باب : خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر ، وقال إبراهيم التيمي : ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبا . وقال ابن أبي مليكة : أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، كلهم يخاف النفاق على نفسه ، ما منهم أحد يقول : إنه على إيمان جبريل وميكائيل . ويذكر عن الحسن : ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق ، وما يحذر من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة لقول الله تعالى : (( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )) . حفظ
القارئ : " باب : خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر ، وقال إبراهيم التيمي ".
الشيخ : نعم ؟.
السائل : ... الصلاة على الجنازة .
الشيخ : كيف ؟.
السائل : ... الصلاة على الجنازة من الإيمان .
الشيخ : إي نعم .
السائل : واتباعها .
الشيخ : واتباعها أيضا من الإيمان ، لكن الاتباع مقصود لغيره ، المقصود بالأصل هو الصلاة والدفن .
القارئ : " وقال إبراهيم التيمي : ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبا . وقال ابن أبي مليكة : أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، كلهم يخاف النفاق على نفسه ، ما منهم أحد يقول : إنه على إيمان جبريل وميكائيل . ويذكر عن الحسن : ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق ، وما يحذر من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة لقول الله تعالى : (( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )) ".
الشيخ : قال البخاري رحمه الله : " باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر " أي من حبوطه ، لقول الله تباركو تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون )) وهذه الآية لما نزلت وكان ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه جهوري الصوت ، انحبس في بيته يبكي ، عجز أن يخرج إلى الناس خاف أن يحبط عمله وهو لا يشعر ، لأنه رفيع الصوت ، فسأل عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأخبر بأنه منذ أن نزلت الآية وهو في بيته يبكي ، خاف أن يحبط عمله وهو لا يشعر ، فأرسل إليه يقول : ( بل يعيش حميدا ويقتل شهيدا ويدخل الجنة ).
فانظر كيف كانت ثمرة هذا الخوف ، وهو مقابل لثمرة الصدق الحاصل لمن لكعب بن مالك وصاحبيه ، فالإنسان كلما صدق رفع الله له ذكره ، وكلما خاف أمنه الله عزوجل ، كلما خفت من الله فسيؤمنك الله ، أسال الله أن يؤمننا وإياكم من عذابه .
السائل : آمين .
الشيخ : بشره الرسول بثلاثة أشياء : أنه يعيش حميدا ، ويقتل شهيدا ، ويدخل الجنة ، وحصل هذا ، عاش حميدا ، وقتل في اليمامة شهيدا ، ونشهد أنه سيدخل الجنة بشهادة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فالإنسان يجب أن يخاف من حبوط العمل وهو لا يشعر : إما بإعجاب وإدلال على الله ، وإذا فعل العبادة زم في نفسه ، وقال فعلت صليت تصدقت ، أو برياء يقارنها فيفسدها ، أو بأعمال سيئة تحيط بها عند الموازنة .
وقال إبراهيم التيمي : " ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذبا " سبحان الله ، خوف السلف ، يقول : " عرضت قولي على عملي خشيت أن أكون مكذبا " ليش ؟.
لأن عمله لا يوازن قوله ، قوله في ظاهره أعظم من فعله ، كما نشاهد من بعض الناس تجده إذا قام يتكلم تقول هذا من أزهد عباد الله ومن أصلح عباد الله ، وإذا فتشت عن حاله وجدته ناقصا ، لكن لا يعني أن إبراهيم التيمي من هذا النوع ، لكن أقول إن هذا منه تواضع واحتقار لعمله .
وقال ابن أبي مليكة : " أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، كلهم يخاف النفاق على نفسه ".
الله المستعان ، نعم ، هذا حتى عمر بن الخطاب خاف النفاق على نفسه ، عمر بن الخطاب ثان واحد في الأمة الإسلامية بعد الرسول يخاف النفاق ، فإنه في يوم من الأيام أمسك حذيفة بن اليمان ، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد أسر إلى حذيفة بأسماء طائفة من المنافقين ، ولهذا يسمى حذيفة صاحب السر ، قال له : " أنشدك الله هل سماني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع من سمى من المنافقين " هذا وهو عمر الذي هو من أصلح الناس وأصدقهم لهجة رضي الله عنه .
وهذا عبد الله ابن أبي مليكة يقول أدرك ثلاثين من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام كلهم يخافون النفاق على نفسه .
" ما منهم أحد يقول : إنه على إيمان جبريل وميكائيل " خلافا لمن ؟.
للمرجئة الجهمية ، يقول أنا إيماني كإيمان جبريل ، كإيمان الرسول ، كإيمان أبي بكر ، أعوذ بالله ، كيف هذا ، وهذا أيضا من الغرور الذي يوجب أن يحبط ، أن تحبط أعمالهم نعوذ بالله ، جبريل موكل بالوحي الذي به حياة القلوب ، وميكائيل موكل بالقطر الذي به حياة الأرض ، وبقي ثالث كان الرسول عليه الصلاة والسلام يذكره معهم في صلاة الليل وهو إسرافيل الموكل بنفخ الصور .
يقول : " ويذكر عن الحسن " يذكر هذا المعلق بصيغة التمريض ، يذكر عن الحسن البصري : " ما خافه أي النفاق إلا مؤمن "، المؤمن هو الذي يخاف من النفاق ،" ولا أمنه إلا منافق "، وفي هذا التحذير من أن يأمن الإنسان النفاق على نفسه ، والترغيب في أن يخاف النفاق على نفسه ، النفاق هل يدخل فيه الرياء أو لا ؟.
نعم يدخل فيه الرياء ، لأن الإنسان أظهر أنه يفعل العبادة مخلصا لله وهو في الحقيقة غير مخلص ، ومن يسلم من الرياء ، ولهذا قال بعض السلف : " ما جاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على الإخلاص" ، نعم .
يقول : " وما يحذر " هذه معطوفة على خوف ، يعني وباب ما يحذر من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة لقول الله تعالى : (( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )) والإصرار على المعاصي خطير جدا .