذا تعبّديّ، يعني أوّلًا يرى كثير من الفقهاء أنّ تعداد تطهير ما ولغ فيه الكلب تعبديّ أصلًا هو تعبّديّ، ومن رأى أنّه لعلّة وهي ما يحصل من التّلوّث بريقه، يبقى عنده التّعبّديّ في إيش؟ في تعيين السّبع وأن تكون إحداها بالتّراب، طيب فهل النّجاسات الأخرى من حيوان أخبث من الكلب يكون حكمها حكمه؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، وبذلك يتبيّن ضعف من قاس الخنزير على الكلب في أنّ نجاسته تغسل سبع مرّات إحداها بالتّراب، لأنّ بعض أهل العلم رحمهم الله قالوا: نجاسة الخنزير أقبح من نجاسة الكلب، الخنزير معروف أنّه يأكل إيش؟
الطالب : العذرة.
الشيخ : العذرة النّجاسة، وهو أيضًا ديّوث ومن أبلغ الحيوانات في الدّياثة ما يبالي أنّ أحدا من الخنازير ينزو على أنثاه ولا يهتمّ بذلك فيقول ما دام أخبث من الكلب فيجب أن تلحق نجاسته بنجاسة الكلب فهل هذا القياس صحيح؟ لا، خصوصًا إذا قلنا إنّ النّجاسة نجاسة الكلب يجب غسلها سبع مرّات تعبّدًا، طيب بهذا نعرف أنّ النّجاسات منها مغلّظ ومنها مخفّف وهو كذلك، وإتمامًا للفائدة نقول النّجاسات ثلاثة أقسام: قسم مغلّظ وهو نجاسة الكلب، وقسم مخفّف وهو نوعان: بول الذّكر الصّغير الذي لم يأكل الطّعام يعني يتغذّى باللّبن وهو ذكر، إذن ذكر وهو إيش؟
الطالب : صغير.
الشيخ : صغير لم يأكل الطّعام يعني لم يتغذّ به، والثاني المذي وهو الذي يخرج من الإنسان عقب الشّهوة فلا هو بول ولا هو منيّ، هو في منزلة بين منزلتين ولكنّها ليست منزلة المعتزلة، في منزلة بين منزلتين بين البول وبين المنيّ، لأنّ المنيّ طاهر وذلك لأنّ قوّة الشّهوة أنضجته وأزالت ما فيه من الأذى حتى صار طاهرًا، البول خبيث، المذيّ بينهما فلذلك صارت نجاسته مخفّفة كيف مخفّفة؟ يعني أنّه يكفي فيها النّضح أي أن تغمرها بالماء ويكفي، تأتي بالإبريق وتصبّه على المكان النّجس ما يحتاج عصر ولا فرك ولا شيء، هذه النّجاسة نقول إنها؟
الطالب : ...
الشيخ : ... الثالثة متوّسطة بين ذلك وهي باقي النّجاسات حتى نجاسة الخنزير، واضح يا جماعة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب، من فوائد هذا الحديث: أنّ الغسل لا بدّ أن يكون من مالك الإناء الذي ولغ فيه الكلب، توافقون على هذا؟
الطالب : ...
الشيخ : يا إخوان! إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله.
الطالب : هذا غالب.
الشيخ : نقول نعم، هذا للغالب، ولدينا قاعدة عند العلماء الأصوليّين يقولون القيد الأغلبيّ لا مفهوم له، وهذه فائدة تنفعك في مواطن كثيرة، القيد الأغلب لا مفهوم له، وبناء على ذلك لو رأيتُ كلبًا ولغ في إناء جاري وأخشى أنّ هذا الجار يأتي ويشرب من هذا الإناء وهو لا يدري فقمت وغسلته سبع مرّات إحداها بالتّراب يكفي وإلاّ ما يكفي؟
الطالب : يكفي.
الشيخ : يكفي؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ولو كان الإناء لغيره؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، لأنّ قيد إناء أحدكم بناء على الأغلب، طيب يستفاد من هذا الحديث أنّ الكلب محرّم الأكل، من أين عرفنا ذلك؟
الطالب : من باب أولى.
الشيخ : لدينا قاعدة يا جماعة أعطيتكم إياها من قبل، القاعدة ذكرنا قبل: كلّ نجس فهو حرام وليس كلّ حرام نجسًا، طيب إذن نقول هو حرام خلافًا لمن قال من العلماء إنّه مكروه لأنّ الأصل الحلّ، لأنّ بعض العلماء يقول إنّه مكروه لأنّ الأصل الحلّ، وغفل عن أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن كلّ ذي ناب من السّباع فإنّ الكلب بلا شكّ له ناب يفترس به، أليس يأتي بالصّيد؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب إذن داخل في الحديث، ثمّ هذا الحديث الذي معنا أيضًا يدلّ على أنّه حرام لأنّه إذا كان يجب علينا أن نتوقّى من ولوغه كيف ندخل لحمه في بطوننا؟ فإذا اضطرّ الإنسان إلى ذلك يأكله؟
الطالب : نعم.
الشيخ : كيف يأكله؟ طيب أكله هل يجب عليه أن يغسل فمه سبع مرّات إحداها بالتراب؟
الطالب : لا.
الشيخ : كيف؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب نشوف نبحث عن المسألة هذه، هل نقول لما أباحه الله ارتفعت النّجاسة عنه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، كالحمير حينما كانت مباحة ليست نجسة ولمّا حرّمت صارت نجسة، أو نقول إنّه يجوز أن يتبعّض الحكم فيقال من أجل الضّرورة أبحناه لك لكن النّجاسة باقية، فلا بدّ أن تغسل فمك إحداها بالتّراب.
الطالب : لا.
الشيخ : ويشكل على هذا شيء آخر هل يغسل بطنه سبعًا إحداها بالتّراب؟
الطالب : لا.
الشيخ : الظّاهر والله أعلم نظرًا للعلل الشّرعيّة أنّه إذا حلّ أكله ارتفعت نجاسته، هذا الظاهر كما قلنا ومن باب أولى كما قلنا في الصّيد إنّ الله لما أباح صيده ارتفعت النّجاسة وعفي عن النّجاسة في الصّحّ هذا هو الأصحّ.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّه يجب إذا صاد الكلب صيدًا أن يغسل ما أصابه فمه سبع مرّات إحداها بالتّراب، لأنّ هذا من جنس الولوغ بل هذا يكون أشدّ تلوّثًا منها ما إذا شرب من الماء لأنّه سيأتي بالطّير ممسكًا بأنيابه على هذا الطير وربّما يتفاعل الرّيق مع شدّه على هذا اللّحم ويختلط باللّحم اختلاطًا بالغًا فيكون مثل الولوغ أو أشدّ أفهمتم الآن؟ طيب فهل هذا التّقرير مناسب للحال التي كان عليها النّاس في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام وكانوا يصيدون بالكلاب ولم ينقل حرف واحد أنّ الرّسول عليه الصّلاة والسّلام أمر أن يغسل ما أصاب فم الكلب؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، ومن ثَمَّ اختلف العلماء في هذه المسألة، فمن العلماء من قال: إنّه يجب أن يغسل الصّيد فيما أصاب فم الكلب، لأنّ هذا مثل الولوغ أو أشدّ، ويغسل بإيش؟ سبع مرّات إحداها بالتّراب، ومعلوم أنّ التّراب يلوّث اللّحم وربّما يفسده فيكون في ذلك إفساد للمال، لكن يقولون الفاسد شيء يسير يكشط بالمدية وينتهي، لكن لنا تخلّص من هذا أي التّلوّث بالتّراب بأن نغسله بالصّابون، لأنّ العلماء يقولون إذا تعذّر استعمال التّراب فإنّه يحلّ محلّه الصّابون ونحوه ممّا يكون تنظيفه قويًّا، لكنّ القول الثاني في المسألة أنّه لا يجب لأنّ النّاس كانوا يصيدون بكلابهم في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، ويسألون الرّسول عن حكم ما أخذه الكلب ويخبرهم بالحكم ولا يشير لا من قريب ولا من بعيد إلى وجوب غسل ما أصاب فمه، وهذا يدلّ على أنّه معفوّ عنه، ولا تعجب أنّ الله تعالى يرفع الضّرر والحرج عن الأمّة بحيث يزول أثر النّجاسة بالكليّة، أرأيت لو اضطّر إنسان إلى ميتة وأكل منها هل تضرّه؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا، لكن لو كان غير مضطرّ تضرّه، فالله سبحانه وتعالى يجعل الضّرر والمنفعة ويدفع الضّرر بأمره، فإذا تبيّن أنّ الصّحابة رضي الله عنهم كانوا يصطادون بكلابهم ويسألون الرّسول عن الأحكام ولم يبيّن لهم لا بحرف صحيح ولا ضعيف أنّه يجب عليهم الغسل دلّ ذلك على عدم الوجوب فيكون هذا معفوًّا عنه وهذا القول هو الرّاجح وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ الكلب لو بال على شيء فإنّه يغسل سبع مرّات إحداها بالتّراب، يعني لو بال في الإناء وجب أن يراق بوله ويغسل الإناء سبع مرّات إحداها بالتّراب وجه ذلك؟ أنّه إذا كان الرّيق وهو أطهر من البول يجب غسل الإناء بعده سبع مرّات إحداها بالتّراب فالبول من باب أولى، العذرة؟
الطالب : من باب أولى.
الشيخ : من باب أولى أيضًا، وهذا هو الذي عليه الجمهور فقالوا إنّ جميع نجاسة الكلب لا بدّ أن تغسل سبع مرّات إحداها بالتّراب، وقال الظّاهريّة إنّه لا يجب التّسبيع في الغسل واستعمال التّراب إلاّ في الولوغ فقط، أمّا البول والعذرة فإنّهما كسائر النّجاسات وهذا ظاهر على مذهبهم وطريقتهم لأنّهم؟
الطالب : ...
الشيخ : يمنعون القياس، يمنعون القياس، وقال قوم من أهل القياس إنّ هذا الحكم في الولوغ فقط والبول والعذرة كسائر النّجاسات، وعلّلوا ذلك بأنّ الكلاب تقبل وتدبر وتبول في مسجد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وأيضًا الرّسول عليه الصّلاة والسّلام يعلم أنّ الكلاب تبول في أمكنة النّاس ومجالسهم ولم ينبّه على ذلك، ثمّ علّلوا أيضًا تعليلًا طبّيًّا وقالوا: إنّ ريق الكلب فيه خصيصة لا توجد في بوله وروثه وهي عبارة عن فيروس أو شيء يعني يعرفونه أهل الطّبّ دودة شريطيّة هذه تكون في عنقه وتعلق بالإناء، ثمّ إذا استعمل الإناء بعد ذلك وهو قد تلوّث بهذا وأكل الإنسان من هذا الإناء أو شرب فإنّ هذه الدّودة الشّريطيّة تعلق بالمعدة وتخرّقها وأنّه لا يزيلها إلاّ التّراب، والمسألة عندي أنا متأرجحة، إن نظرنا إلى رأي الجمهور وإلى قبح البول والعذرة أكثر من الرّيق قلنا القول ما قال الجمهور، وإذا نظرنا إلى الأبوال والأرواث من الكلاب في عهد الرّسول عليه الصّلاة والسّلام كثيرة ومع ذلك لم يأمر بغسلها سبع مرّات إحداها بالتّراب رجّحنا قول من يقتصر على الرّيق، طيب فإذا قلنا تعادلت الأدلّة عند الإنسان فما هو الأحوط؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم يعني التعارض من كلّ وجه، الحمد لله أنت إذا غسلت سبع مرّات إحداها بالتّراب من البول والعذرة لم يقل لك أحد إنّ المكان بقي نجسًا لكن لو لم تغسل لقال لك أكثر العلماء إنّ المكان صار نجسًا.
ومن فوائد الحديث: أنّه لا بدّ من استعمال التّراب في تطهير نجاسة الكلب على الخلاف الذي سمعتموه الولوغ أو البول أو العذرة يجب التّراب لقول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: ( أولاهنّ بالتّراب ).
طيب هل يجزئ غير التّراب عنه؟ نعم هذا فيه خلاف أيضًا وفيه جملة معترضة قبل يقول: هل يقوم غير التّراب مقام التّراب؟ يرى بعض أهل العلم أنّ التّراب لا يقوم مقام التّراب لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( أولاهنّ بالتّراب ) فعيّن التّراب هذه واحدة، ولأنّ التّراب أحد الطّهورين، والطّهور الثاني؟ الماء، فإذا كان أحد الطّهورين وعيّنه الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فلا بدّ من تعيّنه، ويرى آخرون أنّ غير التّراب يقوم مقامه إذا كان مثله في التّنظيف أو أشدّ، وأنتم تعلمون الآن أنّه وجد مواد كيماويّة أشدّ من التّراب في التّنظيف فتقوم مقام التّراب، وعلّلوا قولهم هذا بأنّ المقصود من إزالة النّجاسة هو زوال عينها وأثرها، فإذا زالت عينها وأثرها بأيّ مزيل حصل المقصود، وأجابوا عن الأوّل قالوا إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم عيّن التّراب لأنّه أيسر ما يكون على النّاس، والرّسول عليه الصّلاة والسّلام قد يعيّن الشّيء ليسره لا لذاته وعينه، ومعلوم أنّه في عهد الصّحابة التّراب من أيسر ما يكون فعيّن التّراب لأنّه أيسر ما يكون لا لأنّه مقصود لذاته، كما يعني لها نظير كما أمر بأن يصبّ على بول الأعرابيّ ماء مع أنّه يمكن إذا بقي أسبوعًا أو شبه ذلك زال أثر البول وطهرت الأرض، لكن أمر أن يصبّ عليه الماء لأنّه أسرع في التّطهير، طيب وأمّا قولهم إنّه أحد الطّهورين فنقول نعم هو أحد الطّهورين لكن طهارة التّيمّم لا يراد منها التّنظيف إنّما يراد بها التّعبّد لله عزّ وجلّ، ولمّا كان الإنسان يتعبّد لربّه عزّ وجلّ بأن يعفّر أشرف ما عنده من الأعضاء بالتّراب صارت هذه الطّهارة الباطنة تسري على الطّهارة الحسيّة الظّاهرة، وإلاّ فمن المعلوم أنّ التّيمّم بالتّراب لا ينظّف ولا يزيل شيئًا وإزالة النّجاسة هل عبادة أو غير عبادة؟
الطالب : ...
الشيخ : ليست عبادة، ولذلك لا يشترط لها نيّة، ويزول حكمها لو أزالها غير مكلّف، ويزول حكمها لو زالت بالمطر ونحوه وعليه فنقول إذا وجد ما يقوم مقام التّراب من الأشياء المنظّفة جيّدا فإنّه يقوم مقام التّراب ولكن لو قال قائل لماذا لا نتبع النّصّ والحمد لله ما يضرّنا نقول نعم حقيقة أنّ الأولى الأخذ بالنّصّ سواء قلنا إنّ غيره يجزئ أو لا يجزئ لماذا؟ لأنّك إذا جعلت التّراب في إزالة نجاسة الكلب فقد طهر المحلّ بالنّصّ والإجماع، لكن إذا استعملت غيره ممّا هو مثله أو أنظف صار في ذلك إيش؟ خلاف، وكلّما تجنّبنا الخلاف مع تساوي الدّليلين فهو أولى لكن لاحظوا الكلمة التي قلت مع تساوي الدّليلين أمّا إن ترجّح أحد القولين فلا عبرة بالخلاف.
طيب ومن فوائد الحديث: أنّه لو وقعت نجاسة الكلب على غير الأواني هل تغسل سبع مرّات؟ يعني مثلًا لو أنّ الكلب جعل يلحس ثوبك أو يلحس ساقك ماذا تقولون؟ يغسل سبع مرّات أولاهنّ بالتّراب إلاّ ما يضرّه التّراب فيستعمل غير التّراب واضح؟ لأنّه لا فرق بين الإناء وغيره، طيب هل يستثنى من ذلك كلب الصّيد والماشية والحرث؟
الطالب : لا.
الشيخ : ذهب بعض العلماء إلى استثناء ذلك وقالوا: المراد بالكلب الكلب السّبعيّ الغير أليف وأمّا الأليف فلا يجب في غسله التّسبيع أو استعمال التّراب، لكنّ هذا القول ضعيف لأنّ اختلاط الكلاب بالنّاس إذا كانت معلّمة أكثر من إيش؟ من اختلاطها إذا كانت غير معلّمة، فكيف نحمل كلام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام على الشّيء القليل وندع الشّيء الكثير؟! هذا بعيد، هذا بعيد، انتبه يا أخ إذن القول بأنّ هذا الحديث في الكلاب التي لا يجوز اقتناؤها قول ضعيف ما الذي يضعفه؟ أنّ اختلاط غير المباحة مع النّاس قليل فلا يمكن أن يحمل كلام الرّسول عليه الصّلاة والسّلام على الشّيء القليل ويترك الشّيء الكثير.
طيب نظير هذا ولا بأنس أن نأتي به، نظير هذا قول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: ( من مات وعليه صيام صام عنه وليّه ) حمله بعض العلماء على أنّ المراد بذلك النّذر يعني من مات وعليه صيام نذر صام عنه وليّه، وأمّا من مات وعليه صيام رمضان فإنّ وليّه لا يصوم عنه فما تقولون فيه هذا الحمل؟ ضعيف وإلاّ؟
الطالب : ضعيف.
الشيخ : نعم ضعيف، لأنّه كيف نحمل كلام الرّسول على شيء نادر؟ لو سألنا سائل أيّهما أكثر أن يموت الإنسان وعليه أيّام من رمضان أو أن يموت وعليه نذر؟
الطالب : الأوّل.
الشيخ : الأوّل، لأنّ الأوّل يمكن يرد على كلّ واحد، لكن الثاني من يرد عليه على من نذر وما أقلّ النّذر بالنّسبة لصيام رمضان، على كلّ حال الذي يظهر العموم وأنّ هذا عامّ في الكلاب المباحة والكلاب غير المباحة.
الحديث من فوائده: أنّه يعمّ الكلب الصّغير والكبير، والأسود والأحمر والأبيض أليس كذلك؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب، لعموم قوله الكلب، ولا يقال أنّ الكلب التي ظاهرها العموم مقيّدة بالكلب الأسود كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قطع الصّلاة أنّه يقطعها الكلب الأسود، وذلك لاختلاف الحكمين لأنّ هذا في محلّ وهذا في محلّ، فلا يمكن أن يحمل هذا المطلق على المقيّد هناك.
ومن فوائد هذا الحديث: أنّ من النّجاسات ما هو مغلّظ وما هو تعبّديّ، نجاسة الكلب الآن؟
الطالب : مغلّظة.
الشيخ : مغلّظة، كونها بسبع دون خمس أو ثلاث أو تسع هذا؟
الطالب : تعبّدي.
الشيخ : هذا تعبّديّ، يعني أوّلًا يرى كثير من الفقهاء أنّ تعداد تطهير ما ولغ فيه الكلب تعبديّ أصلًا هو تعبّديّ، ومن رأى أنّه لعلّة وهي ما يحصل من التّلوّث بريقه، يبقى عنده التّعبّديّ في إيش؟ في تعيين السّبع وأن تكون إحداها بالتّراب، طيب فهل النّجاسات الأخرى من حيوان أخبث من الكلب يكون حكمها حكمه؟
الطالب : ...
الشيخ : لا، وبذلك يتبيّن ضعف من قاس الخنزير على الكلب في أنّ نجاسته تغسل سبع مرّات إحداها بالتّراب، لأنّ بعض أهل العلم رحمهم الله قالوا: نجاسة الخنزير أقبح من نجاسة الكلب، الخنزير معروف أنّه يأكل إيش؟
الطالب : العذرة.
الشيخ : العذرة النّجاسة، وهو أيضًا ديّوث ومن أبلغ الحيوانات في الدّياثة ما يبالي أنّ أحدا من الخنازير ينزو على أنثاه ولا يهتمّ بذلك فيقول ما دام أخبث من الكلب فيجب أن تلحق نجاسته بنجاسة الكلب فهل هذا القياس صحيح؟ لا، خصوصًا إذا قلنا إنّ النّجاسة نجاسة الكلب يجب غسلها سبع مرّات تعبّدًا، طيب بهذا نعرف أنّ النّجاسات منها مغلّظ ومنها مخفّف وهو كذلك، وإتمامًا للفائدة نقول النّجاسات ثلاثة أقسام: قسم مغلّظ وهو نجاسة الكلب، وقسم مخفّف وهو نوعان: بول الذّكر الصّغير الذي لم يأكل الطّعام يعني يتغذّى باللّبن وهو ذكر، إذن ذكر وهو إيش؟
الطالب : صغير.
الشيخ : صغير لم يأكل الطّعام يعني لم يتغذّ به، والثاني المذي وهو الذي يخرج من الإنسان عقب الشّهوة فلا هو بول ولا هو منيّ، هو في منزلة بين منزلتين ولكنّها ليست منزلة المعتزلة، في منزلة بين منزلتين بين البول وبين المنيّ، لأنّ المنيّ طاهر وذلك لأنّ قوّة الشّهوة أنضجته وأزالت ما فيه من الأذى حتى صار طاهرًا، البول خبيث، المذيّ بينهما فلذلك صارت نجاسته مخفّفة كيف مخفّفة؟ يعني أنّه يكفي فيها النّضح أي أن تغمرها بالماء ويكفي، تأتي بالإبريق وتصبّه على المكان النّجس ما يحتاج عصر ولا فرك ولا شيء، هذه النّجاسة نقول إنها؟
الطالب : ...
الشيخ : ... الثالثة متوّسطة بين ذلك وهي باقي النّجاسات حتى نجاسة الخنزير، واضح يا جماعة؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب، من فوائد هذا الحديث: أنّ الغسل لا بدّ أن يكون من مالك الإناء الذي ولغ فيه الكلب، توافقون على هذا؟
الطالب : ...
الشيخ : يا إخوان! إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله.
الطالب : هذا غالب.
الشيخ : نقول نعم، هذا للغالب، ولدينا قاعدة عند العلماء الأصوليّين يقولون القيد الأغلبيّ لا مفهوم له، وهذه فائدة تنفعك في مواطن كثيرة، القيد الأغلب لا مفهوم له، وبناء على ذلك لو رأيتُ كلبًا ولغ في إناء جاري وأخشى أنّ هذا الجار يأتي ويشرب من هذا الإناء وهو لا يدري فقمت وغسلته سبع مرّات إحداها بالتّراب يكفي وإلاّ ما يكفي؟
الطالب : يكفي.
الشيخ : يكفي؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ولو كان الإناء لغيره؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، لأنّ قيد إناء أحدكم بناء على الأغلب، طيب يستفاد من هذا الحديث أنّ الكلب محرّم الأكل، من أين عرفنا ذلك؟
الطالب : من باب أولى.
الشيخ : لدينا قاعدة يا جماعة أعطيتكم إياها من قبل، القاعدة ذكرنا قبل: كلّ نجس فهو حرام وليس كلّ حرام نجسًا، طيب إذن نقول هو حرام خلافًا لمن قال من العلماء إنّه مكروه لأنّ الأصل الحلّ، لأنّ بعض العلماء يقول إنّه مكروه لأنّ الأصل الحلّ، وغفل عن أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نهى عن كلّ ذي ناب من السّباع فإنّ الكلب بلا شكّ له ناب يفترس به، أليس يأتي بالصّيد؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب إذن داخل في الحديث، ثمّ هذا الحديث الذي معنا أيضًا يدلّ على أنّه حرام لأنّه إذا كان يجب علينا أن نتوقّى من ولوغه كيف ندخل لحمه في بطوننا؟ فإذا اضطرّ الإنسان إلى ذلك يأكله؟
الطالب : نعم.
الشيخ : كيف يأكله؟ طيب أكله هل يجب عليه أن يغسل فمه سبع مرّات إحداها بالتراب؟
الطالب : لا.
الشيخ : كيف؟
الطالب : ...
الشيخ : طيب نشوف نبحث عن المسألة هذه، هل نقول لما أباحه الله ارتفعت النّجاسة عنه؟
الطالب : نعم.
الشيخ : نعم، كالحمير حينما كانت مباحة ليست نجسة ولمّا حرّمت صارت نجسة، أو نقول إنّه يجوز أن يتبعّض الحكم فيقال من أجل الضّرورة أبحناه لك لكن النّجاسة باقية، فلا بدّ أن تغسل فمك إحداها بالتّراب.
الطالب : لا.
الشيخ : ويشكل على هذا شيء آخر هل يغسل بطنه سبعًا إحداها بالتّراب؟
الطالب : لا.
الشيخ : الظّاهر والله أعلم نظرًا للعلل الشّرعيّة أنّه إذا حلّ أكله ارتفعت نجاسته، هذا الظاهر كما قلنا ومن باب أولى كما قلنا في الصّيد إنّ الله لما أباح صيده ارتفعت النّجاسة وعفي عن النّجاسة في الصّحّ هذا هو الأصحّ.