هل صلى النبي عليه الصلاة والسلام يوماً ما حاسر الرأس .؟ حفظ
أبو اسحق : بالنسبة للنبى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّم هل صلى حاسر الرأس مرة ؟
الشيخ : أنا لا أستطيع أن أقول صلى أو ما صلى ، وأستطيع ان أقول صلى كثيرا ، لا أستطيع أن أقول صلى أو ما صلى لأن سؤالك من حيث لفظه مطلقا ، لكن من حيث قصد المتلفظ له مقيد ، فإن كنت تقصد
أبو اسحق : هو كده يعنى
الشيخ : واخد بالي ، ولذلك أنا اقول اللفظ كذا والقصد كذا ، القصد من السؤال هل صلى يوما ما حاسر الرأس وهو غير محرم ؟ يعنى فى الوضع الطبيعي ، وفى هذا القيد لا استطيع ان أقول صلى أو ما صلى ، لأنه لا يوجد لدينا نص يثبت أو ينفي ، اللهم إلا حديثا يرويه أبو الشيخ فى أخلاق النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ واله وَسَلَّم بإسناد ضعيف جدا ( أن النبي إذا كان فى سفر كان يضع قلنسوته بين يديه يصلى إليها ) فإذن هذا النص لو صح كنا نستطيع ان نقول صلى أحيانا حاسر الرأس متسترا بقلنسوته ، لكن هذا الحديث ضعيف الإسناد جدا فهو فى حكم المعدوم ، بل الحديث الضعيف سنده فيما صرح به الامام الحافظ ابن حبان هو فى حكم العدم، فكيف إذا ما اشتد ضعفه ، فحينئذ نحن نقول بما سمعت لا نستطيع أن نقول صلى أو ما صلى ، أما فى حالة الإحرام بحج أو عمرة فهذا أمر معروف واضح .
ولكن هنا شىء غير واضح وهو : أن كثيرا من أنصار السنة عندكم ومن أنصار البدعة فى بعض بلاد المغرب - سبحان ربى - يحتجون بعدم استحباب على الأقل ستر الراس فى الصلاة قياسا على المحرم بالحج أو العمرة ، مثل هذا المنطق ليس غريبا أن يصدر من بعض المبتدعة ، وبخاصة ذاك الغماري الذى له كتيب صغير فيه رسالة سماها " كشف الالتباس عن الصلاة حاسر الرأس " ، رسالة صغيرة جدا يرد فيها على بعض الشباب المتعلم - كما يقول هو - أنهم قالوا له أن من الأدب أن يصلي المسلم ساتر الرأس ، وضرب للشيخ مثلا أن أحدنا إذا أراد أن يقابل بعض هؤلاء الرؤساء فهل يدخل عليه حاسر الرأس أم يتأدب ويتزين بأحسن زينة ؟ كان جواب الرجل بأن هذه المسألة تختلف باختلاف العادات ، ففي بعض البلاد من الأدب حسر الرأس ، وفى بعض البلاد ستر الرأس ، فإذن القضية ليس لها نظام راتب وإنما هو حسب العادة ، هكذا يقول هو .
ثم ذكر أن الذين يذهبون إلى أن من الأدب ستر الرأس يحتجون بالحديث السابق - حديث ابن عباس - ( أن النبى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ واله وَسَلَّم إذا كان يصلي فى السفر والقلنسوة بين يديه ) فلو كان يقول أن من الأدب الستر ما حسر ، ويتغاضى عن بيان الضعف الشديد أو يجهل والله أعلم بنيته ، أن فيه هذا الضعف الشديد الذى لا يسوغ أن يذكر بدون بيان هذا الضعف ، ثم لا يكتفى بذلك فيذكر هذا القياس العجيب الغريب ، أنه لو كان من الأدب ستر الرأس فى الصلاة لكان الله بين للرسول فى الحج - سبحان الله - مغالطة عجيبة مكشوفة ، ويعجبني فى هذه المناسبة ما كنت قرأته فى رسالة حجاب المرأة لشيخ الإسلام ابن تيمية ، ذكر هناك أثرا حتى هذه الساعة لم اقف عليه مسندا يقول بأن ابن عمر رضي الله عنه : ( رأى مولاه نافعا يصلى حاسر الرأس ، فبعد ان صلى قال له : أرأيت لو انك ذهبت لاحد هؤلاء ) يعنى : - الامراء - ( أكنت تذهب اليه هكذا حاسر الراس ؟ قال : لا ، قال : فالله احق ان يتزين له ) .
هذا كأثر بين نافع ومولاه ابن عمر ذكره هو ولم يعزوه ولا وقفت عليه ، لكن أنا خرجت حديثا فى صحيح سنن ابى داوود - أظنه في سنن البيهقى بالسند الصحيح الى النبى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ واله وَسَلَّم قال : ( من كان له ازار ورداء فليتزر وليرتد فان الله احق ان يتزين له )
فهذه الجملة المرفوعة فى حديث ابن عمر رضي الله عنه يمكن اعتبارها شاهدا لأثر ابن عمر الذى ذكره ابن تيمية رحمه الله فى رسالته تلك ، فقوله عَلَيْهِ الصلاة والَسَلَام : ( فإن الله أحق أن يتزين له ) لا شك أنه بعمومه يوحى ان المسلم إذا قام لمناجاة ربه أن يكون فى أحسن هيئة ، كما فى الآية الكريمة (( خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد ))ٍوهي وإن كانت نزلت بمناسبة أن العرب فى الجاهلية كان بعضهم يطوف عاريا حتى النساء منهن ، فأنزل الله هذه الآية ، (( خُذُواْ زِينَتَكُمْ )) يعنى أستروا عوراتكم ، لكن كما تعلمون من قاعدة العلماء " أن العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب " ، لا سيما إذا جاء العموم فى الحديث مرفوعا ( فان الله احق ان يتزين له ) فحينئذ ينبغي أن يدخل المسلم فى الصلاة ساتر الرأس ليس حاسرا عنه ، لأن هذا الحسر أمر طارىء على العالم الإسلامي ، إنما دخلهم حين دخل فيهم الكافر المستعمر ، فجلب إليهم كثيرا من عاداته وتقاليده ، فتبناها وقلدهم فيها من لا علم عنده أو لا حرص عنده بالتمسك بالآداب الإسلامية ، حتى غلب الحسر فى بعض البلاد على الستر ، لكن لا يزال هناك بلاد إسلامية أخرى - خاصة الأعاجم هادول اللى بيلمهم بعض القوميين - لا يزالون يحافظون على هذه الآداب .
ولذلك لا ينبغي أن يقال كما قال ذلك الشيخ أن القضية تختلف باختلاف العادات ، القضية تختلف باختلاف العادة لو كانت هذه العادة - أعنى عادة الحسر - لوكانت عادة إسلامية ، أما وهى عادة غربية ، فنحن يجب أن نحاربها وأن نبعد الناس عنها لو كانت حتى خارج الصلاة ، فكيف بالصلاة ؟
السائل : لو سمحت يا فضيلة الشيخ، الأمام أحمد - لا أعلم يعنى- وقفت على رأيه لأنى قرأته أنه يكره إمامة
الشيخ : يا سيدى هو القضية تعود فعلا إلى ما ذكرناه أنفا أن هناك عادات وآداب إسلامية عامة كان إذا أخل بها المسلم ينسب إلى أنه ساقط المروءة ، فإذا كان ساقط المروءة فلا تقبل له شهادة ، ومن هذا الباب يقول بعض العلماء فيما ذكرته انفا ، وليس من الضروري لأنه أنظر الآن إلى عورة المسلم من السرة إلى الركبة ، لكن لو خرج أحدهم - خاصة وإن كان شيخا فاضلا - منشان حتى يبين للناس إن العورة فقط من هنا إلى هنا .
السائل : منظر سىء
الشيخ : فهذا بيقول عنه الناس مجنون ، وهذا بلا شك ساقط مروءة ، وهذا لا يجوز مع أن الأصل الجواز ، ولذلك سقوط المروءة لا تسقط بمجرد ارتكاب محرم ، لا ولو بارتكاب شىء غير معتاد الظهور فيه على ملأ من الناس ، ومن هذه الزاوية كانوا يعتبرون الذى يمشى حاسر الرأس أنه - كما يقول الأتراك - أدب سوس ، يعنى قليل الأدب ، فهو قليل الأدب فهو ساقط مروءة فهو ساقط شهادة .
السائل : والواقع أنه استاذ ما تفضلت به يعنى حقيقة يلمسها فى النفوس ، عندما أدخل إلى مسجد وأرى من بعض طلبة الشريعة الذين يؤدون الصلاة بنا يؤديها حاسر الرأس أن النفس لا تطمئن إلى الصلاة وراءه .
الشيخ : الله المستعان ، طيب ، تفضل
السائل : عزوت أثر ( أن النبى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ واله وَسَلَّم صلى الى العمامة )
الشيخ : القلنسوة
السائل : القلنسوة فى تمام المنة إلى ابن عساكر ، فهل هو من الطريق نفسه ؟
الشيخ : نعم من الطريق نفسه .