هل الضرائب جائزة.؟ وما ضابط المصلحة المرسلة .؟ وهل يجوز التخلص من الضرائب بطريقة لا يترتب منها مفسدة للمسلم في دينه .؟ حفظ
ابو اسحاق : سؤال يا شيخنا هل الضرائب حلال مع كوني أدفع الزكاة .
الشيخ : الضرائب هي مكوس ، وهي مما لا يجوز في الإسلام وفرض الضرائب هو مثال صالح لفهم قاعدة المصالح المرسلة ، ومتى تكون حادثة من الحوادث مصلحة مرسلة يجوز تبنيها ويجوز التمسك بها .
أحسن ما قرأت في هذه المناسبة كلاما لشيخ الإسلام ابن تيمية وهو يؤكد عموم قوله عليه السلام : ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) ... . تعرض هذا لتفصيل إلى ما قد يحدث بعد الرسول عليه الصلاة والسلام من حوادث وأنه لا يمكن أن يقال عنها كلها بأنها بدعة ضلالة ، وإنما لابد من التفصيل فيها ، هذا التفصيل تفصيل رائع جدا ، يقول " ما أحدث فيما بعد الرسول عليه السلام ينظر إن كان الدافع على ذلك الإحداث ، المقتضي عليه كان قائما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم هو لم يسنه للناس فلا يجوز نحن أن نتخذ ذلك الحادث وسيلة لتحقيق مصلحة شرعية ، لأنها لو كانت مشروعة لسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم " كما لا يخفى من أدلة معروفة بأن الشريعة كاملة لا حاجة للاحداث ... بها ، أما إن كان الحادث الذي حدث وهو يحقق مصلحة مرسلة إلا أن المقتضي لإحداثها لم يكن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ، هنا يقول ننظر ، إن كان الدافع على إحداث هذه الحادثة التي تحقق مصلحة مرسلة هو تقصير المسلمين في جانب من جوانب الشريعة في تطبيقها فقاموا بهذا المحدث وجعلوه وسيلة لتحقيق تلك الغاية التي جعل الشارع الحكيم لها وسائل مشروعة " ، فلما أهملها المسلمون لم تتحقق تلك المصلحة فأوجدوا بديلا عن تلك الوسائل المشروعة ، هنا يقول هذه ضلالة لا يجوز التمسك بها ، وتدخل في عموم الحديث السابق ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ). " أما إن كان الحادث حدث والمقتضي لم يكن قائما في عهده عليه السلام ولم يكن تقصير المسلمين هو السبب في إحداث هذه الحادثة لتحقيق مصلحة مرسلة ، فهي التي يجوز الأخذ بها لأنها تحقق مصلحة شرعية دون مخالفة " ما لما سبق من النوعين ، النوع الأول المقتضي كان قائما في عهد الرسول والرسول ما سن ذلك ، فهذا خلاف ، أو المقتضي وجد بعد الرسول عليه السلام لكن السبب هو تقصير المسلمين ، أما النوع الثالث إذا لم يكن لا هذا ولا ذاك وهو يحقق مصلحة مرسلة فيجوز تبني ذلك لتحقيق مصالح المسلمين ، فإذا عرفنا هذا التفصيل استطعنا أن نأخذ الجواب عن حكم الضرائب في الإسلام ، لاشك أن هذه الضرائب التي تفرض يقصد بها تحقيق مصالح للأمة مع شيء من التسامح بالتعبير ، لأن كثيرا من هذه الضرائب تصرف فيما يضر الأمة ، تصرف على الأقل فيما فيه إسراف وإضاعة المال ونحو ذلك ، فنقول هذه الضرائب ما سنها أو قننها من فرضها على الشعوب المسلمة إلا حينما أعرضوا عن التشريعات التي سنها الشارع الحكيم في الإسلام والتي هي السبب لتكديس الأموال في خزينة الدولة المسلمة ، فلما أعرض الحكام عن هذه الوسائل المشروعة خلت بيوت المال من المال فماذا يفعلون ، سنوا من عندهم تلك الضرائب ، فهي مكوس وهي لا تجوز ، ولذلك يفصل في خصوص الضرائب ، يفصل الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العظيم " الاعتصام " يفصل الكلام تفصيلا حسنا حول هذه الضرائب فيقول : " يجوز للوالي أو الحاكم المسلم أن يفرض ضرائب على الشعب المسلم لحل مشكلة طارئة لا يفي ما في بيت المسلمين من المال لحل هذه المشكلة فحينئذ يجوز للوالي الحاكم أن يفرض فريضة من عنده وباجتهاده للقضاء على المشكلة الطارئة ، فإذا ما زالت المشكلة زالت هذه الضرائب ... وهذا إذا لم يترتب من وراء ذلك مس للإسلام بسبب المتهرب " ، أقول أنا مثلا قد يتهرب مسلم من ضريبه ، مثلا قد يهرب حاجة إلى الدولة التي تفرض الجمارك مثلا ، فإذا ما اكتشف سبه وسبه لحيته ودينه وإلى آخره ، فإذا لم يترتب من وراء ذلك مثل هذه المفسدة جاز ، لأنه هو يتخلص من الظلم فيجوز لكن بهذا القيد وهذا الشرط " .

السائل : هل مثلا بهذا التهرب مثلا نضطر إلى رفع رشاوي أو غيره هذا السؤال هل يحتاج إلى هذا التهرب إلى دفع الرشاوي أو غيره إلى بعض الناس حتى يدفع عنه الظلم الأكبر فهو يدفع شيء بسيط حتى يدفع عنه الظلم الأكبر فما رأيكم في ذلك .
الشيخ : والله الرشاوى هذه بالصورة هذه يخشى منها تعويد هؤلاء الموظفين على هذه المكوس بمصيبة أخرى وهي الرشوة ، ولذلك ما استحل ذلك .

ابو اسحاق : لكن كان عندنا محل في سنتين جاء علينا ضرائب اثنى عشر ألف جنيه فحين أرباحه لا تصل إلى النصف فأنا ممكن اتوصل الى دفع مئة جنيه أو مئتين جنيه يعني دفع الظلم الأكبر بالظلم الأقل فهل يجوز هذا الشيخ : نحن نقول هذا نقول هذا دفع الشر الأكبر بالأصغر بس يجب أن يراعي في ذلك ما ذكرته آنفا عدم كشف الأمر فيمس الدين والإسلام ونحو ذلك .
ابو اسحاق : لكن طالما سرا جائز .
الشيخ : أما بينه وبين ربه فيجوز .