تتمة الكلام حول ما حكم قول الإباضية : نحن نأخذ من الربيع لأنه لاجرح فيه وأنتم تأخذون من رجالٍ مجروحين.؟ حفظ
الشيخ : هذا العلم الذي كان محصورا في أصحاب الرّسول عليه السّلام ماذا صار به فرّق بتفرّق هؤلاء الأصحاب في البلاد ، من هم الّذين اتّصلوا مع هؤلاء الصّحابة أعطونا واحد من هؤلاء الّذين يدّعون أنّهم على الحقّ و أهل السّنّة على الباطل سمّوا لنا رجلا من التّابعين أو أتباع التّابعين أو من بعدهم طاف البلاد هذه كلّها ليجمع الأحاديث الّتي تفرّقت بتفرّق حملتها من الصّحابة و التّابعين . الّذي صار و الّذي وقع لمّا تفرّق أصحاب الرّسول عليه السّلام بسبب الفتوحات الإسلاميّة جاء دور التّابعين ليجمعوا العلم فمنهم من كان في المدينة فيتلقّى العلم عن الصّحابة في المدينة ، منهم من كان في مكّة لكن من هؤلاء الّذي رحل من مكّة إلى المدينة ليتلقّى العلم من أهل المدينة فضلا عن البلاد الأخرى كالبلاد الشّاميّة و غيرها ، هؤلاء التّابعون ثمّ أتباعهم ثمّ يأتي دور أئمّة الحديث لأنّ أوّل أئمّة الحديث و أشهرهم هو إمام السّنّة أحمد بن حنبل رضي الله عنه و الأئمّة السّتّة الّذين عليهم تدور أكثر أحاديث العقيدة الإسلاميّة و الفقه الإسلامي و الأخلاق الإسلاميّة هم أكثرهم تلامذة للإمام أحمد بن حنبل ، فالإمام البخاري من شيوخه أحمد ، و الإمام مسلم من شيوخه أحمد ،و الإمام أبو داود من شيوخه أحمد فهؤلاء الثّلاثة من السّتّة من شيوخهم الإمام أحمد بن حنبل . أحمد بن حنبل بالنّسبة للرّوّاة و الجامعين للأحاديث في أهل السّنّة يكاد يكون مضرب مثل في كثرة تطوافه في البلاد و جمع للأحاديث المتفرّقة في صدور الرّجال . هنا لابدّ أن نلفت النّظر إلى نوع من علم الحديث الّذي اسمه السّند الثّلاثي ، السّند الثّلاثي يعني يكون بين المؤلّف و بين الرّسول عليه السّلام ثلاثة أشخاص ، البخاري فيه عنده ثلاثيّات و إذا كان البخاري تلميذ الإمام أحمد فلا شكّ أنّ ثلاثيّات الإمام أحمد يكون أكثر أي عهده إلى عهد النّبوّة و الرّسالة أعلى و أقرب هذا الإمام إمام السّنّة بحقّ الإمام أحمد له كتاب اسمه كما تعلمون مسند الإمام أحمد في ستّة مجلّدات فيه نحو أربعين ألف حديث بحساب المكرّر و بتصفية المكرّر نحو ثلاثين ألف حديث ، أنا أفكّر أودّ أن أقابل مسند الإمام أحمد بمسند الرّبيع ، إيش فيه من الأحاديث في مسند الرّبيع ما فيه ألف حديث و لو أجرينا عمليّة تصفية ما بيصفى لنا من الأحاديث هذه يمكن الاعتماد عليها على مذهب أصحاب هذا المسند إلاّ أقلّ من القليل . فإذا كان رجل من علماء المسلمين من أهل السّنّة له هذا الكتاب فما هو المسند الأعمّ الأوسع الأشمل عند الإباضيّة ؟ لا ليس عندهم إلاّ هذا المسند مسند الرّبيع ، وأنا أعجب منهم كيف لا يخجلون و يرفعون رؤوسهم متفاخرين به و هو أحاديثه لو أجرينا دراسة عمليّة ما تعرف هذه الأحاديث هي فعلا رواها الرّبيع وإلا غيره لأنّه في أسانيد روّاتها دون عصر المؤلّف المزعوم بنحو قرن أو قرنين من الزّمان و فيه روّاة متّهمون بالكذب نعم ، و أنا أريد أن أقول كلمة ليكون السّامع على بصيرة ، الكتب السّتّة روّاتها بالألوف ، فضلا عن مسند أحمد فروّاته بالألوف المؤلّفة كلّ هذه الكتب عندنا لكلّ راو ترجمة ، لكلّ راو من شيخ أحمد إلى الصّحابي له ترجمة ، هاتوا كتبكم الّتي تعطينا ترجمة لكلّ راو في هذا ما نريد نسمّيه مسيند تصغير يعني . أعطونا كتاب من الكتب الّتي ألّفت بعد الرّبيع ولو بمائة سنة هذا الكتاب يعطينا ترجمة كلّ راو من الرّواة الّذين في هذا الكتاب لا شيء من ذلك إطلاقا و إذا أرادوا أن يترجموا لبعض من يكون له ذكر في بعض الكتب فهي كتب أهل السّنّة كتبنا و ليس عندهم شيء من ذلك . ماهي كتب التّفسير الّتي يعتمدون عليها ما في عندهم إلاّ تفسير بن جرير ، تفسير بن كثير ، تفسير البغوي المتقدّم كتب أهل السّنّة فسبحان الله كيف يعتمدون على كتب السّنّة ثمّ ينحرفون عنها و يعادونها أشدّ العداء ثمّ يفخرون بنا نقلت و أنا و الله لولا أنّي أثق بكلامك ما أصدّق إنّه في ناس يعقل ما يقول يذمّ أهل السّنّة بأنّهم إيش يأخذون علمهم من أفواه الرّجال ، يا أخي ما عندنا سبيل إلاّ هذا السّبيل لكن هنيئا للّذين يأخذون من أفواه الرّجال بعدما يدرسون هذا الرّجل ، هل هو أوّلا مسلم ؟ أي نعم مسلم ، هل هو ثانيا عدل ؟ يعني ما هو فاسق ما هو فاجر ، يصدق و إلا يكذب ، يؤتمن و لا يخون إلى آخره ، أي نعم هو مسلم و هو عدل ما يكفي هذا عندهم ، هل هو حافظ ضابط لما يروي و ما يقول ؟ لا هذا كان خطّاء ، كان سيّء الحفظ ، إذن تركناه جانبا و لو كان من أهل العلم و الفضل و عندنا أمثلة نختلف نحن وبعض المتعصّبة بسببها لأنّ علم الحديث يصدق فيهم لو كان رجلا فيصدق فيه لا تأخذه في الله لومة لائم . لا يعرفون كبيرة و لا صغيرة لقد جرحوا محمّد بن عبد الرّحمن بن أبي ليلى و هو من كبار الفقهاء و هم يأخذون فقهه و يدعون حديثه هذا التّحقيق لا يوجد عند طائفة من الطّوائف سمّ ما شئت غير أهل السّنة أهل الحديث أبدا ، جرحوا إمام من الأئمّة الأربعة في الفقه ، الأربعة أبو حنيفة و مالك و الشّافعي و أحمد ، فقالوا أبو حنيفة كما قال الإمام الشّافعي نفسه " النّاس عيال في الفقه على أبي حنيفة " لكنّهم ليسوا عيالا عليه في الحديث بل لا يعرّجون على حديثه إطلاقا ، بل يضعّفون حديثه إذا تفرّد بروايته دون الآخرين ، هذا النّوع من التّجرّد كما فعل الصّحابة تماما كان الأب و هو مسلم يقاتل ابنه وهو كافر ، الابن و هو مسلم يقاتل أباه و هو كافر ، لماذا ؟ لأنّهم كانت لا تأخذهم في الله لومة لائم فهذا العلم و هذا التّاريخ الموجود عند أهل السّنّة كلّ أهل الأهواء و الفرق هم بحاجة إليهم و هؤلاء هم ليسوا بحاجة إلى أولئك إطلاقا . و الحقيقة أنا أتمنّى أن أجد سواء كان شيعيّا أو كان خارجيّا أو إباضيّا أن يكون منصفا متجرّدا لحتّى نقول له ماذا عندكم من مصادر العلم تجعلكم أمّة كما يقولون اليوم أمّة حضاريّة عندها علم موروث خلف عن سلف ؟ لا شيء عندهم فقراء ، إن كان عندهم شيء فهم يأخذونه من أهل السّنّة ، ولذلك فأقول الّذي يوردونه على أهل السّنّة يرد عليهم من باب أولى لأنّنا قلنا نحن لا نستغني أبدا عن تلقّي العلم بالطّريق الّذي شرعه الله لنا فقال (( فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون )) لا وحي بعد رسول الله هذا أمر مجمع عليه بيننا و بين كثير و كثير من الطّوائف الأخرى إذ الأمر كذلك فليس لنا سبيل إلاّ الرّواية نحن بالطّبع نختلف تماما مع بعض الغلاة من الصّوفيّة الّذين يلتقون مع هؤلاء و قد يستغلّون هذه الكلمة الّتي نقلتها أنّكم تأخذون علمكم من أفواه الرّجال ، الصّوفيّة هؤلاء الغلاة يقولون أنتم تأخذون العلم عن الميّت أمّا نحن فنأخذ العلم عن الحيّ الّذي لا يموت كلام شعريّ جميل ، لكن هل هذا صحيح ؟ من الّذي يأخذ العلم عن الحيّ الّذي لا يموت ؟ هم الّذين تسلّط الشّيطان عليهم فأوحى إليهم وكما قال ربّ العالمين (( و إنّ الشّياطين ليوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا )) يوحي إليهم أن تجلس في غرفة منيرة لكن ما ينزل عليك الإلهام إلاّ إذا طفيت الأنوار كلّها ، ثمّ هذه الظّلمة المصطنعة لا تكفي بل لابدّ من أن تغمض عينيك و هذا أيضا لا يكفي بل لابد لك من أن تحشر رأسك بين ركبتيك و تجلس على مقعدتك ظلمات ثلاث بعضها فوق بعض ينتظر ماذا ؟ ينزل عليه الإلهام هكذا يقول الغزالي الّذي يعتمد عليه جماهير أهل السّنّة اليوم هذا كلامه في أوّل كتاب الإحياء . نحن لا نقول كما يقول هؤلاء و لا نقول كما يفهم من القول الّذي نقلته عن أولئك مع أنّ أولئك شأنهم شأننا مع فارق كبير جدّا بينهم و بيننا نحن وضعنا بفضل العلماء الّذين سبقونا قواعد علميّة رصينة لا نأخذ العلم ، لا نتلقّى الحديث عن أيّ شخص بل بعد أن نزنه بالميزان بالقسطاس المستقيم . يروي الإمام مسلم في مقدّمة صحيحه عن الإمام مالك يقول معنى كلام الإمام رحمه الله " في المدينة أقوام نتبرّك بدعائهم و لا نروي الحديث عنهم " يا ما قرأنا في كتاب الضّعفاء و المجروحين لابن حبّان رحمه الله يقول " فلان كان عابدا صالحا لكن شغلته العبادة عن العلم فهو يروي المنكرات عن الثّقات ، يروي الطّامّات عن الثّقات " و إلى آخره فلا يحتجّ به مع أنّه رجل صالح باعترافه ، أين هذا التّمييز الدّقيق هذا رجل صالح يتبرّك بدعائه يطلب الدّعاء منه لكن لا يؤخذ العلم منه ، هذا رجل فقيه تستفيد منه الفقه لكن لا تستفيد منه الحديث ، و هذا يحمل علم الحديث رواية لكن لا علم عنده دراية هذا التّجرّد في نقد الرّجال ليس إلاّ عند أهل السّنّة الإنسان الآن يعدّ عشرات الكتب في تراجم الرّجال و بأنواع و أشكال عجيبة عجيبة جدّا ، كتاب مخصّص في الكتب السّتّة ، كتاب مخصّص في الكتب الثّلاثة في ... ما هي ؟
الحلبي : زوائد الأربعة على الكتب الستة
الشيخ : مسند مثلا أبي حنيفة ، مسند الشّافعي ، مسند أبي يعلى وايش كذلك الرابع ..
الحلبي : موطّأ مالك .
الشيخ : أيوة ، يعني كلّ نوع من الكتب له تراجم في كتاب نوع ثاني تراجم في كتاب وهكذا وهكذا ، تجد مثال كتاب الجرح و التّعديل للإمام أبي حاتم الرّازي يشمل كلّ الرّواة لا يتقيّد بنظام لأنّه متقدّم كذلك الإمام البخاري في كتابه التّاريخ الكبير ، كذلك الثّقات و الضّعفاء لابن حبّان و هكذا هذه النّوعيّات من الكتب لا توجد لا عند الإباضيّة و لا عند غيرهم ، فما أدري أنا علمهم من أين نقلوه ؟ إذا كان أوّلا يقولون العلم تأخذونه من أفواه الرّجال ، فهم من أين أنا ظننت في الحقيقة لمّا نقلت هذه الشّبهة ظننت أنّك تعني الصّوفيّة و إذا تعني طائفة من أهل العلم في جماعة آخرين لكن أنا رأيت شأنهم شأننا لكن شتّان ما بيننا و بينهم نحن عندنا قواعد كما ذكرنا هم لا قواعد عندهم و أنا الآن باختصار أتحدّى أيّ رجل من الّذين يؤمنون بصحّة تسمية مسند الرّبيع بالمسند الصّحيح أن يعطونا ترجمة لكلّ راو موجود في هذا الكتاب اسمه و من كتبهم لا من كتبنا وأتحدّاهم و أقول دون ذلك خرط القتاد مثل عربيّ و أنتم أهل العروبة أتحدّاهم لا سبيل لهم دون ذلك خرط القتاد إن وجدوا ففي كتبنا هذا هو الرّبيع نفسه مؤلّف الكتاب أين ترجمته ؟ أين تعديله ؟ أين توثيقه ؟ أين كان حافظا ضابطا ؟ لا شيء
الحلبي : في القرن السابع
الشيخ : نعم
الحلبي : صار بحث بيني و بين بعض الإخوة فجاء لي بكتاب مؤلّف في القرن السّابع
الشيخ : هذا هو .
الحلبي : في ترجمة الرّبيع من القرن ... .
الشيخ : دونهم مفاوز تقطع لها أعناق الإبل . طيّب في شيء غيره ؟ ما شاء الله صارت تسعة ونصف
أي نعم
الشيخ : تفضل .