وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( من أصابه قيء أو رعاف ، أو قلس ، أو مذي فلينصرف فليتوضأ ، ثم ليبن على صلاته ، وهو في ذلك لا يتكلم ). أخرجه ابن ماجه وضعفه أحمد وغيره . حفظ
الشيخ : " وعن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من أصابه قيء أو رعاف ، أو قلَس ، أو مذي فلينصرف فليتوضأ ، ثم ليبن على صلاته ، وهو في ذلك لا يتكلم ) أخرجه ابن ماجه ، وضعفه أحمد وغيره " :
أولا : نسأل لماذا أتى المؤلف بهذا الحديث مع أنه ضعيف مخالف للأصول ؟ نقول : أتى به -رحمه الله- ليبين حاله ، حال هذا الحديث وأنه ضعيف ولأن بعض العلماء أخذ به ، فأتى به ليبين مرتبة هذا الحديث وحاله ، وأن من أخذ به فهو قد بنى على حديث ضعيف.
بعد ذلك نشرحه :
( من أصابه قيء ) القيء خروج الطعام أو الشراب من المعدة.
( أو رعاف ) خروج الدم من الأنف.
( أو قَلَس ) خروج الطعام أو الشراب من المعدة ولكن ملء الفم فقط، يعني مو كثير.
( أو مذي ) هو الماء الذي يخرج عند الشهوة وسبق الكلام عليه.
( فلينصرف ) من أي شيء ؟
من المسجد، لكن الحديث يدل على أن المصلي ينصرف من الصلاة.
قال : ( فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته ) : فهذا الرجل الذي أصيب بهذه الأشياء وهو يصلي نقول : انصرف توضأ وابن على صلاتك ولكن لا تتكلم ، لأنك لو تكلمت بطلت الصلاة .
لكن هذا الحديث كما قال ابن حجر رحمه الله ضعفه أحمد ، عندي : " ضعفه الشافعي والدارقطني لأن رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم غلط ، والصواب إرساله " : هذا الحديث ضعيف من حيث السند ، هو أيضا ضعيف من حيث المتن ، لأنه مخالف لأصول الشريعة .
فإذا قلنا : إن هذه الأشياء الأربعة نواقض للوضوء فكيف يصح البناء بناء آخر الصلاة على أولها مع وجود ناقض ؟ هذا لا يمكن .
والرسول عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الأول حديث أبي هريرة : ( إنه إذا سمع صوتا أو وجد ريحا ) ماذا يجب ؟
يجب أن ينصرف ويتوضأ ، فيكون هذا الحديث مخالفًا له.
ثانيًا : من منكرات هذا الحديث أنه قال : ( وهو في ذلك لا يتكلم ) ، فيقال : سبحان الله الحدث لا يبطل الصلاة والكلام يبطل ، أيهما أهون ؟
الطالب : الكلام .
الشيخ : الكلام أهون ولهذا لو تكلم الإنسان جاهلا في صلاته أو ناسيا فصلاته صحيحة لكن لو أحدث ناسيا بطلت صلاته ، على كل حال هذا الحديث لا يصح وإذا لم يصح لم يبن عليه حكم .
فلنرجع إلى هذه الأشياء القيء هل ينقض الوضوء ؟
الصواب: لا، لا ينقض الوضوء قل أو كثر، وذلك لعدم الدليل الصحيح على نقض الوضوء به، ولا فرق بين أن يتقيأ الشيء وهو بحاله يعني الآن أكل أو شرب وخرج تقيأ والطعام لم يتغير والشراب لم يتغير أو كان قد تغير بأن أخذ مدة ثم تقيأ ، فإنه لا ينقض وضوءه ، لا القليل ولا الكثير ولا المتغير ولا غير المتغير.
الرعاف: مثله، نقول : لا ينقض الوضوء حتى ولو كثر.
فإن قال قائل : أليس جاء في الحديث : أن الرجل إذا أحدث في صلاته خرج من الصلاة ووضع يده على أنفه كأنه أرعف ألا يدل هذا على نقض الوضوء بالرعاف ؟
فالجواب : لا ، لكن من المعلوم أن الإنسان إذا أرعف وهو يصلي فإنه لا يتمكن من إتمام الصلاة ، وحينئذ لا بد أن يخرج لأنه لا يمكنه إتمام الصلاة على الوجه المطلوب مع وجود الرعاف ، وإذا كان الإنسان نُهي أن يصلي وهو يدافع الأخبثين فكذلك هنا سوف ينشغل.
طيب القلس نقول : إذا لم ينقض القيء فالقلس من باب أولى .
المذي ؟
المذي ينقض الوضوء لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( توضأ وانضح فرجك ) فهو ناقض للوضوء ، فصار الثلاثة الأولى: القيء والرعاف والقلس كلها لا تنقض الوضوء ، وذلك لأن الأصل بقاء الوضوء وعدم الناقض إلا بدليل صحيح .