وعن صفوان بن عسال قال :( كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفر أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ، ولكن من غائط وبول ونوم ). أخرجه النسائي والترمذي ، واللفظ له ، وابن خزيمة وصححاه . حفظ
الشيخ : " وعن صفوان بن عسال قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سَفْراً ) " :
( كان يأمرنا ) سبق الكلام على كان وأنها للدوام غالبا لا دائما .
وقوله : ( يأمرنا ) الأمر: هو طلب الفعل على وجه الاستعلاء ، هذا الأمر : طلب الفعل على وجه الاستعلاء ، يعني واحد يشعر بأنه أعلى منك ويقول : افعل كذا ، ولا يمكن أن يكون هذا إلا من شخص يرى أنه فوقك ، وأما طلب الفعل على غير وجه الاستعلاء فهذا قد يكون للإكرام وإن كان أمرا لكن ليس للإلزام ، قد يكون للإكرام وقد يكون للالتماس وله يعني معاني حسب القرائن. وقوله : ( إذا كان سَفْرًا ) أي : مسافرين والسفر بمعنى المسافر، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لأهل مكة وهو يصلي بهم في غزوة الفتح يقول : ( أتموا فإنا قوم سَفْرٌ ) أي : مسافرون.
وقوله : ( إذا كنا سفرا ) السفر مأخوذ من الإسفار وهو البيان والوضوح، وعلى هذا فيكون المعنى المطابق له: خروج الإنسان من المدينة التي هو ساكن فيها، لأنه إذا خرج أسفر عن نفسه ولم يكن أمامه ما يغطيه أو يظله، لأنه خرج إلى البر، لكن هل هذا المراد ؟
المراد به السفر الشرعي وهو على رأي كثير من العلماء : ما كان مسيرة يومين قاصدين على الإبل المحملة، وتقديره نحو ثلاثة وثمانين كيلو بالمسافة، هذا هو السفر الشرعي الذي تترتب عليه أحكام السفر ، واختار شيخ الإسلام رحمه الله اختيارا لا شك أنه أقرب إلى الأدلة ، وهو أن السفر جاء في النصوص مطلقا ، والشيء إذا جاء في النصوص مطلقا يحمل على العرف إذا لم يكن له حقيقة شرعية ، وعلى هذا وردكم في القواعد:
" وكل ما أتى ولم يحدد *** بالشرع كالحرز فبالعرف احدُد ".
فيقول شيخ الإسلام : أين الدليل من الكتاب والسنة على أن السفر مسافة كذا وكذا ؟
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول شيخ الإسلام : في زمنه لم يكن هناك مساحون يقيسون الأرض بالذراع وبالأصابع وبحب الشعير ، لأن الذين قدروها بالمسافة يصلون بالتقدير إلى حبة الشعير وإلى شعرة البرذون الفرس.
وعليه فأنا الآن مما أَلي البلد هنا غير مسافر، لأني ما كملت حبة الشعير، والذين أمامي الآن مسافرون ، هذا في الحقيقة إذا تأمله الإنسان وجد أنه ليس بصواب.
لكن فيه شيء يعني يجعله قولا مقبولا، وهو أنه أضبط من أن يقال: إن السفر ما عده الناس سفرا، وذلك لأنهم يختلفون في عد هذا سفرا أو غير سفر، فيكون تحديده بمسافة أضبط.
ويقال : إنه يعفى عن الذراع والذراعين والمتر والمترين وما أشبه ذلك ، إذًا يترجح كلام شيخ الإسلام رحمه الله من وجه : وهو أنه أقرب إلى النصوص .ويترجح الآخر من وجه وهو أنه أضبط ، لأنك متى قطعت المسافة وأنتم جميعا ترون هذا ، أنه مقدر بالمسافة هل تختلفون ؟
الطالب : لا .
الشيخ : إذا قطعنا 83 كيلو ولو كنا نسافر في آخر النهار وكلنا نعتبر المسافة فكلنا يرى أننا مسافرون ويطمئن ويقصر الصلاة ويجمع ولا يبالي ولا يحصل النزاع .
لكن إذا قلنا إنه معتبر بالعرف ووصلنا إلى مكان كان بعضنا يرى أن هذا سفر عرفا ، والآخر لا يراه سفراً عرفًا حصل نزاع وحصل قلق هل نجمع ونقصر أو لا ؟
نعم وإلا فلا شك أن السنة تؤيد كلام شيخ الإسلام رحمه الله ، حتى إنه ثبت في * صحيح مسلم * عن أنس رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج ثلاثة أميال أو فراسخ صلى ركعتين ) .
نعم ، شيخ الإسلام رحمه الله يقول بالنسبة لهذه المسألة : " المسافة القريبة في الزمن الطويل سفر ، والمسافة البعيدة في الزمن القصير سفر ، والمسافة الطويلة في الزمن الطويل سفر من باب أولى ، والمسافة القصيرة في الزمن القصير ليست سفرا " أي نعم.
( إذا كان سفرا أمرنا ألا ننزع خفافنا ) : ( أمرنا ألا ننزع خفافنا ) يعني إذا كانت علينا وتمت الشروط .
( ثلاثة أيام بلياليهن ) : كم ساعة ؟
الطالب : 72.
الشيخ : ساعة 72 ساعة لكن متى تبدأ : هل هو من اللبس أو من الحدث بعد اللبس أو من المسح بعد الحدث أو من المسح ولو من غير حدث كالتجديد ؟
لدينا أربعة احتمالات :
الأول : من اللبس وهذا ضعيف .
الثاني : من الحدث بعد اللبس وهذا ضعيف ، لكنه دون ضعف الأول.
الثالث : من المسح بعد الحدث وهذا أقرب الأقوال ، لأن ألفاظ الحديث : ( نمسح ) ولا يصدق المسح إلا بفعله ، فيكون ابتداء المدة من المسح .
الرابع : من أول مرة مسح ولو تجديدًا فيكون مسح بدون حدث ، والنصوص محتملة له ، لكن لندرته وقلته ينبغي ألا يحمل الحكم عليه ، ويقال : إنه من المسح بعد الحدث.
يقول : ( إلا من جنابة ) يعني لا ننزعها إلا من جنابة ، والجنابة: كل ما أوجب غسلا من جماع أو إنزال.
" ( ولكن من غائط وبول ونوم ) أخرجه النسائي والترمذي واللفظ له وابن خزيمة وصححاه " ، نعم .