فوائد حديث ( جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ...). حفظ
الشيخ : نعود لهذا الحديث وفوائده :
فمن فوائده : أن نساء الصحابة رضي الله عنهن لا يمنعهن الحياء من الفقه في الدين والسؤال عنه .
ومن فوائده : أنه قد تقرر أن الحائض لا تصلي، لقولها : ( أفأدع الصلاة ؟ ) وهذا بإجماع العلماء ، أجمع العلماء على أن الصلاة لا تجب على الحائض وتحرم عليها، ولا تصح منها، ولا يجب عليها قضاؤها هذا بالإجماع.
وظاهر الحديث صلاة الفريضة والنافلة وهو كذلك، لأن ما ثبت في الفرض ثبت في النفل إلا بدليل .
طيب ومن فوائد هذا الحديث : الاقتصار في الجواب على ما يفيد لقوله : ( لا ) ولم يقل : لا تدعي الصلاة ، لأن ( لا ) تكفي ، وخير الكلام ما قل ودل، ومثله نعم في الإجابة، لا في النفي ونعم في الإجابة.
ومن فوائد هذا الحديث : حكمة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قرنه العلة بالحكم، تؤخذ من قوله : ( إنما ذلك دم عرق ) ، ووجه كون هذا حكمة : أن الحكم إذا عُلل ببيان علته ازداد الإنسان به طمأنينة بالحكم وينشرح به صدره.
ومن فوائده أي : من فوائد قرن العلة بالحكم : أن الإنسان يعرف بذلك سمو الشريعة، وأنها لا تحلل ولا تحرم ولا توجب إلا لحكمة ، لكن من الحكم ما نعلمها ومنها ما لا نعلمه .
الفائدة الثالثة : أن العلة إذا كانت وصفًا صار الحكم أعم، لأنه يتناول كلما كانت فيه هذه العلة، وانظر إلى قوله تعالى : (( قل لا أجد في ما أوحى إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس )) .
وإلى قوله صلى الله عليه وسلم حين أمر أبا طلحة أن ينادي : ( إن الله ورسوله نهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس ) .
نستفيد من هذه العلة أن كل نجس فهو إيش ؟
فهو حرام وهو كذلك ، كل نجس حرام وليس كل حرام نجسا.
طيب إذًا قرن الحكم بالعلة له ثلاث فوائد ، وإن شئت فقل : ثلاث حكم إبراهيم ؟
الطالب : أولاً : النفس تطمئن وتنشرح به.
الشيخ : نعم .
الطالب : بيان سمو الشريعة ، ثم إذا كانت العلة وصفًا صار الحكم أعم إلى ما يشاركها .
الشيخ : إلى ما يشارك هذا في الوصف تمام ، هذه ثلاث حكم .
ومن فوائد هذا الحديث : أن العرق لا يمنع الصلاة ، يعني: لو انبعث عِرق من الإنسان في أي مكان من بدنه فإنه لا يمنع الصلاة، بل يجب على الإنسان أن يصلي ولو كان فيه هذا الدم.
ولكن هل ينتقض وضوؤه ، بمعنى: هل نلزمه أن يتوضأ لكل صلاة أو لا ؟
في هذا تفصيل: إن كان الدم من السبيلين أي : من القبل أو الدبر فإنه ينقض الوضوء، ويلزمه إذا كان مستمرًا أن يتوضأ لكل صلاة.
وإن كان من غير السبيلين فإنه لا ينقض الوضوء، كما لو كان فيه رُعاف دائم أو جرح دائم ، دائم الجريان أو ما أشبه ذلك فإنه لا ينتقض الوضوء .
ومن فوائد هذا الحديث : تفرق الأحكام بتفرق الأسباب ، الحيض سبب لترك الصلاة فلا تصلى ، والعرق ليس سببا لترك الصلاة فتصلى .
ومن فوائد هذا الحديث : رجوع المستحاضة إلى عادتها ، لقوله : ( إذا أقبلت حيضتك ) ، ولكن إذا كانت المستحاضة مبتدأة ، يعني لم يسبق لها عادة فإلى أي شيء ترجع ؟
نقول : ترجع إلى التمييز ، لأن الاستحاضة قد تصيب المرأة من أول ما يأتيها الحيض ، فنقول : ترجع هذه إلى التمييز ، فإذا كان في دمها أسود ثخين له رائحة فهو الحيض ، وإن لم يكن كذلك فتبقى مشكلة ، إذا كان كل دمها بهذا الوصف ، إذا لم يكن في دمها شيء بهذا الوصف ، تبقى مشكلة، ليس لها عادة وليس عندها تمييز فماذا تصنع ؟
قال العلماء وجاءت بالسنة أيضًا : تجلس من أول وقت أتاها الحيض غالب ما تجلسه النساء وهو ستة أيام أو سبعة من كل شهر ، فمثلا إذا ابتدأ بها الدم في أول يوم من محرم واستمر وليس لها عادة وليس لها تمييز ، نقول : تجلس في الشهر الثاني في صفر ستة أيام أو سبعة ، ثم تغتسل وتصلي ، وتستمر هكذا. فإن قال قائل : لماذا جعلتموها تجلس أول كل شهر ؟
قلنا : لأن الله تعالى جعل عدة مَن لا تحيض ثلاثة أشهر ، وعدة من تحيض ثلاثة قروء ، فدل هذا على أن الحيض المعتاد يأتي المرأة كم ؟
كل شهر مرة ، يأتيها كل شهر مرة ، وأولى ما نبتدأ المدة من أول ما أتاها.
طيب إذا تعارض التمييز والعادة ، امرأة معتادة يأتيها الحيض أول يوم من الشهر سبعة أيام ، كل ما مضى من وقتها هكذا ابتليت بالاستحاضة ، فكان لها تمييز في نصف الشهر ، في الخامس عشر من الشهر يأتيها دم أسود ثخين منتن ، في أول الشهر الذي هو أول عادتها دم أحمر ، فهل تغلب التمييز أو تغلب العادة ؟
نعم ، فيها قولان ، وهما روايتان عن الإمام أحمد :
أحدهما : أن تغلب العادة ، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة ) ، وقوله : ( اجلسي قدر ما كانت حيضتك تحبسك ) ، ولم يفصل ، ولأن هذا أيسر للنساء إذا رجعن إلى العادة فهو أيسر لأن تغير الدم قد يختلف على المرأة ، قد يكون في أول الشهر في وسطه وقد يتقطع وقد لا ينضبط، لكن إذا قلنا تعمل بالعادة فالعادة منضبطة.
وقال بعض أهل العلم : بل تعمل بالتمييز إذا تعارض التمييز مع العادة ، لأنه ربما كان هذا المرض وهو الاستحاضة سبباً في تغير العادة بحيث انتقل الحيض من أول الشهر إلى وسطه ، ولا شك أن هذا له وجهة نظر قوية جداً ، لكن كما قلت لكم ظاهر السنة ورحمة الأمة أن ترجع إلى إيش ؟
إلى العادة، والحمد لله ما دام الرسول عليه الصلاة والسلام أطلق ولم يفصل فإننا نحمد الله على ذلك، ونقول بهذا لأنه أريح للنساء.
ومن فوائد هذا الحديث : وجوب غسل دم الحيض ، لقوله : ( ثم اغسلي عندك الدم ) .
وهل يعفى عنه ، يعني عن يسيره قصدي ؟
الجواب : لا، لا يعفى عن يسيره، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الثوب يصيبه دم الحيض: ( تحكه ثم تقرصه ثم تغسله ثم تصلي فيه )، وهذا يدل على أن الواجب إزالة دم الحيض قليلا كان أو كثيرا ، ولا يعفى عن شيء منه .
دم الاستحاضة هل يعفى عنه ؟
قال بعض العلماء : يعفى عنه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنه دم عرق ).
والأطهر أنه لا يعفى عنه ، وأن جميع ما خرج من السبيلين فهو نجس لا يعفى عنه ، إلا الماء الذي ينزل ويكون مستمرًا مع المرأة وهو ما يسمى برطوبة فرج المرأة فهذا طاهر .
ومن فوائد هذا الحديث : وجوب التطهر من النجاسة ، من أين يؤخذ ؟
من قوله : ( ثم صلي ) : وثم للترتيب ، فلا يجوز للإنسان أن يصلي وبدنه متلطخ بنجاسة ، فإن نسي وصلى فصلاته صحيحة ، لقوله تعالى : (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )) ، فإن كان ليس عنده ما يزيل النجاسة به فليخففها ما أمكن وليصل .
وهل يتيمم لنجاسة البدن ؟
فقهاء الحنابلة رحمهم الله يقولون : يتيمم ، لأن هذه طهارة تتعلق بالبدن فأشبهت الوضوء، والصحيح أنه لا يتيمم للنجاسة بل يزيلها ويخففها ما أمكن ثم يصلي على حسب حاله.
ثم قال : " وللبخاري : ( ثم توضئي لكل صلاة ) " :
الخطاب لمن ؟
للمستحاضة ، ( توضئي لكل صلاة ) : وذلك لأن الدم مستمر ، فتكون طهارتها بقدر الحاجة .
ولا تحتاج للصلاة إلا إذا دخل وقتها ، فلو توضأت لصلاة الفجر فهل تتوضأ لصلاة الضحى ؟
الجواب : نعم ، لأن الضحى لها وقت فلا بد أن تتوضأ لوقت كل صلاة ، وألحق العلماء رحمهم الله بالمستحاضة كل مَن حدثه دائم ، كمن بوله دائم، وغائطه دائم، والريح تخرج من دبره دائماً، فإنه يلحق بالمستحاضة بمعنى أنه لا يتوضأ إلا إذا دخل الوقت، ويتحفظ، يعني يستثفر، وإذا خرج منه شيء بعد كمال التحفظ فإنه لا يضر ولا ينتقض به الوضوء .
الطالب : شيخ لو أن امرأة كانت عادتها مثلا لو كانت في صفر أول الشهر من أيامه ، ثم في الشهر الثاتي انتقلت إلى خمسة أيام في وسط الشهر .
الشيخ : نعم .
الطالب : ثم استحيضت بعد ذلك .
الشيخ : نعم فتعتبر الآخر ، نعم ؟
الطالب : من كان حدثه دائم فهل له أن يجمع الصلاة ؟
الشيخ : نعم كل من شق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها فله أن يجمع ، ومنه من حدثه دائم .
الطالب : أحسن الله إليك يا شيخ: هل من طهرت من نفاسها بعد مضي ثلاثين يوم بعد الثلاثين ؟
الشيخ : دقيقة ، لأنك ذكرتني ، يقول فائدة مهمة قوله : ( ثم صلي ) هل المراد الصلاة المستقبلة أو الصلاة الحاضرة أو الجميع ؟
يعني امرأة طهرت في وقت صلاة الفجر ، بعد طلوع الفجر ، هل نقول : صلي يعني الظهر ولا صلي الفجر ؟
الطالب : الفجر .
الشيخ : تصلي الفجر حتى وإن تأخر تطهرها إلى بعد الشمس فإنها لا بد أن تصلي الفجر .