فوائد حفظ
الشيخ : وهذا الحديث به فوائد : منها: أن تحية المسجد لا تجب ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأمر الرجلين الذين قعد أحدهما في الحلقة والثاني خلفها أن يصليا ، ويدل ذلك على أن تحية المسجد لا تجب ، على أن في الاستدلال على هذا الوجه شيء من النظر ، لأنه قد يقال إنهما صليا ثم أقبلا أو أنهم صلوا ثم أقبلوا ، وهذا احتمال يوهن الاستدلال الذي ذكرت ، وقد يقال لعل النبي عليه الصلاة والسلام علم أنهما في حال لا يمكن أن يصلوا ، كأن لا يكونوا على طهارة مثلاً ، والمعروف عند العلماء أنه إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال ، نعم .
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الجلوس في الحلقة إذا وجد مكاناً لا يضيق ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، أقرّ هذا الرجل بل قال إنه ، إن الله آواه ، وأما لعن الجالس في وسط الحلقة فهذا في غير ذلك ، فيما إذا كان فيه ضرر ، على الحلقة أو تقدم هو وصار بين الجالسين وبين المتكلم .
وفي هذا الحديث أيضاً من الفوائد اثبات الاستحياء لله عزوجل الدليل
الطالب : فاستحيا الله منه
الشيخ : فاستحيا الله منه ، وكذلك قوله تعالى : (( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها )) ولكن هل نقول أن استحياء الله كاستحياء المخلوق؟ لا، لأن الله يقول (( ليس كمثله شيء وهو السميع )) العليم
الطالب : البصير
الشيخ : نعم (( وهو السميع البصير )) ومعلوم أن استحياء المخلوق ، عبارة عن انفعال نفسي يوجب الانكماش ، وعدم الإقدام ، وهذا لا يمكن أن يفسر به استحياء الله ، لأن الله تعالى يقول : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ))
ومنها أيضاً من فوائد الحديث ، إثبات إيواء الله ، وهو من الصفات الفعلية ، أما الآخر فآوى فآواه الله ، ولا شك أن الصفات الفعلية ثابتة لله عز وجل وأن من كماله أن يكون فعالاً لما يريد ، كيف يريد ، ومتى يريد ، هو فعال لما يريد في أي وقت وعلى أي كيفية وهذا من كماله ، خلافاً لأهل التعطيل ، الذين قالوا إن إثبات صفات الأفعال نقص في حق الخالق ، وعللوا ذلك بأن الحوادث لا تقوم إلا بحادث ، وبوجه آخر ، قالوا هذه الأفعال إن كانت كمالاً فانتفاءها عنه قبل وجودها نقص ، وإن كان انتفاؤها كمالاً فوجودها نقص ، واضح ، قالوا هذه الأفعال التي يحدثها إن كانت كمالاً فانتفاؤها قبل وجودها نقص ، وإن كان انتفاؤها كمالاً فوجودها نقص ، فنقول هي كمال في وقتها ، وعند وجود سببها ، ولهذا نقول هذه الأفعال مرهونة بماذا ، بالحكمة ، فلا تكون موجودة إلا حيث اقتضتها الحكمة ، وبهذا تكون كمالاً ، ومن المعلوم أن من لا يفعل ناقص ، وأن الفعال كامل.
ومن فوائد هذا الحديث أيضاً القاء المسألة على الطلبة لقوله : ( ألا أخبركم ) لا يقول الإنسان ما دمت لم أسأل فلا أعرض العلم ، نقول اعرض العلم وإن لم تسأل لأن في ذلك نشراً للعلم .