تتمة شرح حديث : ( عائشة رضي الله عنها قالت : طلق رجل امرأته ثلاثاً فتزوجها رجل ، ثم طلقها قبل أن يدخل بها ، فأراد زوجها الأول أن يتزوجها ، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ؟ فقال : ( لا حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول ) . متفق عليه ، واللفظ لمسلم . حفظ
الشيخ : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تعبهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال: " وعن عائشة رضي الله عنها قالت: طلق رجل امرأته ثلاثاً "شرحنا هذا وقلنا أن الطلاق ثلاث في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ليس هو الطلاق المعروف أن يقول أنت طالق ثلاثاً ، بل الطلاق ثلاث يعني طلاقاً ثم رجعة أو نكاحاً جديداً ثم طلاقاً ثم رجعة أو نكاحاً جديداً ثم طلاقاً هذا الطلاق الثالث هو الذي يبين المرأة من زوجها .
وأما قول القائل لزوجته أنت طالق ثلاثاً أو أنت طالق أنت طالق أنت طالق فهي واحدة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر، فلما كثر هذا من الناس قال عمر رضي الله عنه : ( إني أرى الناس قد تتايعوا ) ما هي تتابعوا ، تتايعوا أي هلكوا في الطلاق ، ثم قال رضي الله عنه إنه يعاملهم بما أرادوا فلو أمضيناه عليهم .
أقرأ الأثر " قد تتايعوا في أمر كانت لهم فيه كانت لهم فيه أناة فلوا أمضيناه عليهم " ويش معنى كانت فيه أناة ؟ يعني كان فيه سعة يطلقون مرة واحدة، هل أنت إذا طلقت مرة واحدة تلزم بالرجوع إلى زوجتك؟ لا، خلي معك سعة طلق مرة واحدة ثم طلق ثانية ثم ثالثة لأن بعض الناس عنده جهل يقول: أطلقها ثلاثا من أجل ألا أراجعها، نقول له: أنت إذا طلقت واحدة فإنك لا تلزم بمراجعتها دعها حتى تنقضي العدة وإن شئت راجع، هو رضي الله عنه قال : " أرى الناس قد تتايعوا في أمرٍ كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم" وهذا حديث صحيح ، وهو صريح في أن إمضاء الثلاث كان من اجتهادات عمر رضي الله عنه ، الحديث في مسلم. كان من اجتهادات عمر .
قال بعض العلماء: فأخذ العلماء به فكان إجماعًا، يعني إجماعاً من العلماء أن طلاق الثلاث يكون ثلاثاً ، تبين به المرأة ، وقال بعض العلماء: بل الإجماع على عكس ذلك، لأن حديث ابن عباس وهو في مسلم أيضاً يقول: كان الطلاق الثلاث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر - يرحمك الله - طلاق الثلاث واحدة، فعندنا ثلاثة عهود: عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وعهد أبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، قالوا: فلو أننا نتساهل في نقل الإجماع لكان الإجماع على أي شيء؟ على أن الثلاث واحدة وهذا حق، ولهذا كان الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة: أن طلاق الثلاث واحدة سواء وقع بلفظ واحد أو بألفاظ متكررة، وأنه لا طلاق إلا بعد رجعة أو نكاح جديد، بعد رجعة مثل أن يقول: طلقت زوجتي مثلاً ثم يراجع، إذا راجع عادت زوجة، فإذا طلق هذه الثانية إذا راجع عادت زوجة، فإذا طلق فهذه الثالثة أو يقول لزوجته: أنت طالق وتعتد فتنقضي العدة ثم يتزوجها من جديد ثم يطلق ثم تنقضي العدة ثم يتزوجها من جديد ثم يطلق، فالثالثة هذه تبين بها، على كل حال قولها رضي الله عنها : طلق امرأته ثلاثا الطلاق الثلاث يعني به أنه هي البت آخر طلقة تكون فتزوجها رجل ثم طلقها قبل أن يدخل بها ( فأراد زوجها الأول أن يتزوجها فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : ( لا ، حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول ) متفق عليه واللفظ لمسلم .
هذا يدل على أن المرأة إذا طلقت ثلاثًا لا تحل للزوج الأول إلا بعد النكاح صحيح وبعد وطء الزوج الثاني - حطوا بالكم يا جماعة - بعد نكاح صحيح، لأن وطء الثاني لا يباح إلا بنكاح صحيح فلابد من نكاح صحيح ولابد إيش؟
الطالب : وطء.
الشيخ : من وطء لا بد من وطء.
وقوله: ( حتى يذوق من عسيلتها ) ذكرنا فيما سبق أن المراد بالعسيلة: الجماع، وأن بعض العلماء قال: المراد به: الإنزال، وأنه إذا حصل جماع بدون إنزال فإنها لا تحل للأول، والصحيح أن المراد بالعسيلة: الجماع وإن لم ينزل، وأنه إذا جامعها فإنها تحل للأول، إذا جامعها حلت للأول لكن بشرط أن يكون النكاح صحيحًا، أما لو كان نكاح تحليل فإن وطأها لا يحل أصلا ولا يُحلها للزوج الأول، لأن نكاح التحليل حرام وباطل فلا يفيد شيئًا.