وعن حكيم بن معاوية عن أبيه رضي الله عنه قال : قالت : يا رسول الله ! ما حق زوج أحدنا عليه ؟ قال : ( تطعمها إذا أكلت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ، ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في البيت ) . رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، وعلق البخاري بعضه وصححه ابن حبان والحاكم . حفظ
الشيخ : ثم قال : " وعن حكيم بن معاوية، عن أبيه رضي الله عنه قال: ( قلت: يا رسول الله ما حق زوج أحدنا عليه ؟ قال : تطعمها إذا أكلت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقَبِّح، ولا تهجر إلا في البيت ) " :
هذه خمسة أشياء ثلاث منهيات واثنان مأمورات:
قوله: ( قلتُ: يا رسول الله ما حق ) : من القائل ؟
الطالب : حكيم.
الشيخ : لا، القائل أبوه، معاوية بن حَيدة: ( قلت: يا رسول الله ما حق زوج أحدنا عليه ؟ ):
سأل هذا السؤال لا ليعلم الحق فقط ولكن ليعلم ويطبق ويقوم به.
وقوله : ( زوج أحدنا ) : زوج مذكر وليس فيه تاء التأنيث ، والسائل رجل وكان المتوقع أن يقول : زوجة ، ولكن زوجة لغة رديئة في اللغة العربية ، لأن زوج يطلق على الذكر والأنثى ، فيقال للمرأة : زوج ، ويقال للرجل : زوج ، لكن العلماء في باب الفرائض قالوا : إنه يجب في باب الفرائض خاصة أن نؤنث الأنثى فنقول: زوج وزوجة من أجل الفرق بينهما عند القسمة، نعم وهذا واضح، أما في اللغة العربية فإنك تذكر الزوج سواء للأنثى أو للذكر.
قال: ( تطعمها إذا أكلت ) : يعني لا تأكل وتدعها جائعة ، بل تطعمها إذا أكلت ، وظاهر قوله : ( تطعمها إذا أكلت ) أنك تطعمها مما تأكل إن طيبا فطيب وإن وسطا فوسط وإن رديئا فرديء.
( وتكسوها إذا اكتسيت ) : كذلك، لا تكسو نفسك وامرأتك عارية بل تكسوها إذا اكتسوت.
( ولا تضرب الوجه ) : ولم يقل لا تضرب مطلقًا ، لأن ضرب الزوج أحيانا يكون مباحًا بل مأمورًا به، لكن الذي ينهى عنه هو ضرب الوجه لسببين: السبب الأول: أن ضرب الوجه أعظم إهانة من ضرب غيره، والإنسان يجد هذا في نفسه لو ضربك إنسان على وجهك صار هذا أشد مما لو ضربك على ظهرك، أليس كذلك؟
طيب الوجه الثاني: أنه ربما يتأثر الوجه بهذا الضرب فتكون مغيرًا للصورة التي خلق الله سبحانه وتعالى آدم عليها، وهذا لا شك أنه أعظم ضررًا مما لو ضربته في ظهره.
لنفرض ضربته في ظهره وانكسر ضلعه، هذا يجبر ولا يتأثر، لكن انخدش وجهه يبقى هذا الخدش، يبقى دائماً مشوهًا ولهذا نهي عن ضرب الوجه.
قال : ( ولا تقبح ) : يعني لا تقبح المرأة أي : لا تصفها بالقبح ، وظاهر الحديث لا تصفها بالقبح الخِلقي أو الخُلقي ، نعم ، الخِلقي مثل أن يصفها بعيب في وجهها في عينها في أنفها في أذنها في طولها في قصرها هذا واحد. الثاني : الخُلق أن يقول: أنت حمقاء أنت مجنونة وما أشبه ذلك، لا تقبّح، لأن هذا التقبيح سيؤثر ولو على المدى البعيد في نفسيتها، سيؤثر في نفسيتها، وسيذكرها الشيطان هذا التقبيح دائمًا .
وقوله: ( ولا تهجر إلا في البيت ) : يعني لا تهجر زوجتك فتخرج من البيت، أو تهجرها فتطردها من البيت، إن أردت أن تهجر فاهجر في البيت، وكيف الهجر في البيت ؟
الهجر في الكلام، يعني يكون في الكلام، لكنه محدد بثلاثة أيام، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث ، يلتقيان فيعرض ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ).
فإن قال: الهجر بالثلاث لا يكفي؟
نقول: الحمدلله ماهي مشكلة، إذا تمت ثلاثة أيام فادخل عليها وقل: السلام عليكم، كل ما مضت ثلاثة أيام نعم سلم عليها ويزول الهجر هذه واحدة. الثاني: الهجر في الطعام، مثلا إذا كان من عادتك أنك تتغدى مع أهله اهجرها تأديبًا لها.
ثالثًا: الهجر في المنام، الهجر في المنام له أنواع كثيرة منها ترك الجماع والمداعبة وما أشبه ذلك، ومنها أن تلاقيها ظهرك عند النوم، ومنها أن تجعل لك فراشا خاصا ولها فراشا خاص، ومنها أن تجعل لك غرفة ولها غرفة، المهم أنه أنواع كثيرة كم هذه؟
الطالب : ثلاثة.
الشيخ : ثلاثة: الكلام والطعام والمنام.
طيب وممكن أن نقول: إن الهجر إخلاف عادته إذا كانت عادته معها طيبة، ويمزح مثلا معها كثيرًا وما أشبه ذلك، قد يكون من الهجر أن يهجر هذه الخصلة نعم وهو كذلك.
ثم اعلم أن الهجر لا يجوز إلا لسبب كما سيأتي إن شاء الله تعالى فيما يأتي.