بداية شرح باب الحضانة . حفظ
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله : " باب الحضانة " :
الحضانة : مأخوذة من الحِضن وهو الحِجر، حِجر الإنسان، يقال : احتضن الرجل إذا وضعه في حضنه والتزمه .
وهي : " حفظ الصغير والسفيه والمجنون عما يضره والقيام بمصالحه " ، هذه الحضانة اصطلاحًا ، حفظ الصغير والمجنون ومَن ؟ والسفيه عما يضره والقيام بمصالحه ، يعني : حفظ القاصر وحمايته مما يضره والقيام بمصالحه .
وهي واجبة ، ولكنها هل هي واجبة للحاضن أو واجبة عليه ؟ نقول : أما عند التزاحم فهي واجبة للحاضِن ، وأما عند التخاذل فهي واجبة ، فرض كفاية على الأقارب أن يحضنوا هؤلاء من أقاربهم ، يعني : الصغير والمجنون والسفيه .
السفيه بمعنى المعتوه الذي لا يحسن يتصرف .
حكمها أنها فرض كفاية ، إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين ، وقد علمتم أنه إذا كان هناك تزاحم فهي حق للمحضون وإذا لم يكن تزاحم فهي حق ، إذا كان هناك تخاذل فهي حق على المحضون ، تكون فرض كفاية على الأقارب .
قال المؤلف : " عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه وعن أبيه : ( أن امرأة قالت : يا رسول الله إن ابني كان بطني له وعاء، وثديي له سقاءً، وحِجري له حواءً، وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنت أحق به ما لم تَنكِحي ) رواه أحمد وأبوا داود ، وصححه الحاكم " :
هذا الحديث فيه هذه المرأة شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها حين طلقها وأراد أن يأخذ ابنها منها ، وجاءت بمبررات على سبيل السجع فقالت : ( إن ابني كان بطني له وعاءً ) : بمنزلة الوعاء الذي يوضع فيه الطعام وهذا وصفٌ مطابق تمامًا ، ( وكان ثديي له سقاء ) : لأنه يشرب منه اللبن فهو بمنزلة السقاء الذي يشرب منه الإنسان الماء واللبن ، ( وكان حِجري له حواء ) : يعني تضعه في حجرها فيحويه وتحضنه إلى صدرها ، ( وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني ) : كما تجيء به العادة كثيرا إذا طلق الرجل زوجته ساءت العلاقة بينه وبينها ، فيريد أن يأخذ الولد ، أحيانًا يريد أن يأخذه شفقةً عليه ، وأحيانًا يريد أن يأخذ حبًا له ، وأحياناً يريد أن يأخذه إضراراً بأمه ، المهم أن الناس تختلف نياتهم وإراداتهم ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنت أحق به ما لم تنكحي ) : يعني أنت أحق به في الحضانة ، وهو لك ما لم تنكحي ، فإذا نكحت فلا تكوني أحق به منه ، بل يكون هو أحق ، ووجه ذلك : أن المرأة إذا تزوجت وبقي ابنها معها صار تحت حَجر هذا الزوج الجديد ، فيمُّن عليه ، ويتعلق به الطفل أكثر مما يتعلق بأبيه ، وربما يستخدمه زوج أمه استخدامًا سيئًا إذا أمكن أن يستخدمه ، فالمهم أنه إذا نَكَحت فإن حقها من الحضانة يسقط ويكون لأبيه .
ولم يستفصل النبي صلى الله عليه وسلم هنا بين أن يحدث لها سفر أو لا يحدث بل قال : ( أنت أحق به ما لم تنكحي ) ، ولم يقل : ما لم تنكحي أو تسافري ، وعلى هذا فيكون فيه دليل على أن السفر لا يسقط الحضانة كما سنبينه .
في هذا الحديث فوائد :
أولا : جواز السجع ، لقولها : ( كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء ) : ووجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها ، فإن قال قائل : كيف يقرها ولم يقر حَمَل بن النابغة حين قال : ( كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ، ولا نطق ولا استهل فمثل ذلك يطل ) ؟ قلنا : الفرق أن هذه سجعت هذا السجع لتطلب بحق ، وأما حَمَل بن النابغة فسجع السجع لأجل إبطال الحق وبينهما فرق ، ولهذا لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على هذه المرأة .
ومن فوائد هذا الحديث : أن حضانة الأم لا تسقط بالطلاق لقوله : ( أنت أحق به ) وقد قالت : ( إنه طلقها ) ، فتكون الحضانة لها لا لأبيه .
ومن فوائد الحديث : أن الحضانة حق للحاضن ، لقوله : ( أنتِ أحق به ) وهو كذلك ، هي حق للحاضن إذا طلبها فإنه يعطى إياها ، ولكن لا بد من شروط : الشرط الذي ذكره الرسول : ( ما لم تنكحي ) ، فيستفاد منه أنها إذا تزوجت الأم فإن حقها من الحضانة يسقط .
طيب وظاهر الحديث العموم ، يعني سواء نكحت قريبا للمحضون أو بعيداً ، ولكن سيأتي إن شاء الله حديث تخاصم جعفر بن أبي طالب وزيد في بنت حمزة ، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام : قضى بها لخالتها مع أنها قد تزوجت وقال : ( الخالة بمنزلة الأم ) : فيجمع بينهما بأنها تزوجت قريبا للمحضون وإذا تزوجت قريبا للمحضون فإن حضانتها لا تسقط .
وليعلم أنه يُشترط في الحضانة أن يتحقق المقصود بها وهو : نعم ، حفظ المحضون عما يضره ، والقيام بمصالحه ، فإن قدر أن الحاضن لا يهتم بهذا المحضون ، يسفه أو يرشد يضيع أو يهتدي ما يهمه ، فإن حضانته تسقط ، لأن الحضانة إنما ثبتت لحظ المحضون ، فإذا لم يكن للمحضون حظ فيها فإنها تسقط . نعم ، شوف الأسئلة .
السائل : ...
الشيخ : كيف ؟
السائل : ... هذا قصدي من هذا السؤال ، جزاك الله خير .
الشيخ : نعم ، هو على كل حال إذا طالب إضرارا بها فإنه يأثم ، لكن ليس لنا إلا الظاهر : أنه طالب بحق ، ومعلوم أنه ليس له حق إلا إذا تزوجت .
السائل : لكن يا شيخ هل يسقط هذا الشرط ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : ويكون الحكم خاص ؟
الشيخ : إي هذا خاص .
السائل : ...
الشيخ : لا لا ما يعجبه .
السائل : شيخ لو الزوج طلب الطلاق أو الزوجة أو الفسخ مع أنه ...
الشيخ : نعم .
السائل : متى نقول أن للمرأة الفسخ أو الطلاق ؟
الشيخ : إذا طالبت .
السائل : وش الفرق بين الفسخ والطلاق ؟
الشيخ : الفسخ والطلاق ما بينها فرق ، المقصود الفراق ، لكن إن وقع بلفظ الطلاق حسب من الطلاق ، وإا وقع بلفظ الفسخ لم يحسب من الطلاق .