تتمة فوائد حديث ( لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ...). حفظ
الشيخ : في حديث حذيفة ذكرنا إيش؟ فوائد لكن ما أدري ما الذي سبق؟
الطالب : ...
الشيخ : إيش؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم طيب، استدلّ بهذا الحديث من قال إنّ الكفّار لا يخاطبون بفروع الإسلام ولا يعاقبون عليها -مسعود معنا وإلاّ رايح؟ هاه؟ أسألك هل أنت معنا أو لا؟- لقوله: ( فإنّها لهم في الدّنيا ) واللاّم للإباحة وإن شئت فقل للاختصاص، وهذا أحد الأقوال في المسألة أنّ الكفّار مخاطبون بفروع الإسلام كما هم مخاطبون بأصل الإسلام، وذهب بعض أهل أنّهم مخاطبون بفروع الإسلام واستدلّوا بقول الله تعالى: (( إلاّ أصحاب اليمين في جنّات يتساءلون * عن المجرمين * ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلّين * ولم نك نطعم المسكين * وكنّا نخوض مع الخائضين * وكنّا نكذّب بيوم الدّين )) ووجه الدّلالة من الآية لولا أنّهم عذّبوا على هذه الأعمال لم يكن لذكرها فائدة، ومن جملة ما ذكروا أنّهم لا يطعمون الطّعام وإطعام الطّعام أعلاه الزّكاة وتاركها لا يكفر فدلّ هذا على أنّهم مخاطبون بفروع الإسلام هذه من جهة الأثر، من جهة النّظر إذا قيل إذا كان المسلم يعاقب على ترك هذه الأشياء ويخاطب بها فالكافر من باب أولى وهذا هو الرّاجح، والجواب عن حديث حذيفة أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أخبر عن واقع، والإخبار عن الواقع لا يدلّ على جوازه كقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( لتركبنّ سنن من كان قبلكم حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه، قالوا: اليهود والنّصارى؟ قال: فمن ) فأخبر أنّنا سنركب ذلك وأكّد ذلك ومع هذا فإنّه لا يجوز بالإجماع، كذلك أخبر أنّ الضّعينة وهي المرأة تسير من كذا إلى كذا لا تخشى إلاّ الله وهذا المراد به استتباب الأمن، وليس المراد أنّ ذلك جائز فالإخبار عن الواقع كونا وقدرا لا يدلّ على جوازه شرعًا فهي لهم في الدّنيا لأنّهم يستعملونها ولا يبالون ولكنّ هذا ليس إقرارًا لهم عليها فإن قال قائل إذا رأينا كافرا يشرب في آنية الذّهب والفضّة على هذا التّقدير يجب أن ننكر عليه، قلنا لا يجب لأنّ الواجب في دعوة الكافر أن نبدأ بالأهمّ فالأهمّ، ولهذا لمّا بعث النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم معاذًا إلى اليمن أمره أن يكون أوّل ما يدعوهم إليه هو شهادة ألاّ إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله ثمّ إن أجابوا أخبرهم بفرض الصّلاة، ثمّ إن أجابوا أخبرهم بفرض الزّكاة، فدلّ هذا على أنّنا نأمرهم أوّلًا أن يسلموا، نعم يجب علينا أن ننكر عليهم ما يعلنونه من شعائر كفرهم في بلاد الإسلام كشرب الخمر مثلًا وما أشبه ذلك، نمنعهم من هذا لأنّ هذا محرّم عندنا ولا يجوز لهم إلاّ أن يخضعوا لأحكام الإسلام حتى يكون الإسلام هو الأعلى.
من فوائد هذا الحديث: أنّ الإنسان لا ينبغي له أن يأسى على ما فاته من أمر الدّنيا من التّنعّم فيها لماذا؟ لأنّ المؤمن له الآخرة، وقد قال الله تعالى: (( والآخرة خير وأبقى )) وهذا عامّ، وقال لنبيّه محمًّدا صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: (( وللآخرة خير لك من الأولى )).
ومن فوائد هذا الحديث أيضًا: إثبات الآخرة وما فيها من النّعيم لقوله: ( ولكم في الآخرة ).
ومن فوائده: أنّه ينبغي أن يسلّى الإنسان بما فاته من نعيم الدّنيا، وجه ذلك: أن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لمّا نهى عن الشّرب والأكل في أواني الذّهب والفضّة سلّى المؤمنين يعني ذكر لهم ما يتسلّون به وهو أنّها لنا في الآخرة، والآخرة ليست ببعيدة.
طيب ومن فوائد هذا الحديث: إذا نظرنا إلى سياق حذيفة له أنّه ينبغي للإنسان إن لم نقل يجب على الإنسان أن يدفع عن نفسه ما يخاف منه التّهمة، من أين أخذت؟ من قوله: " ألا إنّي أخبركم أنّي قد نهيته " لئلاّ يتّهم حذيفة رضي الله عنه ولهذا أصل في السّنّة وهو ما يروى عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ( رحم الله امرءًا كفّ الغيبة عن نفسه ) وله أصل من فعل الرّسول حيث كان قد قام مع زوجه صفيّة بنت حيي وقد انصرفت منه وهي قد حضرت في اللّيل وهو معتكف في المسجد فأبصره رجلان من الأنصار فأسرعا، أسرعا خجلًا من النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام واستحياء منه، لأنّ مثل هذا الأمر إذا كان من معظّم لدى الإنسان فإنّه يخجل، أنت الآن لو تمشي في السّوق وتجد شخصًا تعظّمه وتجلّه وتكرمه معه امرأته ألا تخجل؟ أنا أخجل ما أدري هل أنتم تخجلون أو لا؟
الطالب : ...
الشيخ : أنا أخجل وأسرع، فالصّحابيان أسرعا خجلًا لا شكّ، لكن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام خاف أن يقذف الشّيطان في قلوبهما شرًّا فقال إنّها صفيّة ولهذا تعجّبا رضي الله عنهما فقالا: يا رسول الله سبحان الله! فقال: ( إنّ الشّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم وإنّي خفت أن يقذف في قلوبكما شرًّا -أو قال- شيئًا ) المهمّ أنّه ينبغي للإنسان أن يدفع التّهمة عن نفسه، طيب وهل له أن يحلف على ذلك دون أن يستحلف؟ نعم له أن يحلف على ذلك دون أن يستحلف إذا كان صاحبه لا يقتنع إلاّ بمثل ذلك فلو أنّ رجلا أحسست أنّه يظنّ أنّك قد نممت به إلى أحد من النّاس ... بتصرّفه أو من صفحات وجهه أو ما أشبه ذلك فقلت إنّ بعض النّاس يظنّ كذا وكذا أنّي فعلت ولكنّني لم أفعل وأقسمت على ذلك فلا بأس لأنّ الشّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم.