وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه ، فأبت أن تجيء فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح ) . متفق عليه ، واللفظ للبخاري . ولمسلم : ( كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها ) . حفظ
الشيخ : ثم نأخذ الدرس الجديد : يقول : " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان، لعنتها الملائكة حتى تصبح ) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
ولمسلم : ( كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها ) "
:
قوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه ) :
دعا بمعنى طلب، طلب منها أن تحضر إلى الفراش وذلك من أجل أن ينال متعته منها بالجماع أو ما دونه، الحديث عام.
وقوله ( فأبت ) امتنعت أن تجيء، سواء امتنعت بالقول بأن قالت: لا، أو امتنعت بالفعل بأن تكرَّهت وتأخرت وتقهقرت ولم تأتِ، وسواء علَّقت الإباء على شرط أو لا، بأن قالت مثلا: لا آتي إلا إذا اشتريت لي سيارة كدلك، أو إذا أعطيتني حلياً مثل حلي فلانة، أو إذا أتيت لي بخادم أو ما أشبه ذلك. وقوله: ( فبات غضبان عليها ) : هذا شرط يعني إن رضي وصار حليما وعاقلا وأعطى المرأة على قدر عقلها ولم يغضب فهذا طيب ، ولا تتعرض الملائكة للعقوبة التي ذُكرت.
فإن بات غضبان كما يوجد عند كثير من الأزواج، يغضب إذا أبت أن تجيء لا من أجل أنها تفوت عليه بامتناعها شهوته، ولكن من أجل أنه يشعر بأنها تحتقره وأنها تريد أن تذله، وقد يكون من الجهتين جميعًا، يكون هو محتاجا إلى ما يريد فتحول بينه وبين إرادته فيغضب.
وقد يكون من الناس سريعي الغضب، يغضب لأدنى سبب، ولا يفكر في الأمور والعواقب.
المهم أنه إذا بات غضبان عليها فإن العقوبة : ( لعنتها الملائكة حتى تصبح ) : لعنتها أي: دعت عليها باللعن، يعني قالت: اللهم العنها، هذا هو الظاهر، وليس المراد باللعن أن الملائكة تسبها، لأن اللعن يطلق على السب كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لما ( سُئل هل يلعن الرجل والديه ؟ قال : نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه ) ، وهذا دليل على أن السب لعن ، لأن الساب يطرد المسبوب ويبعده عنه .
لكن قوله هنا : ( لعنتها الملائكة ) الذي يظهر لي والعلم عند الله أن المعنى دعت عليها بلعنة الله ، يعني قالت : اللهم العنها .
والملائكة : جمع ملأك وأصل ملأك مألك من الألوكة وهي الرسالة ، والملائكة رسل كما قال تعالى : (( جاعل الملائكة رسلا )) ، ففيها إعلال بالقلب ، هل تعرفون إعلال بالقلب ؟
الطالب : لا.
الشيخ : لا حول ولا قوة إلا بالله، إعلال بالقلب ها ؟
الطالب : هو قلب حركة الحرف إلى حرف آخر .
الشيخ : لا .
الطالب : إبدال حرف بحرف.
الشيخ : إيه نعم، أنتم قرأتم المقلوب في الحديث ولا لا؟
الطالب : بلى.
الشيخ : هذا قريب منه : القلب إنه يجعل حرف بدل حرف ، فمثلا الملائكة أصله من ملأك يعني جمع ملأك ، وأصل ملأك مألك ، لأنه مشتق من الألوكة، وليست الهمزة قبل اللام.
إذن ففيه إعلال بالقلب أي: جعل حرف مكان حرف، عرفتم ؟
ومن ذلك من الإعلال بالقلب : أشياء أظنكم تقرؤونها غير مصروفة ، فتقولون : عن أشياءَ ، كما قال الله تعالى : (( لا تسألوا عن أشياءَ )) .
طيب وأسماء أظنكم تقرؤونها مصروفة، كما قال تعالى : (( إن هي إلا أسماءٌ سميتموها )) مع أن أسماء وأشياء الوزن واحد ، فلماذا كانت أسماء مصروفة وأشياء غير مصروفة ؟
السبب هو الإعلال بالقلب ، فأصل أشياء شيئا، شيئا على وزن فعلا ففيها ألف التأنيث الممدودة.
لكن أسماء على وزن أفعال ما فيها ألف التأنيث، فالهمزة الثانية في أسماء هي لام الكلمة، والهمزة الثانية في أشياء همزة التأنيث، ألف التأنيث الممدودة، فلهذا لو أشكل على طالب العلم ليش نقول عن أشياءَ ونقول عن أسماءٍ والوزن واحد؟
نقول: لأن هناك إعلال بالقلب أي: أن أشياء فيها قلب، ليس أولها الهمزة أولها الشين التي هي فاء الكلمة، والهمزة بعدها، الهمزة هي عين الكلمة صح ؟ طيب.
الهمزة في شيئا : قلنا : إنها ألف التأنيث الممدودة ، فلهذا منعت من الصرف . أسماء نقول أسماء الهمزة ؟
الطالب : أصلية .
الشيخ : لا ما هي أصلية يا إخوان ، زائدة لكن في مكانها ، هي زائدة لكنها في مكانها ، فليست فاء الكلمة ، فاء الكلمة في أسماء هي السين وعينها الميم واللام هي لام الكلمة ، فليس فيها ألف التأنيث .
ولهذا لو قال لك قائل : زن أسماء ؟
تقول: زنتها أفعال، زن أشياء؟ فعلاء، عرفتم ؟
إذن ينبغي لكم أن تقرؤوا الصرف اقرؤوا الصرف لأنه مفيد يترتب عليه فوائد. نرجع نقول: الملائكة مأخوذة من أين ؟
من الألوكة وهي الرسالة ، لأن الله يقول : (( جاعل الملائكة رسلا )).
فمن الملائكة الذين يجب علينا أن نؤمن بهم والإيمان بهم من أركان الإيمان الستة .
الملائكة يقول العلماء : " هم عالم غيبي مغيّب عن الناس خلقهم الله عز وجل من نور ليقوموا بعبادته وهم صمد لا يأكلون ولا يشربون ، لأنهم لا يحتاجون إلى أكل ولا شراب ما فيهم أمعاء ولا فيهم معدة ولا شيء ، يعني ليس لهم أجواف ، يسبحون الليل والنهار يفعلون ما يؤمرون ، أعطاهم الله تعالى قوة وأعطاهم الله سمعا وطاعة : (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) " ، هؤلاء الملائكة ربما يتشكّل بعضهم أو يتمثل بعضهم بالإنسي ، بالبشر ، جبريل عليه الصلاة والسلام أتى مرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ولا هو من أهل المدينة ، غير معروف في المدينة وليس فيه علامات السفر ، ( ثم جلس إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأسد ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال : يا محمد ) وسأله .
ومرة جاء على صورة دحية الكلبي.
وملك من الملائكة جاء مرة على صورة أبرص أقرع مسافر، على صورة أبرص مسافر، ومرة على صورة أقرع مسافر، ومرة على صورة أعمى، ثلاثة وهو ملك من الملائكة .
إذن هم يتمثلون بالبشر لكن بإذن الله عز وجل ، وإلا فالأصل ما ذكرنا عنهم آنفاً .
ولا بأس أن نقول: ما وظائف الملائكة؟
وظائف الملائكة وظائف متعددة كثيرة :
منهم الموكل بالوحي وهو جبريل ، ومنهم الموكل بالقطر والنبات ميكائيل ، ومنهم الموكل بالنفخ في الصور إسرافيل ، ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الليل يستفتح : ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذن إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) .
مالك : خازن النار ، خازن الجنة قيل : إن اسمه رضوان ، ولكنه لم يثبت. اشتهر أن ملك الموت اسمه عزرائيل ، ولكن ذلك لم يثبت ، وإنما نقول: ملك الموت فقط كما قال الله عز وجل : (( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم )).
أما تسميته فإذا كانت لم تصح عن معصوم فليس لنا أن نسميه.
طيب هناك ملائكة موكلون بكتابة أعمال بني آدم : (( وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين * يعلمون ما تفعلون )) ، (( عن اليمين وعن الشمال قعيد )) قال العلماء : والذي عن اليمين له السلطة على الذي عن الشمال ، إذا أذنب الإنسان ذنباً يقول صاحب اليمين لصاحب الشمال : أمهل لعله يتوب ، ولا يكتب ، وصاحب الشمال ليس له إمرة على صاحب اليمين بمجرد ما يعمل الإنسان الحسنة تكتب ، وهذا من لطف الله بنا لأنه علم حالنا فرحمنا.
فيه ملائكة حفظة يسمون المعقبات، لأنها يعقِّب بعضها بعضاً : (( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله )) ، هؤلاء يتعاقبون فينا ليلا ونهارا يجتمعون في صلاة الفجر وفي صلاة العصر ، ينزل ملائكة النهار في صلاة الفجر ، ويغادر ملائكة الليل في صلاة الفجر ، وينزل ملائكة الليل في صلاة العصر ، ويغادر ملائكة النهار في صلاة العصر ، شف يعني اعتناء الله عز وجل بنا ! يسخر الملائكة أن تنزل علينا ونحن نصلي، وأن تغادرنا ونحن نصلي إكراما لنا وإظهارا لفضلنا في هذه الصلاة.
فيه أيضًا ملائكة سيّاحون، يسيحون في الأرض يطلبون حِلق الذكر، فإذا وجدوا حلقة ذكر جلسوا يستمعون الذكر: ( إذا وجدتم رياض الجنة فارتعوا، قالوا: يا رسول الله ما رياض الجنة؟ قال: حِلق الذكر ).
المهم أن الملائكة عليهم الصلاة والسلام لهم وظائف متعددة شتى، فنؤمن في الملائكة إجمالاً ونؤمن بما علمنا من تفاصيل حالهم على وجه التفصيل، ولا يتم إيماننا إلا بذلك .
والإنسان يحيط به ملائكة يحفظونه من أمر الله، ويحيط به شياطين يأتونه من كل جانب، قال الله عز وجل عن الشيطان: (( فبما أغويتني لأقعدن لهم صراط المستقيم ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ))، فاستحضر يا أخي استحضر أن الملائكة تحفظك من هؤلاء الشياطين، لتزداد قوة وتزول عنك الوَحشَة، ولا تخضع وتذل وتخف من الشياطين ما دمت تشعر أن الله قد سخّر لك ملائكة معقبات من بين يديك ومن خلفك يحفظونك من أمر الله فكن قويا بهذا الحفظ، كن قوياً، بعض الناس تغلبه الشياطين وينسى الملائكة الذين يحفظونه، فتجده في وحشة أو رذيلة ، وربما يدخله الشيطان من الوحشة ، يقشعر جلده ، ويفز وحينئذ يكون سببًا لدخول الجني فيه ، فإذا شَعُر الإنسان بأن عنده ملائكة يحفظونه من أمر الله اطمأن وقال: الحمدلله جنود من جنود الله عز وجل، وجنود الرحمن أقوى من شياطين الجن، أليس كذلك ؟
الطالب : بلى.
الشيخ : لما قال سليمان لمن حوله : (( أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن )) شف عفريت من الجن ماهو جني عادي : (( عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين )) قوي أقدر أجيبه ، أمين ما أخرب فيه شيئاً .
(( قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك )) : أيهما أبلغ الثاني بكثير أبلغ، حتى وإن كان قوله : (( قبل أن تقوم من مقامك )) ، لأن له ساعة معينة يقوم فيها ، ولا كان قبل أن يقوم من مقامه يمكن يقعد يومين في المقام ، لكن له ساعة معينة يعلم أنه سيقوم فيها.
المهم أن الذي عنده علم من الكتاب قال: (( أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك )) ، فإذا الكرسي عنده العرش عنده .
ولهذا قال: (( فلمَّا )) الفاء تدل على التعقيب .
(( فلما رآه مستقرًا عنده )) : مستقرًّا ، ما قال : عنده ، مستقر كأنه وضع له عشر سنين ، مستقر.
ولهذا النحويون قالوا : كيف تقولون إنه خبر المبتدأ أو المفعول به خبر إن وأخواته، كيف تقولون: لازم يكون محذوف المتعلق، وهذه مذكور مستقرا عنده؟
قالوا: لأن الاستقرار هنا ليس الاستقرار العام، هذا استقرار خاص ثابت كأن له سنوات.
قال هذا إذن الذي عنده علم من الكتاب ما الذي جعله يأتي به بهذه السرعة؟ قال العلماء: لأنه دعا الله فحملته الملائكة، حملته الملائكة إذن الملائكة أقوى من الجن وشياطين الجن، فإذا شغل الإنسان بما أخبر الله به عز وجل في قوله: (( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله )) اطمأن، وقال ما معي من القوة أكثر من قوة الشياطين.
طيب تكلمنا عن هذا لأن هذا بحث وإن كان لا يتعلق بالحديث كثيرا لكنه بحث ينبغي للإنسان أن يكون منه على بال، لأن الإيمان بالملائكة هو أحد أركان الإيمان الستة.
يقول: ( لعنتها الملائكة حتى تصبح ): يعني حتى يأتيها الصباح وذلك بطلوع الفجر، فيا ويلها إذا كانت في ليالي الشتاء ، تكون الليالي طويلة والملائكة تلعنها حتى تصبح .
" ولمسلم : ( كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها ) " : يرضى عنها من ؟
زوجها لأنه بات غضبان ، فيسخط عليها رب العالمين عز وجل حتى يرضى عنها الزوج .
وقوله : ( كان الذي في السماء ) هو الله لا إشكال في هذا ، لكنه ذكره في السماء مبالغة في التعظيم لأن السماء هو العلو والله سبحانه وتعالى هو في العلو المطلق الذي لا شيء فوقه ولا شيء يحاذيه ، العلو المطلق ، وهو فوق المخلوقات كلها ، وما فوق المخلوقات عَدم إلا من الله ، ما فوق المخلوقات عدم ، لأنه إذا كانت المخلوقات كلها تحت الله ما الذي يكون معه ؟
الطالب : لا شيء.
الشيخ : لا شيء معه كله عدم ، ولهذا نقول: الله عز وجل في السماء ولا يحيط به شيء، لأنه ما هناك شيء حتى يحيط بالله سبحانه وتعالى وهذا الحديث وأمثاله مما فيه إثبات أن الله في السماء يعتقد أهل السنة والجماعة -ونسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم- يعتقدون أن الله في السماء حقيقة ، وأن السماء هو العلو، العلو المطلق وليس السماء المبني، على أنه يمكن أن يراد به السماء المبني ولا يدل ذلك على أن السماء محيط به، أو أنه في السماء مباشرة، كما يقول : (( استوى على العرش )) : فعلو الله على السماء بمعنى أن السماء تحته لا بمعنى أنه مستوٍ عليها كما استوى على العرش .
أقول : أهل السنة والجماعة يقولون إن الله في السماء حقيقة أي: في العلو المطلق الذي ليس فوقه شيء، ولا يحاذيه شيء.
وهذا العلو المطلق هو عدم، ما فيه شيء لا سماء ولا أرض ولا عرش ولا كرسي ما فيه إلا الله عز وجل، كل شيء تحته، هذا مذهب أهل السنة والجماعة.
وقال أهل التعطيل: إن الله ليس في السماء ، طيب: (( أأمنتم من في السماء )) ؟
قال: نعم من في السماء ملكه وسلطانه، فيقال: هذا القول باطل، لأننا إذا قلنا من في السماء: ملكه وسلطانه، احتجنا إلى تقدير، والأصل عدم التقدير، ولأنه ليس من المعقول أن يكون ملكه وسلطانه فوقه، لابد أن يكون هو فوق كل ما يملك وكل ما له سلطة عليه.
طيب فإن قال قائل : إذا جعلنا في للظرفية ألا يحصل إشكال؟
فالجواب : لا ، ما دمنا نقول إن السماء هنا هو العلو المطلق وليس السماء المبنية فلا إشكال ، واضح؟
الطالب : نعم .
الشيخ : طيب والسماء يطلق في اللغة العربية بمعنى العلو ، قال أهل اللغة : كل ما علاك فهو سماء ، حتى السقف الذي الآن فوقنا يسمى سماء ، لأنه من السمو وهو الرفعة ، فإذا كان الله في السماء حيث العلو المطلق لم يبق إشكال في أن تكون في للظرفية ، وإذا جعلنا المراد بالسماء : السماء المبنية فإنهم يخرّجون في بمعنى على أي: من على السماء، ويستهشدون لمجيء في بمعنى على بقول الله تعالى عن فرعون: (( ولأصلبنكم في جذوع النخل )) يعني عليها ماهو يدخلهم في الجذع، يصلبهم يأسرهم بالحبل عليها.
وبقوله تعالى: (( قل سيروا في الأرض )) أي: عليها وليس المعنى سيروا فيها يعني احفروا لكم نفقا تسيرون فيه، لا، وهذا شيء معلوم.
الخلاصة: أن أهل السنة والجماعة يثبتون علو الله وأنه فوق كل شيء وأنه في السماء أي: في العلو المطلق، ولا يقتضي ذلك شيئا ممتنع عن الله.
وقوله: ( ساخطًا عليها ) منصوب على أنه خبر كان ، لأن كان ترفع الاسم وتنصب الخبر.
والسَّخط والغضب معناهما متقارب، وهما صفتا كمال عند وجود سببهما، لأنهما يدلان على كمال القوة، لأن الساخط يشعر بأنه قادر على الانتقام، فهو صفة كمال، وكذلك الغضبان.
واعلم أن أهل التعطيل الذين ينكرون قيام الأفعال الاختيارية بالله ينكرون السخط والغضب، ويقولون: إن الله لا يسخط ولا يغضب، ينكرونه إنكار تكذيب أو إنكار تأويل؟
الطالب : تأويل.
الشيخ : إنكار تأويل هم ما يكّذبون، لو كذّبوا لكفروا ، يقولون : يسخط لكن بمعنى ينتقم أو يريد الانتقام فمعنى ساخطا أي : مريدًا للانتقام منها أو معناه منتقمًا منها .
ولكن لا شك أن تأويلهم هذا تحريف فهو تفسير للقرآن برأيهم لا بمقتضى اللغة ولا بمقتضى الشرع ، والدليل على هذا أن الله تعالى قال في كتابه : (( فلمَّا آسفونا انتقمنا منهم )) : فجعل الانتقام غير الأسف ، والأسف هو الغضب هنا ، آسفونا : يعني أغضبونا ، انتقمنا منهم ، فجعل الانتقام غير الغضب ، جعله مترتبًا عليه وما ترتب على الشيء فليس هو الشيء وهذا يرد تحريفهم للكلم عن مواضعه.
لماذا قالوا إن الله لا يغضب ؟
قالوا: إن الله لا يغضب لأن الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام ، ولهذا تجد الرجل إذا غضب يحمر وجهه لأن أوعية الدم تحتقن بسبب غليان الدم ، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إنه جمرة -الغضب- يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم ) : فتجده يحمر وجهه وبعض الناس تحمر حتى عيناه ترمي بشرر ، وبعض الناس أيضًا ينتفش شعره حتى يكون وجهه كوجه الأسد نعم فالحاصل إن الغضب جمرة فيقولون : الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام وهذا ممتنع على الله .
ماذا نقول لهم ؟
نقول: إن الله ليس كمثله شيء، فإذا كان هذا غضب المخلوق فإننا نجزم بأن غضب الخالق ليس كذلك بل هو غضب يليق به .
ونقول لهم : ونحن نخاطب الآن الأشاعرة ألستم تثبتون لله إرادة فسيقولون ؟
الطالب : بلى .
الشيخ : كيف نعم ؟!
سيقولون بلى نثبت الإرادة ، فنقول : طيب الإرادة أن يميل الإنسان إلى الشيء إما لجلب منفعة وإما دفع مضرة أليس كذلك ؟
الطالب : بلى.
الشيخ : طيب هم يقولون : الإرادة بهذا المعنى هي إرادة المخلوق ، نقول : جواب سديد ، طيب إرادة الله ؟
قالوا: إرادة الله تختص به وتليق به (( وليس كمثله شيء )) ، ماذا نقول ؟ قولوا هذا في الغضب ، قولوا غضب الله عز وجل يليق به ، فإذا كنا نعلم جميعا أن غضب المخلوق هو غليان دم القلب لطلب الانتقام فإنا نعلم أن غضب الخالق ليس كذلك ، لأن الله يقول : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) واضح يا إخوان ؟
طيب إذن نحن نؤمن بأن الله يسخط سخطا حقيقيا ولكنه لا يشبه سخط المخلوق ، انظر سخط المخلوق يترتب عليه يعني آثار سيئة :
ربما يشقق ورق النقود ، صح ؟ وربما يكسر المال ، يكسر الإناء ، نعم ، أحيانا يغضب وشاهدت أنا بعض الذي يغضبون يأخذ بالشيء فوق ويضربه على الأرض ، وش يصير هذا ؟
خسارة ، أحيانا يطلق زوجته ، أحيانا يمكن يعتق مماليكه ، نعم أما غضب الخالق فلا يمكن أن يكون فيه سوء تصرف أبدًا، لأنه ينتقم بحكمة عز وجل، فيكون غضبًا آثاره حميدة بخلاف غضب المخلوق .
طيب ما كملنا ؟
الطالب : الأسئلة ؟
الشيخ : إيه نعم طيب.