وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم . متفق عليه . ولمسلم عن ميمونة نفسها رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال . حفظ
الشيخ : ما حديث ابن عباس فإنه يقول رضي الله عنهما : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم ) طيب تزوج ميمونة ، ميمونة بنت الحارث، وهي خالة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
وقوله: ( وهو محرم ) جملة حالية في محل نصب من فاعل تزوج وهو النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم بالعمرة، ولمسلم عن ميمونة نفسها التي عقد عليها النكاح ( أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي حلال ) وفيه أيضاً حديث آخر حديث أبي رافع رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال قال : وكنت السفير بينهما ) يعني الواسطة، فهنا تعارض حديث ابن عباس المتفق عليه مع حديث ميمونة الذي رواه مسلم وحديث أبي رافع، فاختلف العلماء رحمهم الله في الترجيح بينهما، فمن العلماء من رجح حديث ابن عباس من وجهين من حيث السند ، نعم من وجه واحد فقط من حيث السند، لأنه متفق عليه، في أيضًا وجه آخر: أن ميمونة خالته فهو من أعلم الناس بها، ومنهم من رجح حديث ميمونة من وجهين بل من ثلاثة أوجه:
الوجه الأولى: أنها هي صاحبة القصة، ومعلوم أن صاحب القصة أدرى بها من غيره.
الوجه الثاني: أنها يؤيدها حديث أبي رافع وهو السفير الواسطة بينهما.
الوجه الثالث: أنه الموافق لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ينكح المحرم ) والأصل عدم الخصوصية، فإذا كان الأصل عدم الخصوصية فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتزوج وهو محرم، لأن الأصل أن ما ثبت للأمة ثبت له، وما ثبت له ثبت للأمة إلا بدليل، وهذا القول الثاني هو الصحيح أن النيي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال.
فإذا قال قائل: ماذا نصنع بحديث ابن عباس؟
قلنا: ابن عباس رضي الله عنه لم يطلع على أنه تزوجها إلا بعد أن أحرم النبي صلى الله عليه وسلم فظن أنه تزوجها وهو محرم فروى ما بلغه ولم يبلغه قبل ذلك أنه تزوجها وهو حلال، فالصواب: أنه تزوجها وهو حلال، وابن عباس رضي الله عنهما لم يطلع على ذلك إلا بعد أن أحرم، على هذا لا تثبت الخصوصية للرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك، أي: في جواز نكاحه وهو محرم، أما على من رجح حديث ابن عباس فإنه يقول: هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وقد خص النبي بمسائل كثيرة في النكاح.