حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر ومن استجمر فليوتر وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده حفظ
القارئ : حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : ( إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر، ومن استجمر فليوتر، وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وَضوئه ، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ).
الشيخ : هذا الحديث فيه مسائل :
أولا : قوله : ( فليجعل في أنفه ثم لينثر ) في بعض النسخ : ( فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر ) وهي أوضح من هذه النسخة ، وسبق الكلام على ذلك.
( ومن استجمر فليوتر ) كذلك سبق الكلام عليها.
( وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده )، هذا السياق ليس فيه : ( فليغسل يده ثلاثا ) ولكنه قد ثبت في الصحيحين أنه قال : ( فليغسل يده ثلاثا قبل أن يدخلهما الإناء ، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ) واختلف العلماء رحمهم الله في هذا التعليل ، هل هو تعليل لأمر حسي أو لأمر معنوي أو لأمر تعبدي ؟ .
فمنهم من قال أنه تعليل لأمر حسي ، وبنى على ذلك أن الإنسان لو جعل يديه حين نومه في جراب أو نحوه فإنه لا يجب عليه غسلهما قبل إدخالهما الإناء ، لأنه الآن يدي أين باتت يده، لكن لو لم يفعل لكانت يده ربما تطيش في جسمه ، وربما تصطدم بشيء نجس كدم أو بول أو غائط أو ما أشبه ذلك.
ومنهم من قال أنه معلل بأمر معنوي وهو ما أشار إليه النبي صلّى الله عليه وسلم في قوله : ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلينثر ثلاثا ، فإن الشيطان يبيت على خيشومه ) قال وهذا مثله ، فإن الشيطان ربما يعبث بيديه ويلصق فيهما الأذى أو الضرر ، فلهذا نهي أن يغمس يديه في الإناء حتى يغسلهما ثلاثا ، وهذا أومأ إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وهو معقول وواضح.
والقول الثالث أنه غير معلل، أنه تعبد ، وهذا هو المشهور من المذهب ، قالوا وبناء على ذلك لو أنه جعل يديه في كمام فإنه لا بد أن يغسلهما ، لكن هذا القول فيه نظر لأن الرسول صلّى الله عليه وسلم علل، قال : ( فإن أحدكم ... ) ، وإن هذه ظاهرة في التعليل ، فلا يمكن إلغاء هذه العلة .
واختلف العلماء رحمهم الله فيما لو استيقظ من نوم نهار ، هل يكون الحكم هكذا أو لا ؟ .
فمنهم من قال إنه يكون ، لعموم قوله : ( إذا استيقظ أحدكم من نومه ) وهو يشمل نوم الليل والنهار ، والتعليل : ( فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ) تعليل لبعض أفراد هذا العموم ، وهذا لا يقتضي التخصيص .
ولكن الذي يظهر أنه خاص بنوم الليل لأن تسلط الشياطين والهوام والسباع ونحو ذلك يكون في الليل أكثر منه في النهار .