باب : فضل العلم ، وقول الله تعالى : (( يرفع الله الذين ءآمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير )) . وقوله عز وجل : (( وقل رب زدني علماً )) . حفظ
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم ، باب : فضل العلم ، وقول الله تعالى : (( يرفع الله الذين ءآمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير )) . وقوله عز وجل : (( وقل رب زدني علماً )) .
الشيخ : كتاب العلم ، باب فضل العلم ، العلم الذي فيه الفضل وفيه الحث ، هو العلم بشريعة الله ، وليس العلم بما يعود إلى الأمور الدنيوية ، العلم بما يعود إلى الأمور الدنيوية إن كان وسيلة لغاية شرعية فله حكم الوسائل ، وإن كان ضارا فهو محرم ، وإن كان لا ضارا ولا نافعا فهو لغو وإضاعة للوقت ، فكل النصوص التي فيها مدح العلم والثناء على أهله إنما يراد بها العلم الشرعي ، وما كان وسيلة إليه فله حكم الوسائل .
ثم استدل على فضل العلم بقوله تعالى : (( يرفع الله الذين ءآمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) فجعل الله تعالى هذين الوصفين : الإيمان والعلم ، جعلهما سببا لرفع الإنسان درجات ، وهل هو في الدنيا أو في الدنيا والآخرة أو في الآخرة فقط ؟.
الآية عامة ، ولهذا نجد أن العلماء الراسخين في العلم الناصحين لعباد الله نجدهم بين الناس في القمة ، وإن كانوا من حيث الحسب دون ذلك ، أو من حيث الغنى دون ذلك ، لكن يرفعهم الله عزوجل بعلمه ، وفي هذا يقول الشاعر :
العلم يرفع بيتا لا عماد له .. والجهل يهدم بيت العز والشرف .
وقوله تعالى : (( الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم )) ولم يقل والذين علموا ، لأن العلم مكتسب ، والإيمان فطري ، الأصل أن الإنسان يولد على الفطرة ، ويولد جاهلا أو عالما ؟.
جاهلا (( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا )) وقوله : (( رب زدني علما )) هذا لو أن المؤلف رحمه الله أتى بأول الآية كان أحسن وهو : (( وقل رب زدني علما )) لأن هذا أمر من الله موجه لمن ؟ .
للرسول عليه الصلاة والسلام أمره الله أن يقول رب زدني علما ، فإذا كان من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو أعلم الخلق بشريعة الله يؤمر أن يقول : رب زدني علما ، فمن دونه من باب أولى ، يعني فهو ليس مجرد دعاء من الرسول بل هو أمر من الله للرسول ولا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يقوم بهذا الأمر ، سوف يقول : رب زدني علما .
واعلم أنه مهما بلغت من العلم فإن فوقك من هو أعلم منك ، (( وفوق كل ذي علم عليم )) حتى ينتهي العلم إلى الله عزوجل ، ولا تظن أنك أعلم الناس ، وإن كان عندك علم كثير ففيه من هو أعلم منك .
وانظر إلى موسى لما قال : إنه لا يعلم أحدا من أهل الأرض أعلم منه ، ماذا حصل ؟ .
قيل له إن في المكان الفلاني من هو أعلم منك ، يعني الخضر ، وحصل ما ذكره الله تعالى علينا وقصه علينا في سورة الكهف .
فإن قال قائل : كيف صح الإطلاق في قولك : رب زدني علما ، مع أن العلم قد يكون ضارا ؟.
قلنا لا شك أن الذي يطلب الله زيادة العلم لا يريد أن يطلب منه زيادة علم ضار أبدا ، إنما يريد زيادة علم نافع بلا شك ، وإلا فلا يقول عاقل : رب زدني علما يكون حجة علي ما يمكن أن يكون هذا ، يريد رب زدني علما أنتفع به ، بلا شك .