وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ). متفق عليه ، واللفظ لمسلم . حفظ
الشيخ : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أمتي يأتون يوم القيامة غرًا محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) متفق عليه ، واللفظ لمسلم " :
سمعته يقول : ( إن أمتي يأتون ) والمراد بالأمة هنا أمة الإجابة لأن الأمة يراد بها أمة الدعوة يعني الأمة التي وجهت إليها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يعم جميع الناس، منذ بعث الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة كلهم أمته.
وأمة الإجابة وهم الذين استجابوا للرسول عليه الصلاة والسلام .
فأمة الدعوة وجهت إليهم الدعوة فمنهم من آمن ومنهم من كفر، وأمة الإجابة هم الذين استجابوا فكل فضل ورد في الأمة أمة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يحمل على أمة الإجابة ، لأن أمة الكفر ليس لها فضيلة .
يقول : ( يأتون يوم القيامة ) يوم القيامة يعني يوم يبعث الناس وسمي يوم القيامة لوجوه ثلاثة :
الوجه الأول : أن الناس يقومون فيه من قبورهم لله عز وجل كما قال الله تعالى : (( يوم يقوم الناس لرب العالمين )) .
والثاني : أنه يقام فيه العدل لقول الله تعالى : (( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا )) .
والثالث : أنه يقوم فيه الأشهاد كما قال تعالى : (( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحيوة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد )) .
( يأتون غرا ) هذه حال من فاعل يأتون وهي جمع أغر، والأغر هو الفرس الذي في وجهه بياض.
وقوله : ( محجلين ) أيضا حال أخرى لكن التحجيل بياض يكون في الأرجل في أطرافها .
وقوله : ( من أثر ) من هنا للتعليل ( من أثر الوضوء ) يجوز فيه الوجهان : الوَضوء أي : الماء والوُضوء أي : الفعل وكلاهما صحيح، هذا لفظ النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي لفظ : ( إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين ) ولا منافاة لأنهم يدعون فيأتون، كما قال الله تعالى : (( كل أمة تدعى إلى كتبها )) .
( فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) فمن استطاع فليفعل، وهل يمكن أن يستطيل ؟
يقول الن القيم رحمه الله : " إنه لا يمكن إطالة الغرة لأن الغرة بياض الوجه والوجه محدود طولا وعرضا، فلا يمكن أن تطال الغرة " ، لو أنه خرج بالغسل عن حد الوجه لكان خرج إلى غير الغرة ، ولهذا قال في * النونية * :
" وإطالة الغرّات ليس بممكن *** أيضا وهذا واضح التبيان ".
فكيف نقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بما لا يمكن ؟
الجواب : أن هذا مُدرج من قول أبي هريرة رضي الله عنه، ولهذا جاءت رواية أخرى لهذا الحديث ليس فيها : ( فمن استطاع ) لكن أدرجه بعض الرواة ، وما قاله ابن القيم في هذا الحديث هو الصواب أنه مدرج ، والله سبحانه وتعالى حدد الغسل غسل الوجه فقال : ((فاغسلوا وجوهكم )) ، ولو أنا خرجنا عن حد الوجه لكنا تعدينا عن الحد الذي حده الله عز وجل .
أخذ بعض العلماء بهذه الزيادة كما سيأتي في الفوائد إن شاء الله .