حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار حفظ
القارئ : حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة أنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ).
أقرأ الحديث الأخير .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم قال المؤلف البخاري رحمه الله في صحيحه : "باب : إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم" الكذب على الله ورسوله ليس كذباً ، ليس كالكذب على غيره ، لأن الكذب على الله ورسوله يتضمن حكماً شرعياً ، أو يتضمن وصفا لله عز وجل لا يصح عنه ، ولهذا كان أعظم الكذب ، الكذب على الله ، قال تعالى : (( ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً )) ثم الكذب على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والكذب على النبي صلى الله عليه وسلم في الشريعة، كالكذب على الله سواء، لأن الكاذب على الرسول في الشريعة يريد أن يثبت شيئاً على أنه شريعة من شرائع الله وليس كذلك ، أما الكذب على من سواهما فيختلف ، فالكذب على علماء الشريعة ليس كالكذب على غيره من العلماء أو من غير العلماء، لأن الكذب على علماء الشريعة يشبه الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث أنه يريد أن يثبت بما نقله عن العلماء شريعة ليست من شريعة الله، وبعد ذلك كلما كان الكذب أعظم ومفسدته أكبر كان أشد إثماً ولهذا ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : (من حلف على يمين هو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان ) لأن هذه تضمنت يمينا كذابة واقتطاع حق مسلم ، فتضاعف فيها الإثم والعياذ بالله.
ثم ذكر المؤلف أحاديث تتضمن أن من كذب على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم متعمداً فقد تبوأ مقعده من النار أي سكنه ، وسيأتي الكلام على إفراد هذه الأحاديث ، وهذا الحديث عده علماء المصطلح من المتواتر لفظاً و معنى ، لأن المتواتر عن الرسول عليه الصلاة والسلام يتواتر لفظه وإما معناه، ولا يضر ، ولا يضر تغير الألفاظ مادام المعنى واحداً لكن التواتر المعنوي، يدل على حوادث متنوعة تنصب في شيء واحد، المتواتر اللفظي نفس اللفظ لكن قد يغيره بعض الرواة كما في هذا الحديث مثلاً عندنا روي هذا الحديث من عدة أوجه، مختلف اللفظ لكنه مختلف اللفظ والمعنى
الطالب : واحد
الشيخ : واحد ، لكن مثلا نأتي إلى مسح الخفين، المسح على الخفين ليس متواتر لفظي ، بل هو متواتر معنوي ، يعني في أحاديث في مدة المسح في كيفية المسح ، في إثبات المسح فبمجموعها على معنى واحد وهو المسح، يكون المسح على الخفين متواتر ، تواتراً معنوياً ، ونضرب من ذلك مثلاً شيئا بشيء محسوس: جاءنا رجل فقال ، وجدت فلانا نزل به ضيوف ، فذبح له شاة ، وقال آخر وجدت فلاناً نزل به ضيوف فأسكنهم في بيت جميل ، وقال الأخر رأيت فلاناً نزل فيه ضيوف ، فكساهم كسوة جميلة ، وقال الثاني رأيت فلانا نزل فيه ضيوف فأركبهم مراكب فخمة ، وقال الثالث ، الخامس
الطالب : السادس
الشيخ : أو السادس رأيت فلانا نزل به ضيوف فأعطى كل واحد مئة دينار مثلاً ، نسمي هذا إيش؟ تواتراً معنوياً ، نوع الكرم مختلف لكن كل هذه الأفعال تنصب في شيء واحد وهو كرمه ، فيكون ثبوت كرم هذا الرجل متواتراً ، الحديث الذي نحن فيه ، الكذب على الرسول عليه الصلاة والسلام تواترت الأحاديث فيه تواتراً لفظياً ، وإن تغير اللفظ بعض الشيء ، بأن ( من كذب عليه متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) ومعنى كذب عليه : أي نسب إليه القول وهو كاذب ، أو نسب إليه الفعل وهو كاذب أو نسب إليه الإقرار وهو كاذب لكن أشدها القول ، أشدها القول ، فإذا قال قائل : قال رسول الله صلى اله عليه وسلم كذا وكذا وهو كاذب يعلم أنه كاذب يكون هذا
الطالب : قد تبوأ
الشيخ : قد تبوأ مقعده من النار ،يعني كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم كذباً قوياً ، وإذا قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كذا وهو يعلم أنه كاذب ، يكون كذب على الرسول كذباً فعلياً ، وإذا قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم سمع فلاناً يقول كذا وكذا ولم ينكر عليه فهذا كذباً إقرارياً ، فالكذب على الرسول يتضمن القول والفعل والإقرار : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )
ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فليلج النار) يلج بمعنى يدخل كقوله تعالى : (( حتى يلج الجمل في سم الخياط )) ولكن هنا إشكال فليلج كيف يؤمر الإنسان الولوج في النار ، نقول هذا أمر بمعنى الخبر والأمر يأتي بمعنى الخبر كما أن الخبر يأتي بالمعنى الأمر فهما يتعاوران يعني كل واحد يكون عارية في مقام الثاني، من إتيان الخبر بمعنى الأمر قوله تعالى : (( والمطلقات يتربصن بأنفسهن )) هذا خبر ، لكن معناه
الطالب : أمر
الشيخ : الأمر ، ومن الأمر بمعنى الخبر قوله تعالى : (( وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم )) والمعنى ونحن نحمل خطاياكم ، لكن جاءت في صيغة الأمر ، فليلج النار مثلها ، يعني فقد ولج النار ، فهو أمر بمعنى الخبر ، ثم ذكر حديث عبد الله بن الزبير قال قلت للزبير إني لا أسمعك تحدث قلت للزبير يقوله عبد الله ، وهو أبوه ومثل هذا التعبير عند العامة يستنكر.