وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها ) . متفق عليه . ولمسلم : ( إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرساً كان أو نحوه ) . حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف : " وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها ) متفق عليه .ولمسلم : ( إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو نحوه ) " :
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إذا دعي أحدكم إلى الوليمة ) ما هي الوليمة ؟
الطعام المصنوع بمناسبة العرس سواء كان ليلة الدخول أو قبلها أو بعدها ، وحديث عبدالرحمن بن عوف السابق يدل على أن الوليمة تكون بعد الدخول ، وليس بلازم أن تكون حين الدخول ، فهي كل ما يصنع أيام العرس يسمى وليمة.
وقوله: ( إذا دعي فليأتها ): اللام هنا للأمر، أي: فليأت إلى الوليمة ولا يتأخر، والأصل في الأمر الوجوب وسيأتي إن شاء الله ما يؤكد ذلك.
قال ولمسلم : ( إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو نحوه ) :
إذا دعا أحدكم أخاه : وأخو أحدنا هو المسلم ، وأما الذمي والمعاهد والمستأمن فإنها لا تجب إجابته بل قد تكون مكروهة أو محرمة حسب ما تفضي إليه من الشر والفساد .
وقوله: ( فليجب عرسا كان أو نحوه ) :
العرس معروف ، أو نحوه أي : مما يسن فيه الوليمة ، وأما ما لا يسن فيه الوليمة فإنه يدخل في الدعوات العامة التي تستحب الإجابة إليها .
وليعلم أن الدعوات إما أن تكون إلى محرم أو إلى مكروه أو إلى مباح أو إلى مشروع :
فإن كانت إلى محرم فالإجابة محرمة ، أو إلى مكروه فالإجابة مكروهة ، أو إلى مباح فالإجابة مباحة لكن تستحب لما يترتب عليها من الإلفة وجبر الخاطر ونحو ذلك، أو إلى مشروع فهي مشروعة .
وقوله : ( إلى الوليمة فليأتها ) : ظاهر الحديث العموم ولكنه مقيد بما سيأتي إن شاء الله وهي : أن تكون في أول مرة ، فإن كانت في الثانية أو الثالثة فإنه لا تجب الإجابة .
الثاني : ألا يكون في مكان الدعوة منكر ، فإن كان فيه منكر فإن الإجابة لا تجب إلا إذا كان قادراً على تغييره فإن الإجابة تجب لوجهين :
الوجه الأول : الدعوة .
والوجه الثاني : إزالة المنكر .
طيب فإن كان لا يقدر على تغييره لكنه سوف يكون في مكان آخر غير الذي فيه المنكر ، مثل أن يكون صاحب الوليمة قد أعد مكانين : مكانا فيه العزف وآلات اللهو والغناء المحرّم ومكانا خاليا من ذلك ، فهل تجب الإجابة ؟
يقول العلماء : في هذه المسألة يخيّر بين الإجابة وعدمها، وإذا كان كذلك فيجب أن ينظر إلى المصلحة، إن كانت المصلحة في الإجابة أجاب، وإن كانت المصلحة في عدم الإجابة فلا يجب .
إذن نقول: يشترط ألا يكون في مكان الدعوة منكر، فإن كان فيه منكر نظرنا إن كان لا يقدر على تغييره ، حرمت الإجابة ، وإن كان يقدر وجبت الإجابة من وجهين.
أما إذا كان المنكر ليس في المكان الذي دعيت إليه لكن في مكان آخر إنما هو مصاحب للوليمة ، فقد قال العلماء : إن الإنسان يخيّر ، وعلى هذا فنقول : انظر ما فيه المصلحة ، إن كانت المصلحة في الحضور فاحضر وإلا فلا تحضر. طيب يشترط أن يكون الداعي مسلما فإن كان غير مسلم لم تجب الإجابة .يشترط ألا يكون مبتدعا بدعة تلحقه بالفسّاق أو الكفار فإن كان مبتدعا كذلك فإنه لا يجاب لما في ذلك من تعزيز جانبه ورفع معنويته.
يشترط ألا يكون المال حراماً، فإن كان المال حراماً فإنه لا تجوز الإجابة مثل أن أعلم أن هذا الرجل الذي دعاني إلى الوليمة قد سرق الغنم التي ذبحها، وسرق الطعام، فهنا لا تجوز الإجابة.
أما إذا كان ممن يتعامل بالحرام، فإن الإجابة جائزة، وليست بواجبة ولا حرامًا، ودليل ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب دعوة اليهود، وأكل من الشاة التي أهدتها له المرأة اليهودية، مع أن المعروف عن اليهود أنهم كانوا يأخذون الربا ويأكلون السحت.
ففرق بين كون الشيء محرما بعينه أو محرمًا بكسبه ، فالمحرم بعينه لا يجوز لك أن تأكله ، مثاله يا آدم ؟ آدم بن زكريا ؟
الطالب : لا أعلم.
الشيخ : سليم ؟
الطالب : نعم ، أن أعلم أن الوليمة من حرام .
الشيخ : مثل أن أعلم أن هذا الرجل سرق الغنم وذبحها ، أو سرق الطعام وطبخه ، فهذا لا يجوز أن أجيبه ، لأنني سوف آكل حراما بعينه ، الحرام بكسبه صالح ؟
الطالب : الحرام بكسبه؟
الشيخ : إيه نعم.
الطالب : مثل أن يكون المال الذي !
الشيخ : مثل أن يكون الداعي ممن يتعامل بالربا أو بالغش أو بالكذب ، فهنا الإجابة ها ؟
الطالب : جائزة .
الشيخ : جائزة ليست حراما ولا واجبة ، ولكنه إذا كان في عدم إجابته مصلحة بحيث يتوب عما هو عليه فحينئذ يتعين عدم الإجابة ، لأن لدينا قاعدة في المباح : كل مباح يكون هو مباحا في حد ذاته لكن إذا كان وسيلة إلى واجب صار واجبا أو إلى محرم صار محرما ، أو إلى مستحب صار مستحبا أو إلى مكروه صار مكروها ، لأن المباح تتعاوره الأحكام الخمسة بحسب ما يكون وسيلة له .
الشروط إذن للإجابة :
أن يكون الداعي مسلما .
والثاني: ألا يكون مبتدعا بدعة مكفرة أو مفسقة .
الثالث: ألا يكون في المكان حرام.
الرابع: ألا يكون كسبه حرامًا، أو نفس الوليمة حرام.
الخامس: أن يكون ذلك في أول مرة، يكون هذا في أول مرة، فإن كان قد أولم ثم أعاد الوليمة أو أعادها المرة الثالثة فإن هذا لا تجب إجابته، كما سيأتي في الأحاديث.
طيب في غير الوليمة هل إجابة الداعي واجبة أو لا ؟
في هذا خلاف بين العلماء : فالظاهرية يرون أن إجابة الدعوة واجبة إذا تمت الشروط التي ذكرناها .
وغيرهم يرى أنها ليست بواجبة ، ولكنها مستحبة ، بخلاف وليمة العرس .
بقي علينا شرط يمكن أن نجعله شرطاً سادسًا :
وهو ألا يلحق المدعو ضرر ، فإن لحقه ضرر فإن الواجب يسقط ، لأنه إذا كانت الطهارة بالماء وهي شرط لصحة الصلاة إذا تضرر بها الإنسان سقطت عنه فما بالك بهذا.