تكلم الشيخ عن حكم تغطية الوجه للمرأة . حفظ
الشيخ : ليس لذاته وإنما لغيره ، والفرق أن هناك عورة ، بالنسبة من المرأة للمرأة ، هذا يكون محرماً لذاته ، كالرجل مع الرجل ، مثلاً بالاتفاق السوأتان عورتان ، الرجل مع الرجل ، واختلفوا في الفخذين وهما من العورة ، لكن السوأتان عورة بالاتفاق فعلاً هما عورة ، يعني في العيب في النظر ، كون وجه المرأة عورة بالنسبة للرجل ، هو من باب سد الذريعة ، بدليل أنه أباح الشارع كشف الوجه أو رؤية الوجه في بعض الصور ، حتى بالنسبة للذين يقولون بأن وجه المرأة عورة ، حتى بالنسبة لذاك المغالي الذي حلف بالله عز وجل أنه لا يمكن للشرع أن يبيح كشف الوجه ، وهنا لا بد من وقفه قصيرة كجملة معترضة ، أن هذا الرجل لما قال هذا الكلام ، هل يعني مطلقاً ؟ أم بقيدٍ ؟ فهو ما قيد ، وإنما أطلق ، بينما الذين يقولون بأن وجه المرأة عورة ، يقولون يجوز النظر إلى وجه المرأة بالنسبة لمن ؟ للخاطب ، ( اذهب إليها وانظر فإن في أعين الأنصار شيئاً ) ، كما جاء في الحديث ، فالآن إذاً الشارع الحكيم عند من يقول بأن وجه المرأة عورة بالنسبة للرجل .
هو من باب سد الذريعة ، تُرى ما حكم وجه الرجل بالنسبة للمرأة ؟ هل هو عورة ؟ أم لا ؟ طبعاً لا أحد يقول بعورة وجه الرجل بالنسبة لمن ؟ للمرأة ، فما الفرق حينذاك من حيث الرأي كما يفعل هؤلاء الآرائيون ؟ ما الفرق بين تحريم وجه المرأة بالنسبة للرجل وإباحة وجه الرجل بالنسبة للمرأة ؟ مع أن العلة واحدة وهي سداً للذريعة ، ونحن رددنا على الغُلاة المصرين على أن وجه المرأة عورة ، أنهم يفلسفون رأيهم بقولهم أجمل ما في المرأة وجهها فكيف يُعقل أن يكون ليس عورة ويجوز النظر إليه ، وقد قلنا لهم في جولتنا السابقة في بلادكم هذه ، وأجمل ما في وجه المرأة عيناها فهل يجوز لها أن تكشف عنهما لترى طريقها ؟ فبهتوا وقال لي بعضهم والحقيقة كأنها تمثيلية ، لكنها حقيقة واقعية ، قال لي متحمساً كنا في مجلس ، فقام قائلاً مع أن المجلس صغير ، قال أنت تقول بأن وجه المرأة ليس عورة ، والله يقول : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ )) ، قلت له وما معنى يدنين عليهن من جلابيبهن ؟ قال يعني يغطين ، قلت يغطين وجوههن بماذا ؟ قال : بالجلباب ، قلت : هب أن عليك الآن جلباباً وهي هذه الغترة ، الغترة قصيرة كما ترى ، هبهاً جلباباً ، وهو قائم نغطي وجهك بالجلباب ؟ فعجبت منه ، ومن تسرعه بسبب عاطفته العمياء ، وإذا به غطى وجهه ، قلت له تقدم إليَّ ، قال : لا أستطيع ، إذاً كيف تستطيع المرأة إذا خرجت من دارها متجلببةً بجلبابها على هذا المعنى من تفسير يدنين بمعنى ايش ؟ يغطين ، ها أنت مثلت الآن المعنى الذي تفهمه من الآية ، ولم تستطيع أن تمشي خطوات إليَّ ، قال : نفتح فتحة ثقباً ، قلت : ومن أين جئت بهذا الثقب ؟ الآية تقول يدنين بمعنى كما تزعم يغطين ، قال : لترى الطريق ، قلت حسناً ، أنت الآن حينما تقول لترى الطريق ، تقول بالرأي ، وأنت تحكمون بالرأي أنه مستحيل أن يكون وجه المرأة غير عورة، لأن أجمل ما في المرأة وجهها فها أنت قد أبحت للمرأة أن تكشف عن أجمل ما في وجهها وهو عينها ، لكن لعلك تتوسع قليلاً فتبيح للمرأة أن تكشف عن عينيها ، أم أنت من الجماعة الذين قالوا هكذا يعني تبدي عيناً واحدة ، كما جاء في بعض التفاسير عن بعض السلف عبيدة السلماني وهذا صحيح عنه ، وعن ابن عباس وهو غير صحيح عنهُ ، أي تكشف عين واحدة ، قال لا بأس أن تكشف عن عينين لترى طريقها ، قلت : وحينئذٍ قد أبحت للمرأة برأيك وليس بالنص، لأن النص الذي أنت تستند إليه في إيجاب تغطية المرأة لوجهها إنما هو نص مطلق ، ((يدنين )) أي يغطين ، فمن أين جئت بالكشف عن العينين وهما أجمل ما في وجه المرأة ؟ فبهت ، عدتُ فقلت ، تُرى أجمل ما في المرأة وجهها بالنسبة إليها ؟ أم بالنسبة للرجال ؟ قال : لا وإنما بالنسبة للرجال ، قلت فما هو أجمل شيء عن المرأة بالنسبة للرجل ؟ أليس هو وجهه أيضاً ، فإذاً أوجبوا الحجاب على الرجال أيضاً مع الإزار ، وهذا من شؤم تحكيم الرأي في النصوص الشرعية ، والله المستعان .