(وعن جابر رضي الله عنه في الرجل الذي شج ، فاغتسل فمات ، إنما كان يكفيه أن يتيمم ، ويعصب على جرحه خرقة ، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده ). رواه أبو داود بسند فيه ضعف ، وفيه اختلاف على رواته . حفظ
الشيخ : الشّاهد: " عن جابر رضي الله عنه في الرجل الذي شجّ، فاغتسل فمات: ( إنّما كان يكفيه أن يتيمّم ويعصب على جرحه خِرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده ). رواه أبو داود بسند فيه ضعف، وفيه اختلاف على رواته " :
هذا الحديث خَفّف المؤلّف رحمه الله أمر ضعفه قال: " فيه ضعف " ، ولم يقل: إنّه ضعيف جدّا ، فربّما يقال: إنّه صالح لأن يكون شاهدًا لحديث عليّ رضي الله عنه، وقد يقال: إنّه ليس بشاهد لأنّ حديث عليّ ضعيف جدّا جدّا فلا يحتجّ به، وإذا كان ضعيفا ساقطا يبقى هذا فيه ضعف، وفيه اختلاف على رواته، لا في متنه ولا في سنده، وعلى هذا ففيه ضعف وفيه اضطراب، وحينئذ يبقى في الحكم في النّفس منه شيء، فهل هناك قياس يعضد هذا؟
لننظر، أوّلا: نشرح الحديث الذي ذكره المؤلّف:
هذا رجل بعثه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مع صحبه في سريّة، فشجّ وأصابته جنابة، فسأل أصحابه يعني: ماذا تقولون؟ قالوا: ما نرى إلاّ أن تغتسل، لأنّهم رضي الله عنهم ليس عندهم شيء يستندون إليه، فاغتسل فدخل الماءُ الشّجَّة. والشّجّة هي كما تعلمون الجرح في الرّأس والوجه خاصّة، وفي بقيّة البدن يقال: جرح ولا يقال: شجّة.
دخل الماء إلى رأسه فمات، فبلغ ذلك النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فقال فيهم: ( قتلوه قتلهم الله، هلاّ سألوا إذا لم يعلموا، فإنّما شفاء العِيّ -يعني الجهلة- السّؤال ) : هذا الحديث بكماله.
وقال عليه الصّلاة والسّلام: ( إنّما كان يكفيه أن يتيمّم ويعصب ) : يعني: يشدّ مأخوذ من العصابة وهي ما يعصب به الرأس ويحيط به.
( على جرحه خرقة ثمّ يمسح عليها ويغسل سائر جسده ) فقال : يتيمّم ويعصب، وظاهر اللّفظ أنّه يتيمّم أوّلا ثمّ يعصب على الجرح خرقة.
" ( ثمّ يمسح عليها ويغسل سائر جسده ) رواه أبو داود بسند فيه ضعف " : في بعض ألفاظه إسقاط : يتيمّم، وهذه الرّواية التي فيها إسقاط التيمّم أقرب من حيث القياس إلى الصّواب، فلننظر الآن إذا كانت الرّوايات ضعيفة عن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ننظر القياس، القياس نقول: هذا عضو سُتر بساتر مباح للضّرورة، فأيّهما أظهر : أن نلغي مسحه ونتيمّم، أو نلغي مسحه والتّيمّم، أم نجمع بينهما؟
نقول: له شيء يماثله بعض الشّيء: المسح على الخفّين، يمسح الخفّ ولا يلزم نزعه وغسل الرّجل، ولا يجمع بين المسح والتّيمّم، فأحسن ما يقال ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله في المشهور عنه : أنّه يضع الجبيرة أو العصابة على الجرح ويمسح عليه ، ويغسل الباقي، ولا حاجة للتّيمّم.
هذا أقرب ما يكون من الأقوال، وأقرب ما يكون إلى القياس، وعلى هذا فنقول: إذا حصل للإنسان جرح يضرّه الماء غسلا ومسحا وقد عصب عليه عصابة فإنّه يمسح هذه العصابة ويكفي.
فإن كان يضرّه الغسل والمسح والعصابة بمعنى: أنّ بقاءه هاوياً للهواء والشّمس أقرب إلى الشّفاء، فهنا يتعيّن التّيمّم، هذا أقرب الأقوال في هذه المسألة.
ويبقى النظر في مسائل: هل يشترط أن يضع هذه الجبيرة على طهارة كما قلنا ذلك في الخفّين؟
في هذا خلاف بين أهل العلم: منهم من قال: إنّه يشترط لأنّه ساتر ممسوح بدلا عن غسله فيجب أن يكون على طهارة كالخفّ.
ومنهم من يقول: لا يشترط أن يكون وضعه على طهارة، أوّلا: لأنّه لا يمكن القياس، لأنّ بين مسح الخفّين ومسح الجبائر فروقا كبيرة، وثانياً : أنّه يأتي الإنسان على حين غِرّة لا يتمكّن من الوضوء، إنسان سقط من السّيّارة وانكسرت رجله أو يده، كيف نقول يلزمه أن يذهب ويتطهّر ثمّ يجبّرها؟!
فيه مشقّة، وربّما إذا برد محلّ الكسر يصعب جدّا جبره، فالصّواب إذن: أنّه لا يشترط أن تكون على طهارة.
ثانيًا : هل تمسح في الحدث الأصغر والأكبر أعني الجبائر؟
الجواب: نعم تمسح في الحدث الأصغر والأكبر، لأنّ مسحها ضرورة ليس اختياريّا كالخفّ، فيجوز أن يمسح عليها في الحدث الأصغر والأكبر.
ثالثًا : هل لها مدّة معيّنة؟
الجواب: لا، ليس لها مدّة معيّنة لأنّ هذه ضرورة تتقيّد بقدرها.
وبناء على هذا نقول: متى برأ الجرح أو برأ الكسر وجبت إزالتها ولا يجوز إبقاؤها بعد ذلك.
فإذا جبر الكسر أو برأ الجرح فهل يلزمه أن يعيد الاغتسال إن كان قد اغتسل عن جنابة أو الوضوء أو لا يلزمه؟
لا، الصّواب لا يلزمه، لأنّ هذه الطّهارة طهارة كاملة ، وإذا كانت الطّهارة كاملة بحسب ما أمر فإنّه لا يلزمه أن يعيد الغسل ولا الوضوء.
فإن قال قائل: ألستم تقولون إنّه لو عدم الماء وتيمّم عن جنابة أو عن وضوء ثمّ وجد الماء فإنّه لا يصلّي إلاّ بعد استعماله؟
فالجواب: بلى، لكن الفرق بين طهارة التّيمّم وهذه الطّهارة، هذه الطّهارة تعتبر طهارة بماء لأنّه غسل بقيّة الجسد ومسح على الجبائر، فالطّهارة إذن طهارة ماء.
طهارة التّيمّم طهارة تراب بدل، فإذا وجد المبدل منه تعيّن استعماله، هذا هو الفرق.
المسح عليها: هل يجوز المسح عليها فيما لو وضع عليها شيئا من الحرير، يعني: جعل الرّبط على العصابة من الحرير وهو رجل، هل يجوز المسح عليه أو لا يجوز؟
نقول: يجوز المسح عليه إذا كان يتضرّر بحلّها، إذا كان يتضرّر بحلّها جاز المسح عليها، لأنّ المسح عزيمة وليس رخصة حتّى نقول: إنّه لا يستباح بالمعصية، بل نقول: هل يجوز المسح عليه ما دام يخشى الضّرر بحلّها.
لو قال قائل: إذا كان يمكنه أن يحلّها ثمّ يعيدها هل يلزمه ذلك؟
نقول: إذا كان لا يتضرّر بهذا ولا يخشى على نفسه من الضّرر يلزمه، لأنّ الحكم يدور مع علّته، مثل بعض اللزكات التي تكون على موضع الألم، أحيانا يكون في الإنسان ألم في ظهره أو في صدره أو أحد أعضائه فيضع عليه لزق، نقول: إذا كان لا يتضرّر بخلعها وجب عليه أن يخلعها، ثمّ يعيدها بعد ذلك، وإن كان يتضرّر أو يخشى الضّرر فإنّه لا يلزمه، وهذا يقع كثيرا فيمن يكون عليه لزقة في ظهره ويحصل عليه جنابة، ويقول: أنا إذا خلعتها لا أتضرّر، غاية ما هنالك أن تفوت عليّ هذه اللّزقة، فنقول: هذا لا يضرّ، لأنّ ثمنها قليل، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، والواجب غسل جميع البدن، أمّا إذا كان يخشى من الضّرر فإنّ الله تعالى قد رفع الحرج عن هذه الأمّة.
هذا الحديث خَفّف المؤلّف رحمه الله أمر ضعفه قال: " فيه ضعف " ، ولم يقل: إنّه ضعيف جدّا ، فربّما يقال: إنّه صالح لأن يكون شاهدًا لحديث عليّ رضي الله عنه، وقد يقال: إنّه ليس بشاهد لأنّ حديث عليّ ضعيف جدّا جدّا فلا يحتجّ به، وإذا كان ضعيفا ساقطا يبقى هذا فيه ضعف، وفيه اختلاف على رواته، لا في متنه ولا في سنده، وعلى هذا ففيه ضعف وفيه اضطراب، وحينئذ يبقى في الحكم في النّفس منه شيء، فهل هناك قياس يعضد هذا؟
لننظر، أوّلا: نشرح الحديث الذي ذكره المؤلّف:
هذا رجل بعثه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مع صحبه في سريّة، فشجّ وأصابته جنابة، فسأل أصحابه يعني: ماذا تقولون؟ قالوا: ما نرى إلاّ أن تغتسل، لأنّهم رضي الله عنهم ليس عندهم شيء يستندون إليه، فاغتسل فدخل الماءُ الشّجَّة. والشّجّة هي كما تعلمون الجرح في الرّأس والوجه خاصّة، وفي بقيّة البدن يقال: جرح ولا يقال: شجّة.
دخل الماء إلى رأسه فمات، فبلغ ذلك النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فقال فيهم: ( قتلوه قتلهم الله، هلاّ سألوا إذا لم يعلموا، فإنّما شفاء العِيّ -يعني الجهلة- السّؤال ) : هذا الحديث بكماله.
وقال عليه الصّلاة والسّلام: ( إنّما كان يكفيه أن يتيمّم ويعصب ) : يعني: يشدّ مأخوذ من العصابة وهي ما يعصب به الرأس ويحيط به.
( على جرحه خرقة ثمّ يمسح عليها ويغسل سائر جسده ) فقال : يتيمّم ويعصب، وظاهر اللّفظ أنّه يتيمّم أوّلا ثمّ يعصب على الجرح خرقة.
" ( ثمّ يمسح عليها ويغسل سائر جسده ) رواه أبو داود بسند فيه ضعف " : في بعض ألفاظه إسقاط : يتيمّم، وهذه الرّواية التي فيها إسقاط التيمّم أقرب من حيث القياس إلى الصّواب، فلننظر الآن إذا كانت الرّوايات ضعيفة عن الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ننظر القياس، القياس نقول: هذا عضو سُتر بساتر مباح للضّرورة، فأيّهما أظهر : أن نلغي مسحه ونتيمّم، أو نلغي مسحه والتّيمّم، أم نجمع بينهما؟
نقول: له شيء يماثله بعض الشّيء: المسح على الخفّين، يمسح الخفّ ولا يلزم نزعه وغسل الرّجل، ولا يجمع بين المسح والتّيمّم، فأحسن ما يقال ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله في المشهور عنه : أنّه يضع الجبيرة أو العصابة على الجرح ويمسح عليه ، ويغسل الباقي، ولا حاجة للتّيمّم.
هذا أقرب ما يكون من الأقوال، وأقرب ما يكون إلى القياس، وعلى هذا فنقول: إذا حصل للإنسان جرح يضرّه الماء غسلا ومسحا وقد عصب عليه عصابة فإنّه يمسح هذه العصابة ويكفي.
فإن كان يضرّه الغسل والمسح والعصابة بمعنى: أنّ بقاءه هاوياً للهواء والشّمس أقرب إلى الشّفاء، فهنا يتعيّن التّيمّم، هذا أقرب الأقوال في هذه المسألة.
ويبقى النظر في مسائل: هل يشترط أن يضع هذه الجبيرة على طهارة كما قلنا ذلك في الخفّين؟
في هذا خلاف بين أهل العلم: منهم من قال: إنّه يشترط لأنّه ساتر ممسوح بدلا عن غسله فيجب أن يكون على طهارة كالخفّ.
ومنهم من يقول: لا يشترط أن يكون وضعه على طهارة، أوّلا: لأنّه لا يمكن القياس، لأنّ بين مسح الخفّين ومسح الجبائر فروقا كبيرة، وثانياً : أنّه يأتي الإنسان على حين غِرّة لا يتمكّن من الوضوء، إنسان سقط من السّيّارة وانكسرت رجله أو يده، كيف نقول يلزمه أن يذهب ويتطهّر ثمّ يجبّرها؟!
فيه مشقّة، وربّما إذا برد محلّ الكسر يصعب جدّا جبره، فالصّواب إذن: أنّه لا يشترط أن تكون على طهارة.
ثانيًا : هل تمسح في الحدث الأصغر والأكبر أعني الجبائر؟
الجواب: نعم تمسح في الحدث الأصغر والأكبر، لأنّ مسحها ضرورة ليس اختياريّا كالخفّ، فيجوز أن يمسح عليها في الحدث الأصغر والأكبر.
ثالثًا : هل لها مدّة معيّنة؟
الجواب: لا، ليس لها مدّة معيّنة لأنّ هذه ضرورة تتقيّد بقدرها.
وبناء على هذا نقول: متى برأ الجرح أو برأ الكسر وجبت إزالتها ولا يجوز إبقاؤها بعد ذلك.
فإذا جبر الكسر أو برأ الجرح فهل يلزمه أن يعيد الاغتسال إن كان قد اغتسل عن جنابة أو الوضوء أو لا يلزمه؟
لا، الصّواب لا يلزمه، لأنّ هذه الطّهارة طهارة كاملة ، وإذا كانت الطّهارة كاملة بحسب ما أمر فإنّه لا يلزمه أن يعيد الغسل ولا الوضوء.
فإن قال قائل: ألستم تقولون إنّه لو عدم الماء وتيمّم عن جنابة أو عن وضوء ثمّ وجد الماء فإنّه لا يصلّي إلاّ بعد استعماله؟
فالجواب: بلى، لكن الفرق بين طهارة التّيمّم وهذه الطّهارة، هذه الطّهارة تعتبر طهارة بماء لأنّه غسل بقيّة الجسد ومسح على الجبائر، فالطّهارة إذن طهارة ماء.
طهارة التّيمّم طهارة تراب بدل، فإذا وجد المبدل منه تعيّن استعماله، هذا هو الفرق.
المسح عليها: هل يجوز المسح عليها فيما لو وضع عليها شيئا من الحرير، يعني: جعل الرّبط على العصابة من الحرير وهو رجل، هل يجوز المسح عليه أو لا يجوز؟
نقول: يجوز المسح عليه إذا كان يتضرّر بحلّها، إذا كان يتضرّر بحلّها جاز المسح عليها، لأنّ المسح عزيمة وليس رخصة حتّى نقول: إنّه لا يستباح بالمعصية، بل نقول: هل يجوز المسح عليه ما دام يخشى الضّرر بحلّها.
لو قال قائل: إذا كان يمكنه أن يحلّها ثمّ يعيدها هل يلزمه ذلك؟
نقول: إذا كان لا يتضرّر بهذا ولا يخشى على نفسه من الضّرر يلزمه، لأنّ الحكم يدور مع علّته، مثل بعض اللزكات التي تكون على موضع الألم، أحيانا يكون في الإنسان ألم في ظهره أو في صدره أو أحد أعضائه فيضع عليه لزق، نقول: إذا كان لا يتضرّر بخلعها وجب عليه أن يخلعها، ثمّ يعيدها بعد ذلك، وإن كان يتضرّر أو يخشى الضّرر فإنّه لا يلزمه، وهذا يقع كثيرا فيمن يكون عليه لزقة في ظهره ويحصل عليه جنابة، ويقول: أنا إذا خلعتها لا أتضرّر، غاية ما هنالك أن تفوت عليّ هذه اللّزقة، فنقول: هذا لا يضرّ، لأنّ ثمنها قليل، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب، والواجب غسل جميع البدن، أمّا إذا كان يخشى من الضّرر فإنّ الله تعالى قد رفع الحرج عن هذه الأمّة.