تتمة الحديث السابق ( وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، إنا بأرض قوم أهل كتاب ، أفنأكل في آنيتهم ؟ قال : لا تأكلوا فيها إلا أن تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها ) . متفق عليه . حفظ
الشيخ : وعلى هذا فنقول إن أمكنك أن تقدّر شيئًا محذوفًا بعد الهمزة عطف عليه ما بعد العاطف فهذا أولى، وإذا لم يمكنك فعليك بالقول الثاني الذي جعلناه أوّلًا، لأنّ الإنسان إذا لم يجد الماء فإنّه يتيمّم فإذا استعصى عليك أن تقدّر شيئًا مناسبًا فقل الهمزة كان مكانها بعد الفاء والفاء هي التي عطفت الجملة، وليس فيه إلاّ عطف جملة إنشائية على جملة خبريّة هنا ماذا نقدّر إذا أخذنا بالقول الثاني؟ هل نقدّر أنخالطهم فنأكل في آنيتهم؟
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟ ماذا نقدّر؟
الطالب : ...
الشيخ : أنستعمل أوانيهم فنأكل في آنيتهم ... ما أتيت بشيء جديد، يعني أنخالطهم فنأكل.
الطالب : ...
الشيخ : لا لا، هذه ... اتركها ... نعم؟
الطالب : ...
الشيخ : أنطعم فنأكل؟!
الطالب : ...
الشيخ : لا ما يصلح، على كلّ أقرب شيء عندي أن نقول: أنخالطهم فنأكل في آنيتهم، أو أنستعير منهم فنأكل في آنيتهم أو ما أشبه ذلك، وقولهم آنيتهم سبق أنّ الآنية جمع إناء وهو الوعاء فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( لا تأكلوا فيها إلاّ أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها ) فاشترط النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شرطين: الشّرط الأوّل: أن لا نجد غيرها، والشّرط الثاني: أن نغسلها ونأكل فيها، ومعلوم أنّنا لو غسلناها مع وجود غيرها جاز لنا أن نأكل فيها لأنّها أصبحت طاهرة، وقد ذكر بعض العلماء رحمهم الله أنّ سبب ذلك أنّهم كانوا يطبخون في آنيتهم الخنزير ويشربون فيها الخمور، والخنزير معلوم أنّه نجس والخمر على رأي هؤلاء نجسة، ولكنّ هذا لم يثبت من حيث الأثر، لم يثبت، ثم أنّه لو ثبت لقلنا وإذا كانوا يأكلون الخنزير وإذا كانوا يشربون الخمر وغسلناها هل يشترط أن لا نجد غيرها فنستعملها أو لا يشترط؟ لا يشترط، ولهذا سنبيّن إن شاء الله التّعليل الصّحيح في هذه المسألة بعد الكلام على الفوائد.