وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال :( من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى ). رواه الدار قطني بإسناد ضعيف جداً . حفظ
الشيخ : قال: " وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ( من السنة أن لا يصلّي الرّجل بالتّيمّم إلاّ صلاة واحدة ثمّ يتيمّمُ للصّلاة الأخرى ) رواه الدّارقطني بإسناد ضعيف جداً " :
سبق القول في إعراب جدّا.
طيب يقول: " من السّنّة " : اعلم أنّ الصّحابيّ إذا قال من السّنّة فتارة يكون المراد بها الواجب، وتارة يكون المراد بها المسنون المستحبّ، ووجه ذلك أنّ السّنّة هي الطّريقة، والطّريقة إمّا أن تكون واجبة وإمّا أن تكون سنّة، مثال الأوّل الواجب: أنّ ابن عبّاس رضي الله عنهما سئل عن الرّجل يصلّي أربعًا مع الإمام وهو مسافر ويصلّي ركعتين وحده فقال: " تلك هي السّنّة " ، الواجبة أو المستحبّة؟
الطالب : الواجبة.
الشيخ : الواجبة، ومثالها في الواجب أيضا قول أنس رضي الله عنه: ( من السّنّة إذا تزوّج الرّجل البكر على الثّيّب أقام عندها سبعا ثمّ قسم -أو قال- ثمّ دار، وإذا تزوّج الثّيب أقام عندها ثلاث ) : قوله من السّنّة هنا يعني السنة؟
الطالب : الواجبة.
الشيخ : الواجبة، ومن ذلك أيضا قول ابن عبّاس رضي الله عنهما حينما جهر بالفاتحة في صلاة الجنازة قال: " إنّما فعلت ذلك ليعلموا أنّها سنّة " ، يعني : واجبة.
أمّا السّنّة التي تكون للاستحباب فهو ما جاء في حديث ابن مسعود وإن كان فيه شيء من النّظر: ( من السّنّة وضع الكفّ على الكفّ فوق الصّدر ) أو معنى هذا الحديث، هذا ليس بواجب، هذه سنّة غير واجبة، ولكنّها سنّة مستحبّة.
هذا الذي معنا إذا صحّ هذا الأثر : ( من السّنّة أن لا يصلّي ) هل هي من السّنّة الواجبة أو المستحبّة؟
الطالب : الواجبة.
الشيخ : نعم يحتمل الأمرين، يحتمل أن تكون من السّنّة الواجبة ويحتمل أن تكون من السّنّة المستحبّة وإنّما استحبّت على سبيل الاحتياط، أمّا معنى الحديث فظاهره أنّ الرّجل إذا تيمّم لصلاة فإنّه يتيمّم للصّلاة الأخرى، لكن هل المراد بالصّلاة الأخرى يعني إذا دخل وقتها، أو للصّلاة الأخرى ولو في وقت الأولى كالصّلاتين المجموعتبن؟
إن نظرنا إلى ظاهر الحديث وقلنا يتيمّم للصّلاة الأخرى فظاهره أنّه إذا سلّم من الصّلاة الأولى تيمّم للصّلاة الثّانية، لكنّ الظّاهر لي أنّه غير مراد، وأنّ المراد بالصّلاة الأخرى يعني: في وقتها، وهو بمعنى قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في المستحاضة: ( ثمّ توضّئي لكلّ صلاة ) أي: لوقتها ، ولكنّ هذا الأثر كما ترون أثر ضعيف جدّا ولم يذكر المؤلّف له شاهدا، وعلى هذا فنقول الحديث ضعيف فلا يعمل به.
ونبقى على الأصل أنّ الإنسان إذا تيمّم لصلاته وبقي على طهارته فإنّه لا يلزمه إعادة التّيمّم إذا دخل وقت الثّانية، وقد قرّرنا هذا في أوّل كتاب التّيمّم، وبيّنّا أنّ التّيمّم مطهّر رافع للحدث إلى متى؟
إلى أن يزول سبب إباحته إمّا بوجود الماء إن كان التّيمّم عن عدم الماء، وإمّا بزوال العذر إذا كان لعذر، هذا هو الصحيح.
ما حكم هذه الصّيغة إذا قالها الصّحابيّ، هل نقول إنّها موقوفة أو إنّها مرفوعة؟
قال علماء المصطلح: إنّها مرفوعة لكنّها مرفوعة حكما، لأن الرّاوي لم يصرّح بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قالها أو فعلها أو فُعلت عنده وأقرّها أو قيلت عنده وأقرّها وإنّما قال: من السّنّة، فإذا رأيتم من السّنّة من قول الصّحابيّ فإنّه مرفوع حكما، لأنّ الصّحابيّ ما يمكن أن يقول: من السّنّة إلاّ ويريد سنّة الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لا سيما إذا قال ذلك على سبيل الاستدلال فإنّه إن قال ذلك على سبيل الاستدلال فمعلوم أنّ الدّليل إنّما هو قول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم.
طيّب وإذا قالها التّابعيّ فهل يقال إنّها مرفوعة حكماً لكنّ السّند منقطع ، أو نقول: إنّها موقوفة ؟
في هذا أيضا خلاف بين علماء المصطلح، منهم من قال: إنّها تكون موقوفة لأنّ التّابعيّ في الدّرجة الثانية، إذا قال: من السّنّة أي: من سنّة الصّحابة التي أدركها إذ أنّه لم يدرك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فيكون من السّنّة أي: من سنّة الصّحابة إمّا الخلفاء الرّاشدون أو غيرهم.
وقيل: إنّها مرفوعة حكما لكنّها مرسلة، لأنّ الصّحابيّ سقط منها فتكون من قسم الضّعيف، لأنّ المرسل من أقسام الضّعيف، وعليه فنقول: إن كانت مرفوعة حكما فهي ضعيفة، وإن كانت موقوفة فيبقى البحث هل قول الصّحابيّ حجّة أو ليس بحجّة، وهو محلّ خلاف أيضا.