فوائد حديث ( لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه ...). حفظ
الشيخ : أما هذا الحديث ففيه فوائد :
أولا : نهي الإنسان عن مس ذكره بيمينه وهو يبول ، والنهي هنا صريح ، وهذا النهي أيضا مؤكد بماذا ؟
الطالب : بنون التوكيد .
الشيخ : بنون التوكيد ، فهل هذا النهي للتحريم أو للكراهة ؟
جمهور العلماء على أنه للكراهة وليس للتحريم لأنه من باب الأدب ، إذ النهي لا يعدو أحد أمرين : إما أن يكون تكريما لليمين وإما أن يكون لخوف أن تتلوث اليمين بالبول فتكون منتنة ، وأيًا كان فإن هذا لا يقتضي أن يكون النهي للتحريم.
لكن حقيقة الأمر أن القول بأنه للتحريم قول قوي لأنه مؤكد ، حيث قال : ( لا يمسن ) وهذا قول أهل الظاهر : أن النهي للتحريم .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز مس الإنسان ذكره بيده اليمنى في غير حال البول ، من أين تؤخذ ؟
من قوله : ( وهو يبول ) وهذا هو الأصل في المفهوم ، أن يكون مفهوم مخالفة، أي : أن المفهوم يخالف المنطوق بالحكم، هذا هو الأصل، وربما يقوي هذا الأصل أنه إذا مس ذكره بيمينه وهو يبول تلوثت بالنجاسة، أو صارت عرضة للتلوث بالنجاسة، بخلاف ما إذا مسه من غير أن يكون على البول، ومن العلماء من قال : إنه لا يمسن ذكره بيمينه لا حال البول ولا غيره، وأنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن مس الذكر باليمين حال البول مع أن الإنسان قد يحتاج إليه ففي غير ذلك من باب أولى ، وعلى هذا فالمسألة محتملة ، وإذا كانت محتملة فما هو الورع ؟ أجيبوا ؟
عدم المس مطلقا ، لكننا لا نجزم بأن هذا عام ، لأن التقييد بكونه يبول لا شك أن له مناسبة وهي الحاجة .
فإن قال قائل : إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يستجمر باليسار فماذا يفعل ؟
قلنا : الحاجة لها أحكام ، وسيأتي إن شاء الله الكلام عليها في الحديث الذي بعده .
ومن فوائد هذا الحديث : تكريم اليد اليمنى ، حيث نهي عن مس الذكر بها في حال البول .
ومن فوائد هذا الحديث : أن اليمين خير من اليسار ، وهذا مُطَّرد في الأمور الكونية والأمور الشرعية ، أما الأمور الكونية فلا يخفى علينا جميعاً أن الله تعالى جعل في اليمين من القوة ما ليس في اليسار ، فهي التي يأخذ بها ويكتب بها ويأكل بها ويحمل بها الثقيل ، وهذا من الميزة القدرية .
وأما الشرع فكما رأيتم أنه نهي عن مس الذكر باليمين في حال البول ومسه باليسار لا بأس به .
طيب ومن فوائد هذا الحديث : جواز التصريح بلفظ البول، وأنه لا يعد مخالفا للحياء، لأن الذي عبر به أحيا الناس وهو النبي عليه الصلاة والسلام، فقال : ( وهو يبول ).
وأما ما يستعمله الناس الآن يقول : إذا أراد أن يبول يقول : أطير الماء، فهذا لا أصل له، بل قال صاحب الفروع رحمه الله : " الأولى أن يقول : أبول ولا يقول : أريق الماء " ، لأن البول ليس ماء ، ولأن التعبير بالبول ومشتقاته وارد في السنة ، قال النبي عليه الصلاة والسلام في البول : ( أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ) .
وهنا المشتق: وهو يبول ، فالصواب جواز التعبير بهذا .
طيب فإذا قال قائل : إنه يعتبر مخالفا للمروءة أعني: التصريح بالبول في عرفنا الآن، فهل نقول : العرف كما يغير المعاني فهو أيضا يغير الأحوال ، أليس المرجع في الإيمان إلى ما تقتضيه الكلمة في العرف قبل أن نرجع إلى ما تقتضيه في اللغة ، فإذا كان العرف مطردا عند الناس كراهة التصريح بالبول ومشتقاته وعبروا عن ذلك بكناية تدل عليه وليس فيها محذور شرعي ؟
فعندي أنه لا بأس به، ولهذا قال صاحب الفروع : " الأولى " ولم يقل : يحرم، ولم يقل : يجب أن يقول: أبول، ولا يقول : أريق الماء، بل قال : الأولى ولعله في عرف صاحب الفروع لم تصل الحال إلى ما وصلت إليه اليوم فإن لفظ البول اليوم جدا مكروه عند الناس، حتى إنك لو قلت في غير الحديث الحديث يقبله الناس إذا مر بهم، لكن في الكلام العادي لو قلت : والله أريد أروح مثلا أبول أو بلت اليوم عند العامة ويش يقول ؟ ماذا يقول ؟
الطالب : يستقذروه .
الشيخ : يستقذر جدا ويقول : هذا ما يستحي يقول البول عند الناس ، فلا أرى مانعا إذا كان هذا عند الناس من الألفاظ التي يستحيا منها ويكنى عنها بما يدل عليها من غير محذور شرعي لا أرى في ذلك بأس .