وعن عائشة رضي الله عنها قالت : خيرت بريرة على زوجها حين عتقت . متفق عليه في حديث طويل .
ولمسلم عنها رضي الله عنها : أن زوجها كان عبداً . وفي رواية عنها : كان حراً . والأول أثبت ، وصح عن ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري أنه كان عبداً . حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف : " وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( خيرت بريرة على زوجها حين عتقت ) متفق عليه ".
بريرة هذه مولاة مملوكة كانت، ثم إن أهلها كاتبوها، أي: باعوا نفسها عليها، يعني: اشترت نفسها من أهلها على تسع أواق من الفضة، الأوقية كم درهم؟ أربعين درهم، تسع في أربعين بثلاث مائة وستين درهماً هذه قيمتها، اشترت نفسها من مالكيها بثلاث مائة وستين درهماً، ثم جاءت إلى عائشة رضي الله عنها تستعينها تطلب منها المعونة، فقالت عائشة: ( إن أحب أهلك أن أعد لهم هذه الدراهم ، أنقدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت ) فذهبت بريرة إلى مالكيها وقالت لهم : إن عائشة تريد أن تنقد لكم الثمن بشرط أن يكون ولاء بريرة لعائشة ، ولكنهم أبوا، فجاءت بريرة تخبر عائشة وكان النبي صلى الله عليه وسلم حاضرًا فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق ) يعني وإن اشترطوا أن الولاء لهم فالولاء لك، لأنك أنت المعتقة، فاشترتها عائشة واشترطت لهم الولاء، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب وأبطل هذا الشرط، أبطله وقال: ( ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق وشرطه أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق ) هذه قصتها.
لما عتقت خيرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تبقى مع زوجها أو أن تفسخ النكاح، وهذا هو وجه الشاهد من الحديث اختارت رضي الله عنها أن تفسخ نكاحها، وكان زوجها يحبها محبة شديدة وهي تكرهه كراهة شديدة ففسخت النكاح، فجعل زوجها يتابعها في أسواق المدينة يبكي يريد أن تبقى معه ولكنها لم ترحمه لأنها لا تحبه، ومشكل أن يبقى الإنسان مع شخص لا يحبه هذا شيء ثقيل على النفس، كما قال المتنبي:
"ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى *** عدوًّا له ما من صداقته بد"
المهم: توسط بالنبي عليه الصلاة والسلام، طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع له عند هذه الزوجة فشفع له عند الزوجة فقالت: يا رسول الله، إن كنت تأمرني فسمعاً وطاعة، وإن كنت تشير علي فليس لي حاجة فيه، قال: بل أشير، قالت: لا حاجة لي فيه، ففسخت النكاح، بقيت بريرة عند عائشة رضي الله عنها في البيت وكانت كالخادمة عندهم، في يوم من الأيام دخل النبي صلى الله عليه وسلم يريد طعاماً فقدموا له طعاماً ليس فيه لحم، فقال: ( ألم أر البرمة على النار؟ ) البرمة ما هي ؟ إناء من الفخار من الطين، يسمى إناء الفخار، فقالوا: يا رسول الله، هذا لحم تُصدق به على بريرة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأكل الصدقة لا الواجبة ولا الزكاة، قصدي لا الزكاة ولا التطوع، فقال: ( هو عليها صدقة ولنا هدية ) فجاءوا به فأكل منه، فهذه من بركات هذه المرأة أنه حصل للأمة هذه السنة العظيمة، أن من قبض شيئاً وملكه فله أن يملكه من لا يحل له تملكه، هذه قاعدة مفيدة، " من ملك شيئاً على وجه مباح فله أن يملكه غيره " ولا حرج عليه فيه هذا لأن التحريم إنما جاء من حيث الكسب، أما ما كان محرماً لعينه فهذا لا يحل لأحد، لو أن شخصًا ملك خمرًا وأراد أن يهبه لأحد قلنا: هذا حرام، لو أن شخصاً سرق مال شخص وأراد أن يهبه لأحد، قلنا: هذا حرام، لأنه محرم لعينه إلا إذا رضي صاحب المال، أما المحرم للكسب فإن هذا يتبع السبب إن كان السبب مباحاً فهو حلال وإن كان غير مباح فهو حرام، الشاهد من هذا : أنها خيرت.
قال : " متفق عليه في حديث طويل ، ولمسلم عنها رضي الله عنها : أن زوجها كان عبداً .
وفي رواية عنها : كان حراً ، والأول أثبت ، وصح عن ابن عباس رضي الله عنه عند البخاري أنه كان عبداً ) ".
فهذه روايات مختلفة - انتبه - أولًا: أن زوجها كان عبداً، هذه رواية، رواية أخرى: كان حرًّا، أن زوجها كان حرًّا، رواية مؤيدة للأولى أنه كان عبداً وهذا أرجح أنه كان عبداً.
ومن ثَم اختلف العلماء من أجل اختلاف هذه الروايات، اختلف العلماء هل إذا عتقت الأمة تحت حر يكون لها الخيار؟ على قولين لأهل العلم، أما إذا كانت تحت عبد فالخيار لها واضح، لأنها إذا عتقت وهو عبد صارت أعلى منه، كيف كانت أعلى منه ؟ لأنها صارت حرة وهو عبد، فلما صارت أعلى منه قلنا: لك الخيار الآن أن تبقي مع من هو دونك أو أن تفسخي النكاح، لكن إذا عتقت تحت حر، وهل يمكن للأمة أن تتزوج حرًّا؟ نعم يمكن بالشرطين اللذين ذكرهما الله : (( ومن لم يستطع منكم طولًا أن ينكح المحصنات )) .
الطالب : (( المؤمنات )).
الشيخ : (( فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات )) إلى أن قال : (( ذلك لمن خشي العنت منكم ))) ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أنه لا يستطيع مهر الحرة.
الشرط الثاني: أن الأمة مؤمنة لا كتابية ولا غير كتابية، ما تحل.
الثالث: أن يخاف العنت.
فإذا تزوج الحر جارية أمة بهذه الشروط ثم عتقت عتقها سيدها مثلاً فهل لها الخيار؟ نقول: في هذا قولان لأهل العلم :
منهم من قال: إنه لا خيار لها، لأن غاية ما حصل أنها ارتقت إلى مرتبة توازن الزوج فلا خيار لها، وهذا هو الأرجح أنه ليس لها خيار.
ومنهم من قال: بل لها الخيار، واستدل ببعض ألفاظ هذا الحديث أن زوج بريرة كان؟
الطالب : حراً.
الشيخ : حُراً، وعلل ذلك بأنه إنما ثبت لها الخيار لأنها ملكت نفسها، وهي حين زوجت وهي أمة زوَّجها من؟ سيدها، زوجها سيدها ، ولكن يقال في الرد على هذا التعليل: إذا كان زوَّجها سيدها باختيارها ورضاها فإنه لا ضرر عليها هي لم تُكره،
يقولون: إذا كان زوَّجها برضاها واختيارها فإن الغالب أنها لا تختار الفسخ، قلنا: هذا صحيح لكن غير الغالب وارد، قد تتزوجه راضية به ثم بعد ذلك تريد أن تفارقه لسوء خُلقه أو لسبب من الأسباب.
على كل حال القول الراجح أن الأمة إذا عتقت تحت زوجها فإن كان حُراً فلا خيار لها وإن كان عبداً فلها الخيار هذا الصحيح .
بريرة هذه مولاة مملوكة كانت، ثم إن أهلها كاتبوها، أي: باعوا نفسها عليها، يعني: اشترت نفسها من أهلها على تسع أواق من الفضة، الأوقية كم درهم؟ أربعين درهم، تسع في أربعين بثلاث مائة وستين درهماً هذه قيمتها، اشترت نفسها من مالكيها بثلاث مائة وستين درهماً، ثم جاءت إلى عائشة رضي الله عنها تستعينها تطلب منها المعونة، فقالت عائشة: ( إن أحب أهلك أن أعد لهم هذه الدراهم ، أنقدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت ) فذهبت بريرة إلى مالكيها وقالت لهم : إن عائشة تريد أن تنقد لكم الثمن بشرط أن يكون ولاء بريرة لعائشة ، ولكنهم أبوا، فجاءت بريرة تخبر عائشة وكان النبي صلى الله عليه وسلم حاضرًا فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق ) يعني وإن اشترطوا أن الولاء لهم فالولاء لك، لأنك أنت المعتقة، فاشترتها عائشة واشترطت لهم الولاء، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب وأبطل هذا الشرط، أبطله وقال: ( ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق وشرطه أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق ) هذه قصتها.
لما عتقت خيرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تبقى مع زوجها أو أن تفسخ النكاح، وهذا هو وجه الشاهد من الحديث اختارت رضي الله عنها أن تفسخ نكاحها، وكان زوجها يحبها محبة شديدة وهي تكرهه كراهة شديدة ففسخت النكاح، فجعل زوجها يتابعها في أسواق المدينة يبكي يريد أن تبقى معه ولكنها لم ترحمه لأنها لا تحبه، ومشكل أن يبقى الإنسان مع شخص لا يحبه هذا شيء ثقيل على النفس، كما قال المتنبي:
"ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى *** عدوًّا له ما من صداقته بد"
المهم: توسط بالنبي عليه الصلاة والسلام، طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع له عند هذه الزوجة فشفع له عند الزوجة فقالت: يا رسول الله، إن كنت تأمرني فسمعاً وطاعة، وإن كنت تشير علي فليس لي حاجة فيه، قال: بل أشير، قالت: لا حاجة لي فيه، ففسخت النكاح، بقيت بريرة عند عائشة رضي الله عنها في البيت وكانت كالخادمة عندهم، في يوم من الأيام دخل النبي صلى الله عليه وسلم يريد طعاماً فقدموا له طعاماً ليس فيه لحم، فقال: ( ألم أر البرمة على النار؟ ) البرمة ما هي ؟ إناء من الفخار من الطين، يسمى إناء الفخار، فقالوا: يا رسول الله، هذا لحم تُصدق به على بريرة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأكل الصدقة لا الواجبة ولا الزكاة، قصدي لا الزكاة ولا التطوع، فقال: ( هو عليها صدقة ولنا هدية ) فجاءوا به فأكل منه، فهذه من بركات هذه المرأة أنه حصل للأمة هذه السنة العظيمة، أن من قبض شيئاً وملكه فله أن يملكه من لا يحل له تملكه، هذه قاعدة مفيدة، " من ملك شيئاً على وجه مباح فله أن يملكه غيره " ولا حرج عليه فيه هذا لأن التحريم إنما جاء من حيث الكسب، أما ما كان محرماً لعينه فهذا لا يحل لأحد، لو أن شخصًا ملك خمرًا وأراد أن يهبه لأحد قلنا: هذا حرام، لو أن شخصاً سرق مال شخص وأراد أن يهبه لأحد، قلنا: هذا حرام، لأنه محرم لعينه إلا إذا رضي صاحب المال، أما المحرم للكسب فإن هذا يتبع السبب إن كان السبب مباحاً فهو حلال وإن كان غير مباح فهو حرام، الشاهد من هذا : أنها خيرت.
قال : " متفق عليه في حديث طويل ، ولمسلم عنها رضي الله عنها : أن زوجها كان عبداً .
وفي رواية عنها : كان حراً ، والأول أثبت ، وصح عن ابن عباس رضي الله عنه عند البخاري أنه كان عبداً ) ".
فهذه روايات مختلفة - انتبه - أولًا: أن زوجها كان عبداً، هذه رواية، رواية أخرى: كان حرًّا، أن زوجها كان حرًّا، رواية مؤيدة للأولى أنه كان عبداً وهذا أرجح أنه كان عبداً.
ومن ثَم اختلف العلماء من أجل اختلاف هذه الروايات، اختلف العلماء هل إذا عتقت الأمة تحت حر يكون لها الخيار؟ على قولين لأهل العلم، أما إذا كانت تحت عبد فالخيار لها واضح، لأنها إذا عتقت وهو عبد صارت أعلى منه، كيف كانت أعلى منه ؟ لأنها صارت حرة وهو عبد، فلما صارت أعلى منه قلنا: لك الخيار الآن أن تبقي مع من هو دونك أو أن تفسخي النكاح، لكن إذا عتقت تحت حر، وهل يمكن للأمة أن تتزوج حرًّا؟ نعم يمكن بالشرطين اللذين ذكرهما الله : (( ومن لم يستطع منكم طولًا أن ينكح المحصنات )) .
الطالب : (( المؤمنات )).
الشيخ : (( فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات )) إلى أن قال : (( ذلك لمن خشي العنت منكم ))) ثلاثة شروط:
الشرط الأول: أنه لا يستطيع مهر الحرة.
الشرط الثاني: أن الأمة مؤمنة لا كتابية ولا غير كتابية، ما تحل.
الثالث: أن يخاف العنت.
فإذا تزوج الحر جارية أمة بهذه الشروط ثم عتقت عتقها سيدها مثلاً فهل لها الخيار؟ نقول: في هذا قولان لأهل العلم :
منهم من قال: إنه لا خيار لها، لأن غاية ما حصل أنها ارتقت إلى مرتبة توازن الزوج فلا خيار لها، وهذا هو الأرجح أنه ليس لها خيار.
ومنهم من قال: بل لها الخيار، واستدل ببعض ألفاظ هذا الحديث أن زوج بريرة كان؟
الطالب : حراً.
الشيخ : حُراً، وعلل ذلك بأنه إنما ثبت لها الخيار لأنها ملكت نفسها، وهي حين زوجت وهي أمة زوَّجها من؟ سيدها، زوجها سيدها ، ولكن يقال في الرد على هذا التعليل: إذا كان زوَّجها سيدها باختيارها ورضاها فإنه لا ضرر عليها هي لم تُكره،
يقولون: إذا كان زوَّجها برضاها واختيارها فإن الغالب أنها لا تختار الفسخ، قلنا: هذا صحيح لكن غير الغالب وارد، قد تتزوجه راضية به ثم بعد ذلك تريد أن تفارقه لسوء خُلقه أو لسبب من الأسباب.
على كل حال القول الراجح أن الأمة إذا عتقت تحت زوجها فإن كان حُراً فلا خيار لها وإن كان عبداً فلها الخيار هذا الصحيح .