حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنًى للناس يسألونه فجاءه رجل فقال لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح فقال اذبح ولا حرج فجاء آخر فقال لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي قال ارم ولا حرج فما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج حفظ
القارئ : حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنًى للناس يسألونه فجاءه رجل فقال لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح فقال : اذبح ولا حرج فجاء آخر فقال : لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي قال : ارم ولا حرج فما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : افعل ولا حرج ).
الشيخ : هذا الحديث فيه مسائل فقهية وغير فقهية ، أولا : سميت حجة الوداع ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) ولم يحج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد هجرته إلا هذه الحجة فهي حجة أولى وآخرة ، وآخرة ، قبل الهجرة ، حج مرة أو مرتين أو أكثر ، يخرج عليه الصلاة والسلام في أيام الموسم ويعرض نفسه على القبائل ، وقد روى الترمذي ( أن حج مرتين قبل الهجرة )
وفيه أيضاً أنه يجوز للإنسان أن يفتي وهو على الدابة ، وكذلك بدلاً عن الدابة السيارة ، ولا حرج ، لا يقال لازم تنزل في الأرض ، لا بأس ، وكذلك لو اتخذ له كرسياً يجلس ويفتي الناس عليه فلا بأس ولو كان هو أعلى من المستفتين لأنه قد يكون من المصلحة في ذلك .
وفيه من الفقه أنه يجوز تقديم هذه الأفعال بعضها ، بعضها على بعض ، يجوز أن يقدم بعضها على بعض ، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء على أقوال : منهم من قال لا يجوز التقديم ، ومن قدم فعليه دم ، ومنهم من قال: يجوز التقديم مطلقاً ، والترتيب على ترتيب أفضلية ، ومنهم من قال: يجوز التقديم إذا كان الإنسان جاهلا ً، أو ناسياً ، لقوله في هذا الحديث لم أشعر ، والصحيح أنه يجوز التقديم ولو مع الذكر والعلم ، والترتيب أفضلي ، وليس بواجب والدليل على هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام لما سأله الرجل قال ( لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح فقال اذبح ولا حرج ) اذبح للمستقبل ولا الماضي ؟
الطالب : المستقبل
الشيخ : هو يقول ذبحت للمستقبل ولو كان غير جائز لقال لا تعد ، كما قال لأبي بكرة زادك الله حرصاً ولا تعد ، والنبي عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يهمل شيئاً مهما إلا ويقيده ، فلما قال اذبح يعني في المستقبل ولا حرج ولم يقل ولا تعد ، لو قال اذبح ولا تعد ، علمنا أنه يريد اذبح يعني لا بأس بذبحك السابق
ثم آخر الحديث : (ما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج ) ومنه السعي قبل الطواف ، وقد سئل عنه صلى الله عليه وسلم لكن ليس في صحيحين ، سئل ، ( سأله رجل قال سعيت قبل أن أطوف قال لا حرج ) والمراد بذلك سعي الحج ، وطواف الحج حمله جمهور العلماء على أن المراد سعيت قبل أن أطوف ، يعني السعي قبل طواف القدوم وذلك في القارن والمفرد ، لكن هذا حمل ضعيف ، لأن سعيه بعد طواف القدوم إذا كان مفرداً قارناً لا يحتاج إلى ، إيش؟ لا يحتاج إلى سؤال ، هذا معلوم نفسه الرسول صلى الله عليه وسلم سعى قبل أن يطوف طواف الإفاضة والحديث سؤال عن طواف يعقبه السعي ، وعن سعي بعد طواف ، والسعي بعد طواف القدوم لا يدخل في هذا ، لكن آفة بعض العلماء في تخريج مثل هذه النصوص ، هي ما سبق أن نبهنا عليها ما هي؟ أن يعتقد قبل أن يستدل يثبت عنده الحكم الفلاني مثلا ، ثم إذا جاءت النصوص على خلاف ما يعتقد ، حاول أن ينزل النصوص على ما كان يعتقده ، وهذا وإن كان النفس تحيف ، تحيف أحياناً ، النفس حقيقة تحيف أحياناً وتجد الإنسان ربما يحمل النصوص على محامل كريهة مستكرهة ، من أجل أن يتم ما كان يقول ، لكن هذا لا شك أن هذا نقص إيمان ، نقص إيمان لأن الله قال للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت )) هذه طهارة الباطن ، (( ويسلموا تسليماً )) هذا طهارة الظاهر ، انقياد الباطن أن لا يكون في صدورنا حاجة مما قضى ولو كان خلاف ما نريد ، ولو كان فيما نكره ، وانقياد الظاهر ( ويسلموا تسليماً ) وهذا هو الواجب على كل إنسان ، ولا سيما طلبة العلم ، الواجب على طالب العلم إذا تبين له الدليل من كتاب الله وسنة رسوله أن يقول سمعنا وأطعنا وهذا والله ليس بضعة له ، لا يضعه هذا لا عند الله ولا عند الخلق ، بل هذا يزيده رفعة (من تواضع لله رفعه ) وما أحلا قول القائل: لم أكن أشعر أن هذا الحديث يدل على كذا ، أو لم يبلغني هذا الحديث ، أو لم أكن أشعر أن الآية تدل على كذا ، أو لم أعلم بالمخصص ، أو لم أعلم بالناسخ ولكن الحمد لله الذي وفقني لذلك فأنا الآن راجع إليه ، هذا العلم ، وهذا الطاعة والانقياد لله ورسوله ، كان الشافعي رحمه الله يقول : " إذا صح الحديث فهو مذهبي في حياتي وبعد مماتي " ولهذا كان الذين يجادلون أصحاب الشافعي أحياناً يقول هذا مذهب إمامكم ، الحديث صح حديث ، وإمامكم يقول إذا صح الحديث فهو مذهبي في حياتي وبعد مماتي ، شف التواضع لله ، حتى بعد الموت إذا جاء كلام الشافعي مخالف ، وجاء حديث يخالفه نقول مذهب الشافعي هذا الحديث وليس ما قاله الشافعي، نسأل الله الهداية ، وفي هذا الحديث أيضاً من سعة رحمة الله عز وجل ما هو ظاهر حيث أن الناس في يوم العيد كلنا على ما يسهل عليه، نقول أنت إذا كان يسهل عليك أن تنزل تطوف في مكة انزل ، يسهل عليك أن تنحر انحر ، يسهل عليك أن ترمي ارمي، افعل ما هو الأسهل ، وهذا لا شك من رحمة الله ، لأن الناس الآن يتفرقون كلٌ في جهة لكن لو قيل للناس لا بد أن ترتبوا رمي ثم نحر ، ثم حلق ثم طواف ، ثم سعي لو قيل : رتبوا هذا الترتيب ولا بد لاجتمع الناس على المنسك في فعل واحد ، وحصل في ذلك ضيق على الناس ، ولكن إذا كان الباب مفتوحاً والحمد لله والأمر ميسراً صار كل واحد ، هؤلاء يشتغلون بالرمي وهؤلاء بالطواف ، وهؤلاء بالسعي ، وهؤلاء بالنحر وهؤلاء بالحلق حتى يسهل الأمر ، طيب فإذا قال قائل: ما رأيكم في ترتيب الجمرات ، نحن الآن عرفنا إن الرمي والحلق والنحر والطواف والسعي ترتيبها إيش؟ على وجه الاستحباب ، لكن ما رأيكم في الرمي ، في الرمي هل ترتيبه على سيبل الاستحباب أو على سبيل الوجوب؟ يرى بعض العلماء أنه على سبيل الاستحباب ، وأن الإنسان لو قدم جواز العقبة على الوسطى والأولى فلا بأس ، لكنه ترك الأفضل ، ويرى آخرون أنه شرط ، ولا يسقط بنسيان ولا بجهل، وفرقوا بينه وبين حديث عمروا بن العاص ، بأن هذه عبادة واحدة ، عبادة واحدة ، ولهذا لو قدم السجود على الركوع في الصلاة ، ولو ناسياً أيعذر أم لا؟
الطالب : لا يعذر
الشيخ : طيب ، ولو قدم العصر على الظهر ناسياً
الطالب : لا يعذر
الشيخ : لا ناسياً أو جاهلاً ، يعذر ، ففرق بين العبادة المستقلة وبين أجزاء العبادة .
الشيخ : هذا الحديث فيه مسائل فقهية وغير فقهية ، أولا : سميت حجة الوداع ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) ولم يحج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد هجرته إلا هذه الحجة فهي حجة أولى وآخرة ، وآخرة ، قبل الهجرة ، حج مرة أو مرتين أو أكثر ، يخرج عليه الصلاة والسلام في أيام الموسم ويعرض نفسه على القبائل ، وقد روى الترمذي ( أن حج مرتين قبل الهجرة )
وفيه أيضاً أنه يجوز للإنسان أن يفتي وهو على الدابة ، وكذلك بدلاً عن الدابة السيارة ، ولا حرج ، لا يقال لازم تنزل في الأرض ، لا بأس ، وكذلك لو اتخذ له كرسياً يجلس ويفتي الناس عليه فلا بأس ولو كان هو أعلى من المستفتين لأنه قد يكون من المصلحة في ذلك .
وفيه من الفقه أنه يجوز تقديم هذه الأفعال بعضها ، بعضها على بعض ، يجوز أن يقدم بعضها على بعض ، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء على أقوال : منهم من قال لا يجوز التقديم ، ومن قدم فعليه دم ، ومنهم من قال: يجوز التقديم مطلقاً ، والترتيب على ترتيب أفضلية ، ومنهم من قال: يجوز التقديم إذا كان الإنسان جاهلا ً، أو ناسياً ، لقوله في هذا الحديث لم أشعر ، والصحيح أنه يجوز التقديم ولو مع الذكر والعلم ، والترتيب أفضلي ، وليس بواجب والدليل على هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام لما سأله الرجل قال ( لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح فقال اذبح ولا حرج ) اذبح للمستقبل ولا الماضي ؟
الطالب : المستقبل
الشيخ : هو يقول ذبحت للمستقبل ولو كان غير جائز لقال لا تعد ، كما قال لأبي بكرة زادك الله حرصاً ولا تعد ، والنبي عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يهمل شيئاً مهما إلا ويقيده ، فلما قال اذبح يعني في المستقبل ولا حرج ولم يقل ولا تعد ، لو قال اذبح ولا تعد ، علمنا أنه يريد اذبح يعني لا بأس بذبحك السابق
ثم آخر الحديث : (ما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج ) ومنه السعي قبل الطواف ، وقد سئل عنه صلى الله عليه وسلم لكن ليس في صحيحين ، سئل ، ( سأله رجل قال سعيت قبل أن أطوف قال لا حرج ) والمراد بذلك سعي الحج ، وطواف الحج حمله جمهور العلماء على أن المراد سعيت قبل أن أطوف ، يعني السعي قبل طواف القدوم وذلك في القارن والمفرد ، لكن هذا حمل ضعيف ، لأن سعيه بعد طواف القدوم إذا كان مفرداً قارناً لا يحتاج إلى ، إيش؟ لا يحتاج إلى سؤال ، هذا معلوم نفسه الرسول صلى الله عليه وسلم سعى قبل أن يطوف طواف الإفاضة والحديث سؤال عن طواف يعقبه السعي ، وعن سعي بعد طواف ، والسعي بعد طواف القدوم لا يدخل في هذا ، لكن آفة بعض العلماء في تخريج مثل هذه النصوص ، هي ما سبق أن نبهنا عليها ما هي؟ أن يعتقد قبل أن يستدل يثبت عنده الحكم الفلاني مثلا ، ثم إذا جاءت النصوص على خلاف ما يعتقد ، حاول أن ينزل النصوص على ما كان يعتقده ، وهذا وإن كان النفس تحيف ، تحيف أحياناً ، النفس حقيقة تحيف أحياناً وتجد الإنسان ربما يحمل النصوص على محامل كريهة مستكرهة ، من أجل أن يتم ما كان يقول ، لكن هذا لا شك أن هذا نقص إيمان ، نقص إيمان لأن الله قال للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت )) هذه طهارة الباطن ، (( ويسلموا تسليماً )) هذا طهارة الظاهر ، انقياد الباطن أن لا يكون في صدورنا حاجة مما قضى ولو كان خلاف ما نريد ، ولو كان فيما نكره ، وانقياد الظاهر ( ويسلموا تسليماً ) وهذا هو الواجب على كل إنسان ، ولا سيما طلبة العلم ، الواجب على طالب العلم إذا تبين له الدليل من كتاب الله وسنة رسوله أن يقول سمعنا وأطعنا وهذا والله ليس بضعة له ، لا يضعه هذا لا عند الله ولا عند الخلق ، بل هذا يزيده رفعة (من تواضع لله رفعه ) وما أحلا قول القائل: لم أكن أشعر أن هذا الحديث يدل على كذا ، أو لم يبلغني هذا الحديث ، أو لم أكن أشعر أن الآية تدل على كذا ، أو لم أعلم بالمخصص ، أو لم أعلم بالناسخ ولكن الحمد لله الذي وفقني لذلك فأنا الآن راجع إليه ، هذا العلم ، وهذا الطاعة والانقياد لله ورسوله ، كان الشافعي رحمه الله يقول : " إذا صح الحديث فهو مذهبي في حياتي وبعد مماتي " ولهذا كان الذين يجادلون أصحاب الشافعي أحياناً يقول هذا مذهب إمامكم ، الحديث صح حديث ، وإمامكم يقول إذا صح الحديث فهو مذهبي في حياتي وبعد مماتي ، شف التواضع لله ، حتى بعد الموت إذا جاء كلام الشافعي مخالف ، وجاء حديث يخالفه نقول مذهب الشافعي هذا الحديث وليس ما قاله الشافعي، نسأل الله الهداية ، وفي هذا الحديث أيضاً من سعة رحمة الله عز وجل ما هو ظاهر حيث أن الناس في يوم العيد كلنا على ما يسهل عليه، نقول أنت إذا كان يسهل عليك أن تنزل تطوف في مكة انزل ، يسهل عليك أن تنحر انحر ، يسهل عليك أن ترمي ارمي، افعل ما هو الأسهل ، وهذا لا شك من رحمة الله ، لأن الناس الآن يتفرقون كلٌ في جهة لكن لو قيل للناس لا بد أن ترتبوا رمي ثم نحر ، ثم حلق ثم طواف ، ثم سعي لو قيل : رتبوا هذا الترتيب ولا بد لاجتمع الناس على المنسك في فعل واحد ، وحصل في ذلك ضيق على الناس ، ولكن إذا كان الباب مفتوحاً والحمد لله والأمر ميسراً صار كل واحد ، هؤلاء يشتغلون بالرمي وهؤلاء بالطواف ، وهؤلاء بالسعي ، وهؤلاء بالنحر وهؤلاء بالحلق حتى يسهل الأمر ، طيب فإذا قال قائل: ما رأيكم في ترتيب الجمرات ، نحن الآن عرفنا إن الرمي والحلق والنحر والطواف والسعي ترتيبها إيش؟ على وجه الاستحباب ، لكن ما رأيكم في الرمي ، في الرمي هل ترتيبه على سيبل الاستحباب أو على سبيل الوجوب؟ يرى بعض العلماء أنه على سبيل الاستحباب ، وأن الإنسان لو قدم جواز العقبة على الوسطى والأولى فلا بأس ، لكنه ترك الأفضل ، ويرى آخرون أنه شرط ، ولا يسقط بنسيان ولا بجهل، وفرقوا بينه وبين حديث عمروا بن العاص ، بأن هذه عبادة واحدة ، عبادة واحدة ، ولهذا لو قدم السجود على الركوع في الصلاة ، ولو ناسياً أيعذر أم لا؟
الطالب : لا يعذر
الشيخ : طيب ، ولو قدم العصر على الظهر ناسياً
الطالب : لا يعذر
الشيخ : لا ناسياً أو جاهلاً ، يعذر ، ففرق بين العبادة المستقلة وبين أجزاء العبادة .